مسقط – العمانية- زينب الأنصارية والعمانية
انتقل إلى رحمة الله تعالى صاحب السمو السيد ثويني بن شهاب آل سعيد الممثل الخاص لجلالة السلطان صباح امس، وقد أصدر ديوان البلاط السلطاني بيانا بذلك فيما يلي نصه:
"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" صدق الله العظيم.
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره ينعى ديوان البلاط السلطاني المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو السيد ثويني بن شهاب آل سعيد الممثل الخاص لجلالة السلطان الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح أمس الأحد 14 من رجب 1431هـ الموافق 27 من يونيو 2010 بعد حياة قضاها مخلصا في خدمة وطنه
وبناء على الأوامر السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -أبقاه الله- فقد تقرر تنكيس الأعلام لمدة ثلاثة أيام ابتداء من اليوم. تغمد الله تعالى الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والأبرار وألهم ذويه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون".
سبعون عاما من العطاء والجهد المستمر
فقدت السلطنة أمس صاحب السمو السيد ثويني بن شهاب آل سعيد والذي كانت له بصمة عميقة في خدمة هذا البلد العزيز، سبعون عاما من العطاء والجهد المستمر قضاها رحمة الله عليه في خدمة العمل الكشفي والإرشادي في السلطنة، فضلا عن إنجازاته التي لا تحصى ولا تعد في خدمة بلده، وتقديرا لجهوده الكشفية فقد منحته المنظمة الكشفية العربية قلادة الكشاف العربي العام 1996، وهي أرفع الأوسمة الكشفية العربية على الإطلاق، كما كرمته المنظمة الكشفية العربية العام 1997 بمناسبة مرور 85 عاما على تأسيس الكشافة العربية كواحد من المؤسسين للحركة الكشفية في بلده.ما زالت عمان تذكر كلمات سموه التي جاءت في خطاب التهنئة الذي قدمه لجلالته بمناسبة العيد الوطني السادس والثلاثين والذي قال فيه مخاطبا جلالته :
ها هم أبناؤكم يا صاحب الجلالة من كشافين ومرشدات وقادة وقائدات ينطلقون في برامج توعوية حاملين رسالة لإخوانهم من خارج الحركة الكشفية تحت شعار تثقيف الأقران التزام وأمان تستهدف على مدى خمس سنوات المساهمة في توعية شباب السلطنة من خطر أدران التدخين والمخدرات وتوليد قيم الحصانة الفردية ضد الأمراض الفتاكة والأخذ بأسباب تجنب الوقوع في مهالكها كما يسهمون من خلال هذا المشروع في عمليات التوعية المرورية والدفاع المدني حفظا لسلامة وأمن المواطنين. وقد تم اختيار هذا المشروع عالميا في إطار منح السلام التي تقدمها المنظمة الكشفية العالمية احتفالا بالذكرى المئوية للحركة الكشفية.
ومن هذه الكلمات نستشف مدى الاهتمام الذي كان يتحلى به سموه بسلامة وأمن المواطن والخوف عليه من الوقوع في براثن الإدمان والتفكير في إنشاء جيل سوي .
فقد كرس صاحب السمو السيد ثويني بن شهاب آل سعيد رحمة الله عليه حياته لخدمة الحركة الكشفية والإرشادية، محليا وعربيا فبالرغم من مسؤولياته الوطنية الكثيرة والصعبة، فقد انتسب للحركة الكشفية في فترة مبكرة من شبابه العام 1937 وهي فترة دراسته في العراق وبعد عودته للسلطنة في العام 1941 تم تعيينه معلما في المدرسة السعيدية بمسقط وقائدا للكشافة فيها، وتوالت نشاطاته واهتماماته في هذا المجال، فشهدت الستينيات مرحلة جديدة من تطور طبيعة ممارسة النشاط الكشفي في السلطنة، حيث تميزت تلك الفترة بالعديد من الأنشطة المتمثلة في الرحلات والمعسكرات والقيام برحلات خلوية سيرا على الأقدام من مسقط إلى روي وغيرها من الأماكن. وقد حفلت ذكريات سموه رحمه الله بالعديد من الروايات والقصص والمواقف الشيقة عن تلك الرحلات الخلوية في ذلك الوقت من الزمان، وقد تميزت أنشطة تلك المرحلة بالمعسكرات وحفلات الفنون الشعبية وغيرها من الفعاليات، ومع كل ذلك فقد بقيت الحركة الكشفية في تلك الفترة غير منتظمة.
ومع بزوغ فجر النهضة المباركة صدر المرسوم السلطاني السامي رقم 10 / 1975 بإنشاء الهيئة القومية للكشافة والمرشدات، وقد أسند حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه لسموه رئاسة الهيئة، فعمد إلى وضع اللبنات الأولى والأساسية لتنظيم الحركة الكشفية والإرشادية في السلطنة وتحويلها من أنشطة غير منتظمة ومتفرقة تمارس بشكل عشوائي، إلى حركة منضبطة لها أسسها وقواعدها الثابتة.
ومع بداية تنظيم الحركة سعى سموه لحصول السلطنة على الاعترافات العربية والدولية بكشافة ومرشدات السلطنة من خلال التنسيق مع المنظمات والجمعيات الكشفية العربية والعالمية، حيث حصلت السلطنة على الاعتراف العربي بكشافتها العام 1976، خلال المؤتمر الكشفي العربي الثاني عشر الذي عقد في تونس، وفي العام نفسه تم الاعتراف العربي بمرشدات السلطنة خلال المؤتمر العربي السادس للمرشدات بتونس أيضا، وفي العام 1977 تم الاعتراف العالمي بالكشافة خلال المؤتمر الكشفي العالمي الذي عقد في مونتريال بكندا، وكذلك تم الاعتراف العالمي بالمرشدات خلال المؤتمر العالمي التاسع والعشرين بكندا العام .1996
كما أولى سموه اهتماما كبيرا بتنمية الخبرات الكشفية من خلال الاحتكاك بالخبرات الخارجية من أجل تدعيم القيادت وإتاحة الفرص لهم للاحتكاك العربي والدولي فدعم مشاركة العديد من الوفود الكشفية والإرشادية إلى مختلف المناشط العربية والدولية من مخيمات ومؤتمرات وندوات وورش عمل، كما وجه إلى أهمية استضافة عدد من تلك الأنشطة داخل السلطنة، فكان من أبرز تلك الأحداث، استضافة المؤتمر الكشفي العربي السادس عشر في مسقط العام 1984م. واستضافة المخيم الكشفي العربي السابع عشر في صلالة العام 1986م، والمخيم الكشفي الخليجي الرابع 1994، والخامس 1996، واللقاء الرابع عشر للجوالة العرب 2001، والمؤتمر العربي السابع عشر للمرشدات 2004.
وبتوجيهات سموه نهجت الهيئة القومية ولأول مرة لأسلوب التخطيط الاستراتيجي فوضعت أول خطة استراتيجية للكشافة والمرشدات لمدة عشر سنوات انطلقت في العام 1992؛ واستمر هذا النهج العلمي لتطوير العمل الكشفي والإرشادي فانطلقت الخطة الاستراتيجية الثانية اعتبارا من العام 2002.
تنصيب جلالته كشافا أعظم للحركة الكشفية
يعتبر يوم 20 نوفمبر 1983 يوماً خالداً في تاريخ الحركة الكشفية حيث قلّد صاحب السمو السيد ثويني بن شهاب آل سعيد مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- وأعلن تنصيبه كشافا أعظم للحركة الكشفية الإرشادية في السلطنة وكان لهذا الحدث آنذاك صداه وأثره الكبير على كافة الأوساط الخليجية والعربية والعالمية. حيث واكب ذلك التاريخ احتفالات البلاد بالعيد الوطني الثالث عشر، وبحضور وفود شبابية وإعلامية لأكثر من خمسين دولة، وشارك فيه قادة الحركة الكشفية على المستوى العالمي، الإقليمي، والمحلي .
كان حدث تنصيب حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله- كشافاً أعظم للسلطنة، من أبرز المحطات والأحداث الكشفية التي سعى للتخطيط لها سموه، وشهدتها الحركة في سلطنة عمان وكان له شرف تقليد حضرة صاحب الجلالة المنديل الكشفي في ذلك اليوم المشهود في العشرين من نوفمبر العام 1983 بميدان الفتح، الأمر الذي كان له تأثير كبير على مسيرة الحركة الكشفية في السلطنة ونموها، وقد ازهرت على ضوء ذلك تأثيرات إيجابية منها :

*ازدياد ملحوظ في نمو عضوية المنتسبين على هذه الحركة، بعد أن كان من الصعب على المجتمع تقبل أي نشاط لم يألفه من قبل بشكل واسع رغم ما يحتويه هذا النشاط من ممارسات لتقاليد عربية أصيلة وتمسك بالدين والعبادة كأساس وشرط للمنتمين إليه.
وكان لحفل التنصيب أثر مباشر على ذلك حيث نبه أذهان الناس والشباب بصفة خاصة إلى هذا اللون من النشاط التربوي الأصيل، فما كان إلا أن اندفعت مئات بل ألوف من أبناء الشعب إلى الانخراط في سلك الكشفية مقتدين في ذلك بالكشاف الأعظم سلطان البلاد المفدى -حفظه الله-.
أن تحظى الحركة الكشفية بالسلطنة بالرعاية الأدبية والمادية مباشرة من صاحب الجلالة السلطان المعظم -حفظه الله-.- إيجاد اهتمام بالحركة الكشفية على الصعيد الرسمي في مختلف المواقع والوزارات والدوائر الحكومية لصالح الحركة الكشفية.
ا- ستقطاب الأضواء الكشفية الخليجية والعربية والعالمية وتركيزها في بؤرة السلطنة، لتنبيه الأذهان إلى النهضة التي تعيشها الحركة الكشفية والإرشادية بالسلطنة وما تشهده من تقدم وتطور.
وقدعبر سموه عن كل ذلك من خلال خطابه لجلالته قائلا : لقد أثبت أبناؤكم - يا مولاي - في هذا السبق أن قدرتهم في الأخذ بأسباب التطور التكنولوجي والتعامل مع تقنيات الاتصال الحديثة لا تقل بحال عن جدارتهم في ترسيخ أصالتهم الكشفية في حياة الخلاء بكل مقوماتها البدائية إنه التحدي لإثبات قدراتهم واستخدام الوسائل التي توفرت لهم بما منحتموه لهم من دعم تلو آخر، هذا التحدي فجر فيهم تلك الطاقات وأبرز معدن الشخصية العمانية الحقيقية القادرة على إثبات الذات.
وعرفانا من سموه لجلالته وما قدمه لشعبه ردد هذه الكلمات الرائعة والتي ستبقى محفورة في قلوب العمانيين حيث قال: مولاي حضرة صاحب الجلالة مازال القلب ينبض بالثناء عليكم ومازال الفكر يسبح في مناقبكم فلا فض ثناؤكم ولا انتهت مناقبكم فعجز اللسان وقد حال دون استرساله فيض عطائكم فما لنا إلا الله عز وجل ندعوه أن يجزيكم عنا وعن عمان وأهلها خير الجزاء وأن يحفظكم لنا سلطاناً قائداً ومعلماً بانياً حكيماً عادلاً.
كلمات عميقة تنم عن إنسان جبل على حب هذا الوطن وقائده المفدى وأعطى من جهده وحياته لهما ولم يدخر شيئا من أجل تحقيق رسالته في تقديم كل ما يمكن تقديمه لرفع اسم عمان عاليا وقد سطر بذلك أروع الإنجازات والتي ستبقى خالدة في تاريخ هذا البلد الغالي وسيتذكرها أبناؤه على مدى الدهر .