سموم بيئية كثيرة في دماء المصابات بسرطان الثدي

    • سموم بيئية كثيرة في دماء المصابات بسرطان الثدي

      أصبحت سموم البيئة تدخل في مسببات العديد من الأمراض المستعصية والمزمنة والممتدة من الربو والانطوائية عند الأطفال الى حالات العقم عند الرجال. وهناك العديد من النظريات الحديثة التي تدين سموم البيئة بالمسؤولية عن تعزيز نمو وأحيانا تحفيز ظهور سرطان البروستات وبعض أنواع سرطان الجلد والامعاء.
      ويقول العلماء البلجيكيون في دراسة جديدة ان المواد الضارة بالبيئة التي تتسلل الى اجساد النساء ربما تكون احد اسباب ارتفاع نسبة الاصابة بسرطان الثدي. وواقع الحال ان العلماء لم يشخصوا كيفية تسبب هذه السموم بسرطان الثدي، لكنهم كشفوا عن نسبة عالية من المواد الضارة بالبيئة في دماء النساء المصابات بهذا السرطان، الأمر الذي قد يشير الى وجود علاقة ما بين الاثنين.
      أحد هذه السموم البيئية هي مادة «دي دي تي» (DDT) العضوية ذات مركبات الكلور التي كانت تستخدم في ابادة الحشرات والقوارض. وتتميز هذه المادة بتركيبتها الكلوريدية المعقدة وصعوبة تفكيكها من قبل العوامل البيئىة، ولهذا فإنها تبقى لفترة طويلة في الطبيعة. وتتركز خطورة هذه المادة في انها تعمل كالهورمون في الجسم حينما تتسرب عبر دورة التغذية الى الانسان. وتعمل مادة الـ «دي دي تي» في جسم المرأة كالهورمونات الانثوية فتعزز نمو سرطان الثدي.
      وكتب العلماء البلجيكيون في مجلة «الأمراض البيئىة والمهنية» ان فحوصات الدم عند النساء اللاتي يعانين من سرطان الثدي تكشف نسبا عالية من السموم البيئية بالمقارنة مع دماء النساء السليمات من السرطان. وتحقق العلماء في جامعة لييج البلجيكية من هذه النتائج من خلال دراسة شملت 600 امرأة متطوعة تزيد اعمارهن عن 54 سنة كمعدل. وتوصل الاطباء الى وجود نسبة عالية من السموم البيئية في دماء 159 امرأة مصابة بسرطان الثدي.
      وكان فريق العمل البلجيكي بقيادة كورينا شارليه قد فحص دماء المتطوعات بحثا عن نسبة الـ «دي دي تي» والمادة المبيدة للفطريات هيكساكلوربنزول (HCB) وقارن الاطباء نتائج هذه العينات مع نتائج عينات أخذت من نساء سليمات من سرطان الثدي شكلوا منهن مجموعة مقارنة. واتضح من المقارنة ان كميات سم الـ «دي دي تي» في دماء النساء المصابات كان اكثر بخمس مرات مما هي عليه عند النساء السليمات، وان كميات هيكساكلوربنزل كانت اكثر بتسع مرات مما هي عليه في دماء النساء السليمات.

      وكتبت كورينا شارليه تقول ان 102 امرأة من مجموعة النساء المصابات بسرطان الثدي، وعددهم 250، كن يحملن أوراما تنمو ايجابيا بتأثير مستقبل استروجين ايجابي، بمعنى ان الهورمون ينمو بتأثير زيادة نسبة الاستروجين في الدم. ويثبت هذا الأمر النظرية القائلة ان سموم البيئة تعمل في جسم الانسان كالهورمون، إلا ان ما يجلب النظر، حسب رأي شارليه، هو ان نسبتي الـ «دي دي تي» والهيكساكلوربنزول لم تكونا اعلى عند نساء هذه المجموعة مما لدى بقية النساء المصابات بسرطان الثدي.
      ويؤكد معدو الدراسة ان النتائج لا يمكن اعتمادها تماما لاثبات وجود علاقة أساسية بين المواد المبيدة للحشرات والقوارض بنشوء سرطان الثدي. وهذا يعني ان هذه السموم قد تعزز نمو الورم السرطاني، ولكن من المشكوك به بعد ان تكون هي مصدر نشوء هذا الورم، لكن كافة الدراسات السابقة تثبت ان للاستروجين دورا محفزا لنمو سرطان الثدي عند النساء، كما اثبتت دراسات سابقة ان مبيد الحشرات «دي دي تي» يعمل بمثابة هورمون في الجسم البشري.
      وسبق للولايات المتحدة وألمانيا ان منعتا استخدام الـ «دي دي تي» بغض النظر عن مجال استخدامه، إلا ان الكثير من البلدان الفقيرة، خصوصا المبتلاة بالملاريا، ما زالت تستخدم هذه المواد في مكافحة الحشرات والبعوض على وجه الخصوص. ويتسرب الـ «دي دي تي» من الهواء ليستقر على الاطعمة ويستقر بعدها في انسجة الجسم الشحمية في حالة تسلله الى الانسان.

      تحياتي |e