* شهاب آل سعيد: رحلتها البحرية الشراعية حدث تاريخي باميتاز.
* أبحرت لتحيي الرحلات البحرية التجارية ومآثر الأجداد.
* واجهت أياما عصيبة وتحدت الأهوال بإصرار وعزيمة.
سنغافورة - راشد بن أحمد البلوشي
تصل اليوم "جوهرة مسقط" إلى ميناء كيبل بيه السنغافوري وهي المحطة الأخيرة من رحلتها التاريخية البحرية التي انطلقت من مسقط بتاريخ 16 من فبراير الفائت وقطعت مسافة تقدر بحوالي 3700 ميل بحري.
وسيقام حفل استقبال رسمي وشعبي يرعاه فخامة الرئيس السنغافوري سيلابان راما ناثان بحضور صاحب السمو السيد حارب بن ثويني آل سعيد المكلف من قبل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بحضور الحفل، وأمين عام وزارة الخارجية معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية والمالية سعادة محمد بن يوسف الزرافي وسفير السلطنة المعتمد لدى الهند سعادة حميد المعني.
ويشتمل الحفل على كلمة فخامة الرئيس السنغافوري سيلابان راما ناثان وكلمة لصاحب السمو السيد حارب بن ثويني آل سعيد بالاضافة إلى كلمة قبطان الجوهرة صالح بن سعيد الجابري، كما سيشتمل الحفل على عروض للفرق الشعبية العمانية والسنغافورية.
ولاشك أن مسيرة الجوهرة هذه تعود بذاكرتنا إلى التاريخ البعيد، إلى عام تسعمائة الميلادي لنقتفي أثر تلك السفينة العربية القابعة في أعماق البحر وعلى جزيرة بليتانج الأندونيسية، منذ أكثر من ألف ومائتي عام لم تر النور، تلعق مرارة الاغتراب وتذرف دموع الكمد والفراق دون أن تمتد لها يد حانية لتنتشلها من لجج البحار، ظلت طوال تلك المدة مرميّة بين الشعب المرجانية، تداعبها التيارات المائية، تقلّبها ذات اليمين وذات الشمال، وتثبتها على قاعدتها حيناً آخر ترمق زرقة السماء الناصعة، فيطمرها الزمان في عالم النسيان!!
تتساءل.. أين من كان على ظهري؟.. يحميني من تلاطم أمواج البحر العاتية، يزيح من كاهلي "بقايا" الشعب المرجانية، فكم تألمت منها كثيرا، وكدت أختنق من وجودي كيتيمة جار عليها الدهر تقطعت بها السبل، فأخذت أتقدم في السن تعتريني ملامح الشيخوخة التي باتت ظاهرة للعيان، وتقطعت الحبال التي كانت تلف أجزائي، فأخذت تنفصل عن بعضها رويدا رويدا.
أسمع أصداء الفضاء الخارجي للبحر، أشاهد بعيني سفناً لا تشبهني، أخذت تزعجني بالأصوات التي تصدر من قاعدتها، أرى في مؤخرة تلك السفن مراوح لم أرها في أجزائي.
ودارت الأيام.. وطويت السنين ولا زلت أنتظر بصمت مرير، تدحرجني التيارات المائية، ولا تقوى نفسي على التصدي لها، أثقلتني أمتعة البحارة الذين كانوا على ظهري، أجزائي تتحطم شيئاً فشيئاً، أشلائي تنهشها الصخور حين تدحرجني المياه. كم وددت أن أصرخ، أبوح ما بداخلي، أبث لواعجي، ولا أجد من يؤنس غربتي، غريبة في عالم تحيطه الأخطار، وهكذا دارت عجلة الزمان وأنا مكبلة في أعماق البحار، تأقلمت بعض أجزائي، فتصالحت مع الطبيعة البحرية، ألفت المكان، ونسيت كل شيء، أصبح للمستقبل وميض خافت.
ولكن .. ما لبث الزمان يدور حتى وجدت نفسي على شاطئ قبالة جزيرة بليتانج، نظرت إلى السماء وتنفست الصعداء، وأخذت أرمق أحد الصيادين وهو يصطاد السمك، نظر إليّ بنظرة استغراب وتعجب ولسان حاله يقول: "من أنت؟ من أتى بك إلى هنا؟ ترى أين من كان على ظهرك؟"
فقلت له أنا حكاية من حكايات الزمان، أصلها من عُمان، كنت في أمان أُبحر كما تبحر بنات جيلي عبر خط تجاري بحري معروف، حيث كنا ننطلق من الموانئ العمانية بمسقط وصحار وقلهات وصور، عبر بحر عمان وبحر العرب وصولاً إلى الهند، ومن ثم إلى ما يعرف اليوم بسيرلانكا متجهين عبر خليج البنغال إلى مضيق مالاقا، وكنا سفناً تجارية نبحر بين شبه جزيرة الملايو وجزيرة سومطرة قبل الإبحار شمالاً إلى فيتنام أو سنغافورة.
كنا نحمل بين ظهرانينا التجار، يتزودون بالمؤن ويتبادلون البضائع في سنغافورة، أما التجار الذين كانوا يرغبون في الوصول إلى البر الرئيسي للصين فكانوا يتابعون طريقهم إلى بحر الصين الجنوبي متوجهين إلى كانتون حيث يتوقفون في جزر الباراسيل فقط للتزود بالماء والطعام.
تلك هي شذرات من حكايتي يا صاحبي الصياد، نظرت إليه فإذا به مشدوهاً يملؤ وجهه الاستغراب وكأنه ينظر إلى أسطورة لم يسعفه الخيال على استيعابها ولسان حاله يقول ها نحن في القرن الواحد العشرين وما زلت صبية تتمتعين بألقك الأخاذ فكم أنت جميلة وكم كان صنعك متقناً وبديعاً!
* حديث الصياد
دار حديث بيني وبين ذلك الصياد، فبادرته بالسؤال: في أي عام نحن؟ فأجابني على الفور: نحن في القرن الواحد والعشرين، زمن يعتمد على التكنولوجيا الحديثة، لم تعُد بحاجة إلى مثيلك. تسألت لم لا ؟ أنا تاريخ الأوائل من أهل عمان دار بي الزمان. طلبت منه أن يسدي إليّ معروفا، بعد أن أجج في نفسي لواعج الشوق والحنين إلى مسقط رأسي ومهد صباي، رجوته أن يعيدني إلى وطن الأحبة الذي لم يشغلني عنه شي قط.
ذهب عني وتركني.. وما هي إلا أيام حتى جاء من يأخذ بيدي، شعرت بيد حانية تمتد نحوي لمؤازرتي، حينها شعرت أنها يد الإنسان، تلك اليد التي كنت قد ألفتها منذ ألف ومائتي عام، ولكن التعامل الإنساني يقتضي شكر المضيف واستئذان (الحكومة الإندونسية) فقد كان ذلك في العام 1998 حيث تم استخراج بقية أجزاء السفينة وكان ما عثر من بقايا يبلغ حوالي 60.000 قطعة من الخزف الصيني النادر، سميت هذه المجموعة فيما بعد بكنوز التانج، إذ إنها تعود الى ذلك العصر الذهبي والذي كانت تحكم فيه أسرة بني رسول في ظفار
بعد تلك الفترة الطويلة كان لابد أن أخضع إلى تقييم ودراسات وفحوصات جسدية ومخبرية للتأكد من هويتي التاريخية لكي أقدم دليلاً ملموساً على وجود الطريق التجاري البحري بين شبه الجزيرة العربية والشرق الأقصى منذ القرن التاسع على أقل تقدير. الذي بات يعرف بطريق الحرير.
فأكدت الدراسات أن أجزائي المتبقية قد أسهمت في تعميق فهم أساليب الملاحة وصناعة السفن العمانية أثناء تلك الحقبة، وقد بينت الدراسات والأبحاث القطع الخشبية المستخرجة أن العمانيين استخدموا طريقة الشبك بالحبال في صناعة السفن وقد بينت الاختبارات التي أجريت على الأخشاب موطنه الأصلي. أما موقعي في مكان غرقي فقد أوضح للجميع الكثير عن الطرق البحرية التي يسلكها العمانيون في أسفارهم إلى الصين.
* تسمية الجوهرة
الأول من فبراير من العام 2010 أقيم حفل لتسمية السفينة بـ"جوهرة مسقط" برعاية مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية معالي عبدالعزيز بن محمد الرواس، وقد حضر الحفل دولة جوه جوك تونج رئيس وزراء سنغافورة الأسبق الذي زار السلطنة في ذلك الوقت وعدد من أصحاب المعالي الوزراء والمستشارين وعدد من أصحاب السعادة الوكلاء.
وقد قال معالي عبدالعزيز بن محمد الرواس حينها إن هذا اليوم هو يوم بهيج من أيام البهجة العمانية، افتتح الذكرى الأربعين لميلاد النهضة المباركة، وهو تتويج لمسيرة كبيرة من العزم والنمو والتأسيس والتأهيل والتطوير وإطلالة كبيرة وواسعة على تاريخ عمان العريق.
وأضاف: إن جوهرة مسقط هي تسمية لما تمثله مسقط وهي عاصمة السلطنة من دلالات أصيلة، ومسقط هي الثغر العماني البحري الذي عاشت مسقط من خلاله في زمان الأسرة البوسعيدية أجيالا من الزمان استطاعت أن تكون المنفذ والملاذ والمعبر للعمانيين من وإلى آسيا وأفريقيا وبالتالي فإن هذه المعاني مع بعضها بعضا تجسد للإنسان العماني اليوم أنه أمام مرحلة تحدٍّ لكي يضيف إلى أمجاد الأجداد أمجاداً جديدة تتسابق وتتواءم مع معطيات العصر.
* تدشين رحلة جوهرة مسقط التجريبية
برعاية أمين عام وزارة الخارجية معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وطأت السفينة جوهرة مسقط بحر عُمان مستهلة تجاربها البحرية استعداداً لرحلتها الملحمية من مسقط إلى سنغافورة عبر الطرق البحرية القديمة في المحيط الهندي تقتفي خطى البحارة العرب القدماء الذين ساروا هذه الخطوات بفعل قوة الرياح فقط.
* الاحتفال بانطلاق سفينة جوهرة مسقط
في صباح 16 من فبراير الفائت انطلقت من ميناء السلطان قابوس جوهرة مسقط في طريقها إلى سنغافورة وذلك لإحياء الرحلات البحرية التجارية بين السلطنة وسنغافورة في احتفال بهيج أقيم برعاية صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد وبحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي الوزراء والمستشارين وعدد من أصحاب السعادة الوكلاء وسفراء دول مجلس التعاون لدول الخليج والدول العربية والآسيوبة وجمع غفير من المسؤولين والضيوف وأهالي طاقم السفينة.
قال سموه حينها كلمة قال فيها: "إنه لشرف عظيم لي بأن أحظى بالتكليف السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه- لرعاية هذا الحدث الحضاري المهم وعلى هذه الأرض الطيبة وفي الساعة المباركة والأجواء البهيجة احتفاء ببدء السفينة الشراعية العمانية "جوهرة مسقط" رحلتها البحرية إلى سنغافورة انطلاقا من ميناء السلطان قابوس بمسقط".
وأضاف سموه أن رحلة السفينة "جوهرة مسقط" في إبحارها الشراعي سوف تمر بكل من جمهوريتي الهند وسريلانكا ومملكة ماليزيا وهي تحمل في طياتها مآثر الأجيال وعبق الأمجاد وروح الصداقة والتعاون والسلام التي تجمعنا مع شعوب العالم وقد ترسخت عبر العصور على امتداد المعمورة وخاصة في أقاليم المحيط الهندي الشاسع ودول الشرق الأقصى الواسع.
وقال صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد إن في اللحظات التي تنطلق فيها "جوهرة مسقط" في رحلتها البحرية الشراعية تبدأ كتابة حدث تاريخي مؤكدا أن الصعود على متن سفينة "جوهرة مسقط" هو "مسؤولية كبيرة" للجميع.
وقد تم تحميل المؤن على متن السفينة بمصاحبة الفنون الشعبية العمانية وموسيقى البحرية السلطانية العمانية، كما قام صاحب السمو راعي الحفل بتسيلم قبطان السفينة المصحف الشريف.. بعدها تقدم سموه وأصحاب السمو والمعالي نحو المرسى إيذانا ببدء إبحار جوهرة مسقط الى سنغافورة، وتوديع طاقمها.
* بعناية الرحمن الجوهرة تنطلق من عمان
وهكذا بدأت رحلة السفينة من ميناء السلطان قابوس مروراً ببحر عمان ثم إلى بحر العرب على طول الساحل الغربي للهند تصارع أمواج البحار وعلى ظهرها عشرة بحارة مع رفاق آخرين توكلوا على الله ليحفظهم.
وقد تأخرت السفينة عن الإبحار في موعدها المقرر لمدة يومين بسبب التيارات البحرية التي كانت تعيدها للخلف وكأن حال التيارات لا يرغب في السماح للجوهرة بمغادرة مسقط التي قرت عينها بها، وهكذا ظلت على هذا الحال لمدة يومين على المياه الإقليمية العمانية، وفي اليوم الثالث انطلقت الجوهرة مع سرعة الرياح حتى وصلت إلى المياه الإقليمية الدولية تمخر عبابها في المحيط الهندي حيث تعرضت هناك لرياح قوية بعد اجتيازها رأس الحد وتأثرت ساريتها ودفتها الوسطى، وقام الطاقم بإنزال شراع السارية واستبداله بشراع صغير يطلق عليه شراع العاصفة.
اثنان وعشرون يوماً عاشتها الجوهرة في أجواء عصيبة بسبب الرياح القوية التي ضربتها طوال ما يقارب أربع عشرة ساعة، وظلت السفينة خلالها تقاوم الرياح والتيارات البحرية متحدية بذلك كل الأهوال، وابتسامة الإصرار والتحدي تقول "تعوّد جسمي على هذه الظروف، وقاوم ظهري ضربات الموج الهائج، عشت سنيناً في أعماق البحر، عرفت لغته وإشاراته وتأقلمت مع تياراته، فلا خوف عليكم فبإذن المولى سأصل بكم إلى مبتغاكم" وكانت سرعة الرياح حينها تصل إلى سبعة وعشرين عقدة وسرعة السفينة ست عُقد.
* الجوهرة تحط رحالها
ومع إشراقة شمس الاثنين 15مارس الفائت إذا بالجوهرة تتهادى وهي تقترب رويدا رويدا من ميناء كوتشن بجمهورية الهند وسط ابتسامات السعادة المرتسمة على وجوه الطاقم، فكانت لحظة تاريخية جسدت تلاحماً حضارياً وتعاملاً تجارياً وتفاعلاً سياسياً واقتصادياً بين البلدين منذ أكثر من قرن ونصف القرن كما سجلتها عدسة الكاميرا، وقد رافقت الجوهرة لدى وصولها المياه الإقليمية الهندية سفن من خفر السواحل الهندية وشرطة البحرية الهندية احتفاء بوصولها، كما استقبلتها قبيل رسوّها في رصيف الميناء سفينة تحمل على ظهرها كلاً من سعادة محمد بن يوسف الزرافي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية والمالية وسعادة حميد المعني سفير السلطنة المعتمد لدى جمهورية الهند وعدد من المسؤولين العمانيين حيث تبادلوا مع طاقم الجوهرة التهاني والتبريكات على سلامة الوصول مهنئينهم على نجاح الرحلة وتخطيها المحطة الأولى منها.
وقد شارك في حفل الاستقبال العديد من المسؤولين والدبلوماسيين في كل من السلطنة والهند وقد أقيم حفل كبير يليق بوصول الجوهرة حيث عزفت موسيقى البحرية الهندية مقطوعات فنية بمناسبة وصول جوهرة مسقط، كما نظمت حكومة كيرلا احتفالاً رسمياً شاركت فيه دائرة السياحة في كيرلا والمركز الهندي للعلاقات الثقافية بوزارة الخارجية بالاشتراك مع الفرقة العمانية كما قُدمت أثناء الحفل عروض لفرق الفنون الشعبية العمانية.
* كلمات المسؤولين
أعرب سعادة وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية والمالية عن سروره وابتهاجه بوصول السفينة جوهرة مسقط بالسلامة إلى ميناء كوتشن واطمأن على سلامة طاقمها وقال حينها: يعتبر هذا اليوم إنجازا كبيرا لسفينة جوهرة مسقط وهي تصل إلى محطتها الأولى من الرحلة، وحول ما تمثله السفينة في توثيق عرى العلاقات العمانية الهندية قال سعادته: إن جوهرة مسقط لها دور كبير في توثيق العلاقات الوطيدة بين البلدين الصديقين مشيراً سعادته إلى أن العلاقات العمانية الهندية متميزة.
كما أضاف سفير السلطنة المعتمد لدى جمهورية الهند الصديقة سعادة حميد المعني: لقد سعدنا بنجاح وصول سفينة جوهرة مسقط وهذا يعد إنجازا تاريخيا كبيرا يضاف إلى الإنجازات التي تشهدها السلطنة لا سيما في تاريخها.
* "الشبيبة" تتصل
وعبر البحارة عن فرحتهم العارمة لوصولهم المحطة الأولى من الرحلة وبدا عليهم الانسجام والفرح. وفي اتصال هاتفي أجرته "الشبيبة" حينها بالقبطان صالح الجابري عبر الأقمار الصناعية مهنئة له ولأفراد الطاقم على سلامة الوصول إلى المحطة الأولى أكد الجابري أن طاقم الجوهرة يتمتعون بصحة جيدة ويعملون معا بتعاون وانسجام تامين، ويمارس كل بحّار المهام الموكولة إليه ويعملون بروح الفريق الواحد.
* لحظة وداع
في صباح يوم جميل ومشرق وفي تمام الساعة 11 صباحا بتاريخ 10 أبريل الفائت وبحضور وزير الأمن والسياحة الهندي والسفير العماني المعتمد لدى جمهورية الهند وعدد من كبار الشخصيات والوفد المرافق لهم وعدد كبير من أهالي مدينة كوتشن ودعت السواحل الهندية جوهرة مسقط وطاقمها في حفل بهيج تم فيه تبادل الهدايا التذكارية مع سعادة وزير الأمن الهندي راعي الحفل ومدير الميناء والبحرية الهندية كما تم أخذ الصور التذكارية، بعدها مخرت جوهرة مسقط عباب المحيط الهندي من ميناء كوتشن الهندي تحت هتافات وصرخات الفرح من البحارة فالسفينة تسحبها سفينة تابعة للبحرية الهندية للخروج من الميناء لمسافة 40 ميلا بحريا.
إلا أن الأمر لم يتم فبعد أن غادرت السفينة كوتشن الهندية عاجلتها بعض من الأحوال الجوية، حيث ضربت الأمطار الغزيرة والرياح القوية المنطقة مما عطل طاقم السفينة عن تكملة أعمالهم في السفينة فتم نقلها إلى المقر الرئيسي حيث موقع الانطلاقة، وبعد ذلك تابعت الجوهرة سيرها إلى جالا السيرلانكية.
* "الشبيبة" تتواصل مع أهالي أفراد الطاقم
وبينما الجوهرة تسير في خضم المحيط الهندي متجهة إلى محطتها الثانية أخذت "الشبيبة" على عاتقها أن تكون حلقة الوصل بين أفراد الطاقم وأهاليهم وعائلاتهم في السلطنة ومن ذلك تواصلها مع أسرة القبطان صالح الجابري قائد الجوهرة، حيث قالت زوجته أصيلة بنت مسعود الجابرية: بكوني زوجة أشعر بالفخر، وفي الوقت نفسه أشعر بالقلق والخوف لما سيواجهون من أخطار في البحر، وأسال الله أن يعودوا إلينا بالسلامة، وأضافت: كل يوم أجلس أحسب الأيام أنتظر الاتصال منه من أجل أن نسمع صوته، ومن خلال هذا الاتصال نشعر بالأمان وأنه قطع شوطا كبيرا في رحلتهم والحمد لله.
كما أكد ابنه حمزة بأنه سعيد بأن يكون والده قائدا لسفينة جوهرة مسقط، وقال في لقائه مع "الشبيبة": كم كنت سعيداً وأنا أشاهد الصور من خلال الموقع الإلكتروني لجوهرة مسقط وهم في عباب البحر فأشعر بالفرح وكلي أمل بأن يعود والدي وطاقم السفينة إلى أرض عمان الحبيبة بخير وسلامة.
وتشاركه الرأي اخته صفاء بنت صالح الجابري وتقول عنما اذهب الى المدرسة اشعر بالفخر خاصة حينما اتحدث مع زميلاتي عن مغامراتي والي ، ولكن هذه المرة الامر لا اخفي عليك الامر اصبحت قلقة جا واتمنى من ابي ان يتواصل معنا كل يوم عبر الاتصال بالثريا تى نكون اكثر اطمئنان عليه.
* الجوهرة في ميناء جالا السيرلانكية
في 19 أبريل الفائت وصلت السفينة بسلام إلى ميناء مدينة جالا بسريلانكا محطتها الثانية بعد أن تعرضت لعاصفة استوائية واستقبلت استقبالاً حاراً على الطراز السيريلانكي بعد أن وصلت ميناء جالا السيريلانكي وبعد أن قطعت مسافة 500 ميل بحري في غضون عشرة أيام نظرا لسرعة الرياح والعاصفة التي واجهتها السفينة في المحيط الهندي.
وكان في مقدمة مستقبلي الجوهرة كل من سعادة أحمد بن يوسف الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية وسعادة حميد بن علي المعني سفير السلطنة المعتمد لدى الهند غير مقيم لسيريلانكا وجمع غفير من كبار الشخصيات وطلبة المدارس وتلقى الطاقم ترحيبا حارا حيث قدمت فرق الفنون الشعبية أهازيج متنوعة ابتهاجاً بهذا الإنجاز الذي حققته جوهرة مسقط وطاقمها.
وقال القبطان صالح بن سعيد الجابري حينها: لقد تعرضت السفينة خلال رحلتها إلى ثلاث زوابع شديدة وقد تأقلم معها أفراد طاقم السفينة بخبرتهم وقد وصلت سرعة العاصفة الى 43 عقدة في الساعة وهذا يدل على قوة تحمل السفينة لأهوال البحر ولله الحمد. وأكد الجابري أن السفينة ستخضع للصيانة خلال أسبوعين على رصيف ميناء جالا قبل بدء رحلتها الثالثة.
وقد عقد أفراد طاقم السفينة مؤتمرا صحفيا بجالا حضره عدد كبير من الإعلاميين السيريلانكييين تحدث فيه القبطان صالح الجابري حول رحلة السفينة من ميناء كوتشن الى ميناء جالا والتحديات التي واجهتها جوهرة مسقط.
* إلى جورج تاون
بعد فترة قصيرة من مكوثها في جالا السيرلانية زارها خلالها 6000 زائر ودعت صباح 15 مايو الفائت الجوهرة مسقط جالا متجهة في خط سيرها إلى ميناء جورج تاون الماليزية المحطة الثالثة من الرحلة والتي تستغرق 21 يوماً بعد أن تم وضع الساريتين في مواقعها بدلا من الساريتين السابقتين اللتين تعرضتا للعواصف والرياح القوية خلال عبورها المحيط الهندي في رحلتها الثانية من كوتشن إلى جالا.
رعى مراسم التوديع سعادة سفير السلطنة المعتمد لدى الهند غير المقيم لدى جمهورية سيريلانكا حميد بن علي المعني وبحضور محافظ جالا وقائد البحرية السريلانكية وعدد كبير من طلبة وطالبات مدارس سيريلانكا.
وفي رصد "الشبيبة" للحدث قال القطبان الجابري: إننا نبعث من خلال "الشبيبة" رسالة إلى كل الأمهات والأهل في السلطنة بأن أفراد الطاقم يتمتعون بصحة جيدة وهمة عالية، واضعين نصب أعينهم الرسالة السامية والهدف النبيل لتسليم الهدية الغالية إلى الحكومة السنغافورية، معربين عن شكرهم وتقديرهم إلى المسؤولين الذين يتابعون سير السفينة عن كثب. هذا وقد بدأت الرياح الموسمية الشمالية الغربية تهب بشكل مستمر ما يعني أن الجوهرة سوف تتمتع برياح جيدة عند بدء الإبحار إلى ماليزيا.
وقد وصلت الجوهرة في 2 يونيو الفائت إلى ميناء جورج تاون الماليزية بعد اجتيازها المحطة الثانية من رحلتها التاريخية وسط احتفال كبير أعد لطاقم السفينة
ومن جورج تاون أبحرت الجوهرة إلى ميناء كلانج الماليزية حيث قطعت مسافة 170 ميلا بحريا في غضون ثلاث ليالٍ وأربعة أيام وسط الرياح الموسمية التي تهب على الجزر الماليزية بالإضافة إلى عبور السفن التجارية وسفن الصيد البحري الماليزية مما شكل تحديا كبيرا.
* الطاقم يبلغ تحياته
قال القبطان صالح بن سعيد الجابري: سعادتي ستكتمل عند وصولنا بالجوهرة الى محطتها الأخيرة ونسلمها الى حكومة سنغافورة وبهذا نكون قد اضفنا الى التاريخ البحري العماني إنجازا كبيرا في ظل القيادة الرشيدة لمولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي خطط لهذه الرحلة التاريخية وأطلق على السفينة جوهرة مسقط.
وأضاف: لا شك في ذلك بفكر القائد وحنكته الرائدة في إعادة التاريخ البحري العماني في زمن يستخدم العالم فيه التقنية الحديثة في قيادة السفن التي تعبر البحار، فجوهرة مسقط جاءت لتتحدى هذه التقنيات دون ان يستخدم فيها أو يدخل هيكلها أي مسمار أو آلة حديثة، واليوم نحن على مشارف المحطة الأخيرة، وسنكون عند حسن ظن قائدنا ومولانا جلالة السلطان قابوس المعظم وسنصل بالجوهرة الى سنغافورة وعناية الرحمن تحفنا وترعانا آملين من الجميع الدعاء والتوفيق لهذه الرحلة التاريخية .
وأعرب عن شكره وامتنانه للمسؤولين بوزارة الخارجية على الدور الذي قاموا به في دعم ومساندة هذا المشروع التاريخي الذي كان لهم الدور البارز فيه منذ بداية الرحلة وحتى وصولها بإذن الله، وبهذه المناسبة نوجه شكرنا الجزيل إلى قائد عمان البار الذي كان الداعم الأول والأخير في نجاح هذه الرحلة وإننا إذ نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة وصول الجوهرة الى المحطة قبل الأخيرة من الرحلة فقد جعل عمان تتباهى بين العالم رافعة العلم العماني فوق المنارات العالمية خفاقا.
فكم سعدنا وابتهجنا ونحن نعبر بالجوهرة خليج ملقا رغم التحديات من الرياح والأمواج والأمطار مسجلين بذلك لمسة عمانية تاريخية وسط سفن التجارة العالمية والعلم العماني يرفرف فوق السفينة ملوحين بأيدينا الى السفن الكبيرة وهي تمر من جانبي الجوهرة مؤكدين لهم بأن الجوهرة وصلت الى ميناء كلانج الماليزية بالوسائل التقليدية ودون أن يدخل فيها أي مسمار أو قطعة من تقنيات العلم الحديث.
* الجوهرة سفينة قراصنة!
قال القبطان صالح: لقد حصلت لنا طرائف من قبل صيادي القوارب الماليزية حيث اعتقدوا بأن الجوهرة سفينة قراصنة البحر ولم يقتربوا منها وكلما اقتربنا منهم هربوا وحاولنا ان نخبرهم بأننا سفراء عُمان على جوهرة مسقط ولكن للأسف لم تسعفنا اللغة في ان نصل اليهم وظلوا كلما اقتربت السفينة من قواربهم يهربون منها ولكن في الأخير استطعنا ان نخبرهم.
* جوهرة مسقط في سنغافورة
غادرت في 26 يونيو الفائت جوهرة مسقط السواحل الماليزية متجهة الى محطتها الأخيرة سنغافورة واستغرقت رحلتها ما بين أربعة إلى ستة أيام وفق الأحوال الجوية وقطعت خلالها 230 ميلا بحريا تقريبا.
وقال القبطان صالح الجابري: تمت خياطة الأشرعة السعفية ودهن جسم السفينة بالدهان (الصل) وتغيير بعض الحبال المتقطعة ودهنها بالصل لتقويتها بالإضافة الى تعديل حبال السواري استعداداً للرحلة الأخيرة.
وأضاف الجابري حينها: إن المحطة الأخيرة للسفينة من أصعب المحطات نظرا لكثرة السفن التجارية القادمة من شرق آسيا بالإضافة الى سفن الصيد البحري وضيق خليج ملقا وكثرة الزوابع الهوائية وتقلب الرياح من حين الى آخر مما يجعل السفينة معرضة للانحراف يمينا وشمالا.
وأضاف: وصول جوهرة مسقط الى محطتها الأخيرة من الرحلة التي قطعت خلالها قرابة 3700 ميل بحري يعد لحظة تاريخية ينتظرها الشعبان العماني والسنغافوري وهو نجاح لبلادنا الحبيبة لتسجل في التاريخ الحديث قدرة العمانيين على الإبحار والسير على خطى الأجداد.
وقال: خلال هذه الرحلة كان علم السلطنة يرفرف على سارية الجوهرة من المحيط الهندي مروراً بخليج البنغال وخليج ملقا أمام السفن التجارية العالمية العملاقة وهي تعبر البحار بمحركاتها الحديثة فيما تمخر الجوهرة عباب البحار والمحيطات حاملة رسالة المحبة والسلام الى بلد صديقة تربطها علاقات اقتصادية وتجارية وسياسية مع السلطنة، مؤكدا الجابري أن وصول الجوهرة إلى سنغافورة يزيد من العلاقات العمانية السنغافورية متانةً لاسيما وأن الجوهرة ستكون هدية للحكومة السنغافورية وستوضع في المتحف السنغافوري الوطني.
* شكراً لـ"الشبيبة"وفي ختام كلامه توجه القبطان صالح الجابري بالشكر والتقدير لـ"الشبيبة" على تواصلها الدائم من خلال تغطيتها المستمرة لمراحل الرحلة، وهي همزة وصل بيننا وبين أهلنا في السلطنة وذلك من خلال الحوارات التي تقوم بها في نقل آراء أهلنا وتواصلهم معنا عبر صفحاتها.
* أبحرت لتحيي الرحلات البحرية التجارية ومآثر الأجداد.
* واجهت أياما عصيبة وتحدت الأهوال بإصرار وعزيمة.
سنغافورة - راشد بن أحمد البلوشي
تصل اليوم "جوهرة مسقط" إلى ميناء كيبل بيه السنغافوري وهي المحطة الأخيرة من رحلتها التاريخية البحرية التي انطلقت من مسقط بتاريخ 16 من فبراير الفائت وقطعت مسافة تقدر بحوالي 3700 ميل بحري.
وسيقام حفل استقبال رسمي وشعبي يرعاه فخامة الرئيس السنغافوري سيلابان راما ناثان بحضور صاحب السمو السيد حارب بن ثويني آل سعيد المكلف من قبل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بحضور الحفل، وأمين عام وزارة الخارجية معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي، ووكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية والمالية سعادة محمد بن يوسف الزرافي وسفير السلطنة المعتمد لدى الهند سعادة حميد المعني.
ويشتمل الحفل على كلمة فخامة الرئيس السنغافوري سيلابان راما ناثان وكلمة لصاحب السمو السيد حارب بن ثويني آل سعيد بالاضافة إلى كلمة قبطان الجوهرة صالح بن سعيد الجابري، كما سيشتمل الحفل على عروض للفرق الشعبية العمانية والسنغافورية.
ولاشك أن مسيرة الجوهرة هذه تعود بذاكرتنا إلى التاريخ البعيد، إلى عام تسعمائة الميلادي لنقتفي أثر تلك السفينة العربية القابعة في أعماق البحر وعلى جزيرة بليتانج الأندونيسية، منذ أكثر من ألف ومائتي عام لم تر النور، تلعق مرارة الاغتراب وتذرف دموع الكمد والفراق دون أن تمتد لها يد حانية لتنتشلها من لجج البحار، ظلت طوال تلك المدة مرميّة بين الشعب المرجانية، تداعبها التيارات المائية، تقلّبها ذات اليمين وذات الشمال، وتثبتها على قاعدتها حيناً آخر ترمق زرقة السماء الناصعة، فيطمرها الزمان في عالم النسيان!!
تتساءل.. أين من كان على ظهري؟.. يحميني من تلاطم أمواج البحر العاتية، يزيح من كاهلي "بقايا" الشعب المرجانية، فكم تألمت منها كثيرا، وكدت أختنق من وجودي كيتيمة جار عليها الدهر تقطعت بها السبل، فأخذت أتقدم في السن تعتريني ملامح الشيخوخة التي باتت ظاهرة للعيان، وتقطعت الحبال التي كانت تلف أجزائي، فأخذت تنفصل عن بعضها رويدا رويدا.
أسمع أصداء الفضاء الخارجي للبحر، أشاهد بعيني سفناً لا تشبهني، أخذت تزعجني بالأصوات التي تصدر من قاعدتها، أرى في مؤخرة تلك السفن مراوح لم أرها في أجزائي.
ودارت الأيام.. وطويت السنين ولا زلت أنتظر بصمت مرير، تدحرجني التيارات المائية، ولا تقوى نفسي على التصدي لها، أثقلتني أمتعة البحارة الذين كانوا على ظهري، أجزائي تتحطم شيئاً فشيئاً، أشلائي تنهشها الصخور حين تدحرجني المياه. كم وددت أن أصرخ، أبوح ما بداخلي، أبث لواعجي، ولا أجد من يؤنس غربتي، غريبة في عالم تحيطه الأخطار، وهكذا دارت عجلة الزمان وأنا مكبلة في أعماق البحار، تأقلمت بعض أجزائي، فتصالحت مع الطبيعة البحرية، ألفت المكان، ونسيت كل شيء، أصبح للمستقبل وميض خافت.
ولكن .. ما لبث الزمان يدور حتى وجدت نفسي على شاطئ قبالة جزيرة بليتانج، نظرت إلى السماء وتنفست الصعداء، وأخذت أرمق أحد الصيادين وهو يصطاد السمك، نظر إليّ بنظرة استغراب وتعجب ولسان حاله يقول: "من أنت؟ من أتى بك إلى هنا؟ ترى أين من كان على ظهرك؟"
فقلت له أنا حكاية من حكايات الزمان، أصلها من عُمان، كنت في أمان أُبحر كما تبحر بنات جيلي عبر خط تجاري بحري معروف، حيث كنا ننطلق من الموانئ العمانية بمسقط وصحار وقلهات وصور، عبر بحر عمان وبحر العرب وصولاً إلى الهند، ومن ثم إلى ما يعرف اليوم بسيرلانكا متجهين عبر خليج البنغال إلى مضيق مالاقا، وكنا سفناً تجارية نبحر بين شبه جزيرة الملايو وجزيرة سومطرة قبل الإبحار شمالاً إلى فيتنام أو سنغافورة.
كنا نحمل بين ظهرانينا التجار، يتزودون بالمؤن ويتبادلون البضائع في سنغافورة، أما التجار الذين كانوا يرغبون في الوصول إلى البر الرئيسي للصين فكانوا يتابعون طريقهم إلى بحر الصين الجنوبي متوجهين إلى كانتون حيث يتوقفون في جزر الباراسيل فقط للتزود بالماء والطعام.
تلك هي شذرات من حكايتي يا صاحبي الصياد، نظرت إليه فإذا به مشدوهاً يملؤ وجهه الاستغراب وكأنه ينظر إلى أسطورة لم يسعفه الخيال على استيعابها ولسان حاله يقول ها نحن في القرن الواحد العشرين وما زلت صبية تتمتعين بألقك الأخاذ فكم أنت جميلة وكم كان صنعك متقناً وبديعاً!
* حديث الصياد
دار حديث بيني وبين ذلك الصياد، فبادرته بالسؤال: في أي عام نحن؟ فأجابني على الفور: نحن في القرن الواحد والعشرين، زمن يعتمد على التكنولوجيا الحديثة، لم تعُد بحاجة إلى مثيلك. تسألت لم لا ؟ أنا تاريخ الأوائل من أهل عمان دار بي الزمان. طلبت منه أن يسدي إليّ معروفا، بعد أن أجج في نفسي لواعج الشوق والحنين إلى مسقط رأسي ومهد صباي، رجوته أن يعيدني إلى وطن الأحبة الذي لم يشغلني عنه شي قط.
ذهب عني وتركني.. وما هي إلا أيام حتى جاء من يأخذ بيدي، شعرت بيد حانية تمتد نحوي لمؤازرتي، حينها شعرت أنها يد الإنسان، تلك اليد التي كنت قد ألفتها منذ ألف ومائتي عام، ولكن التعامل الإنساني يقتضي شكر المضيف واستئذان (الحكومة الإندونسية) فقد كان ذلك في العام 1998 حيث تم استخراج بقية أجزاء السفينة وكان ما عثر من بقايا يبلغ حوالي 60.000 قطعة من الخزف الصيني النادر، سميت هذه المجموعة فيما بعد بكنوز التانج، إذ إنها تعود الى ذلك العصر الذهبي والذي كانت تحكم فيه أسرة بني رسول في ظفار
بعد تلك الفترة الطويلة كان لابد أن أخضع إلى تقييم ودراسات وفحوصات جسدية ومخبرية للتأكد من هويتي التاريخية لكي أقدم دليلاً ملموساً على وجود الطريق التجاري البحري بين شبه الجزيرة العربية والشرق الأقصى منذ القرن التاسع على أقل تقدير. الذي بات يعرف بطريق الحرير.
فأكدت الدراسات أن أجزائي المتبقية قد أسهمت في تعميق فهم أساليب الملاحة وصناعة السفن العمانية أثناء تلك الحقبة، وقد بينت الدراسات والأبحاث القطع الخشبية المستخرجة أن العمانيين استخدموا طريقة الشبك بالحبال في صناعة السفن وقد بينت الاختبارات التي أجريت على الأخشاب موطنه الأصلي. أما موقعي في مكان غرقي فقد أوضح للجميع الكثير عن الطرق البحرية التي يسلكها العمانيون في أسفارهم إلى الصين.
* تسمية الجوهرة
الأول من فبراير من العام 2010 أقيم حفل لتسمية السفينة بـ"جوهرة مسقط" برعاية مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية معالي عبدالعزيز بن محمد الرواس، وقد حضر الحفل دولة جوه جوك تونج رئيس وزراء سنغافورة الأسبق الذي زار السلطنة في ذلك الوقت وعدد من أصحاب المعالي الوزراء والمستشارين وعدد من أصحاب السعادة الوكلاء.
وقد قال معالي عبدالعزيز بن محمد الرواس حينها إن هذا اليوم هو يوم بهيج من أيام البهجة العمانية، افتتح الذكرى الأربعين لميلاد النهضة المباركة، وهو تتويج لمسيرة كبيرة من العزم والنمو والتأسيس والتأهيل والتطوير وإطلالة كبيرة وواسعة على تاريخ عمان العريق.
وأضاف: إن جوهرة مسقط هي تسمية لما تمثله مسقط وهي عاصمة السلطنة من دلالات أصيلة، ومسقط هي الثغر العماني البحري الذي عاشت مسقط من خلاله في زمان الأسرة البوسعيدية أجيالا من الزمان استطاعت أن تكون المنفذ والملاذ والمعبر للعمانيين من وإلى آسيا وأفريقيا وبالتالي فإن هذه المعاني مع بعضها بعضا تجسد للإنسان العماني اليوم أنه أمام مرحلة تحدٍّ لكي يضيف إلى أمجاد الأجداد أمجاداً جديدة تتسابق وتتواءم مع معطيات العصر.
* تدشين رحلة جوهرة مسقط التجريبية
برعاية أمين عام وزارة الخارجية معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وطأت السفينة جوهرة مسقط بحر عُمان مستهلة تجاربها البحرية استعداداً لرحلتها الملحمية من مسقط إلى سنغافورة عبر الطرق البحرية القديمة في المحيط الهندي تقتفي خطى البحارة العرب القدماء الذين ساروا هذه الخطوات بفعل قوة الرياح فقط.
* الاحتفال بانطلاق سفينة جوهرة مسقط
في صباح 16 من فبراير الفائت انطلقت من ميناء السلطان قابوس جوهرة مسقط في طريقها إلى سنغافورة وذلك لإحياء الرحلات البحرية التجارية بين السلطنة وسنغافورة في احتفال بهيج أقيم برعاية صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد وبحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي الوزراء والمستشارين وعدد من أصحاب السعادة الوكلاء وسفراء دول مجلس التعاون لدول الخليج والدول العربية والآسيوبة وجمع غفير من المسؤولين والضيوف وأهالي طاقم السفينة.
قال سموه حينها كلمة قال فيها: "إنه لشرف عظيم لي بأن أحظى بالتكليف السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه- لرعاية هذا الحدث الحضاري المهم وعلى هذه الأرض الطيبة وفي الساعة المباركة والأجواء البهيجة احتفاء ببدء السفينة الشراعية العمانية "جوهرة مسقط" رحلتها البحرية إلى سنغافورة انطلاقا من ميناء السلطان قابوس بمسقط".
وأضاف سموه أن رحلة السفينة "جوهرة مسقط" في إبحارها الشراعي سوف تمر بكل من جمهوريتي الهند وسريلانكا ومملكة ماليزيا وهي تحمل في طياتها مآثر الأجيال وعبق الأمجاد وروح الصداقة والتعاون والسلام التي تجمعنا مع شعوب العالم وقد ترسخت عبر العصور على امتداد المعمورة وخاصة في أقاليم المحيط الهندي الشاسع ودول الشرق الأقصى الواسع.
وقال صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد إن في اللحظات التي تنطلق فيها "جوهرة مسقط" في رحلتها البحرية الشراعية تبدأ كتابة حدث تاريخي مؤكدا أن الصعود على متن سفينة "جوهرة مسقط" هو "مسؤولية كبيرة" للجميع.
وقد تم تحميل المؤن على متن السفينة بمصاحبة الفنون الشعبية العمانية وموسيقى البحرية السلطانية العمانية، كما قام صاحب السمو راعي الحفل بتسيلم قبطان السفينة المصحف الشريف.. بعدها تقدم سموه وأصحاب السمو والمعالي نحو المرسى إيذانا ببدء إبحار جوهرة مسقط الى سنغافورة، وتوديع طاقمها.
* بعناية الرحمن الجوهرة تنطلق من عمان
وهكذا بدأت رحلة السفينة من ميناء السلطان قابوس مروراً ببحر عمان ثم إلى بحر العرب على طول الساحل الغربي للهند تصارع أمواج البحار وعلى ظهرها عشرة بحارة مع رفاق آخرين توكلوا على الله ليحفظهم.
وقد تأخرت السفينة عن الإبحار في موعدها المقرر لمدة يومين بسبب التيارات البحرية التي كانت تعيدها للخلف وكأن حال التيارات لا يرغب في السماح للجوهرة بمغادرة مسقط التي قرت عينها بها، وهكذا ظلت على هذا الحال لمدة يومين على المياه الإقليمية العمانية، وفي اليوم الثالث انطلقت الجوهرة مع سرعة الرياح حتى وصلت إلى المياه الإقليمية الدولية تمخر عبابها في المحيط الهندي حيث تعرضت هناك لرياح قوية بعد اجتيازها رأس الحد وتأثرت ساريتها ودفتها الوسطى، وقام الطاقم بإنزال شراع السارية واستبداله بشراع صغير يطلق عليه شراع العاصفة.
اثنان وعشرون يوماً عاشتها الجوهرة في أجواء عصيبة بسبب الرياح القوية التي ضربتها طوال ما يقارب أربع عشرة ساعة، وظلت السفينة خلالها تقاوم الرياح والتيارات البحرية متحدية بذلك كل الأهوال، وابتسامة الإصرار والتحدي تقول "تعوّد جسمي على هذه الظروف، وقاوم ظهري ضربات الموج الهائج، عشت سنيناً في أعماق البحر، عرفت لغته وإشاراته وتأقلمت مع تياراته، فلا خوف عليكم فبإذن المولى سأصل بكم إلى مبتغاكم" وكانت سرعة الرياح حينها تصل إلى سبعة وعشرين عقدة وسرعة السفينة ست عُقد.
* الجوهرة تحط رحالها
ومع إشراقة شمس الاثنين 15مارس الفائت إذا بالجوهرة تتهادى وهي تقترب رويدا رويدا من ميناء كوتشن بجمهورية الهند وسط ابتسامات السعادة المرتسمة على وجوه الطاقم، فكانت لحظة تاريخية جسدت تلاحماً حضارياً وتعاملاً تجارياً وتفاعلاً سياسياً واقتصادياً بين البلدين منذ أكثر من قرن ونصف القرن كما سجلتها عدسة الكاميرا، وقد رافقت الجوهرة لدى وصولها المياه الإقليمية الهندية سفن من خفر السواحل الهندية وشرطة البحرية الهندية احتفاء بوصولها، كما استقبلتها قبيل رسوّها في رصيف الميناء سفينة تحمل على ظهرها كلاً من سعادة محمد بن يوسف الزرافي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية والمالية وسعادة حميد المعني سفير السلطنة المعتمد لدى جمهورية الهند وعدد من المسؤولين العمانيين حيث تبادلوا مع طاقم الجوهرة التهاني والتبريكات على سلامة الوصول مهنئينهم على نجاح الرحلة وتخطيها المحطة الأولى منها.
وقد شارك في حفل الاستقبال العديد من المسؤولين والدبلوماسيين في كل من السلطنة والهند وقد أقيم حفل كبير يليق بوصول الجوهرة حيث عزفت موسيقى البحرية الهندية مقطوعات فنية بمناسبة وصول جوهرة مسقط، كما نظمت حكومة كيرلا احتفالاً رسمياً شاركت فيه دائرة السياحة في كيرلا والمركز الهندي للعلاقات الثقافية بوزارة الخارجية بالاشتراك مع الفرقة العمانية كما قُدمت أثناء الحفل عروض لفرق الفنون الشعبية العمانية.
* كلمات المسؤولين
أعرب سعادة وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإدارية والمالية عن سروره وابتهاجه بوصول السفينة جوهرة مسقط بالسلامة إلى ميناء كوتشن واطمأن على سلامة طاقمها وقال حينها: يعتبر هذا اليوم إنجازا كبيرا لسفينة جوهرة مسقط وهي تصل إلى محطتها الأولى من الرحلة، وحول ما تمثله السفينة في توثيق عرى العلاقات العمانية الهندية قال سعادته: إن جوهرة مسقط لها دور كبير في توثيق العلاقات الوطيدة بين البلدين الصديقين مشيراً سعادته إلى أن العلاقات العمانية الهندية متميزة.
كما أضاف سفير السلطنة المعتمد لدى جمهورية الهند الصديقة سعادة حميد المعني: لقد سعدنا بنجاح وصول سفينة جوهرة مسقط وهذا يعد إنجازا تاريخيا كبيرا يضاف إلى الإنجازات التي تشهدها السلطنة لا سيما في تاريخها.
* "الشبيبة" تتصل
وعبر البحارة عن فرحتهم العارمة لوصولهم المحطة الأولى من الرحلة وبدا عليهم الانسجام والفرح. وفي اتصال هاتفي أجرته "الشبيبة" حينها بالقبطان صالح الجابري عبر الأقمار الصناعية مهنئة له ولأفراد الطاقم على سلامة الوصول إلى المحطة الأولى أكد الجابري أن طاقم الجوهرة يتمتعون بصحة جيدة ويعملون معا بتعاون وانسجام تامين، ويمارس كل بحّار المهام الموكولة إليه ويعملون بروح الفريق الواحد.
* لحظة وداع
في صباح يوم جميل ومشرق وفي تمام الساعة 11 صباحا بتاريخ 10 أبريل الفائت وبحضور وزير الأمن والسياحة الهندي والسفير العماني المعتمد لدى جمهورية الهند وعدد من كبار الشخصيات والوفد المرافق لهم وعدد كبير من أهالي مدينة كوتشن ودعت السواحل الهندية جوهرة مسقط وطاقمها في حفل بهيج تم فيه تبادل الهدايا التذكارية مع سعادة وزير الأمن الهندي راعي الحفل ومدير الميناء والبحرية الهندية كما تم أخذ الصور التذكارية، بعدها مخرت جوهرة مسقط عباب المحيط الهندي من ميناء كوتشن الهندي تحت هتافات وصرخات الفرح من البحارة فالسفينة تسحبها سفينة تابعة للبحرية الهندية للخروج من الميناء لمسافة 40 ميلا بحريا.
إلا أن الأمر لم يتم فبعد أن غادرت السفينة كوتشن الهندية عاجلتها بعض من الأحوال الجوية، حيث ضربت الأمطار الغزيرة والرياح القوية المنطقة مما عطل طاقم السفينة عن تكملة أعمالهم في السفينة فتم نقلها إلى المقر الرئيسي حيث موقع الانطلاقة، وبعد ذلك تابعت الجوهرة سيرها إلى جالا السيرلانكية.
* "الشبيبة" تتواصل مع أهالي أفراد الطاقم
وبينما الجوهرة تسير في خضم المحيط الهندي متجهة إلى محطتها الثانية أخذت "الشبيبة" على عاتقها أن تكون حلقة الوصل بين أفراد الطاقم وأهاليهم وعائلاتهم في السلطنة ومن ذلك تواصلها مع أسرة القبطان صالح الجابري قائد الجوهرة، حيث قالت زوجته أصيلة بنت مسعود الجابرية: بكوني زوجة أشعر بالفخر، وفي الوقت نفسه أشعر بالقلق والخوف لما سيواجهون من أخطار في البحر، وأسال الله أن يعودوا إلينا بالسلامة، وأضافت: كل يوم أجلس أحسب الأيام أنتظر الاتصال منه من أجل أن نسمع صوته، ومن خلال هذا الاتصال نشعر بالأمان وأنه قطع شوطا كبيرا في رحلتهم والحمد لله.
كما أكد ابنه حمزة بأنه سعيد بأن يكون والده قائدا لسفينة جوهرة مسقط، وقال في لقائه مع "الشبيبة": كم كنت سعيداً وأنا أشاهد الصور من خلال الموقع الإلكتروني لجوهرة مسقط وهم في عباب البحر فأشعر بالفرح وكلي أمل بأن يعود والدي وطاقم السفينة إلى أرض عمان الحبيبة بخير وسلامة.
وتشاركه الرأي اخته صفاء بنت صالح الجابري وتقول عنما اذهب الى المدرسة اشعر بالفخر خاصة حينما اتحدث مع زميلاتي عن مغامراتي والي ، ولكن هذه المرة الامر لا اخفي عليك الامر اصبحت قلقة جا واتمنى من ابي ان يتواصل معنا كل يوم عبر الاتصال بالثريا تى نكون اكثر اطمئنان عليه.
* الجوهرة في ميناء جالا السيرلانكية
في 19 أبريل الفائت وصلت السفينة بسلام إلى ميناء مدينة جالا بسريلانكا محطتها الثانية بعد أن تعرضت لعاصفة استوائية واستقبلت استقبالاً حاراً على الطراز السيريلانكي بعد أن وصلت ميناء جالا السيريلانكي وبعد أن قطعت مسافة 500 ميل بحري في غضون عشرة أيام نظرا لسرعة الرياح والعاصفة التي واجهتها السفينة في المحيط الهندي.
وكان في مقدمة مستقبلي الجوهرة كل من سعادة أحمد بن يوسف الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية وسعادة حميد بن علي المعني سفير السلطنة المعتمد لدى الهند غير مقيم لسيريلانكا وجمع غفير من كبار الشخصيات وطلبة المدارس وتلقى الطاقم ترحيبا حارا حيث قدمت فرق الفنون الشعبية أهازيج متنوعة ابتهاجاً بهذا الإنجاز الذي حققته جوهرة مسقط وطاقمها.
وقال القبطان صالح بن سعيد الجابري حينها: لقد تعرضت السفينة خلال رحلتها إلى ثلاث زوابع شديدة وقد تأقلم معها أفراد طاقم السفينة بخبرتهم وقد وصلت سرعة العاصفة الى 43 عقدة في الساعة وهذا يدل على قوة تحمل السفينة لأهوال البحر ولله الحمد. وأكد الجابري أن السفينة ستخضع للصيانة خلال أسبوعين على رصيف ميناء جالا قبل بدء رحلتها الثالثة.
وقد عقد أفراد طاقم السفينة مؤتمرا صحفيا بجالا حضره عدد كبير من الإعلاميين السيريلانكييين تحدث فيه القبطان صالح الجابري حول رحلة السفينة من ميناء كوتشن الى ميناء جالا والتحديات التي واجهتها جوهرة مسقط.
* إلى جورج تاون
بعد فترة قصيرة من مكوثها في جالا السيرلانية زارها خلالها 6000 زائر ودعت صباح 15 مايو الفائت الجوهرة مسقط جالا متجهة في خط سيرها إلى ميناء جورج تاون الماليزية المحطة الثالثة من الرحلة والتي تستغرق 21 يوماً بعد أن تم وضع الساريتين في مواقعها بدلا من الساريتين السابقتين اللتين تعرضتا للعواصف والرياح القوية خلال عبورها المحيط الهندي في رحلتها الثانية من كوتشن إلى جالا.
رعى مراسم التوديع سعادة سفير السلطنة المعتمد لدى الهند غير المقيم لدى جمهورية سيريلانكا حميد بن علي المعني وبحضور محافظ جالا وقائد البحرية السريلانكية وعدد كبير من طلبة وطالبات مدارس سيريلانكا.
وفي رصد "الشبيبة" للحدث قال القطبان الجابري: إننا نبعث من خلال "الشبيبة" رسالة إلى كل الأمهات والأهل في السلطنة بأن أفراد الطاقم يتمتعون بصحة جيدة وهمة عالية، واضعين نصب أعينهم الرسالة السامية والهدف النبيل لتسليم الهدية الغالية إلى الحكومة السنغافورية، معربين عن شكرهم وتقديرهم إلى المسؤولين الذين يتابعون سير السفينة عن كثب. هذا وقد بدأت الرياح الموسمية الشمالية الغربية تهب بشكل مستمر ما يعني أن الجوهرة سوف تتمتع برياح جيدة عند بدء الإبحار إلى ماليزيا.
وقد وصلت الجوهرة في 2 يونيو الفائت إلى ميناء جورج تاون الماليزية بعد اجتيازها المحطة الثانية من رحلتها التاريخية وسط احتفال كبير أعد لطاقم السفينة
ومن جورج تاون أبحرت الجوهرة إلى ميناء كلانج الماليزية حيث قطعت مسافة 170 ميلا بحريا في غضون ثلاث ليالٍ وأربعة أيام وسط الرياح الموسمية التي تهب على الجزر الماليزية بالإضافة إلى عبور السفن التجارية وسفن الصيد البحري الماليزية مما شكل تحديا كبيرا.
* الطاقم يبلغ تحياته
قال القبطان صالح بن سعيد الجابري: سعادتي ستكتمل عند وصولنا بالجوهرة الى محطتها الأخيرة ونسلمها الى حكومة سنغافورة وبهذا نكون قد اضفنا الى التاريخ البحري العماني إنجازا كبيرا في ظل القيادة الرشيدة لمولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي خطط لهذه الرحلة التاريخية وأطلق على السفينة جوهرة مسقط.
وأضاف: لا شك في ذلك بفكر القائد وحنكته الرائدة في إعادة التاريخ البحري العماني في زمن يستخدم العالم فيه التقنية الحديثة في قيادة السفن التي تعبر البحار، فجوهرة مسقط جاءت لتتحدى هذه التقنيات دون ان يستخدم فيها أو يدخل هيكلها أي مسمار أو آلة حديثة، واليوم نحن على مشارف المحطة الأخيرة، وسنكون عند حسن ظن قائدنا ومولانا جلالة السلطان قابوس المعظم وسنصل بالجوهرة الى سنغافورة وعناية الرحمن تحفنا وترعانا آملين من الجميع الدعاء والتوفيق لهذه الرحلة التاريخية .
وأعرب عن شكره وامتنانه للمسؤولين بوزارة الخارجية على الدور الذي قاموا به في دعم ومساندة هذا المشروع التاريخي الذي كان لهم الدور البارز فيه منذ بداية الرحلة وحتى وصولها بإذن الله، وبهذه المناسبة نوجه شكرنا الجزيل إلى قائد عمان البار الذي كان الداعم الأول والأخير في نجاح هذه الرحلة وإننا إذ نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة وصول الجوهرة الى المحطة قبل الأخيرة من الرحلة فقد جعل عمان تتباهى بين العالم رافعة العلم العماني فوق المنارات العالمية خفاقا.
فكم سعدنا وابتهجنا ونحن نعبر بالجوهرة خليج ملقا رغم التحديات من الرياح والأمواج والأمطار مسجلين بذلك لمسة عمانية تاريخية وسط سفن التجارة العالمية والعلم العماني يرفرف فوق السفينة ملوحين بأيدينا الى السفن الكبيرة وهي تمر من جانبي الجوهرة مؤكدين لهم بأن الجوهرة وصلت الى ميناء كلانج الماليزية بالوسائل التقليدية ودون أن يدخل فيها أي مسمار أو قطعة من تقنيات العلم الحديث.
* الجوهرة سفينة قراصنة!
قال القبطان صالح: لقد حصلت لنا طرائف من قبل صيادي القوارب الماليزية حيث اعتقدوا بأن الجوهرة سفينة قراصنة البحر ولم يقتربوا منها وكلما اقتربنا منهم هربوا وحاولنا ان نخبرهم بأننا سفراء عُمان على جوهرة مسقط ولكن للأسف لم تسعفنا اللغة في ان نصل اليهم وظلوا كلما اقتربت السفينة من قواربهم يهربون منها ولكن في الأخير استطعنا ان نخبرهم.
* جوهرة مسقط في سنغافورة
غادرت في 26 يونيو الفائت جوهرة مسقط السواحل الماليزية متجهة الى محطتها الأخيرة سنغافورة واستغرقت رحلتها ما بين أربعة إلى ستة أيام وفق الأحوال الجوية وقطعت خلالها 230 ميلا بحريا تقريبا.
وقال القبطان صالح الجابري: تمت خياطة الأشرعة السعفية ودهن جسم السفينة بالدهان (الصل) وتغيير بعض الحبال المتقطعة ودهنها بالصل لتقويتها بالإضافة الى تعديل حبال السواري استعداداً للرحلة الأخيرة.
وأضاف الجابري حينها: إن المحطة الأخيرة للسفينة من أصعب المحطات نظرا لكثرة السفن التجارية القادمة من شرق آسيا بالإضافة الى سفن الصيد البحري وضيق خليج ملقا وكثرة الزوابع الهوائية وتقلب الرياح من حين الى آخر مما يجعل السفينة معرضة للانحراف يمينا وشمالا.
وأضاف: وصول جوهرة مسقط الى محطتها الأخيرة من الرحلة التي قطعت خلالها قرابة 3700 ميل بحري يعد لحظة تاريخية ينتظرها الشعبان العماني والسنغافوري وهو نجاح لبلادنا الحبيبة لتسجل في التاريخ الحديث قدرة العمانيين على الإبحار والسير على خطى الأجداد.
وقال: خلال هذه الرحلة كان علم السلطنة يرفرف على سارية الجوهرة من المحيط الهندي مروراً بخليج البنغال وخليج ملقا أمام السفن التجارية العالمية العملاقة وهي تعبر البحار بمحركاتها الحديثة فيما تمخر الجوهرة عباب البحار والمحيطات حاملة رسالة المحبة والسلام الى بلد صديقة تربطها علاقات اقتصادية وتجارية وسياسية مع السلطنة، مؤكدا الجابري أن وصول الجوهرة إلى سنغافورة يزيد من العلاقات العمانية السنغافورية متانةً لاسيما وأن الجوهرة ستكون هدية للحكومة السنغافورية وستوضع في المتحف السنغافوري الوطني.
* شكراً لـ"الشبيبة"وفي ختام كلامه توجه القبطان صالح الجابري بالشكر والتقدير لـ"الشبيبة" على تواصلها الدائم من خلال تغطيتها المستمرة لمراحل الرحلة، وهي همزة وصل بيننا وبين أهلنا في السلطنة وذلك من خلال الحوارات التي تقوم بها في نقل آراء أهلنا وتواصلهم معنا عبر صفحاتها.
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions