لندن - يسري حسين
تشهد قاعات وزارة الخارجية البريطانية حالة من نشاط بارز في ظل وجود التحالف بين المحافظين والحزب الليبرالي، الذي كان له أكبر الأثر في بلورة خيارات جديدة تخرج عن النطاق التقليدي الذي ميز التيار المحافظ، سواء أكان في الحكم أو المعارضة .
وتحدث خبراء في السياسة البريطانية لـ (ش) بأن التحالف الجديد الذي لم يحدث منذ نصف قرن، جاءت معه متغيرات مهمة وواضحة بخاصة على جبهة السياسة الخارجية ومحاولة نهج خطوات تعتمد على تعاون وثيق مع العالم العربي، خصوصاً مجموعة الدول الخليجية لتطوير الأداء وتبادل الخبرات والمنافع.
حزب الديمقراطيين الأحرار الذي ظل في المعارضة لفترات طويلة تتجاوز النصف قرن، وقف دائماً مع سياسة معتدلة تحض على حل قضية الشرق الأوسط برفض الاحتلال والإجراءات التي تعتمد عليه.
وكان زعماء الحزب دائماً الأقرب إلى العالم العربي، وقد اعتاد زعيم سابق له هو اللورد ديفيد ستيل حضور المناسبات العربية في لندن والوقوف في البرلمان مع حل عادل في القضية الفلسطينية، وسار على نهجه السير منزيس كامبل الذي تولى الزعامة في مرحلة دقيقة من تاريخ الحزب.
وقبل دخوله الانتخابات العامة الأخيرة ألقى نك كليج زعيم الحزب كلمة في تجمع عربي في بريطانيا حضرته (ش) أكد فيه التزامه بتسوية للقضية الفلسطينية، تقوم على حدود العام 1967 قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية العربية في هذه السنة، واحتلال إسرائيل لإراض عربية ومازالت تصر على الاحتفاظ ببعضها وتغيير هويتها، كما يحدث الآن في القدس والضفة الغربية . ونك كليج يشغل حالياً منصب نائب رئيس الوزراء في حكومة ديفيد كاميرون .
منذ دخول حزب الأحرار في حكومة مع المحافظين، وهناك رؤية جديدة للسياسة الخارجية البريطانية تخرج من النطاق التقليدي الذي وقفت فيه خلال سنوات طويلة مع تجاهل المنطقة لصالح دور أمريكي يتحرك بمفرده، وتبدو منه مساندة مع انحياز لمواقف إسرائيل .
التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية البريطاني وليم هيج في لقاء مع نظيره الأردني ناصر جودة في لندن، يترجم هذه المحاور بشكل واضح، إذ يناصر تسوية سلمية تعتمد على حدود العام 1967، ودعوة لحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وبقاء الالتزام بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة بجوار الأخرى الإسرائيلية مع المحافظة على القدس عاصمة للدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.
هذا الموقف يدعمه وليم هيج الذي تخوفت بعض الدوائر العربية في لندن مع توليه حقيبة الخارجية لمواقف سابقة له، تكشف ميله إلى إسرائيل مع رغبة واضحة في الانحياز للتيار اليميني التقليدي داخل تيار حزبه .
لكن ما حدث للحزب المحافظ خلال سنوات المعارضة أجبرته للتحرر من الكثير من أفكاره القديمة التي أبعدت الناخبين عنه خلال 13 عاماً من عمره في قلب صفوف المعارضة الباردة.
وقد اضطر الحزب المحافظ التحالف مع خصم ليبرالي، كان ضده على طول الخط، هذا التحالف يفرض تنازلات وإعادة هيكلة لمجمل السياسات الداخلية والخارجية.
يضغط الأحرار على سياسة فاعلة مع العالم العربي والمجموعة الخليجية، بخاصة وأن الأزمة الاقتصادية الضارية تفرض سياسة خارجية تقوم على تنمية المصالح . وبريطانيا مصالحها مع عالم عربي تصدر له بالمليارات وتستقبل أعدادا هائلة من السائحين العرب، بخاصة من منطقة الخليج خلال فصل الصيف.