* إن قوة ومنعة النظام الإقليمي أو ضعفه هما نتيجة لحجم الإرادة السياسية التي يقررها الأعضاء للعمل تحت مظلة النظام.
القمة الخماسية التي استضافتها العاصمة الليبية طرابلس، بحضور رؤساء مصر حسني مبارك وليبيا العقيد معمر القذافي واليمن علي عبدالله صالح والعراق جلال طالباني وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بمشاركة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.. لم تخرج بما كان يؤمل لها في ليبيا واليمن قبيل انعقادها.
فشل اللقاء الخماسي، على مستوى القمة، في الخروج بموقف موحد من عملية تطوير العمل العربي المشترك، بسبب انقسام المشاركين بين مؤيد لتسريع إقامة "اتحاد عربي" وبين مؤيد لإرجاء البحث في إقامة هذا الاتحاد والإبقاء على جامعة الدول العربية، مع إجراء تغيير في أجهزتها وآلياتها التنفيذية.
الجديد.. بل الأمر الذي يحدث ربما لأول مرة في مثل هذه الاجتماعات على مستوى القمة، أن يعترف بيانها الختامي بانقسام رؤى القادة المشاركين حيال القضايا محل البحث، وأهمها تطوير جامعة الدول العربية والأجهزة الرئيسية التابعة لها. خاصة بعدما اتضح من النقاش الذي دار حول هذا الموضوع داخل أروقة قمة طرابلس وجود وجهتي نظر، تهدف الأولى إلى إحداث تعديل جذري وشامل وبوتيرة سريعة لإقامة اتحاد عربي والاتفاق على ميثاق جديد تنفذ عناصره في إطار زمني محدد. وتتبنى الثانية منهج التطوير التدريجي والإبقاء على مسمى الجامعة العربية في المرحلة الحالية وإرجاء بحث إقامة الاتحاد في أعقاب تنفيذ خطوات التطوير المطلوبة وتقييمها.
لسنا بصدد تقييم ما خرج به الاجتماع الخماسي بطرابلس، وهو الاجتماع الذي استهدف بحث إنشاء الاتحاد العربي وتطوير منظومة العمل العربي المشترك. فطبيعي ان يتفق، أو هكذا يعلن قادة الدول الخمس الذين شاركوا في القمة أن اجتماعهم شهد أجواءً ايجابية وتوافقاً ملموساً حول المضي قدماً فى عملية منهجية جادة تسمح بتحقيق تطوير عملي ومتكامل لمنظومة العمل العربي.
ولكن الأهم من هذا.. هو البحث فى تفسيرات جادة لمدى التباين الذي خرجت به القمة بغض النظر عما أعلن بأن نتائجها مهمة ومحورية لتطوير هذه المنظومة. فوجهة النظر التي يبدو أنها تغلبت على قمة طرابلس هى الإبقاء على الجامعة العربية وآلياتها وأجهزتها التنفيذية بما يحقق المرونة والفاعلية المطلوبين لتنفيذ خطط وبرامج التعاون بين الدول العربية.. خاصة ما يتعلق بالمشاريع الضخمة التي تمس حياة المواطن العربي بشكل مباشر. فالجامعة منظمة سياسية أكثر منها اقتصادية واجتماعية وثقافية، رغم انه ينبثق عنها مجالس لهذه المجالات. والجامعة أيضا ليست مثل مجلس التعاون الخليجي الذي يحمل بين أهدافه تحسين حياة المواطن الخليجي بصورة مباشرة وصولا الى المواطنة الخليجية. مثل إلغاء التأشيرة وحق التملك والانتفاع وإقامة المشروعات فى أية دولة عضو وصولاً الى العملة الخليجية الموحدة، فالبنك المركزي الخليجي، فالمشروعات الوحدوية التنموية مثل شبكات الكهرباء والمياه والسكك الحديدية. هذا على غرار الاتحاد الأوروبي بتأشيرته الموحدة (الشنجن) وعملته الموحدة (اليورو) ومواقفه السياسية والاقتصادية الموحدة وصولا الى المواطن الأوروبي الذي يتنقل بحرية داخل كافة حدود الاتحاد الأوروبي.
وفي إطار الاقتراح الغالب فى قمة طرابلس، وهو ما نصفه بالاقتراح المضاد لمبادرة إنشاء الاتحاد العربي، فثمة توصية بان يتحول المجلس الاقتصادي والاجتماعي الى مجلس تنفيذي على مستوى رؤساء الحكومات أو من في حكمهم. ويتولي هذا المجلس الإشراف على تنفيذ قرارات القمة العربية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، ويتوازى مع هذه التوصية توصية أخرى بأن يتم تحويل الأمناء العامين المساعدين للجامعة الى مفوضين يشرف كل منهم على قطاع او قطاعات محددة من نشاطات العمل العربي المشترك. وهذا بهدف تعزيز التواصل والتنسيق بين كل أجهزة وآليات المنظومة العربية .
ونخلص من هذا الاقتراح (الغالب) بأن الهدف منه هو الإبقاء على منظومة الجامعة العربية مع تحوير مؤسساتها وأجهزتها الى أطر تنفيذية، من دون التحول الى (الاتحاد العربي) على غرار الاتحاد الأوروبي او مجلس التعاون الخليجي.وحتى مع موعد إعادة مناقشة المبادرة اليمنية في القمة الاستثنائية العربية المقرر عقدها في موعد غايته شهر أكتوبر المقبل، لا نتوقع نجاح هذه المبادرة. لأن ثمة مبدأ تقره دراسات النظم الإقليمية، يرى أن قوة ومنعة النظام الإقليمي أو ضعفه هما نتيجة لحجم الإرادة السياسية التي يقررها الأعضاء للعمل تحت مظلة النظام، وأنه تبعا لحجم السيادة التي يتنازل عنها الأعضاء لصالح المؤسسة التي تمثل النظام الإقليمي ككل يكون النظام قادرا أو غير قادر على إدارة شؤونه الجماعية.
إن المسألة، أولاً وأخيراً، تتعلق بالإرادة السياسية الكلية سواء في اتخاذ القرار أو في الالتزام به. وفي كل الأحوال لا بد أن هناك ثمنا تدفعه الدولة العضو وثمنا يدفعه النظام ككل من أجل أن يحقق أهدافه وتطلعاته، والتي هي أهداف الأعضاء أنفسهم.
وإذا طبقنا هذا المبدأ على ارض الواقع، نراه ينطبق على مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، حيث تراجعت سيادة الدولة الى مصلحة الاتحاد الأم والجماعة الكبيرة مقابل التخلي عن بعض مصالح الجماعة الصغيرة -الدولة- مع الالتزام بأهداف وتطلعات هذه الجماعة الكبيرة.
والعكس صحيح إذا طبقنا المبدأ على فكرة الجامعة العربية او مشروع إنشاء الاتحاد العربي المقترح، فنرى غياب الإرادة الجماعية العربية، حيث إن هذا يعد السبب الرئيسي في تراجع العرب وتدهور مكانتهم وفي محدودية تأثير الجامعة العربية التي تمثلهم وتعبر عن هويتهم وثقافتهم ودورهم علي الصعيدين الإقليمي والدولي.
لذلك فإن أية محاولة لتفعيل الجامعة العربية، أو مجمل منظومة العمل العربي المشترك دون أن يصاحبها معالجة فعالة لهذا الخلل الأصيل المتمثل في غياب الإرادة العربية الجماعية، سيظل جهدا ضائعا، ما لم يستتبعه اقتناع كل دولة بالتخلي عن مصالحها الذاتية مقابل التمسك بمصلحة الجماعة الكبيرة او الاتحاد المرجو إنشاؤه.
ولكن هذا يمنع القول بأن المبادرة اليمنية إذا تحدثنا عن مضمونها السياسي، أنها وضعت جملة من الأسس والمعايير والمنطلقات التي يمكن من خلالها الوصول الى الأهداف المنشودة في وحدة الصف وتوحيد الموقف وتعزيز التضامن العربي.. وذلك عبر التأسيس لاستراتيجية سياسية واقتصادية ودفاعية وأمنية واجتماعية شاملة، تنطلق من مبادئ راسخة وثابتة، وتستند -نظريا وليس عمليا- إلى كون الأمة العربية قادرة على إعادة تنظيم وتنسيق وتوحيد قدراتها وإمكاناتها لتحقيق التكامل السياسي والاقتصادي العربي الشامل.كاتب ومحلل سياسي بحريني amurshed2030@gmail.com
القمة الخماسية التي استضافتها العاصمة الليبية طرابلس، بحضور رؤساء مصر حسني مبارك وليبيا العقيد معمر القذافي واليمن علي عبدالله صالح والعراق جلال طالباني وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بمشاركة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى.. لم تخرج بما كان يؤمل لها في ليبيا واليمن قبيل انعقادها.
فشل اللقاء الخماسي، على مستوى القمة، في الخروج بموقف موحد من عملية تطوير العمل العربي المشترك، بسبب انقسام المشاركين بين مؤيد لتسريع إقامة "اتحاد عربي" وبين مؤيد لإرجاء البحث في إقامة هذا الاتحاد والإبقاء على جامعة الدول العربية، مع إجراء تغيير في أجهزتها وآلياتها التنفيذية.
الجديد.. بل الأمر الذي يحدث ربما لأول مرة في مثل هذه الاجتماعات على مستوى القمة، أن يعترف بيانها الختامي بانقسام رؤى القادة المشاركين حيال القضايا محل البحث، وأهمها تطوير جامعة الدول العربية والأجهزة الرئيسية التابعة لها. خاصة بعدما اتضح من النقاش الذي دار حول هذا الموضوع داخل أروقة قمة طرابلس وجود وجهتي نظر، تهدف الأولى إلى إحداث تعديل جذري وشامل وبوتيرة سريعة لإقامة اتحاد عربي والاتفاق على ميثاق جديد تنفذ عناصره في إطار زمني محدد. وتتبنى الثانية منهج التطوير التدريجي والإبقاء على مسمى الجامعة العربية في المرحلة الحالية وإرجاء بحث إقامة الاتحاد في أعقاب تنفيذ خطوات التطوير المطلوبة وتقييمها.
لسنا بصدد تقييم ما خرج به الاجتماع الخماسي بطرابلس، وهو الاجتماع الذي استهدف بحث إنشاء الاتحاد العربي وتطوير منظومة العمل العربي المشترك. فطبيعي ان يتفق، أو هكذا يعلن قادة الدول الخمس الذين شاركوا في القمة أن اجتماعهم شهد أجواءً ايجابية وتوافقاً ملموساً حول المضي قدماً فى عملية منهجية جادة تسمح بتحقيق تطوير عملي ومتكامل لمنظومة العمل العربي.
ولكن الأهم من هذا.. هو البحث فى تفسيرات جادة لمدى التباين الذي خرجت به القمة بغض النظر عما أعلن بأن نتائجها مهمة ومحورية لتطوير هذه المنظومة. فوجهة النظر التي يبدو أنها تغلبت على قمة طرابلس هى الإبقاء على الجامعة العربية وآلياتها وأجهزتها التنفيذية بما يحقق المرونة والفاعلية المطلوبين لتنفيذ خطط وبرامج التعاون بين الدول العربية.. خاصة ما يتعلق بالمشاريع الضخمة التي تمس حياة المواطن العربي بشكل مباشر. فالجامعة منظمة سياسية أكثر منها اقتصادية واجتماعية وثقافية، رغم انه ينبثق عنها مجالس لهذه المجالات. والجامعة أيضا ليست مثل مجلس التعاون الخليجي الذي يحمل بين أهدافه تحسين حياة المواطن الخليجي بصورة مباشرة وصولا الى المواطنة الخليجية. مثل إلغاء التأشيرة وحق التملك والانتفاع وإقامة المشروعات فى أية دولة عضو وصولاً الى العملة الخليجية الموحدة، فالبنك المركزي الخليجي، فالمشروعات الوحدوية التنموية مثل شبكات الكهرباء والمياه والسكك الحديدية. هذا على غرار الاتحاد الأوروبي بتأشيرته الموحدة (الشنجن) وعملته الموحدة (اليورو) ومواقفه السياسية والاقتصادية الموحدة وصولا الى المواطن الأوروبي الذي يتنقل بحرية داخل كافة حدود الاتحاد الأوروبي.
وفي إطار الاقتراح الغالب فى قمة طرابلس، وهو ما نصفه بالاقتراح المضاد لمبادرة إنشاء الاتحاد العربي، فثمة توصية بان يتحول المجلس الاقتصادي والاجتماعي الى مجلس تنفيذي على مستوى رؤساء الحكومات أو من في حكمهم. ويتولي هذا المجلس الإشراف على تنفيذ قرارات القمة العربية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، ويتوازى مع هذه التوصية توصية أخرى بأن يتم تحويل الأمناء العامين المساعدين للجامعة الى مفوضين يشرف كل منهم على قطاع او قطاعات محددة من نشاطات العمل العربي المشترك. وهذا بهدف تعزيز التواصل والتنسيق بين كل أجهزة وآليات المنظومة العربية .
ونخلص من هذا الاقتراح (الغالب) بأن الهدف منه هو الإبقاء على منظومة الجامعة العربية مع تحوير مؤسساتها وأجهزتها الى أطر تنفيذية، من دون التحول الى (الاتحاد العربي) على غرار الاتحاد الأوروبي او مجلس التعاون الخليجي.وحتى مع موعد إعادة مناقشة المبادرة اليمنية في القمة الاستثنائية العربية المقرر عقدها في موعد غايته شهر أكتوبر المقبل، لا نتوقع نجاح هذه المبادرة. لأن ثمة مبدأ تقره دراسات النظم الإقليمية، يرى أن قوة ومنعة النظام الإقليمي أو ضعفه هما نتيجة لحجم الإرادة السياسية التي يقررها الأعضاء للعمل تحت مظلة النظام، وأنه تبعا لحجم السيادة التي يتنازل عنها الأعضاء لصالح المؤسسة التي تمثل النظام الإقليمي ككل يكون النظام قادرا أو غير قادر على إدارة شؤونه الجماعية.
إن المسألة، أولاً وأخيراً، تتعلق بالإرادة السياسية الكلية سواء في اتخاذ القرار أو في الالتزام به. وفي كل الأحوال لا بد أن هناك ثمنا تدفعه الدولة العضو وثمنا يدفعه النظام ككل من أجل أن يحقق أهدافه وتطلعاته، والتي هي أهداف الأعضاء أنفسهم.
وإذا طبقنا هذا المبدأ على ارض الواقع، نراه ينطبق على مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، حيث تراجعت سيادة الدولة الى مصلحة الاتحاد الأم والجماعة الكبيرة مقابل التخلي عن بعض مصالح الجماعة الصغيرة -الدولة- مع الالتزام بأهداف وتطلعات هذه الجماعة الكبيرة.
والعكس صحيح إذا طبقنا المبدأ على فكرة الجامعة العربية او مشروع إنشاء الاتحاد العربي المقترح، فنرى غياب الإرادة الجماعية العربية، حيث إن هذا يعد السبب الرئيسي في تراجع العرب وتدهور مكانتهم وفي محدودية تأثير الجامعة العربية التي تمثلهم وتعبر عن هويتهم وثقافتهم ودورهم علي الصعيدين الإقليمي والدولي.
لذلك فإن أية محاولة لتفعيل الجامعة العربية، أو مجمل منظومة العمل العربي المشترك دون أن يصاحبها معالجة فعالة لهذا الخلل الأصيل المتمثل في غياب الإرادة العربية الجماعية، سيظل جهدا ضائعا، ما لم يستتبعه اقتناع كل دولة بالتخلي عن مصالحها الذاتية مقابل التمسك بمصلحة الجماعة الكبيرة او الاتحاد المرجو إنشاؤه.
ولكن هذا يمنع القول بأن المبادرة اليمنية إذا تحدثنا عن مضمونها السياسي، أنها وضعت جملة من الأسس والمعايير والمنطلقات التي يمكن من خلالها الوصول الى الأهداف المنشودة في وحدة الصف وتوحيد الموقف وتعزيز التضامن العربي.. وذلك عبر التأسيس لاستراتيجية سياسية واقتصادية ودفاعية وأمنية واجتماعية شاملة، تنطلق من مبادئ راسخة وثابتة، وتستند -نظريا وليس عمليا- إلى كون الأمة العربية قادرة على إعادة تنظيم وتنسيق وتوحيد قدراتها وإمكاناتها لتحقيق التكامل السياسي والاقتصادي العربي الشامل.كاتب ومحلل سياسي بحريني amurshed2030@gmail.com
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions