بقلم - عيسى بن محمد الزدجالي

بمناسبة وصول جوهرة مسقط إلى ميناء "كيبل بية" بسنغافورة أصدر "بريد عمان" طابعاً تذكاريا يحتوي على خط سير السفينة التي تحمل مآثر الأجـداد وعبق الأمجـــاد وروح الصــداقة والتعاون والسلام مع شعوب العالم. حقا تأتي تلك الرحلة لتسجل أمجادا، وأمجاد عاشها ويعيشها "عماننا" الحبيب في ظل القيادة الحكيمة لباني النهضة المباركة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه-.تتمة وجهة نظر

"الجوهرة" ورحلتها التاريخية لن تظل محفورة في "طابع البريد" فقط وإنما هي طبعت وبكل الصور والأشكال على قلوب كل عماني على هذه الأرض الطيبة بل على كل عربي أو أجنبي يعيش على تراب بلادنا؛ لأنها ستظل في الأذهان صورة من صور المثابرة وإحياء للتراث فهي مثار فخر وعزة بكل المقاييس.

وخلال أيام متواصلة كان الشارع والبيت العماني يتابع بشغف أنباء الباخرة الميمونة من خلال وسائل الإعلام المختلفة والتي عاشت معها لحظة بلحظة منذ الخروج من مسقط تحوطها الدعوات المخلصة من كل صوب وحدب لتكمل رحلتها من خلال القيادة الرصينة لطاقمها، والذين تعرضوا لبعض الصعوبات من خلال الأجواء المصاحبة ولكن إرادتهم القوية كانت هي العامل والحافز والملهم دائما، ولعبوا دورا كبيرا في الوصول بسلامة.

وسوف يسجل دورهم لأنهم بالفعل قد دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، لأن الرحلة لم تكن أبدا سهلة وإنما الإرادة والعزيمة للسواعد العمانية هي التي استطاعت أن تجعل الصعب يسيرا .. تلك صورة من الصور التي نطالب شبابنا ليس في السلطنة فقط إنما في العالم العربي بأسره أن ترتسم في أذهانهم حتى تكون مثالا حيا لهم يقتدى به في كل الأحوال ..إن ماقام به رجال "الجوهرة" سيظل مرسوما على الصدور..لإنه يجسد قدرة الإنسان العربي على الوصول إلى القمم بكل عزيمة وقوة.

إنهم مجموعة من المواطنين الأشداء نشد على أياديهم وقبل أن يدخلوا التاريخ فقد دخلوا قلوب المواطنين بتحملهم للصعاب ومثابرتهم على كل الأجواء المصاحبة للرحلة الطويلة، وحتى وصولها إلى محطتها الأخيرة لتسليم الهدية الغالية من جلالة السلطان قابوس المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى حكومة وشعب سنغافورة الشقيق وسط أجواء احتفالية مبهرة ومتابعة شعبية من كل مكان في السلطنة لذلك الحدث المهم.

وتأتي كلمة صاحب السمو السيد حارب بن ثويني آل سعيد ممثل جلالة السلطان خلال حفل استقبال "جوهرة مسقط" في ميناء كابيل لتعبر عن أهمية الحدث، والتي عبر فيها سموه عن شكره لفخامة الرئيس السنغافوري على مشاعره الطيبة وللحكومة والشعب السنغافوري الصديق على دفء الاستقبال وحفاوة الكرم والضيافة. ولاننسى أيضا الكلمة الصادقة والمعبرة عن عمق العلاقات التاريخية وتأصلها التي ألقاها الرئيس السنغافوري سيلابان راما ناثان وجاءت معانيها راسخة وقوية بخاصة ماجاء منها معبرا عن الدور المحوري في إرساء دعائم الصداقة مع دول العالم في تاريخها. والتي أشار فيها فخامته عن الطرق البحرية الممتدة من شبه الجزيرة العربية إلى الصين، ولقرون عدة، تُعد أطول الطرق التجارية في العالم. وإن لـ"عُمان" التي تقع على نهاية هذا الطريق، الفضل في صنع البحارة والملاحين الذين جابوا هذا الطريق البحري.

*تلك الكلمات التي تصدر من فخامة الرئيس وجاءت في مناسبة غالية على النفوس العمانية والسنغافورية لابد وأن تغرس في عقول أطفالنا وأبنائنا حتى يدركوا وبصدق العزيمة والقوة العربية ويعرفوا تاريخ بلادهم عن حق تلك الدروس الحقيقة التي علينا غرسها في أجيالنا سواء الحالية أو المقبلة .. حقا ما أجمل التاريخ المشرف و"الجوهرة" تاريخ مشرف للبحارة العمانية وبالفعل تعيد الأمجاد وما أحوج أجيالنا الحالية للتذكير المستمر بأمجادنا حتى يعلموا أن الحياة لها الكثير من المقاصد منها إحياء التراث، وهو ما جسدته "السفينة وأبطالها " وأن الحياة ليست "الفيسبوك" أو "غرف الدردشة " على النت أو "البلاي ستيشن".

واليوم .. وبعد عودة طاقم الباخرة الأبطال إلى البلاد بعد رحلتهم التاريخية والتي استغرقت مايقرب من خمسة أشهر تقريبا منذ أن انطلقت من ميناء السلطان قابوس في 16 فبراير الفائت ومرت بالعديد من الدول الصديقة (الهند وسريلانكا وماليزيا) حتى وصلت إلى المحطة الأخيرة في 2 يوليو الجاري .. يا أبطال الجوهرة ..تحية لكم بَل ألف تحية.

*حقا نقولها وبكل فخر .."جوهرة مسقط" .. تستحق أكثر من "طابع بريد" ..أنت مطبوعة وبحروف من نور في قلوب كل العمانيين بل قلوب كل العرب.