انه الهدوء المريب.
هدوء ما بعد المقتلة. الاطمئنان الى انتظام العالم في ثقافة الصمت. إعطاء الأولوية للموت. اعتبار العالم ملكاً أميركياً والاكتفاء بفتات الكرم الأميركي.
انه الهدوء المريب.
الولايات المتحدة في العراق. العراق وأفغانستان ملبدان بالنفط. أفغانستان مساحة متروكة لطالبان حديثي النعمة، والعالم ينسحب من المشهد ويتقمص شخصية الغائب.
انه الهدوء المريب.
لم يحص أحد عدد القتلى في أفغانستان. من قال بالمئات؟
من أحصى الألوف؟ هل تعدى عشرات الآلاف؟ لم يحتفل أحد بالبكاء على العراق. من يعرف عدد القتلى؟ من يستدل الى المقابر الجماعية الجديدة؟ من يتعرف الى متسوِّلي اللحظة؟
من يكلف نفسه ويبحث عن أخ وأخت ورضيع وأم وآباء تاهوا في ما بين عراء وفضاء؟
انه الهدوء المريب.
أوروبا تسترشد رجولتها السياسية وتدجن أجنحتها. روسيا تلمس المبرد. الصين في سبات مقصود ومتعمد. افريقيا! من يتذكر اسمها؟ العرب!!! يا الله... دُلَّنا على صوتٍ لهم. لعلهم صدقوا انهم مع المنتصر الأميركي، فمالوا بنعالهم حذواً، وباتوا على وعدٍ بعفو أميركي.
انه الهدوء المريب.
الشوارع فارغة من الصدور المشرعة. الأرصفة أمكنة لأقدام بلا أحلام. والنواحي متعبة من فقدان الذاكرة.
كأن العالم انفض من أمكنته بعد جنازة العراق. كأنه صدَّق أن الوثن الأميركي لا مفر منه. كأنه خرّ على ضميره، طالباً الصفح لإيمان عظيم ونقي ارتكبه عشية المذبحة.
انه الهدوء المريب.
هل قبل العالم أن يتحول الى عتبة يعبره الأميركي ذهاباً وإياباً؟ هل وافق عل صك العجز وبادر الى ممارسة الطاعة؟ أم أن الأمم المتحدة والشعوب استقرت في الخوف من البطش البربري، للطالبان الأميركيين؟ أهكذا ينتهي العالم؟
انه الهدوء المريب.
لا أحد يصدق أننا في ضيافة الموت. الإنسانية ليست في الإقامة الجبرية. المقصلة الأميركية ليست شديدة الذكاء. إننا في محنة نترنح فيها ولا نسقط. نملك أن نقول للموت كلاماً رصيناً: سننجب الأفق. ومن كان الأفق رهن ولاداته، رأى في قبضته امتداداً للتاريخ. ألم يكن التاريخ احتفالاً بين ولادة تنتصر، وموت ينهزم؟
لم هذا الهدوء المريب؟
أميركا انتصرت؟ طبعاً أو ربما، شبّه لها ولنا كذلك، إلا أن من واجب المغلوب ألا ينهزم. أن يتشبث بالإنسان الرائع الذي يختزنه جسده، أن يحافظ على أمثولة الأرض ويعتقدها إيمانا بلا هوادة، أن يلقي على عاتقه مهمة أن يكون حراً، أن يكون محكوماً الى الأبد بالحرية.
لم كل هذا الهدوء المريب؟
يلزم ألا نصدق أن العراق مات، وأن فلسطين في هدنة مع القتلة. أن أياماً ناصعة ستولد، وتضع حداً للتاريخ الأميركي. وستعود القبضة الى سمائها، والطلقة الى هدفها. فقاعدة التاريخ ترسخ ما شاب من زمان، إن المقاومة هي البنت الشرعية الرائعة للاحتلال.
من أين يبدأ الكلام؟
غداً ينتهي الصمت. يفيق العالم فيرى أن الرغيف حلال ومشاع، وأن الكرامة سحابة من سماء تلفح جبهته، وأن الوطن ليس عتبة لأقدام الطغاة والمرتزقة، والاحتلال.
يبدأ الكلام، عندما تعود اللغة الحقيقية الى نصاب نصها القويم، والقوة الى ابتداع عبقرية الانتصار على الموت.
انه الهدوء المريب؟
إذاً... غداً يبدأ الوضوح، ويرى الأميركي أن انتصاره سيتكلل بالانهاك.
انهم لم يعدوا قتلى العراق...
ولكنهم بدأوا يعدون قتلاهم... كل يوم.
لم يعد هذا الهدوء مريباً... انه أول الضجيج.
--------------------------------------------------------
منقول
هدوء ما بعد المقتلة. الاطمئنان الى انتظام العالم في ثقافة الصمت. إعطاء الأولوية للموت. اعتبار العالم ملكاً أميركياً والاكتفاء بفتات الكرم الأميركي.
انه الهدوء المريب.
الولايات المتحدة في العراق. العراق وأفغانستان ملبدان بالنفط. أفغانستان مساحة متروكة لطالبان حديثي النعمة، والعالم ينسحب من المشهد ويتقمص شخصية الغائب.
انه الهدوء المريب.
لم يحص أحد عدد القتلى في أفغانستان. من قال بالمئات؟
من أحصى الألوف؟ هل تعدى عشرات الآلاف؟ لم يحتفل أحد بالبكاء على العراق. من يعرف عدد القتلى؟ من يستدل الى المقابر الجماعية الجديدة؟ من يتعرف الى متسوِّلي اللحظة؟
من يكلف نفسه ويبحث عن أخ وأخت ورضيع وأم وآباء تاهوا في ما بين عراء وفضاء؟
انه الهدوء المريب.
أوروبا تسترشد رجولتها السياسية وتدجن أجنحتها. روسيا تلمس المبرد. الصين في سبات مقصود ومتعمد. افريقيا! من يتذكر اسمها؟ العرب!!! يا الله... دُلَّنا على صوتٍ لهم. لعلهم صدقوا انهم مع المنتصر الأميركي، فمالوا بنعالهم حذواً، وباتوا على وعدٍ بعفو أميركي.
انه الهدوء المريب.
الشوارع فارغة من الصدور المشرعة. الأرصفة أمكنة لأقدام بلا أحلام. والنواحي متعبة من فقدان الذاكرة.
كأن العالم انفض من أمكنته بعد جنازة العراق. كأنه صدَّق أن الوثن الأميركي لا مفر منه. كأنه خرّ على ضميره، طالباً الصفح لإيمان عظيم ونقي ارتكبه عشية المذبحة.
انه الهدوء المريب.
هل قبل العالم أن يتحول الى عتبة يعبره الأميركي ذهاباً وإياباً؟ هل وافق عل صك العجز وبادر الى ممارسة الطاعة؟ أم أن الأمم المتحدة والشعوب استقرت في الخوف من البطش البربري، للطالبان الأميركيين؟ أهكذا ينتهي العالم؟
انه الهدوء المريب.
لا أحد يصدق أننا في ضيافة الموت. الإنسانية ليست في الإقامة الجبرية. المقصلة الأميركية ليست شديدة الذكاء. إننا في محنة نترنح فيها ولا نسقط. نملك أن نقول للموت كلاماً رصيناً: سننجب الأفق. ومن كان الأفق رهن ولاداته، رأى في قبضته امتداداً للتاريخ. ألم يكن التاريخ احتفالاً بين ولادة تنتصر، وموت ينهزم؟
لم هذا الهدوء المريب؟
أميركا انتصرت؟ طبعاً أو ربما، شبّه لها ولنا كذلك، إلا أن من واجب المغلوب ألا ينهزم. أن يتشبث بالإنسان الرائع الذي يختزنه جسده، أن يحافظ على أمثولة الأرض ويعتقدها إيمانا بلا هوادة، أن يلقي على عاتقه مهمة أن يكون حراً، أن يكون محكوماً الى الأبد بالحرية.
لم كل هذا الهدوء المريب؟
يلزم ألا نصدق أن العراق مات، وأن فلسطين في هدنة مع القتلة. أن أياماً ناصعة ستولد، وتضع حداً للتاريخ الأميركي. وستعود القبضة الى سمائها، والطلقة الى هدفها. فقاعدة التاريخ ترسخ ما شاب من زمان، إن المقاومة هي البنت الشرعية الرائعة للاحتلال.
من أين يبدأ الكلام؟
غداً ينتهي الصمت. يفيق العالم فيرى أن الرغيف حلال ومشاع، وأن الكرامة سحابة من سماء تلفح جبهته، وأن الوطن ليس عتبة لأقدام الطغاة والمرتزقة، والاحتلال.
يبدأ الكلام، عندما تعود اللغة الحقيقية الى نصاب نصها القويم، والقوة الى ابتداع عبقرية الانتصار على الموت.
انه الهدوء المريب؟
إذاً... غداً يبدأ الوضوح، ويرى الأميركي أن انتصاره سيتكلل بالانهاك.
انهم لم يعدوا قتلى العراق...
ولكنهم بدأوا يعدون قتلاهم... كل يوم.
لم يعد هذا الهدوء مريباً... انه أول الضجيج.
--------------------------------------------------------
منقول