" عفريت " الطائفية في إسرائيل يستيقظ من جد

    • " عفريت " الطائفية في إسرائيل يستيقظ من جد

      * أدى الصراع بين الدين والدولة، وعدم تحديد أو الاتفاق على من هو اليهودي، إلى فوضى دينية، وإلى كراهية واحتقار لطوائف دينية يهودية خاصة بين الشرقيين والغربيين.

      غازي السعدي

      انتقلت الأصولية اليهودية-الإسرائيلية من الخفاء إلى العلن في أعقاب تعاظم سلطة ونفوذ اليهود المتدينين المتزمتين في إسرائيل، فمنذ إقامة إسرائيل، أخذت الحكومات المتعاقبة تخصص موازنات مالية، لمؤسسات الأحزاب الدينية، وشبكاتهم التعليمية، وجميع الحكومات الإسرائيلية الائتلافية لم تكن لترى النور دونهم، وهذا التعاظم أخذ شكلاً عنصرياً إرهابياً ضد المواطنين العرب داخل الخط الأخضر، ويجرّون الشارع الإسرائيلي إلى المزيد من العنصرية والتطرف، فقد كتبنا... وكتب غيرنا، وأكدنا أن لا فرق يذكر بين اليهودية والصهيونية، بل إن اليهودية هي الذراع الحقيقي لتجسيد الحلم الصهيوني بالدعوة إلى طرد العرب، وإقامة إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر، فاليهود المتدينون هم في طليعة الداعين إلى إقامة الاستيطان العقائدي والسيطرة على جميع الأراضي الفلسطينية، بزعمهم أن هذا ما جاء بأمر من كتابهم المقدس "التوراة"، وهؤلاء اليهود المتدينون المتزمتون منتشرون في كافة أنحاء إسرائيل، وبخاصة في القدس الغربية، ولهم أحياء خاصة بهم، مثل حي "مئة شعاريم"، و"حي هارنوف" المطل على أنقاض بلدة دير ياسين، وباتوا يشكلون الأغلبية بين يهود القدس، يرتدون الملابس السوداء، ويعتمرون القلنسوة - تكون في بعض الأحيان من الفرو- ويعيشون طبقاً لقوانين صارمة، وموروثات من العادات والمعتقدات البالية.

      لقد أدى الصراع بين الدين والدولة، وعدم تحديد أو الاتفاق على من هو اليهودي، إلى فوضى دينية، وإلى كراهية واحتقار لطوائف دينية يهودية خاصة بين الشرقيين والغربيين فان هذا التزمت والعنصرية-التي كانت في الأساس، وما زالت موجهة ضد المواطنين العرب- ارتدت عليهم، فقد تفجرت الأزمة وهذه العنصرية فيما بينهم هذه الأيام حين رفض أولياء الطلاب من اليهود الغربيين المتشددين "الاشكناز"في مستوطنة "عمنوئيل" في الضفة الغربية المحتلة- تعليم أبنائهم في مدرسة واحدة، مع طلاب يهود من الشرقيين، بدوافع عنصرية، وظهر "العفريت" الطائفي بين اليهود من جديد، مما يؤكد أن المجتمع الإسرائيلي مليء بالتناقض الحاد، سواء كان ذلك بين العلمانيين والمتدينين، أو بين الشرقيين والغربيين، حتى أن أزمة مدرسة "عمنوئيل" تفاقمت وتحولت إلى أزمة بين الدين والدولة.

      إن اليهود المتدينين، وبخاصة "الحراديم"، يريدون تطبيق الشريعة اليهودية على نظام الحكم في إسرائيل، ويرفضون قرارات القضاء المدني، والقوانين المدنية، لتكون الكلمة الأخيرة للحاخامات، هؤلاء الحاخامات الذين رفضوا قرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية إلزام الطلبة بالجلوس في مدارس مشتركة للطلاب الغربيين والشرقيين، فاستقبل المتدينون اليهود هذا القرار بمظاهرات احتجاجية كبيرة ضمت عشرات الألوف، اجتاحت جميع المدن الإسرائيلية، وبخاصة في القدس الغربية منددين بقرار المحكمة الذي اعتبروه غير شرعي وحقروه وشنوا حملات متجددة على محكمة العدل العليا، آخذين عليها التدخل بشؤونهم الداخلية.

      لقد هاجم حزب "يهدوت هتوراة"-التابع للمتزمتين الغربيين- الحكومة الإسرائيلية، مع أن هذا الحزب يشارك فيها، متهماً إياها بالضعف وتشجيع المحكمة بالتعرض لهم، محذرين من انفجار قنبلة موقوتة، من شأنها تحطيم جميع الإسرائيليين، الذين يواجهون مخاطر وجودية، في المقابل حملت أوساط علمانية على المتزمتين لتحقيرهم المحكمة العليا، متهمينهم بالتقوقع والتخلف لامتناعهم عن تدريس اللغات والعلوم والرياضيات في مدارسهم، فإن ما يجري في إسرائيل حالياً، بداية تصادم بين النظام الرسمي، وبين اليهود المتزمتين المتطرفين الذين يتمتعون بالضغط والتأثير، فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، قدمت تنازلات وموازنات متواصلة للمتدينين، حتى استطاعوا بناء حكم ذاتي في أجهزة تعليمهم، وينتهكون قوانين الدولة، فولاؤهم الأول للحاخامات وليس للقوانين وللمحاكم المدنية التي يعملون على تحقيرها وعدم احترام قراراتها، وهذا يفتح الباب أمام حرب أهلية يهودية، لولا وجود عدو عربي مشترك لهم جميعاً، علماً أن هؤلاء اليهود المتزمتين لا يخدمون في الجيش، وتخصص الموازنات الكبيرة لمدارسهم التي تبلغ نحو (2.5) مليار شيكل سنوياً، فهذه بداية التمرد الذي يندرج تحت راية حرب الثقافات، وتحويل إسرائيل إلى دولة تحكمها الشرائع الدينية اليهودية.

      إن المدارس الدينية اليهودية تربي طلابها على العنصرية والكراهية للعرب، ففي الأسبوع الفائت، كشف أن المدعو "حاييم بيرلمان"، الذي يدرس في المدرسة الدينية التي تحمل اسم "الفكر اليهودي"- وهو يهودي متزمت ومتطرف في الـ (31) من العمر- متورط بسلسلة عمليات ضد العرب وقتل أربعة فلسطينيين من القدس الشرقية، طعناً بالسكين، وطعن سبعة آخرين أصابهم بجروح، وسبق أن رفع العلم الإسرائيلي في المسجد الأقصى المبارك، وللدفاع عن نفسه من هذه الاتهامات زعم بأن المخابرات الإسرائيلية هي التي زودته بالمال ليقوم بعمليات ضد المواطنين العرب، ولاغتيال الشيخ رائد صلاح، ويبدو أن جهاز المخابرات متورط في هذه العمليات، إذ إن ما قام به من عمليات قتل حدثت منذ بضع سنوات، فلماذا لم يعتقل طيلة تلك المدة، وتم اعتقاله الآن؟

      إن النشاط الذي يبديه اليهود المتزمتون والفتاوى التي يطلقها حاخاماتهم ضد العرب، تثبت عنصريتهم وخلفيتهم الأصولية الإرهابية، فقد وزع حاخامات تل أبيب منشورات وملصقات يحذرون فيها أبناء جلدتهم من تأجير المنازل للعرب، "هآرتس 9/7/2010"، وللتذكير فإن باروخ جولدشتاين الذي قام بعملية الخليل وأطلق النار على المصلين وقتل العشرات، هو من المتدينين من كريات اربع، أما الحاخام "عوفاديا يوسف" الرئيس الروحي لحزب شاس، فقد وصف المسلمين ودينهم بالقبيح، وأفتى حاخامات مستوطنة يتسهار بإباحة قتل أطفال الفلسطينيين، وحاخام كريات اربع "دوف ليئور" شرّع قتل المدنيين الفلسطينيين، بينما هاجم الحاخام "يسرائيل بنحاس" الدين الإسلامي ووصفه بالمتخلف، والحاخام الأكبر السابق "مردخاي الياهو" أصدر فتوى تجيز لليهود قطف ثمار الزيتون عن أشجار الفلسطينيين، وهذا غيض من فيض.

      إننا أمام مجتمع عسكري- ديني متزمت، فإذا كانت العنصرية والحقد والكراهية بينهم وبين شرائحهم هكذا، فكيف سيكون بينهم وبيننا، ومع أن العالم أخذ يعي عدالة قضيتنا، وتراجع عن تأييده المطلق لهم، إلا أن ما ينقصنا هو اختراق المجتمع الغربي، وأن ننقل إليه فتاوى الحاخامات، وسياسة الفصل العنصري والعرقي، بالمصادر والوثائق، مع أن ما ينقصنا أكثر بكثير في مجالات مختلفة، وخاصة بيننا وبين أنفسنا.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions