23 يوليو 1970، أربعينية " صوت للنهضة نادى" - 1 من 3 - جديد عماني ممنوع من الكلام

    • 23 يوليو 1970، أربعينية " صوت للنهضة نادى" - 1 من 3 - جديد عماني ممنوع من الكلام







      23يوليو 1970، أربعينية " صوت للنهضة نادى" - 1 من 3





      صوت للنهضة نادى
      هبوا جمعا وفرادى
      قابوس للمجد تبادى
      فابنوا معه الامجادا
      يا ابناء عمان الأجوادا

      بثلاثة و عشرون يوليو قد حطم اصفادا
      وأزاح ظلاما عنّا ولوانا بالمجد تهادا



      الأبيات من نشيد "صوت النهضة"، غنته حنجرة عمانية نادرة لقي صاحبها الفنان عبدالله الصفراوي حتفه الذي ما يزال ملتبساً.
      والكلمات لعبدالله الطائي، الرمز العماني الثقافي والسياسي في المنافي، طوال عقود كانت عمان فيها محجوبة عن خارطة الزمن من حولها. عاد الطائي مع عشرات ألوف العمانيين من المنافي والمهاجر بعد تولي قابوس حكم عمان في 23 يوليو 1970، ليكلف بمهام سياسية متعددة من بينها وزارة الإعلام والعمل. كانت كلمات النشيد، من ضمن أناشيد أخرى كتبها الطائي، تعبيراً حماسياً عن إرادة وطنية في النهوض والتقدم، واستلهاماً لأنفاس القومية العربية حينها في التحرر وبناء الدولة الحديثة، وكانت هناك كثير من الأسباب التي تدعو الشعب و المثقفين العمانيين إلى تصديق الوعد الجديد والالتحام به، فمن الخطاب السلطاني ذاته، إلى المعطيات السياسية المحلية والإقليمية والدولية، إلى الرغبة في الخلاص من عقود مظلمة حطمت الوطن والإنسان؛ وإلى درجة التفاؤل، لمن كاد أن ينقطع عنه الأمل، باتفاق تاريخ يوم انقلاب القصر مع يوم نجاح حركة الضباط الأحرار في مصر، النموذج العربي الملهم لجميع العرب، وقد كانت التجربة الناصرية منذ بدايتها مسيطرة على أفئدة وعقول العمانيين بمختلف أطيافهم السياسية، وقد أسالوا دموعاً جارفة عند وفاته.



      لم تدم إقامة الطائي طويلاً في عُمان، قدم استقالته في يناير1972، وخرج إلى منفاه في أبوظبي ليتوفي فيه عام 1973، غاصاً بمرارة ثانية بعد مرارة عقود المنفى الأول، مرارة المثقف الوطني الذي خدع بالوعد الجديد، متيقيناً بأن لا مكان للوطني والمثقف المستقل في عهد قابوس والتدخل الأجنبي.
      كانت سيرة الطائي القصيرة جداً في عُمان وخروجه منها تلخيصاً مبكراً وإشارة حية إلى ما ستؤول إليه الأوضاع السياسية والمعيشية، وإلى عودة العمانيين من جديد إلى المهاجر والمنافي بعد أن ضاقت بهم سبل العيش الكريم كما يحدث اليوم.


      بعد انقلاب القصر في السبعين على سلطة الأب الحاكم، انقلب قابوس والإنجليز سريعاً على الشركاء من التيار الوطني الليبرالي والقومي في بداية عام 1972. انتهت دولة رئيس الوزراء طارق بن تيمور ومشروعه الإصلاحي الدستوري المتقدم قبل أن يبدأ فعلياً،(وخرج ليموت في المنفى أيضاً). ولم يتبق من أعداء للحلفاء، الحاكم والأجنبي، غير الثوريين المسلحين الذين يسيطرون على ثلثي ظفار في الجنوب رافعين شعار تحرير كامل عُمان الطبيعية(السلطنة والإمارات). وفي الشمال يتصاعد المد الثوري، من نزوى إلى صور، بالعمل المسلح وبالتنظيم الشعبي الذي لم يوقفه الحصار الاستخباراتي الذي أدى بنخبة من الكوادر الوطنية (على رأسها البطل الشهيد زاهر المياحي) إلى التخفي والمغادرة خارج الحدود والعودة السرية لبعضهم كلما أمكن، ولم توقفه الممارسات الترهيبية ضد كل من يشتبه فيه عدم الولاء المطلق سواء أكان رجلاً أو امرأة، شاباً أو شيخاً. ولم توقفه الاعتقالات والتعذيب والمحاكمات الاستخباراتية التي زجت في السجون بنخبة من خيرة أبناء وبنات الوطن. ولم توقفه أخيراً الإعدامات والاستشهادات التي ذهبت بنخبة أخرى بعضهم رجال يعز على عُمان أن تلدهم مرة ثانية سريعاً.




      يعيش العمانيون منذ بداية القرن العشرين، على الأقل، تراجيديا الخلاص الذي لا يأتي، والمعنى هنا هو المأساة التي بلا حل. في عام السبعين من القرن العشرين وجد العماني نفسه أمام نظام الإمامة المنهار الذي عجز عن تجديد نفسه وخاض به العمانيون حرب مقاومة، ضد الغزو الإنجليزي في خمسينيات القرن العشرين، لم تكن متكافئة بكل المقاييس، فقد كان الإنجليز يخوضون حرباً سرية بمعزل عن أنظار العالم تتيح لهم استخدام الوسائل القذرة وأساليب العقاب الجماعي الوحشي، والخروج على كل القواعد والأعراف ضد شعب أعزل. كانت نتيجة الحرب دماء كثيرة ومساجين ورهائن كثر، وخراب كبير في الممتلكات وأسباب العيش التقليدية، وألوان من تنكيل المنتصر بالمهزوم، أدى كله إلى تهجير داخلي للسكان وإلى تهجير إلى الخارج في سلسلة التهجيرات والهجرات التي لا تنقطع.




      والنتيجة الأهم هو النصر المباشر والإستراتيجي في أنهاء آخر الكيانات المستقلة وفتح الباب لتصفية ما تبقى من مقاومة للاستعمار في المنطقة، وفي استيلاء الإنجليز على منابع الثروة النفطية، وتكريس السلاطين حكاماً وحلفاء، وتبديد الآمال باستقلال وتحرر وبدولة وطنية مفتوحة على إمكانية مفاهيم العدالة الإجتماعية والتنمية الشاملة.


      في عام السبعين من القرن العشرين وجد العماني نفسه أمام حركة ثورية في الجنوب تسيطر وتدير أراض وجزء من الشعب لكنها بلا ثروات وطريقها إلى مسقط دام وطويل إن لم يكن مستحيلاً، وفي الشمال حركة ثورية تعمل بسرية في وسط معادي بالاحتلال والمعتقلات والفقر والجهل.


      في عام السبعين وجد العماني نفسه منفياً وفقيراً ومهاناً، بلا وطن سوى الكبرياء وذكريات الأمجاد، وغريزة الأمل الإنساني الذي أنهكه الصبر الطويل. وجد نفسه وقد دفع لعقود طويلة أثمان باهظة من التضحيات من كل نوع من دون دنو لأي خلاص. وجد نفسه بلا زعامات يثق فيها، وزعامات أخرى تستعبده أو تحتقره وتهمشه وتجني الثمار لنفسها، وأخرى صادقة لكنها عاجزة.


      في عام السبعين أخذ العماني ينظر أمامه إلى وطنه فيجده كومة خراب وقهر شامل، ينظر حوله إلى جيرانه فيجد استقراراً وتنمية وشروط معيشة كريمة أو وعود جارية بها فيشعر بالشلل ويتحسر على ثرواته وعلى العمق التاريخي والحضاري لوطنه.


      في عام السبعين أتى قابوس، وحسبها العماني(الفرد) بواقعية سياسية وبظنه الحسن بأن الوعد الجديد بالنهوض والعيش الكريم هو من استحقاقه بعد كل هذا النضال والكفاح الطويل من أجل حريته وكرامته. وحسبها العماني (الزعيم القبلي والديني) أيضاً بواقعية المهزوم وأدرك إشارات النصر السلطاني التام القادم لا محالة، وحسب المطامع والمطامح. وهكذا كان خيار الطريق الثاني للجميع، بعد الثورة، هو طريق قابوس؛ هذا الخيار البراجماتي كان "أصيلاً" لكنه تحول إلى "جبن" و "غدر" عند من أخروا التحاقهم بقابوس، ثم التحقوا به على حرية وجثث آخرين منهم.


      كان العماني جاهزاً ينتظر البطل المنقذ، لم يكن ينتظره إمامياً، ولا ثورياً، كما لم يتوقعه سلاطينياً، لذلك لم يكن من الجائز أقل من الترحيب بالمفاجأة!


      المثقف الوطني الثوري استمر في مقاومته و نضاله غير مصدق لما يعتبره خدعة فلم يعمل الإنجليز ولا السلاطين يوماً لمصلحة الوطن، ولم يرى منهم سوى العداء والتنكيل ومصادرة الوطن بما حمل، كما أن الدماء ما تزال جارية، لم تجف بعد.


      أما المثقف الوطني الليبرالي والقومي والمحافظ فقد اختار، عن قناعة، طريق التجربة السلمية، وتصديق الوعود وتقدم صفوف النهضة (سيطر مصطلح النهضة على الفكر السياسي العماني منذ بداية القرن وعلى اسمه قامت أهم الأحداث)، والمشاركة في بناء الدولة الجديدة مادام برنامج قابوس الاقتصادي والاجتماعي والخدماتي هو نفسه برنامجه وبرنامج الأمل الشعبي، وبرنامج الحركة الثورية في هذه المجالات.


      في عام السبعين كانت عُمان قد وصلت إلى أقصى حدود الفوضى السياسية والإجتماعية، وهو الوضع الذي حذر منه الإنجليز قبل سنوات وكانوا قد قرروا الإنقلاب على سعيد بن تيمور عام 1967 لكنه راوغهم وأبدى توجهاً "إصلاحياً" لم يكن مقتنعاً به، فقد تضخمت ذات الديكتاتور وانفصلت عن ما حولها.



      نظام الإمامة يتجرع فشله بالانقسامات والجري وراء المصالح الخاصة لزعماء وفئات بعينها بعد أن أنستهم الدنيا واجباتهم ومهماتهم، إلا من نجا فاعتزل!




      العمانيون، شبابهم على الاخص، في المهاجر انقسموا إلى أحزاب ومنظمات عديدة، تبحث مستقبل الوطن وتحضر لعمليات إنقاذية، لكن الإنجليز اخترقوها جيدا بمن سيتسلمون المناصب لاحقاً في الدولة الوليدة!




      الدول العربية الداعمة للقضية العمانية تراجع بعضها بسبب فشل العمانيين أنفسهم في إدارة قضيتهم، وبعض تلك الدول استشرف موازين القوى الجديدة، وبعضها الأخير رأى إيديولوجياً أن عُمان تشكل بمدها اليساري خطراً عليه وعلى المنطقة فيجب تغيير الأوضاع بما يضمن السلامة والنجاة وحتى لا نصيح "السوفييت قادمون"!


      في مثل هذه الفوضى التي تعيشها الأوطان يسهل التحكم الخارجي والاستعماري، وتسهل ولادة المنقذ مشروع الحاكم المستبد الوفي لمصالح من أتى به، والوفي لتاريخ أسرته وعلاقتها بالوطن العماني!


      .






      المصدر : عماني ممنوع من الكلام


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions