من فوهة الجحيم العراقي
كآبة رئيس
الذي يدقق بملامح رئيس الدولة الأولى في العالم، جورج دبليو بوش وهو يتحدث عن الأوضاع في العراق في الأول من يوليو الجاري ، يكتشف أنه فقد أكثر من تسعين بالمائة من تلك النضارة التي جللت وجهه، وهو يتحدث عن (الانتصار الكبير) الذي حققته قواته على العراقيين. لم يتمكن الرئيس بوش، قبل شهرين فقط من تمالك نفسه، وتعالت الأصوات، التي تهلل وتصفق للقائد الأعلى للجيش الاميركي، كان ذلك في الأول من مايو عام 2003، ولكن سرعان ما اختفت تلك الابتسامة، التي ارتسمت على وجه الرئيس، وظهر بوجه مكتئب، كما أن الخلفية، التي تقف وراءه، وهو جزء من الإخراج المسرحي والديكور، الذي تتطلبه الدعاية السياسية، ويتألف من مجاميع من الأميركان هذه الوجوه، بدت واجمة أيضاً، لأن الرئيس هذه المرة، يتحدث مرغماً إلى الأمة الاميركية، بعد أن ازدادت اعداد النعوش، التي تصل زرافات ميتة، على شكل جثث هامدة، بعضها محترق والبعض الآخر، قتلته رصاصة قناص عراقي، فودع باغفاءته أمجاد الإمبراطورية، ولم يكتمل حلمه في جعل بقية أمم وشعوب الأرض، تتحرك بإشارة من جندي المارينز، وإذا ما اعترض أو فكر بالاعتراض أحد من هؤلاء، فان مصيره سيكون السحق السريع، وانتهى الأمر، كما اعتقدوا ذلك في العراق.
لا شك أن الأميركان، قد عاشوا ذلك الحلم، واعتقدوا أنه تحول إلى حقيقة شاخصة، وأن العد التنازلي لبسط النفوذ الاميركي على العالم، قد بدأ بالفعل، وأنه ينطلق هذه المرة من العراق، الذي يمثل مركز الحضارات، ومواطن الديانات والثقافات.
إلا أن العرس الاميركي، لم يدم طويلاً، فقد اضطرت إدارة الرئيس جورج بوش للاعتراف بأن المقاومة العراقية، قد وصلت إلى مرحلة، اضطرت فيها إدارة البيت الأبيض، لمناقشة ما يحصل بجدية وبروحية أخرى، تختلف عن تلك، التي وصلتها، على شكل نصائح مجدبة، سارع بريمر لتطبيقها، فسقط الفأس في الرأس، ولكن هذه المرة، وجدنا أن الفأس البسيط، يتشظى لمئات الفؤوس، التي تقتنص رؤوس الغزاة في الكثير من المناطق والأحياء العراقية.
مثلما كان من حق القائد الأعلى للقوات الاميركية، أن يعبر عن سعادته الباذخة، وهو فرح بذاك التصفيق الكبير، لأنه حقق انتصاره، والذي يعني قتل الآلاف من العراقيين، الغالبية العظمى منهم، كان بصورة متعمدة من قبل جنوده، وبدم بارد، وباصرار غريب عجيب على الرغبة بقتل العراقيين، فهو من حقه أن يحتفل بالانتصار، أما نحن فلا نستطيع أن نعبر عن موقفنا بالكيفية نفسها، لأن الحاكم المدني في العراق بول بريمر، اصدر أخطر قرار لمنع الكلمة الحرة، بالاعتقال المهين والمخزي، لكل من يتفوه بما في قلبه، وبالمناسبة لم يحصل أن صدر مثل هذا القرار في العراق على الاطلاق، منذ أن بدأت الصحافة العراقية، في عهد مدحت باشا في ستينيات القرن التاسع عشر، وحتى صباح التاسع من أبريل عام 2003.
لكن ما أستطيع أن أعبر عنه، أن الرئيس جورج بوش خرج بوجه كئيب، والحزن يجلل الحشود الديكورية التي تقف وراءه. في هذه اللحظات، استطيع ومعي الملايين من العراقيين، أن نتنفس قليلاً مع قليل من السعادة الا أنه مجلل بالكآبة.
وليد الزبيدي... كاتب عراقي
كآبة رئيس
الذي يدقق بملامح رئيس الدولة الأولى في العالم، جورج دبليو بوش وهو يتحدث عن الأوضاع في العراق في الأول من يوليو الجاري ، يكتشف أنه فقد أكثر من تسعين بالمائة من تلك النضارة التي جللت وجهه، وهو يتحدث عن (الانتصار الكبير) الذي حققته قواته على العراقيين. لم يتمكن الرئيس بوش، قبل شهرين فقط من تمالك نفسه، وتعالت الأصوات، التي تهلل وتصفق للقائد الأعلى للجيش الاميركي، كان ذلك في الأول من مايو عام 2003، ولكن سرعان ما اختفت تلك الابتسامة، التي ارتسمت على وجه الرئيس، وظهر بوجه مكتئب، كما أن الخلفية، التي تقف وراءه، وهو جزء من الإخراج المسرحي والديكور، الذي تتطلبه الدعاية السياسية، ويتألف من مجاميع من الأميركان هذه الوجوه، بدت واجمة أيضاً، لأن الرئيس هذه المرة، يتحدث مرغماً إلى الأمة الاميركية، بعد أن ازدادت اعداد النعوش، التي تصل زرافات ميتة، على شكل جثث هامدة، بعضها محترق والبعض الآخر، قتلته رصاصة قناص عراقي، فودع باغفاءته أمجاد الإمبراطورية، ولم يكتمل حلمه في جعل بقية أمم وشعوب الأرض، تتحرك بإشارة من جندي المارينز، وإذا ما اعترض أو فكر بالاعتراض أحد من هؤلاء، فان مصيره سيكون السحق السريع، وانتهى الأمر، كما اعتقدوا ذلك في العراق.
لا شك أن الأميركان، قد عاشوا ذلك الحلم، واعتقدوا أنه تحول إلى حقيقة شاخصة، وأن العد التنازلي لبسط النفوذ الاميركي على العالم، قد بدأ بالفعل، وأنه ينطلق هذه المرة من العراق، الذي يمثل مركز الحضارات، ومواطن الديانات والثقافات.
إلا أن العرس الاميركي، لم يدم طويلاً، فقد اضطرت إدارة الرئيس جورج بوش للاعتراف بأن المقاومة العراقية، قد وصلت إلى مرحلة، اضطرت فيها إدارة البيت الأبيض، لمناقشة ما يحصل بجدية وبروحية أخرى، تختلف عن تلك، التي وصلتها، على شكل نصائح مجدبة، سارع بريمر لتطبيقها، فسقط الفأس في الرأس، ولكن هذه المرة، وجدنا أن الفأس البسيط، يتشظى لمئات الفؤوس، التي تقتنص رؤوس الغزاة في الكثير من المناطق والأحياء العراقية.
مثلما كان من حق القائد الأعلى للقوات الاميركية، أن يعبر عن سعادته الباذخة، وهو فرح بذاك التصفيق الكبير، لأنه حقق انتصاره، والذي يعني قتل الآلاف من العراقيين، الغالبية العظمى منهم، كان بصورة متعمدة من قبل جنوده، وبدم بارد، وباصرار غريب عجيب على الرغبة بقتل العراقيين، فهو من حقه أن يحتفل بالانتصار، أما نحن فلا نستطيع أن نعبر عن موقفنا بالكيفية نفسها، لأن الحاكم المدني في العراق بول بريمر، اصدر أخطر قرار لمنع الكلمة الحرة، بالاعتقال المهين والمخزي، لكل من يتفوه بما في قلبه، وبالمناسبة لم يحصل أن صدر مثل هذا القرار في العراق على الاطلاق، منذ أن بدأت الصحافة العراقية، في عهد مدحت باشا في ستينيات القرن التاسع عشر، وحتى صباح التاسع من أبريل عام 2003.
لكن ما أستطيع أن أعبر عنه، أن الرئيس جورج بوش خرج بوجه كئيب، والحزن يجلل الحشود الديكورية التي تقف وراءه. في هذه اللحظات، استطيع ومعي الملايين من العراقيين، أن نتنفس قليلاً مع قليل من السعادة الا أنه مجلل بالكآبة.
وليد الزبيدي... كاتب عراقي