صلالة –وداد التميمي

شهدت السلطنة منذ بداية عصر النهضة المباركة تطورا في البنية الاقتصادية والتي استوجبتاإيجاد المنشآات العمرانية والخرسانية بكل انواعها إلا أن صناعة المنشآت قد تأثرت بعدم وجود العديد من المتطلبات اللازمة واتضح ذلك جليا في العديد من المباني الخرسانية في محافظة ظفار حيث لوحظ وجود تشققات وتصدعات في بعض الخرسانة وتصدعات في أسقف بعض المنازل في المحافظة ومن الملفت للنظر أن التصدعات كانت اكثر ضررا في الأسقف عنها في الجدران ولتسليط الضوء على هذه المشكلة قمنا بزيارة عدد من المنازل المتصدعة والمتضررة وأجرينا معهم بعض الحوارات كما قمنا بزيارة إحدى الشركات الهندسية بالمحافظة للوقوف على الرأي العلمي والهندسي حيث التقينا المهندسين العاملين فيها للوقوف على اسباب المشكلة واقتراح بعض الحلول لها

أسقف متصدعة

محفوظ بن سالم بن بشير بيت دهيش رب أسرة مكونة من ثمانية افراد متقاعد يمتلك منزلاعمر البناء فيه اكثر من 30عاما يقول :قديما عندما كنا نقوم ببناء بيوتنا كانت الصبيات غير كافية لاتقاء المطر فنضطر لوضع الواح الخشب أما الآن فإننا نضطر كل فترة لمعاودة ردف الصبية القديمة بصبية جديدة , ويقول ربما كان السبب في وقوع الصبيات أن البناء كان يقوم بأيد غير كفؤة دون اللجوء للمهندسين او المواصفات الهندسية .

سالم بن عوض ربيع جميل ايضا تجاوز بناء منزله الثلاثين عاما وسقف منزله متصدع ويكاد يقع على أصحابه يقول : نضطر الى هجر المنزل في فترات معينة من السنة عندما يتزايد معدل نسبة الرطوبة وبالتالي تتأثر الأسقف وتبدأ بالتساقط علينا .

منذر رمضان خميس موظف يسكن منزلا عمر البناء له حوالي 15سنة يقول : يسكن بالمنزل حوالي 15شخصا وكانت الأسقف قد وقعت اكثر من مرة ونعيد ترميمها ولكن المشكلة ما زالت قائمة فنحن نعيش في المنزل وعيوننا معلقة بسقفه خوفا من سقوط قطعة من سقفه على رؤوسنا حتى أن التمديدات الكهربائية بدأت تتأثر وبتنا نخاف من أي تماس كهربائي ولجأنا لترميم السقف اكثر من مرة عن طريق مقاولي البناء ونحن كأناس بسطاء لا دراية لنا ولا نعرف على من تقع المسؤولية في سقوط أسقف منازلنا هل هي على المقاول أم على المواد المستعملة أم على طبيعة الجو في المنطقة ولكن نقول إن بعض المقاولين يبنون بضمير وبعضهم لايجد من يراقب عمله والدليل أن الكثير من المنازل من حولنا وعمر البنا ء فيها قريب من عمر البناء لمنزلنا إلا أنها ما زالت جيدة .

أنيسة بنت صنجور: عمر البناء لمنزلنا حوالي 25 سنة بنيناه عن طريق مقاول لا نعلم إن كان يتعامل مع مكتب هندسي ام لا وفي منزلي التصدعات والتشققات تملأ السقف والصبيات وقد عملنا الكثير من الترميم ولكن لم تأت بفائدة وأتوقع أن السبب في التصدع بالسقف والصبية هي زيادة الملوحة وانعدام ضمير المقاول ولا نعرف من هو المسؤول عن عدم الكفاءة بالأيدي العاملة ونتمنى أن تجد هذه القضية اهتمام الجهات المختصة .

هدى بلال تعيش في منزل متصدع السقف تقول : عمر بناء المنزل لم يتجاوز ال10سنوات والتصدعات تنتشر بالسقف ونحن نعيش بخوف خاصة في وقت الخريف وعمر البناء حديث وتقول: لا أعرف السبب وراء هذه التصدعات ونتمنى ان نجد جوابا وحلا وضوابط.

رسمية نصيب عوض تقول :عمر بناء منزلي 9سنوات واضطررت لهدم سقف المنزل وإعادة بنائه من جديد خوفا على سكان المنزل لأن الترميم لم يجد نفعا وأحمل المسؤولية للمقاول اولا والمهندسين والمشرفين ثانيا وتقول لقد طلبوا مني اسمنت وحديد واكتشفت بالنهاية أنها لم تستخدم كلها وأتساءل هل المواد المتبقية من مواد البناء التي طلبها المقاول بناء على مقاييس هندسية أم بشكل عشوائي أم هي من قبل المهنسين ولكن المقاول لم يستخدمها دون علم المهندس ولم يشرف المهندس على العمل ؟ بالنهاية أعدنا بناء سقف المنزل من جديد.

وللوقوف على الرأي الهندسي والعلمي أفادنا المهندس عناد العمري والمهندس عماد عن مشكلات الخرسانة في محافظة ظفار؟

حيث قالوا تعد الخرسانة الإسمنتية من أفضل المواد التي تم استخدامها في بناء المنشآت المدنية في العالم، ويرجع ذلك لجدواها الاقتصادية مقارنة مع أي مواد أخرى للإنشاء كما أنه يمكن تشكيلها بسهولة لمختلف الأغراض، وقلة أعمال الصيانة المطلوبة أثناء عمرها الافتراضي، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود بعض السلبيات، مثل قلة استطالتها، ومقاومتها الضعيفة تجاه إجهادات الشد،كما أن انكماشها الدائم نتيجة فقدان الرطوبة، أو تحت تأثير الحرارة لا يمكن زواله بزوال المؤثر، كما أن زحفها التلقائي حتى في حالة الأحمال العادية يعتبر كبيراً، ورغم كل هذه العيوب،إلا أنه يمكن تحسين أدائها تحت أي ظرف أو بيئة، وذلك باستخدام طرق التصميم المناسبة، مصحوبة بطرق الإنشاء الصحيحة، وذلك حتى نتجنب العديد من المشكلات،أهمها نقص العمر الافتراضي للخرسانة في البيئات القاسية ، وتدهور الخرسانة في المنشآت المطلة على المناطق الساحلية في خليج عمان وبحر العرب.

عدم كفاءة الخرسانة

وأضافوا على الرغم من النهضة العمرانية الكبيرة التي شهدتها المنطقة منذ منتصف السبعينيات والتي تطلبت بناء العديد من المنشآت الخرسانية بكل أنواعها، إلاأن صناعة هذه المنشآت قد تأثرت بعدم وجود العديد من المتطلبات اللازمة مثل: عدم توفر الأيدي العاملة الماهرة، عدم وجود مواصفات قياسية للمنطقة، عدم وجود خبرة كافية، مما أدى إلى تدهور المنشآت بعد حوالي عشر سنوات من البناء نتيجة للأسباب السابقة،بالإضافة إلى وجود بيئة قاسية يمكن وصفها بأنها ذات مناخ متقلب على الخرسانة من هنا كانت الضرورة لبحث أمور الخرسانة، لأن منطقة الخليج تتميزبمناخ حارورطب بدرجةعالية إضافة إلى التقلبات اليومية والسنوية في درجات الحرارة ونسبة الرطوبة، مما يؤثر سلباً على ديمومة الخرسانة،ويتسبب في دورات متكررة من الانكماشات والتمدد والجفاف، وهذا يؤدي بدوره إلى حدوث إجهادات حرارية وميكانيكية تتسبب بتشققات وزيادة نفاذية الخرسانة، وتسرب المواد الضارة إلى حديد التسليح مثل الكلوريدات،والاكسجين، وثاني أوكسيد الكربون، والرطوبة، فيصدأ الحديد وتظهر التشققات على حواف الحصى بسبب عدم التوافق الحراري بين عجينة الإسمنت المتصلدة، والحصى الكلسي المستخدم في منطقة الخليج العربي.

وأوضحوا أن الحصى بنوعيه (الناعم والخشن) تكمن في انهما يكونان 60% من حجم ووزن الخرسانة، أما عن الرمل فلا يمكن تغيير نوعيته لوجوده هكذا في الكثبان الرملية أماالحصى فيمكن تغيير تدرجه ليماثل أي من المقاسات والغسيل الجيد له لإزالة الأتربة والمواد الناعمة ويؤثرالحصى المستخدم في الخرسانة في منطقة ظفار اذ يذكر انها من ركام جيري ذي مسامية ودرجة امتصاص عالية، ومترب عند التكسير وهو المصدر الرئيسي للركام الناعم كثيرالغبار مما يزيد من كمية الماء المطلوبة لخلط الخرسانة، وبالتالي يقلل من مقاومة الخرسانة، ويزيد معدل الانكماش، وتقل نسبة التماس بين الركام وتتعرض المنشآت الخرسانية لمناخ وتربة مشبعتين بالأملاح مما يساعد في وصولها إلى داخل الخرسانة والمعروف أن الماء المالح يعمل على تدهور الخرسانة, فأملاح الكبريتات والكلوريدات تأتي من المياه الجوفية القريبة من السطح، ومن التربة السبخية التي تنتشر في المناطق الساحلية في خليج عمان وعلى بحر العرب بمحافظة ظفار لذا وجب على المختصين من الهيئات البحثية والمكاتب الاستشارية القيام بزيادة جودة الخرسانة وإيجاد مقاييس ومواصفات قياسية للمواد المستخدمة لتلائم البيئة، ويمكن تصنيف تلك المواصفات كالتالي: - مواصفات ومقاييس التصميم - مواصفات ومقاييس الممارسةالإنشائية مواصفات ومقاييس حماية حديد التسليح- مواصفات ومقاييس توفير حماية إضافية.

الأيدي العاملة

كما أن الأيدي العاملة يجب ان تكون مدربة ومؤهلة للتعامل مع موادالإنشاء ونخص بالذكر الأيدي العاملة التي تتعامل مع صغار المقاولين والمنشآت الصغيرة حيث إن هذه الأيدي العاملة عاى قدر غير كاف من الكفاءة والدراية بالمواصفات والمقاييس مما يجعلها تقوم بهذا العمل بشكل عشوائي غير علمي وننصح باتباع المقترحات الواردة في دليل (الكود) الأمريكي للأجواء الحارة (ACI305)خاصة بما يخص عملية إنضاج الخرسانة .

كيف تؤثر عملية إنضاج الخرسانة بديموتها وهل هناك عوامل اخرى تؤثر بها ومن الممكن ان تؤدي الى تشققها ؟ تمثل عملية إنضاج الخرسانة بعد صبها أهم جزء في عملية إنتاج خرسانة ذات ديمومة عالية، كما تؤثر نوعية المياه المستخدمة وطول فترةالإنضاج في ديمومة الخرسانة لضمان إتمام تميؤ الإسمنت الذي يحتاج إلى رطوبة نسبية، ويؤثر الجو الحار والرياح على ارتفاع معدل تبخر الماء من سطح الخرسانة، وبالتالي لا تتم عملية الإنضاج، وتدل الخبرة العملية بأن أكثر الأوقات ملاءمة لصب الخرسانة بعد العصر، حيث تظل الخرسانة اكبر وقت ممكن في حالة رطبة وحرارة مناسبة لإكمال عملية التميؤ،ومما يؤثرفي عملية الإنضاج هواستخدام مواد مضافة مع الإسمنت مثل الرماد المتطاير، وغبار السيلكا، لضمان الحماية الجيدة لحديد التسليح ضدالصدأ، إذ أن عملية الإنضاج العامل المسؤول عن تحديد خواص النفاذية والامتصاص، وتنقسم تقنيات الإنضاج إلى: تقنيات الإنضاج بإضافة الماء، مثل الغمر بالماء، والرش، وتقنيات الإنضاج بحفظ الماء، مثل استخدام غطاء بلاستيكي، أو غطاء شمعي مانع لتبخير الماء، فالطريقة المثلى هي الإبقاء على سطح الخرسانة رطباً بصورة مستمرة، وذلك لتميؤالإسمنت واكتساب الخواص الجيدة التي تزيد من مقاومة الخرسانة ضد الاجتهادات، كما يفضل رش الخرسانة بالماء بعد استخدام الغشاء(تغطية لإبقائها رطبة).

كيف يمكن تلافي صدأ حديد التسليح في الخرسانة لتلافي التصدعات والتشققات ؟

إن أفضل طرق حماية حديد التسليح، استخدام تقنية الطلاء بالايبوكسي، ورغم اختلاف وجهات النظر حول قدرة الايبوكسي على حمايةالحديد وقد وجد أن نيترات الكالسيوم ونترات الكالسيوم أكثر فعالية في تأخير صدأ الحديد,فتدهور الخرسانة نتيجة صدأ حديد التسليح، يعد أهم المشكلات التي تواجه الصناعة الإنشائية في السلطنة ولذلك لا بد من تحسين الخلطة الخرسانية لتناسب ظروف التربة والمناخ المتقلب، والتركيز على الديمومة، وليس قوة الضغط، ويجب أن يبدأ تحسين الخرسانة بتطوير مواصفات المواد المستخدمة .