تركته وأنتبهت لنفسي ورحت أتامل كل شي وهناك كل شي يدفعك إلى الأثارة والتشوف - مزارع الأرز - السكر- والأشجار الأستوائية العملاقة -قطعنا نهر سنسمونا ،وبدأت أنتبه إلى مانيلا التي بدأت تكبر وتطل كلما أقتربنا منها وكأنها وشك إن تتكلم مرحبة بنا وهي حزينة وبوجه شاحب وخليط بين العصرنة وبيوت الصفيح وبدأت بوضوح أكثر أجواء الفقر وحياة العوز والحرمان ، كنت قد مررت نفس الطريق إلى أنكلوس ، والفرق هذه المرة نهاراً وكل شي يسمح لك إن ترى ! شعرت إنها مدينة ليس فيها آلفة ولا حنو ولا أمن ولا حرية - أيكون إناس إحرار وهو لا يأكل - خطر على بالي إن أعود إليها مرة أخرى وأعرف خبايا الحياة المعيشية والأجتماعية ،حتى الجانب العمراني فيها مثير - ناطحات تعانق السماء - وصفيح في قاعة الأرض إنها مفارقة عجيبة !
في وسط زحمة شوارع ترى وجوه الباعة يقطع الشارع يأتيك فرحاً عساه يبيعك شيئاً من بضاعته !أصبح هذا المنظر هاجس من هواجسي لا أدري لما ؟
أهنا يمكن موت الفلبين ؟ لا أظن ربما يكبر هذا البائع المتجول ويغطى مساحة من فضاء مانيلا ، فضاء لا يمكن إن أكتب عنه بمجرد مروري في أحدى شوارعها ، فالكتابة تحتاج مني إن أترجل ومعي حقائبي وأعبرها من مكان إلى أخر
- بانت جسورها الحديثه وشوارعها - المترجرجة - وبدأت أشعر بدوار كل ما تحركت السيارة خطوة يتصاعد ويكبر بعده - خض بطني خضاً - وخرج من بطني كل شي ولم تبقى إلا إحشائي - كادت هي الأخرى تخرج من بين الضلوع ومع وصول المطار شعرت بحمى شحنت مشاعري بالحنين إلى عمان وشعرت وكأن الحمى مدت جسر وجدانيا بيني وبين - الخالدية - كاد إن ينسيني ألم ووغثاء السفر لولا إن الحمى ليس فيها حياء .وأنا في المطار خفت إن تكون الرحلة من اليوم كلها حمى ، فكان بالنسبة لي لا أريد إن أخسر جمال بوركاي وبهائها بعد إن ودعت رائحة التلوث والمرض في مانيلا ..
من أعلى وم على طائرة -سيبو باسيفيك - تبدو الفلبين برأقـة على العكس من الأسفل ترأها ممزقة تزرع فيك بذور الخوف والهاجس ،ثم قفز في خاطري أمر فجأة ماذا عن مفكري ثوراتها ضد الأستعمار وهل فيها أحرار نادوا بالحرية في فترة الوجود - الأسباني - الأمريكي - الياباني ، بكل تأكيد كل نفساً أبية تأبى الضيم ، وما سليمان راجا حاكم مانيلاً إلا نموذجاً وإن الوطن والحرية يظل ساكناً في وجدان الشرفاء ..
يجلس بجاني - شاب كوري - حاول إن -يزحزحني - من مجاورة النافذة ولكنني قلت : إن يكون مقعدي يجاور نافذة الطائرة عيد فيه أهازيج يعيدك إلى الحياة من جديد - لم يجد إمام عنادي سوى يسألني ؟ من البلد الذي أنتمي إليه
أخبرته إني عربي من عمان وكان رجل على درجة عالية من الأطلاع والمعرفة ، فكان الحديث عن كل شي عن الرجال والنساء والأسلام والحجاب والحداثة والحرية والشيعة والسنة بل عن الليل والنهار وثم أنهى حديثه حول الفلبين وقال إنها تتداعى ومصيرها السقوط ،وكان ذو حساً إنسانياً عالياً عبر عن رأيه تجاه الفقر وتحدث عن المأسى الأنسانية التي تحدث في كل العالم بل تسربت كلماته إلى فلسطين وطرح سؤال عن علاقة فلسطين الأرض باليهود ؟
-حاولت إن أقدم له صورة عن ملامح العلاقة ولكن ضعف - الأنجليزية عندي - لم يرتوي مما أسقيته اياه ، انتهى حديثناً وبدأت بوركاي الجذابة البزوغ بإشراقاتها وخفت الحمى !
في مطار - جزيرة بوركاي - وجدت نفسي أمام رجل سعودي يسألني بعد إن رأني وحيداً وكأنه يقول - أن في الأسفار ذلة وغربة - وقطع فيافٍ وأرتكاب الشدائد . - ماكان عنده ولا عندي - الوقت الكافي للأخذ والرد خرجت من المطار وفي خاطري تسأولات من هذا القبيل وأنتهت في النهاية إلى إن أمنح النفس زمام المغامرة ولا أترك للنفس إن يحاصرها شرط كهذا في محدويته وتفاهته ،وإن جرعة السفر وجود للنفس . ولا أريد إن أعمل دراما لتبرير -سفري وحيداً- وإلا أصبحت مثل الرجل الفلبيني حين يطلب منك - تعطيه فلوس- أعطيه ولا تسأله وإذا سالته لن تنتهي ! لأنه سوف يجد منافذ كثيره - أمه في المستشفى - وبيته أحترق - ما لاحظته في الفلبين لديهم مقدرة خيالية في الكذب وبدون أرتباك - بأختصار أعطيه وكفاك الله شرهم ..
ركبنا القارب إلى الضفة الأخرى والجزيرة الأم - ونظرت إليه وكأني فتحتها فتحاً مبين شكلت في خيالي قصة صغيرة - حول الياباني الملقب - نمر الملايو - والكنز المفقود الذي فشا سره الآن على العالمين - نمر الملايو عسكري ياباني حكم الفلبين في الحرب العالميه الثانية ونهب الدول الأسيوية وكانت حصيلته باهضة وحين بدأ له إن اليابان غير قادره إن تظهر رجولتها مع الولايات المتحدة الأمريكية ، أستخدم الأسرى الفلبينين بين يوم وليله في حفر الأرض - ودفنها وقتل من حفر ولغم مداخل الأنفاق -من أجل إن يعود إليها بعد إنتهاء الحرب ، أنتهت الحرب ولم يعود و ظل الكنز غامض مطروحاً تحت الأرض ينادي - وقد لا يكون مصادفة حسب ماتشير بعض المصادر إن اليابنيون أكثر سياحةٍ إلى الفلبين - ربما منهم من تلقف هذا الخبر وسرى إلى - كنز نمر الملايو -
في القارب أيضاً فتاة - يابانية - تقف في نهاية القارب - لابسها الموشح بعلم اليابان أوحى ذلك - والفارق إنها تفرق عن كل ياباني صادفته - بها نزوة وجميلة بلا حدود وفي لحظة النزول من القارب نظرت إلي عيناها - فكانت لعوباً إلى حد التطرف ولكن شواطي بوركاي - تستفز الواحد - وتبعدك عن مجرد التفكير في التفاهات وتجعلك تحافظ على طبعك البسيط ..
من المرسى إلى فندق - لو قرمل - وعبر الرمل الأبيض - الذي يدعونه أهل الفلبين - بالشاطي الأبيض - على الساحل الغربي كانت بوركاي بين قرية -أنغولا وبلاباغ - وعلى إمتداد سبعة كليومترات طولاً وكيلو متر في أقل عرضاً ومساحة تبلغة 345كلم هذه هي بوركاي مازالت ربيعاً يزهر والبعض يحلو له يناديها بالجزيرة العذراء ،- دخلت الغرفة المطلة على الشاطي - وسحبت - الستارة - عاد ألم الحمى من جديد - نمت على أمل إن أصحى وأجدها ساقطة مذعورة - ولكنها أتت إلي حتى في الحلم - وشعرت إنها تسكن في كل ضلع من ضلوعي - في بدايات الليل خرجت من الفندق إلى الشاطي القريب وأشجار - جوز الهند تحيط بالشاطي - وأنا أقول - أه ياجمر الحمى بالله رفقاً- كان شاطي بوركاي له نصيب من البارات والمراقص - ومن أصحاب الأنشطة السياحية - فهذا يرتجيك إن تذهب في الصباح - لركوب القارب - أو الغوص - وركوب الدراجة البحرية - ولكنني كنت في تلك اللحظة أقول لهم بالله عليكم كفوا عني - لا أريد الآن لا لعباً ولا لهواً ولا رياضيةٍ ، وكل ما أريده - وأنا في جنوب الفلبين بل في أحدى أقاليم الملايو جغرافياً -معبر السفن العربية إلى الصين - أريد أتكشف عن إطلال الأشرعة - وبقايا الجدود - لما لا - إلم يقل ريتشارد بيرتون - مؤلف كتاب السبيل إلى شرق أفريقيا- لاتشرق الشمس على أرض لايوجد فيها رجل من الجزيرة العربية - ولكن ماكدت إن أسجل في هاتفي - أفكاري -والحمى زادت وأخذتني على جناحها وصارت نفسي -مخضبة بالوهن والضعف - ونحت مرة أخر -نوح الحمام - وتمنيت إن تهب ريحاً موسمية وتأخذني إلى -عمان - ومن ثم تذكرت نحن في شهور هبوب الرياح الموسمية وفي موسم عودة - المراكب العربية من الصين إلى الجزيرة العربية - كاد الخيال يأخذني بعيداً وأقعد على - سيف البحر - وأنادي يا -نواخذ خذوني معاكم -
المصدر : مدونة بن مرهي
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions