تونس - منير السويسي
عادت المدارس القرآنية لتضرب بقوة في تونس خلال السّنوات القليلة الفائتة بعد أن شارفت على الانقراض أثناء الاستعمار الفرنسي للبلاد (1881/1956) وخلال فترة حكم الحبيب بورقيبة (1956/1987) أوّل رئيس لتونس المستقلة.وكانت هذه المدارس أوشكت على الاندثار تماما نتيجة انتهاج المستعمر الفرنسي سياسة طمس كل ما يمتّ بصلة لهوية تونس الإسلامية، وبفعل إلغاء بورقيبة للتعليم الديني الذي رأى فيه تعليما تقليديا لا يتماشى ومشروعه لبناء دولة حديثة.ويعتقد مهتمون بالشأن التونسي أن برنامج "إصلاح" المدارس القرآنية الذي شرعت الحكومة في تنفيذه منذ العام 2002 لعب دورا حاسما في "إعادة الاعتبار" إلى هذه المؤسسات التعليمية الدينية التي يطلق عليها في تونس اسم "الكتاتيب" (جمع كتّاب).
وتقول السّلطات التونسية التي تبدي صرامة واضحة في مقاومة التطرف الديني إن الهدف الأساسي من إصلاح الكتاتيب هو "تجذير الناشئة في هويتها العربية الإسلامية" و"تربيتها على قيم الاعتدال والوسطية والتسامح".
وتقع الكتاتيب داخل الجوامع أو الزوايا الخاضعة إداريا لوزارة الشؤون الدينية (الأوقاف). وقد أوكلت الحكومة مهام الإشراف الحصري على الكتاتيب إلى هذه الوزارة التي من بين مهامها الرسمية المعلنة "تطبيق سياسة الدولة في المجال الديني" و"درء أخطار الانغلاق والتطرّف".
وحدّد القانون السن الدنيا لقبول الأطفال بالكتاتيب بأربع سنوات والقصوى بخمس سنوات وهي سن "التعليم ما قبل المدرسي" التي يتم فيها إعداد الطفل لدخول المدرسة الابتدائية. وتتواصل الدراسة في الكتاتيب عامين اثنين لمن عمره 4 سنوات وعاما واحدا لمن عمره 5 سنوات.
مزاحم جديد لرياض الأطفال
تحوّلت الكتاتيب اليوم إلى منافس قويّ لمحاضن ورياض الأطفال في تونس إذ تستقبل سنويا الآلاف من الأطفال ممن هم في سن مرحلة التعليم ما قبل المدرسي (أقل من 6 سنوات).
وأظهرت إحصائيات حكومية حديثة أن عدد الكتاتيب بلغ 1186 مع نهاية العام الفائت وأنها استقبلت خلال نفس العام أكثر من 31 ألف طفل (نحو نصفهم من الفتيات) وهي أرقام غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
وباتت الكتاتيب عاجزة عن الاستجابة لطلبات اولياء الأمور المتزايدة بتسجيل أبنائهم فيها لأن القانون لا يسمح بأكثر من 35 طفلا داخل الفصل الواحد بالكتّاب، ما دفع وزارة الشؤون الدينية إلى إصدار منشور العام 2008 نصّ على ضرورة أن يكون "الكتّاب" من المكونات الأساسية لدور العبادة الجديدة المزمع بناؤها.
وأرجع مراقبون الإقبال المتزايد للتونسيين على تسجيل أبنائهم في الكتاتيب إلى تميّز خريجي هذه المؤسسات في مراحل التعليم اللاحقة وإلى "الصحوة العقائدية" التي يعيشها المجتمع التونسي بفعل تأثير القنوات الفضائية الدينية المشرقية والتي أجّجت رغبة الأولياء في تربية أبنائهم تربية إسلامية.
واقترحت الصّحفية التونسية سارة حطّاب التي درست بنتيها في كتّاب جامع "آل سعود" بحي المنار الراقي وسط العاصمة تونس في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "تعميم" التدريس في الكتاتيب التي قالت إن التعليم فيها "بيداجوجي" وذو "جودة عالية" مقارنة ببقية مراحل التعليم قبل المدرسي في تونس.
وأضافت أن بنتيها اللتين تتابعان الآن تعليمهما بتميّز في المدرسة الابتدائية "تستثمران حاليا المعارف التي اكتسبتاها في الكتاتيب وخاصة التمكّن من قواعد اللغة العربية".
برنامج إصلاح
أطلقت وزارة الشؤون الدينية منذ سنة 2002 "برنـامجا إصلاحيّا متكاملا " للمدارس القرآنية شاركت في تنفيذه وزارات الصحة والتربية والطفولة واشتمل على تهيئة الفضاءات وتغيير مناهج التدريس وتخريج حيل جديد من "المؤدّبين" وهي التسمية التي تطلق في تونس على معلّمي الكتاتيب.
ويقول وزير الشؤون الدينية التونسي أبو بكر الأخزوري إن البرنامج يهدف إلى "القطع مع الصورة التقليدية لمؤسسة الكتاتيب من خلال تغيير المناهج والبرامج والفضاءات بما يجعلها تستجيب لروح العصر... دون الخروج عن المبادئ الأساسية المتمثلة في تعليم القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة".
وانطلقت عملية الإصلاح بإغلاق الكتاتيب العشوائية وغير الحاصلة على "قرار تكليف بخطة مؤدّب" (رخصة قانونية من الدولة) وتهيئة الفضاءات وتجهيزها وتوفير كل الشروط الصحية داخلها لتستقبل الأطفال في أحسن الظروف.وتشبه فصول الكتاتيب التونسية فصول المدارس الابتدائية إذ تحتوي على سبّورة ومناضد ويجلس الأطفال فيها على مقاعد وليس على الأرض مثلما هو الحال في المدارس القرآنية في بقية الدول الإسلامية، ويلبسون ملابس موحدة (يونيفورم).وفي إطار برنامج الإصلاح أدخلت وزارة الشؤون الدينية تغييرا جذريا على برنامج التدريس بالكتاتيب إذ صار جامعاً بين تحفيظ القرآن والأحاديث النبوية وتعليم العبادات والتربية على الآداب الإسلامية وبين مواد أخرى "مدنيّة" تتناسب مع أعمار الأطفال مثل الكتابة والرسم والرياضة والتعبير الشفوي والمحفوظات والأناشيد.
وتتمحور مواضيع أغلب المواد التي يتم تدريسها للأطفال حول مسائل دينية وأخرى مدنية إيجابية مثل حب الوطن والوسطية والتسامح وحب الخير للآخر والتعاون والنظافة وآداب الأكل وآداب التحية والرفق بالحيوان والحفاظ على البيئة والأمانة والصدق والبر بالوالدين وآداب الطريق والتسامح.
وتتابع وزارة الشؤون الدينية بانتظام ومن خلال مراقبين يؤدون زيارات تفقّد فجائية إلى الكتاتيب مدى التزام المؤدبين بتطبيق برنامج التدريس في المدارس القرآنية المنتشرة بمختلف أنحاء البلاد. وينتظر أن تعتمد الوزارة منظومة إعلامية (في مستوى الوزارة) تمكّن من متابعة نشاط المؤدبين والكتاتيب بضفة دقيقة وناجعة.وتؤكد وزارة الشؤون الدينية أن الإصلاحات التي أدخلت على الكتاتيب لم تمسّ من رسالتها (الكتاتيب) الأساسية المتمثلة في تعليم الأطفال نصيبا من القرآن الكريم والسنة النبوية وتنشئتهم على الآداب الإسلاميّة.
معلّمات واختلاط
خلافا لبقية المدارس القرآنية في العالم الإسلامي يدرس رواد الكتاتيب التونسية من الأطفال والفتيات في فصول مختلطة مثلما هو الشأن في مدارس وجامعات البلاد التي تحظى فيها المرأة بحقوق وحريات فريدة من نوعها في العالم العربي. وكان ارتياد الكتاتيب محجرا على الفتيات بموجب نص قانوني تم إصداره العام 1942 وألغي في العام 1980.وكسرت النساء منذ 2002 الاحتكار الذكوري للتدريس بالكتاتيب إذ التحقت بالمدارس القرآنية خلال هذا العام أول دفعة من المؤدبات (المعلمات) ضمن أول مجموعة من المؤدبين الحاصلين على درجة الأستاذية في العلوم الإسلامية من الجامعة الزيتونية الإسلامية التونسية الشهيرة.
وقالت مؤدبة كتّاب جامع "الرحمان" بمدينة المرسى، الواقعة شمال العاصمة حبيبة القديدي، وأول مؤدبة في تونس تحمل درجة الماجستير في العلوم الإسلامية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن المجتمع الذي رسخت في مخيلته صورة المؤدّب الرجل تلقى ببالغ الاستغراب تولّي امرأة التدريس في الكتّاب لكنه تقبّل الأمر لاحقا.
وأضافت أن كثيرا من الأولياء صاروا يفضلون إرسال صغارهم إلى كتّاب تشرف عليه مؤدبة عوضا عن مؤدب لأن "المؤدبة تضطلع بدور الأم والمربّية في نفس الوقت".
وصرّح محمد بلقايد مدير المعالم والإطارات الدينية بوزارة الشؤون الدينية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن عدد المؤدبات في تونس ارتفع إلى حوالي 400 العام الفائت أي أكثر من ثلث مجموع المؤدبين الذي بلغ 1186 خلال نفس العام.
وأضاف أن اقتحام المرأة الكتاتيب "مثّل منعرجا هاما" وان المؤدبات أظهرن كفاءة عالية في أداء وظيفتهن ملاحظا أن الأطفال الذين تتلمذوا على أياديهن يصعب أن يتبنوا في يوم من أيام مقولات مثل "المرأة ناقصة عقل أو دين وصوتها عورة".
برامج لرفع الكفاءة
يتابع المؤدبون الحاصلون على درجة الأستاذية في العلوم الإسلامية من الجامعة الزيتونية الإسلامية-قبل مباشرة التدريس بالكتاتيب- تكوينا خصوصيا في علم البيداجوجيا وعلم النفس التربوي وعلم نفس الطفل وحقوق الطفل وصحة الطفل وعلم القراءات (النطق السليم للقرآن) والمعلوماتية.
وأصبحت أعداد متزايدة من الكتاتيب تعتمد الكمبيوتر في تدريس الأطفال أمام الانتشار الكبير لاستعمال المعلوماتية في صفوف الأجيال الصاعدة بالبلاد.
وأخضعت وزارة الشؤون الدينية في سياق متصل الجيل القديم من المؤدبين لبرامج تأهيل بهدف الارتقاء بمستوياتهم العلمية ومؤهلاتهم الدراسية.
وشددت الوزارة منذ العام 2005 من شروط إسناد رخصة "مؤدب" إذ اشترطت أن لا يتجاوز سن المترشّح إلى هذه الوظيفة 50 عاما وألاّ يقل مستواه التعليمي عن السنة السابعة من التعليم الثانوي ومقدار حفظه للقرآن عن الأربعة أحزاب الأخيرة.
وشكلت وزارة الشؤون الدينية العام 2007 لجنة كلفتها بالتطوير المستمر لبرامج التعليم بالكتاتيب وبرامج تكوين المؤدبين. مهنة مربحة
تعتبر مهنة المؤدب بالكتاتيب التونسية مهنة مربحة نسبيا مقارنة بمهنة المدرسين بالمدارس الابتدائية والثانوية إذ يمكن أن يتجاوز دخل المؤدب الواحد 1000 دينار تونسي شهريا (حوالي 800 دولار) وهو راتب يفوق ما يتقاضاه مدرسو التعليم الابتدائي والثانوي.
ويستقبل الكتّاب الواحد يوميا معدل 70 طفلا يتوزعون بين 35 طفلا يدرسون في فوج الصباح و35 في فوج بعد الظهر. ويتقاضى كل مؤدّب راتبا شهريا حددته وزارة الشؤون الدينية بـ 15 دينارا (حوالي 12 دولارا) عن الطفل الواحد. لكن الأولياء اللذين يقدرون الرسالة الدينية للكتاتيب يدفعون مقابلا أعلى مما هو محدّد.ويستغلّ المؤدبون فضاءات الكتاتيب (التابعة لوزارة الشؤون الدينية) مجانا إذ لا تطالبهم الوزارة بسداد رسوم الايجار أو استهلاك الكهرباء والماء.
وتسند الوزارة إلى المؤدبين الحاصلين على درجة الأستاذية في العلوم الإسلامية من الجامعة الزيتونية الإسلامية على منحة مالية شهرية قدرت بـ 177.5 دينارا (حوالي 135 دولارا) ومنحة بـ 142.5 دينارا (حوالي 100 دولار) لبقية المؤدبين من غير المتخرجين من جامعة الزيتونة.
(د ب أ)
عادت المدارس القرآنية لتضرب بقوة في تونس خلال السّنوات القليلة الفائتة بعد أن شارفت على الانقراض أثناء الاستعمار الفرنسي للبلاد (1881/1956) وخلال فترة حكم الحبيب بورقيبة (1956/1987) أوّل رئيس لتونس المستقلة.وكانت هذه المدارس أوشكت على الاندثار تماما نتيجة انتهاج المستعمر الفرنسي سياسة طمس كل ما يمتّ بصلة لهوية تونس الإسلامية، وبفعل إلغاء بورقيبة للتعليم الديني الذي رأى فيه تعليما تقليديا لا يتماشى ومشروعه لبناء دولة حديثة.ويعتقد مهتمون بالشأن التونسي أن برنامج "إصلاح" المدارس القرآنية الذي شرعت الحكومة في تنفيذه منذ العام 2002 لعب دورا حاسما في "إعادة الاعتبار" إلى هذه المؤسسات التعليمية الدينية التي يطلق عليها في تونس اسم "الكتاتيب" (جمع كتّاب).
وتقول السّلطات التونسية التي تبدي صرامة واضحة في مقاومة التطرف الديني إن الهدف الأساسي من إصلاح الكتاتيب هو "تجذير الناشئة في هويتها العربية الإسلامية" و"تربيتها على قيم الاعتدال والوسطية والتسامح".
وتقع الكتاتيب داخل الجوامع أو الزوايا الخاضعة إداريا لوزارة الشؤون الدينية (الأوقاف). وقد أوكلت الحكومة مهام الإشراف الحصري على الكتاتيب إلى هذه الوزارة التي من بين مهامها الرسمية المعلنة "تطبيق سياسة الدولة في المجال الديني" و"درء أخطار الانغلاق والتطرّف".
وحدّد القانون السن الدنيا لقبول الأطفال بالكتاتيب بأربع سنوات والقصوى بخمس سنوات وهي سن "التعليم ما قبل المدرسي" التي يتم فيها إعداد الطفل لدخول المدرسة الابتدائية. وتتواصل الدراسة في الكتاتيب عامين اثنين لمن عمره 4 سنوات وعاما واحدا لمن عمره 5 سنوات.
مزاحم جديد لرياض الأطفال
تحوّلت الكتاتيب اليوم إلى منافس قويّ لمحاضن ورياض الأطفال في تونس إذ تستقبل سنويا الآلاف من الأطفال ممن هم في سن مرحلة التعليم ما قبل المدرسي (أقل من 6 سنوات).
وأظهرت إحصائيات حكومية حديثة أن عدد الكتاتيب بلغ 1186 مع نهاية العام الفائت وأنها استقبلت خلال نفس العام أكثر من 31 ألف طفل (نحو نصفهم من الفتيات) وهي أرقام غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
وباتت الكتاتيب عاجزة عن الاستجابة لطلبات اولياء الأمور المتزايدة بتسجيل أبنائهم فيها لأن القانون لا يسمح بأكثر من 35 طفلا داخل الفصل الواحد بالكتّاب، ما دفع وزارة الشؤون الدينية إلى إصدار منشور العام 2008 نصّ على ضرورة أن يكون "الكتّاب" من المكونات الأساسية لدور العبادة الجديدة المزمع بناؤها.
وأرجع مراقبون الإقبال المتزايد للتونسيين على تسجيل أبنائهم في الكتاتيب إلى تميّز خريجي هذه المؤسسات في مراحل التعليم اللاحقة وإلى "الصحوة العقائدية" التي يعيشها المجتمع التونسي بفعل تأثير القنوات الفضائية الدينية المشرقية والتي أجّجت رغبة الأولياء في تربية أبنائهم تربية إسلامية.
واقترحت الصّحفية التونسية سارة حطّاب التي درست بنتيها في كتّاب جامع "آل سعود" بحي المنار الراقي وسط العاصمة تونس في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "تعميم" التدريس في الكتاتيب التي قالت إن التعليم فيها "بيداجوجي" وذو "جودة عالية" مقارنة ببقية مراحل التعليم قبل المدرسي في تونس.
وأضافت أن بنتيها اللتين تتابعان الآن تعليمهما بتميّز في المدرسة الابتدائية "تستثمران حاليا المعارف التي اكتسبتاها في الكتاتيب وخاصة التمكّن من قواعد اللغة العربية".
برنامج إصلاح
أطلقت وزارة الشؤون الدينية منذ سنة 2002 "برنـامجا إصلاحيّا متكاملا " للمدارس القرآنية شاركت في تنفيذه وزارات الصحة والتربية والطفولة واشتمل على تهيئة الفضاءات وتغيير مناهج التدريس وتخريج حيل جديد من "المؤدّبين" وهي التسمية التي تطلق في تونس على معلّمي الكتاتيب.
ويقول وزير الشؤون الدينية التونسي أبو بكر الأخزوري إن البرنامج يهدف إلى "القطع مع الصورة التقليدية لمؤسسة الكتاتيب من خلال تغيير المناهج والبرامج والفضاءات بما يجعلها تستجيب لروح العصر... دون الخروج عن المبادئ الأساسية المتمثلة في تعليم القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة".
وانطلقت عملية الإصلاح بإغلاق الكتاتيب العشوائية وغير الحاصلة على "قرار تكليف بخطة مؤدّب" (رخصة قانونية من الدولة) وتهيئة الفضاءات وتجهيزها وتوفير كل الشروط الصحية داخلها لتستقبل الأطفال في أحسن الظروف.وتشبه فصول الكتاتيب التونسية فصول المدارس الابتدائية إذ تحتوي على سبّورة ومناضد ويجلس الأطفال فيها على مقاعد وليس على الأرض مثلما هو الحال في المدارس القرآنية في بقية الدول الإسلامية، ويلبسون ملابس موحدة (يونيفورم).وفي إطار برنامج الإصلاح أدخلت وزارة الشؤون الدينية تغييرا جذريا على برنامج التدريس بالكتاتيب إذ صار جامعاً بين تحفيظ القرآن والأحاديث النبوية وتعليم العبادات والتربية على الآداب الإسلامية وبين مواد أخرى "مدنيّة" تتناسب مع أعمار الأطفال مثل الكتابة والرسم والرياضة والتعبير الشفوي والمحفوظات والأناشيد.
وتتمحور مواضيع أغلب المواد التي يتم تدريسها للأطفال حول مسائل دينية وأخرى مدنية إيجابية مثل حب الوطن والوسطية والتسامح وحب الخير للآخر والتعاون والنظافة وآداب الأكل وآداب التحية والرفق بالحيوان والحفاظ على البيئة والأمانة والصدق والبر بالوالدين وآداب الطريق والتسامح.
وتتابع وزارة الشؤون الدينية بانتظام ومن خلال مراقبين يؤدون زيارات تفقّد فجائية إلى الكتاتيب مدى التزام المؤدبين بتطبيق برنامج التدريس في المدارس القرآنية المنتشرة بمختلف أنحاء البلاد. وينتظر أن تعتمد الوزارة منظومة إعلامية (في مستوى الوزارة) تمكّن من متابعة نشاط المؤدبين والكتاتيب بضفة دقيقة وناجعة.وتؤكد وزارة الشؤون الدينية أن الإصلاحات التي أدخلت على الكتاتيب لم تمسّ من رسالتها (الكتاتيب) الأساسية المتمثلة في تعليم الأطفال نصيبا من القرآن الكريم والسنة النبوية وتنشئتهم على الآداب الإسلاميّة.
معلّمات واختلاط
خلافا لبقية المدارس القرآنية في العالم الإسلامي يدرس رواد الكتاتيب التونسية من الأطفال والفتيات في فصول مختلطة مثلما هو الشأن في مدارس وجامعات البلاد التي تحظى فيها المرأة بحقوق وحريات فريدة من نوعها في العالم العربي. وكان ارتياد الكتاتيب محجرا على الفتيات بموجب نص قانوني تم إصداره العام 1942 وألغي في العام 1980.وكسرت النساء منذ 2002 الاحتكار الذكوري للتدريس بالكتاتيب إذ التحقت بالمدارس القرآنية خلال هذا العام أول دفعة من المؤدبات (المعلمات) ضمن أول مجموعة من المؤدبين الحاصلين على درجة الأستاذية في العلوم الإسلامية من الجامعة الزيتونية الإسلامية التونسية الشهيرة.
وقالت مؤدبة كتّاب جامع "الرحمان" بمدينة المرسى، الواقعة شمال العاصمة حبيبة القديدي، وأول مؤدبة في تونس تحمل درجة الماجستير في العلوم الإسلامية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن المجتمع الذي رسخت في مخيلته صورة المؤدّب الرجل تلقى ببالغ الاستغراب تولّي امرأة التدريس في الكتّاب لكنه تقبّل الأمر لاحقا.
وأضافت أن كثيرا من الأولياء صاروا يفضلون إرسال صغارهم إلى كتّاب تشرف عليه مؤدبة عوضا عن مؤدب لأن "المؤدبة تضطلع بدور الأم والمربّية في نفس الوقت".
وصرّح محمد بلقايد مدير المعالم والإطارات الدينية بوزارة الشؤون الدينية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن عدد المؤدبات في تونس ارتفع إلى حوالي 400 العام الفائت أي أكثر من ثلث مجموع المؤدبين الذي بلغ 1186 خلال نفس العام.
وأضاف أن اقتحام المرأة الكتاتيب "مثّل منعرجا هاما" وان المؤدبات أظهرن كفاءة عالية في أداء وظيفتهن ملاحظا أن الأطفال الذين تتلمذوا على أياديهن يصعب أن يتبنوا في يوم من أيام مقولات مثل "المرأة ناقصة عقل أو دين وصوتها عورة".
برامج لرفع الكفاءة
يتابع المؤدبون الحاصلون على درجة الأستاذية في العلوم الإسلامية من الجامعة الزيتونية الإسلامية-قبل مباشرة التدريس بالكتاتيب- تكوينا خصوصيا في علم البيداجوجيا وعلم النفس التربوي وعلم نفس الطفل وحقوق الطفل وصحة الطفل وعلم القراءات (النطق السليم للقرآن) والمعلوماتية.
وأصبحت أعداد متزايدة من الكتاتيب تعتمد الكمبيوتر في تدريس الأطفال أمام الانتشار الكبير لاستعمال المعلوماتية في صفوف الأجيال الصاعدة بالبلاد.
وأخضعت وزارة الشؤون الدينية في سياق متصل الجيل القديم من المؤدبين لبرامج تأهيل بهدف الارتقاء بمستوياتهم العلمية ومؤهلاتهم الدراسية.
وشددت الوزارة منذ العام 2005 من شروط إسناد رخصة "مؤدب" إذ اشترطت أن لا يتجاوز سن المترشّح إلى هذه الوظيفة 50 عاما وألاّ يقل مستواه التعليمي عن السنة السابعة من التعليم الثانوي ومقدار حفظه للقرآن عن الأربعة أحزاب الأخيرة.
وشكلت وزارة الشؤون الدينية العام 2007 لجنة كلفتها بالتطوير المستمر لبرامج التعليم بالكتاتيب وبرامج تكوين المؤدبين. مهنة مربحة
تعتبر مهنة المؤدب بالكتاتيب التونسية مهنة مربحة نسبيا مقارنة بمهنة المدرسين بالمدارس الابتدائية والثانوية إذ يمكن أن يتجاوز دخل المؤدب الواحد 1000 دينار تونسي شهريا (حوالي 800 دولار) وهو راتب يفوق ما يتقاضاه مدرسو التعليم الابتدائي والثانوي.
ويستقبل الكتّاب الواحد يوميا معدل 70 طفلا يتوزعون بين 35 طفلا يدرسون في فوج الصباح و35 في فوج بعد الظهر. ويتقاضى كل مؤدّب راتبا شهريا حددته وزارة الشؤون الدينية بـ 15 دينارا (حوالي 12 دولارا) عن الطفل الواحد. لكن الأولياء اللذين يقدرون الرسالة الدينية للكتاتيب يدفعون مقابلا أعلى مما هو محدّد.ويستغلّ المؤدبون فضاءات الكتاتيب (التابعة لوزارة الشؤون الدينية) مجانا إذ لا تطالبهم الوزارة بسداد رسوم الايجار أو استهلاك الكهرباء والماء.
وتسند الوزارة إلى المؤدبين الحاصلين على درجة الأستاذية في العلوم الإسلامية من الجامعة الزيتونية الإسلامية على منحة مالية شهرية قدرت بـ 177.5 دينارا (حوالي 135 دولارا) ومنحة بـ 142.5 دينارا (حوالي 100 دولار) لبقية المؤدبين من غير المتخرجين من جامعة الزيتونة.
(د ب أ)
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions