
رَحَلَ غازي..
فقدتُ اليوم شخصًا عزيزًا جدًا، خاصًا جدًا، تجمعني به ذكريات رائعة جدًا.
كان أول لقاء جمعني بالقصيبي في المرحلة الإبتدائية، في قصيدة قالها احتفالا بافتتاح جسر الملك فهد بين السعودية والبحرين، ما زلتُ أذكر مطلعها الرائع:
ضربٌ من العشق لا دربٌ من الحجرِ....هذا الذي طار بالواحاتِ للجُزُرِ
ومضت السنين لأصل إلى المرحلة الإعدادية، ويصل هو إلى حفل زفاف ابنته الكبرى، فيكتب لها قصيدة من أجمل القصائد، غنّتها فرقة (سلطانيز) البحرينية بلحنٍ بديع رغم تكسير المطرب في لغتها:
العمرُ أنتِ وريّاهُ ورونقهُ...وأنتِ أطهرُ ما فيه وأصدقهُ
يارا؟ أم الحلمُ في روحي يهدهدها...يارا؟ أم اللحنُ في قلبي يموسقهُ
أمن عيونكِ هذا الفجرُ مشرقهُ...أفديه فجرًا يظلّ الفجرُ يعشقهُ
أطفلةُ الأمسِ هذي؟ أين دميتها؟...وأين مهدٌ أباتُ الليلَ أرمقهُ
أين الحصانُ الذي كانت تلقّبهُ...بابا، تكبّلهُ حينًا وتعتقهُ
وأين كومة أشيائي تبعثرها...وأين دفتر أشعاري تمزّقهُ
وأين في الرمل بيتٌ كنتُ أصنعه...لها فتسكن فيه ثم تسحقهُ
وأين راحت أساطيرٌ ألفقها...في عالمٍ من خيالاتٍ أنمّقهُ
تصغي إليها قبيل النوم في زمنٍ...تتلو على أمها سحرًا وتسرقهُ
تسعٌ وعشر رعاك الله كيف جرى...بنا الزمانُ يكاد البرق يلحقهُ
أطفلة الأمس هذي؟ أين لثغتها...تصيّر الحرف عيدًا حين تنطقهُ
وأين قفزتها إن عدتُ من سفرٍ...تهوي على عنقي عقدًا يطوّقهُ
أهي العروسُ التي يختال موكبها؟...شيء أراه ولكن لا أصدقهُ
يا وردة القلب حيّتكِ الورود وما...للورد نفح عبير منك أنشقهُ
تمازج الوردُ في دمعي فيالَ أبٍ...يلقاكِ بالدمعِ والأفراحُ تخنقهُ
ومضى الزمان ونسيتُ القصيبي الشاعر، حتى عثرتُ على روايةٍ له اسمها "شقة الحرية"، ولا أذكر أين قرأتها أول مرة (ربما في المكتبة الإسلامية التي اكتشفتُ فيها كتبا ومؤلفين لا حصر لهم) ولكنني أذكر أنها أذهلتني جدًا جدًا، وهي الرواية الوحيدة التي قرأتها 3 مرات في حياتي. بها سحرٌ عجيب لا أعرف مكمنه بالضبط، ربما لأنّ الفترة الناصرية تأسرني؟ ربما لأن بها شيئا من رائحة البحرين التي تشكّل جزءا من هُويتي؟ ربما لأنها تلقي الضوء على التحولات الفكرية في الخليج العربي؟ لا أدري!
وكم كنتُ سعيدًا عندما اكتشفتُ بالصدفة رواية أخرى في المكتبة الإسلامية اسمها "7"، والتهمتها بسرعة واستمتعتُ بها كثيرًا. وعندما بدأتُ أشتري الكتب اقتنيتُ عددًا من كتبه، فقرأتُ "العصفوية" وهي من أفضل الروايات العربية، وقرأتُ "أبو شلاخ البرمائي" وضحكتُ كثيرًا مع القصيبي، وقرأتُ "هما" و "سعادة السفير" و "الجنية" و "دنسكو" و "استراحة الخميس" و غيرها الكثير. أسلوبه الأدبي الساخر يذهلني، وهو أسلوب متفرد مميز لا أجد لذته مع أي كاتب عربي آخر.
وأما الكتاب الذي يقفز إلى ذهني مباشرة حين يطلب مني الأصدقاء ترشيح كتب عربية لهم فهو الكتاب الرائع "حياة في الإدارة". رحلة إدارية ممتعة وفي قمة الفائدة يأخذك فيها القصيبي دون توقف من الغلاف إلى الغلاف، ولم أعرف أو أسمع عن أحد ندم لقراءته هذا الكتاب أو لم يبد إعجابه الشديد به.
أحببتُ غازي القصيبي كثيرًا، وكنتُ أتمنى أن أقابله يومًا ما. كان بالنسبة لي كثيرًا من الأشياء، فهو روائي ساخر تروقني رواياته وقفشاته، وهو شاعر مميز تطربني قصائده، وهو إداري فذ تعلمتُ منه الكثير، وهو إنسان نبيل يشجّع الأدباء الشباب (مثلا كتب تعليقًا على غلاف أول رواية لعبده خال، وأصدر كتابا كاملا بعنوان "الخليج يتحدث شعرا ونثرا" يشير فيه إلى إبداعات أدباء الخليج الشباب).
بكل صدق..حزنتُ كثيرًا لوفاته، ولكن هكذا شاء الله أن يريحه من صراعه مع المرض.
رحمك الله يا غازي
المصدر : مدونة أكثر من حياة
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions