السكينة
هل خطر لك ذات يوم أن تفكر بالسكينة؟
هي الينبوع الفياض لأعظم تأملاتنا وتصوراتنا، منها تتغذى الأرواح السامية والنفوس الحساسة.
منها : سكينة السماء ، ومن منا لا يشعر برعشة وهيبة عندما ينظر الى الكواكب والنجوم الصامتة الهادئة؟
من منا لا ترتفع نفسه الى فوق أمام هذه المشاهد الجليلة؟
أمام هذه العوالم التي تجهلنا كما نجهلها؟
ومنها سكينة الليل : عندما يأوي آخر طير الى عشه ، عندما تهدأ الرياح وتكف عن زفراتها وتنهداتها ، عندما يهدأ العالم كله ويلجأ الى الرقدة عندئذ : كم من أفكارنا ترتفع الى الأعالي؟ وكم تعود إلينا بأنواع الرجاء والأمل؟
ومنها سكينة الألم والمصائب : فإن الألم الصامت في النفس هو أبلغ من الدموع وأعظم من كل التنهد والتأوه وأسمى من الصراخ والضجيج.
ومنها سكينة الموت : تلك السكينة التي يصعب على الكثيرين فهمها وتفسيرها ، فالذين هم تحت التراب ، يلقون علينا أسمى العظات ، مع أن شفاههم قد انطبقت انطباقا أبديا.
وبعد ذلك تأتي السكينة العظمى : أي سكينة الله فانها مصدر كل قوة في هذا الكون ، وهي أشد أنواع السكينة صمتا وهدوءا ، وأدهشها وأعجبها على الإطلاق.