المراه والحرمان العاطفي....

    • المراه والحرمان العاطفي....

      [B]المرأة والحرمان العاطفي[/B]



      إن حرمان المرأة عاطفيا جرس يدق في عالم الضياع والانحراف ذلك أن التشبع العاطفي والذي يبدأ في طور النشأة وسنوات عمرها الأولى يجعل منها نبعا للحب والعطاء لا ينضب ويخلق في داخلها التوازن النفسي الطبيعي الذي يمنح المرأة الطاقة اللازمة والقدرة المتوازنة على خلق جو أسري متوازن من خلال توازنها النفسي الذي لم يكن سوى وليد التشبع العاطفي الذي بدأ بين يدي والديها منتهيا بيد الزوج الذي لو أكمل مسيرة التشبع التي خلقه الوالدان لاكتمل التوازن ولكن الحاصل في الغالب أن تنقطع مسيرة التشبع العاطفي بمجرد انتقالها إلى يد الزوج وهنا تكون الصدمة التي تعود على المرأة وأسرتها وأولادها بنتائج عكسية ذات طابع سلبي قد يدمر حياتها كزوجة وإلى الأبد .. وأحيانا قد لا تحصل المرأة أبدا على التشبع العاطفي وتعاني حرمانا مزمنا منذ ولادتها وحتى زواجها فتكون قد حرمت العاطفة مع الوالدين ومع الزوج وهذا ما قد يقود الكثيرات منهن إلى منزلق الخطيئة .

      في عالمنا العربي اليوم ...تضج الحياة بالخيانات الزوجية ، الطلاق ، زواج المراهقات ، انحراف الأحداث ، مشاكل المراهقات كافة كالهروب مثلا أو تعلقهن بأبطال بعض المسلسلات والأفلام كالحاصل في وقتنا الحاضر ...كل ذلك يفسر حال الحرمان العاطفي لدى المرأة والذي قد يشوه نظرتها وتوجهها في الحياة .
      أثار إعجابي أحد شيوخنا الكرام حين تناول موضوع المرأة وحرمانها العاطفي في إحدى خطب الجمعة حين قال :»قبل أن تحاربوا وتحاسبوا امرأة خرجت من دارها بحثا عن الحب والعاطفة وارتكبت الخطيئة في حق نفسها وأهلها يجب أن تحاسبوا أنفسكم وتحاربوا أولا ظاهرة نقص الحب داخل منازلكم فأنتم السبب».
      نعم ...ذلك صحيح ...فالبنت عندما تعيش وسط جو أسري مفعم بالحب والحنان والعاطفة فلن تشعر أبدا بالنقص في هذه الناحية لتندفع بحثا عنه خارج أسوار منزلها ...والعاطفة داخل نطاق الأسرة لا تقتصر على الكلمات فالعاطفة كلمة وإيماءة ولمسة وشعور .

      تقول إحدى المراهقات شاكية حالها وحرمانها :إنني أحلم دائما بأن يضمني والدي على صدره أو أن يقبلني كما كان يفعل عندما كنت طفلة صغيرة وتستطرد قائلة :هل يصبح كل ذلك حراما حين نكبر ؟ وهل سأفتقد حضنه وقبلته مدى الحياة ؟
      هذا السؤال أوجهه للعالم بأسره ...إلى كل أب وكل أم ...الأولاد يكبرون ولكن حاجتهم إلى الحب والحنان تكبر أكثر فأكثر ..

      ترى عندما تحرم الفتاة من أبسط معاني الحب في منزلها ووسط عائلتها ...هل ستتمكن مستقبلا من تقديم الحب لأسرتها المستقبلية (زوجها وأبناؤها )؟
      بالطبع لا ...ففاقد الشيء لا يعطيه وإن أعطاه لن يوفيه حقه ...
      فالحرمان العاطفي هو معاناة الإنسان الناتجة عن غياب الأسباب الضرورية لتلبية حاجاته ورغباته النفسية والحرمان العاطفي يؤثر سلبا على النمو المعرفي عند الأطفال إلى أن يتحول الطفل إلى كائن عدواني مضاد للمجتمع وخطرا على أسرته والإنسانية ...وقد يؤثر أيضا على النمو الحركي والنمو الانفعالي والنمو الاجتماعي والنمو العقلي والنمو اللغوي .
      هل ذلك كثير ؟ هل هو خيالي أو مبالغ فيه ؟
      الجواب : لا ...فكل تلك حقائق أثبتها العلم وصدقتها التجربة ...ولكن مع الأسف فالكثير من الآباء والأمهات يجهلون أثر الحرمان العاطفي ومدى خطورته .
      تشير الإحصائيات إلى أن 50 في المئة من الفتيات المحكوم عليهن بالسجن عانين في حياتهن من الحرمان العاطفي ، كما أن ظاهرة هروب المراهقات التي أخذت تتسع دائرتها في الآونة الأخيرة أيضا تعود أسبابها إلى تجذر حال الحرمان العاطفي ووجودها منذ الصغر .

      تقول أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس المصرية سامية الساعاتي إن غياب الرجل عن منزله فيه حرمان الأولاد والزوجة من الحنان والعاطفة والأمان وهو أسوأ من حرمان الطعام لأن الجوع العاطفي له تأثير سلبي على شخصية الإنسان أكثر من سلبيات الجوع الغذائي وغيابه يعد بمثابة إنذار بالضياع والتفكك للأسرة بأكملها ما ينذر بحدوث كوارث جمة والذي يعد هروب الفتيات واحدة من أشكال الانهيار الاجتماعي إذ تبحث الفتاة عمن يحقق لها الإشباع العاطفي والوجداني والحنان الذي افتقدته في أسرتها بسبب غياب الأب وانشغال الأم ونقول كما قال الشاعر :

      الأم مدرسة إذا أعددتها
      أعددت شعبا طيب الأعراق


      إذا فلنعد المرأة ونحصنها عاطفيا لنكون بذلك قد أعددنا بالفعل شعبا طيب الأعراق..