فضل الصلاة وأهمية الطهور
الحمد لله ربّ الكائنات المنزّه عن الحدود والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الستّ كسائر المبتدعات ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الكائنات وعلى جميع إخوانه النبيين المؤيدين بالمعجزات الباهرات فبعصا موسى انفلق البحر وبدعاء نوح نزل المطر ولمحمد نطق الشجر والحجر وانشقّ القمر.
وبعد عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم. واعلموا أن الله تعالى يقول: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون}.
إنّ الله تبارك وتعالى جعل للصلاة منزلة عالية في الدين فهي أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله ففي صحيح ابن حبان رحمه الله قال: قال رجل: يا رسول الله أيّ العمل أفضل؟ قال: الصلاة فعاد الرجل ثانية للسؤال فقال الرسول الصلاة ثم عاد الرجل ثالثة فقال الرسول الصلاة وقال عليه الصلاة والسلام أيضا: واعلموا أنّ خير أعمالكم الصلاة فينبغي المحافظة عليها حال الصّحّة والمرض وحال الضيق في العيش وحال السّعة والرخاء وحال الأمن وحال الخوف فقد جاء عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: العبادة في الهرج كهجرة إليّ رواه مسلم. وهذا فيه الحثّ على التزام تقوى الله أي أداء الواجبات واجتناب المحرمات في أيام الهرج أي في الأيام التي يكثر فيها القتل والقلق والفزع والخوف.
ثم الصلاة لها شروط وأركان ولها مفتاح لمفتاحها أمر مهم يجب العناية به فكما أنّ المفتاح الحسّيّ إذا لم يكن صالحا لا يفتح الباب وكذلك المفتاح المعنويّ وهو مفتاح الصلاة إذا لم يكن صالحا لا يضمن الحصول على ثواب الصلاة بل وعلى صحّتها وهذا المفتاح هو الطهور فلا يتقن صلاته من لا يتقن طهارته.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقبل الله صلاة بغير طهور رواه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: الطهور شطر الإيمان رواه مسلم. والطهور هو الطهارة عن الحدثين الأصغر والأكبر وإزالة النجاسة لذلك الرسول قال: الطهور شطر الإيمان أي نصف الإيمان أي جزء كبير من الإيمان.
هذا تعظيم كبير للطهور رسول الله يبين لنا ويفهمنا أنّ الطهور شأنه عند الله عظيم لأنه مفتاح الصلاة والصلاة أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله ومن أهمل الطهور أهمل الصلاة فكأنّه خسر الدين كلّه وهذا في صلاة الفرض لأنّ صلاة السنة لو لم يصلّها الإنسان في عمره ولا مرة ما عليه مؤاخذة فإذا كمل الطهور يرجى أن تكون الصلاة كذلك كاملة ليس فيها خلل.
وهناك أحاديث مكذوبة ومع كونها كذلك إلا أنها اشتهرت على لسان كثير من الناس منها: من لم يصلّ سنّتي فليس من أمّتي ونحوه فمن صلّى الصلاة على عقيدة صحيحة أي بعد معرفة الله ورسوله كما يجب ثم تطهّر طهورا صحيحا شرعا ثم صلى الصلوات الخمس على الوجه الصحيح فهذا الذي يرجى له منزلة عالية عند الله تعالى.
عباد الله: إنّ مثل الصلوات الخمس كمثل إنسان بداره نهر جار يغتسل منه خمس مرات في اليوم هذا الإنسان لا يبقى عليه درن أي وسخ كذلك الصلوات الخمس لا تترك شيئا من الذنوب الصغائر بل تمحوها. يدلّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من توضّأ كما أمر وصلّى كما أمر غفر له ما تقدّم من ذنبه رواه ابن حبان وقوله: الصّلوات الخمس كفارات لما بينهنّ ما لم تغش الكبائر رواه البخاريّ ومسلم. نسأله تعالى أن يجعلنا من المصلّين الخاشعين هذا وأستغفر الله لي ولكم.

