ومرت الأيام أخبار الشبيبة

    • ومرت الأيام أخبار الشبيبة

      محمد بن سيف الرحبي

      يا للأيام تتسارع، متهادية كموجة تتلو سابقتها، تعود الأخرى ماء إلى الماء.. تتحطم بتصادم الزاحفة نحو الشاطئ بالأخرى المنسحبة منه، كأنها اللاشيء، كأنها لم تكن الهادرة بصوت المرغية بزبد..

      تزحف الأيام على حوائط أعمارنا، ترتد السنة إلى السنة، تذوب واحدة في أخرى، وفي نهاية المطاف يعود التراب إلى التراب، كأنه لم يكن يوما.. ذا شيء.

      لا يكاد المرء يصدق كيف تتدافع الأيام على حوائطنا، كيف تتساقط الأوراق بهذه السرعة، في غيبوبتنا نبحث عن السرعة ليصل آخر الشهر محملا بالراتب، مع أن اليوم العابر بين أيدينا ينسل من أعمارنا، من العمر المحسوب بالثانية.. أتخيل أحيانا أن إنسانا ما قد يعيش رقما معينا من الساعات متوزعا على أيام وأشهر وسنوات، يريد من الأيام أن تسرع ليلحق بأواخر الشهور، فيما حقيقة الأمور دالة إلى أنه يتعجل نهاية المقدر له من عمر يمضيه حيا يتنفس، إن لم نقل حيا يرزق.

      اليوم هو الثامن عشر من رمضان..

      أيام مضت كأنها الساعات، أشهر تغافلنا في تتابعها كأنها الأسابيع، ومع ذلك نراقب عدّاد الأيام نحاول معه أن يمضي أسرع حيث أننا نلاحق أحلامنا، نريد من الأمنيات أن تصل، وحينما لا تكون أمنية سوى الراتب نريد من الأشهر أن تستقر على الأسبوع الأخير من الشهر، نكره تلك الأيام المحسوبة على منتصفه، لأنه يأتي بالأمنية الوحيدة لقطاع كبير من البشر، أما من تأتي الوحوش لتأكل لقمته الشهرية فإن الحياة تضيق عليه بما رحبت، ويظن أن الأيام متشابهة في السواد، ولا عليه إن جاءت كلمة النهاية اليوم أو غدا.

      نسمع كل شهر الدعاء بأن يبلّغنا الله شهر رمضان، نحن الأحياء لا نمعن التفكير في الكلمات كثيرا، لو التفتنا قليلا لوجدنا أن هناك من لم يبلغ هذا الشهر، سقط في المسافة بينهما، أشخاص أحباء إلينا، رحلوا فجأة، نقول فجأة مع سنّة العمر أن يرحل الإنسان فجأة في غالب الأحوال، حتى من يلغ في العمر عتيا قد نشعر أنه رحل فجأة، كأن الموت في حاجة إلى استئذان كي يأخذ الأحبة منا، في كل حال غادروا، في جميع الأحوال مضوا يتقدمون من سيأتي بعدهم في الركب، من سيأتي بعدهم؟

      الإجابة المنطقية: نحن، أي أنا وأنت وهو..

      لن تخرج الاحتمالات عن ذلك، بمعنى آخر: كم سنفقد من الأحبّة في هذا المشوار بين رمضانين، بين تواتر شهر مبارك علينا، شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار؟

      ربما، السؤال بشكل آخر: هل وضعنا في حساباتنا أن الآخرين قد يفقتدوننا، ونتبادل معهم الأدوار، هم من سيفتقدون، ونحن من يفتقد (بضم الياء وفتح التاء)؟!

      عصية الحياة على اليقين، عصي هذا الموت على الشك، وحده الحقيقة المؤكدة، الحقيقة المرة، الحقيقة الغائبة.. إنما الحياة هبة الله لنا، ما أجملها حتى وإن مرت الأيام.. سراعا. alrahby@gmail.com


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions