سر من نور

    • سر من نور









      باسمك اللهم نفتتح كل عمل كريم ، وبنورك نستقبل كل سبيل قويم ،


      ولك الحمد والشكر أولاً وأخيراً حتى ترضى ، والحمد لله ولينا الذي


      أخرجنا من الظلمات إلى النور ، والصلاة والسلام على خيرت من خلقه


      سيدنا محمد بن عبدالله الذي اصطفاه الله تعالى ليخرج الناس من ظلمات


      الجهل ويدلهم على طريق الإسلام بإذن ربهم العزيز الغفور ،،



      وبعــــد ،،


      فإن من مبادئ وعي الأمة أن تعي لغتها ، فكيف إذا كانت الأمة أمتنا العربية
      ولغتها لغتنا العربية ، لغة القرآن الكريم ..


      فيجب علينا أن نقف وقفات تأمل وتمعن في آيات الله سبحانه وتعالى ، لكي نعي
      ونعرف ونتأمل في معجزة هذه الآيات ، ففي أثناء تأملي لبعض الآيات شدتني آيه
      من آيات الذكر الحكيم وهي ..








      قوله عز وجل :


      (( مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم
      في ظلمات لا يبصرون ..))


      صدق الله العظيم ،،








      سوف اقسم الآيه لكي يسهل فهمها ، ويسهل التوصل لمعرفة سرها البلاغي ،،


      المشبه هو : حال المنافقين في قلقهم واضطرابهم وتوزع خواطرهم وتشتت
      أفكارهم ..


      المشبه به هو : صورة هذا الكائن وهو في ليل بهيم شديد الظلمة تدفعة مخاوفه
      إلى الجد في طلب النار ليتبين بها موضع قدمة فلما حصل عليه وانست بها نفسه
      واطمئنت بها روحه انطفأت النار ..


      وجه الشبهه هو : الهيئه الحاصلة من التردد المتبوع بما يثيره ..


      الأدوات : (مثل ، والكاف ) يؤكد كل منهما الآخر ..


      نوعه هو : تشبيه تمثيلي مركب برزت المعاني في ثوبه ابتداء ..


      وكل تمثيلات القرآن الكريم من هذا القبيل برزت المعاني في ثوبه ابتداء ..


      السر البلاغي هو : في هذه الصورة الرائعه يحذر القرآن الكريم من مربة النفاق ،
      فيرسم صورة واضحة المعاني يخرج لنا من خلالها ما عليه المنافق من قلق
      واضطراب وعدم استقرار في الحياة ، فهو دائما يسأل من أين ؟!! وإلى أين ؟!!..


      وما مرد هذا الوجود ؟!! ...


      ويظل حائراً دون الوقوف على جواب يشفى به ما في نفسه وذلك لنفاقه وخداعه
      واستهزاءه بآيات الله عز وجل المقروءة منها والمرئية ،،


      وفي هذا كله يحذر القرآن الكريم من هذا السلوك البشع والجرم الخطير في حق الدين والإنسانية ..


      ولقد لفتت الصياغة إلى أشياء منها قوله : >> استوقد<< وما في السين والتاء من الطلب الملح ، و وراء ذلك قوة الدافع من مخاوف الظلمه والوحدة ..


      وتنكير قوله : >>ناراً << يفيد أنه في هذا الجهد إنما يبحث عن ضوء خافت
      وإنارة قليلة يُرى بها حقيقة الأشياء ..


      وقوله : >>فلما أضاءات<< فيه معنى المفاجأة التي طارت معها النفس فرحاً..


      وقوله : >>ذهب الله بنورهم<< يفيد أن يد القدرة الرحيميه امتدت إلى هذا النور


      فاقتلعته من أساسه ولم يتبقى منه شيئاً ، لأن التعبير الباء يفيد المصاحبة ومراد
      القرآن من ذلك أن الله سبحانه وتعالى بجلالة وهيبته هو الذي تولى ذلك .. وفي
      هذا من الرعب والفزع ما فيه ..


      ولسائل أن يقول لماذا قال القرآن الكريم >>ذهب الله بنورهم<< ولم يقل ذهب
      الله بضوءهم ليتلائم مع قوله >>فلما أضاءت<< ؟!!


      والجواب : على ذلك أن الضوء في كلام العرب يعني فرط الإنارة فلو قال : ذهب
      الله بضوءهم لتوهمنا أن الذي ذهب هو القدر الزائد وبقي أصل النور وهذا غير
      مراد .. وإنما المراد التأكيد على اقتلاع النور من أساسه وهذا المعنى لا يتأتى إلا
      بقول القرآن المعجز ,,


      وفي قول القرآن الكريم >>تركهم<<تنبيه على احتقارهم وعدم الاعتداد بشأنهم
      وجمع الظلمة اشعاراً بكثافتها وأنها ليست من الظلمة التي نستطيع أن نرى معها
      بعض الأشياء اللامعة كالساعة والمنبة والمسبحة ... فهي ظلمات حاجبة ..



      >>ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور<< ..



      وأكد ذلك بقوله : >>لا يبصرون<< لتأكيد على أن هناك ظلمة في حدقة العين ،
      وظلمة في القلب ، وظلمة في الكون ، وناهيك عمن يعيش في تلك الظلمات أن
      يميز بين الخير والشر ، وبين الظلالة والهدى ..









      ‘‘ وصلى الله عليه وبارك ،،


      ااامم أتمنى توقفوا مثل هذه التأملات البلاغية ،،
      وأن شاء الله تكون وضحت لكم الصورة ،،
      شكرآآ لكم جميعاً ،، وبارك الله فيكم ،،


      ومبارك عليكم الشهر الفضيل ،،





      وجمعنا الله على خير ،،