عجبا من هؤلاء !
أهلا بكم يا أصدقاء، أنقل لكم اليوم مقالا أعجبني للدكتور صالح الفهدي نشرَه في الصفحة 18 من جريدة الوطن عدد هذا الصباح. أتمنى لكم قراءة ممتعة ..
" عجباً من هؤلاء..!
أعجب كثير العجب من قوم ليس لهم من هم سوى الانتقاد وحياتهم مليئة بالمخازي الظاهرة والباطنة ..!! يتشدقون بما يجب أن يكون ، وما يجب أن يحدث ولا ينظرون لأنفسهم والنظر إلى النفس أوجب الواجبات..! " وفي أنفسكم أفلا تبصرون "الذاريات-21، تجدهم في كل مجلس ساخطين ، يظهرون أنفسهم على أنهم أهل الإصلاح، والتغيير، والتحديث وما هم إلا أهل الأهواء والمفاسد..!! ، أما نظرتهم إلى الغير فهي نظرة دونية وكأن غير الجاهل ، لا يفقه من شؤون التغيير ، ولا يعلم من أمر الإصلاح وهم العالمون ، أصحاب الرؤية والدراية ..! لكنهم كشأن الميزان ففيه "ذو الفضل ينـحط وذو النقصان يستعلي"كما يقول الشاعر العباسي أسامة بن منقذ ..!فإذا خالطوا الناس أكثروا في الجدال العقيم ، وأوغلوا في التبرير السقيم، أسرفوا في التسفيه المديم بآراء الخلق ، ولهذا فإن الرشيد يحفظ عقله في مجلسهم ، وصاحب الأنفة يصون كرامته في حضرتهم ، وكيس الرأي ينزه نفسه عن الخوض في مقارعتهم ، ومحاجتهم ..!
أعجب من قوم يرفعون شعار النقد ولغتهم وضيعة اللفظ، سفيهة الأسلوب..! تعابيرهم بمليئة بأحط العبارات ، وأرخص الكلمات ، لا يميزون في التصوير بين بذيء مقذع ، وبين حسن بديع .. فهم يشفون عما يعتمل في أنفسهم من معوج الفكر، ويكشفون عما استبطن ثناياهم من قبيح الخلق ، ويعلنون عما خفي فيهم من منحرف السلوك..!! يتناقل الناس أقوالهم لا إعجاباً بها ، وإنما زرايةً ، وخفةً ، وتسفيهاً بهم..! يرفعون شعار التغيير وكأنهم ربابته ، وهم في الأصل أهل الهوى المعوج وزبانيته ..!!
يدونون فيما أتاح لهم العصر من صفحات رخيصة ، مجانية الصفحات ما يكفي لتشخيص مرضهم النفسي ، وانحرافهم العقلي..!! فهم ليسوا أهلاً - لعللهم هذه - للصدق ، فالصدق في بواطنهم يعني أنهم مضطربون ، مشتتون ، يعانون العقد النفسية التي تحتاج إلى علاج ..! ويصارعون الأفكار المرتبكة التي تحتاج إلى تقويم ..! يلاحظ ذلك اللبيب، الأريب، كيس النظر فلا يخفى عليه أن هؤلاء مرضى محتاجين إلى الشفقة، والإصلاح، فأي فكر يمكن أن يصدر من عقول مضطربة ..؟!وأي تغيير ينتظر من أنفس معوجة ..؟! تقرأ في كتاباتهم الناقدة ، الساخطة ما تعف عنه عين الباصر العاقل ، وتسمع من أقوالهم ما تأنف منه أذن السامع المترفع ، فتقول في نفسك ما قاله أحمد الشدياق:
كيف يدري شيا وما هو شيء .. إن هذا في حيز المستحيل
إن تحدثوا لا يقيمون وزناً لمجلس مهما بلغت رفعته ، وعلا مقام جلاسه ، فيطلقون ألسنتهم ، كما تنطلق البهائم في المرعى النضير ..! وإن نقدوا لا يراعون معايير الأدب ، فقد انفلتت لغتهم من عقال الأدب و(تحررت) ألفاظهم من ربق الخلق..!! سمعت أحدهم ينتقد في إحدى المحطات وهو ممن يشتغلون في الأدب القصصي فقال كلاماً ساخراً يأنف السامع الكريم منه..! وسمعت من آخر كلاماً متداولاً ينتقد فيه ما لم يرق لنفسه فأبان في الكلام خزي نفسه، وأظهر فيه بذاءة طبعه..!! وما ذاك إلا لظنه بتحرر الفكر ، وأي حرية هذه التي لا يضبطها الأدب، ولا يعقلها الخلق..؟! وقرأت لآخر ما يعتبره نقداً وأراه قذفاً وتسفيها وتجريحاً، سطره بلغة رخيصة، ما صدرت إلا لتشف عن علته، فانحرفت المعاني وإن استقامت الأسطر..! وسمعت لآخر يقول هذا الجيل هو جيلنا فلا ارتباط بيننا وجيل آبائنا ولا وشائج ويعلن الانفصال عن جيل كان سبباً في وجوده على ظهر الأرض..!! مثل هذا المغرور ما ضرب به المثل الفيلسوف زكي نجيب محمود بقوله " دار بي الزمان دورته ، حتى جاءت اللحظة التي أتلقى فيها خطاباً من طالب بإحدى كليات الهندسة في جامعاتنا، فوجدته في خطابه قد أجلس نفسه على كرسي الأستاذية ، وأجلسني عند قدميه لأستمع بما يأمرني به من أوامر التعليم وتوجيهات التثقيف ، مقرونةً - تلك الأوامر والتوجيهات - بضروب شتى من عبارات التقريع والتوبيخ" ..!! مثل هذا لا يدعو إلى الانفصال عن جيل آبائه وكأنهم في ضلال مبين فحسب بل ولا يقيم وزناً لهم ، فلقد كان أحد هؤلاء في مجلس بإحدى القرى فدخل رجل مسن نهض لمصافحته الجميع إلا هذا صافحه جالساً وهو في مقام ابنه ..!
وإذا كان المنطق يجيز مبدأ إتاحة المجال للجيل الشاب ليأخذ أدواره في كرة الحياة مجدداً، فإنه لا يجيز إقصاء الجيل السابق مع انفصام العرى، وانقطاع الوشائج، فما لحاضر إشراق دون ماض عريق ، وما لمعرفة دون جذور ، وما لخبرة دون تجارب.. وما أجمل أن تختلط همة الشاب بخبرة الشيخ وتجربته ، وما أطيب أن تتحد حماسة الشاب الثائرة ، بعقلانية الأب الناضجة، أما أن يدعو هؤلاء إلى انفصال الجيلين فذلك من التهور الأحمق ، والفكر الطائش ..!!
أعجب من هؤلاء حين لا يحسنون التحدث مع من هم في مقام آبائهم ، فهل يستحق متحدث من هؤلاء أن يرهف له السمع وهو لا يحسن الاستماع إلى من يكبره عمراً ، ويفوقه تجربةً ، ويعلوه نضجاً ..؟! إن مثل هذا لعليه أن يكون للاستماع أحرص منه على القول كما ينصح ابن المقفع ..!! فغرور النفس خيبة ، وشعورها بالعظمة خسة وضعة ..!! ولا أحسب لعاقل أن يقيم وزناً لجاهل حمله جهله على الشعور بالفوقية على الآخرين ..!
أعجب منهم يتحذلقون في القول ، ويتشدقون بالمنطق وهم لا يحسنون الجلوس في المجالس ، إذ لا يفرقون بين مجلس ندمائهم وقرنائهم ومجلس فيه علية القوم خلقاً وعلماً وأدباً ووجاهةً .. فتجد الواحد منهم وقد تمطى في المجلس وتمدد ، وترك رجليه على رسلهما تهتزان ، كأنما تنفضهما حمى ، وما يحركهما إلا هوى النفس ، ولؤم طبعها..! ويهز منكبيه لأدنى حركة ، ويستنفر عوده لأضعف صوت..! فاقد لرزانة الرجولة ، مخل لرصانتها..! يقول الشريف المرضى
أين الألى طلعوا النجاد مهابةً .. وتسنموا فلك النجوم سموقا
الرافعين مع السماء رؤوسهم .. والضاربين إلى البحور عروقا
وأعجب منهم ينادون بحرية الكلمة ، و"فك الأغلال" عنها ، والحرية في نظرهم انفلات من قيود الحكمة والأدب والخلق إلى فضاءات التجريح والتوبيخ والتسفيه ..!! فإن وضعت الضوابط ثاروا وزمجروا منددين بحجر الكلمة ، وتقليص الحرية ..! وإذا كان المنطق مع حرية الرأي فإن لا يمكن أن يساند جور هذا الرأي واستبداده وسفاهته..! تفوح عباراتهم برائحة نتنة ، تزكم الأنوف الزكية ، كي يتداولها صغار العقول إعجاباً دون أن يعلموا أنما هي مما يطن عليه الذباب ويحط..!
وأعجب منهم يلعلعون ناقدين ساخرين فإذا ما انتقدوا ثاروا ، وعربدوا ، وجاروا ..! فكيف لمؤمن بالحوار يتعالى حين يتكلم ، ويسخر حينما يقصد ..؟! تختبر الواحد منهم فلا تجده إلا متحيزاً لرأيه ، متشدداً لفكره ، معجباً لمنطوق لسانه ..!! فأينه من المنطق ، وأدب الحوار ، وحرية الكلمة وهي ما يدعو لها ..؟!
هذه النفوس المصابة بـ"داء الاستعلاء" لهي نفوس غير متصالحة مع ذاتها ، بل هي مضطربة أشد الاطراب ، وما استعلاؤها إلا دليل اضطرابها ، وضعف إيمانها ، والدليل على ذلك يتجلى في حديث المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام كما ورد في مسند الإمام أحمد "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه" وهؤلاء لا يؤمن لهم جانب ، ولا يثق بهم صاحب ، يقول أبوحيان التوحيدي " وأما الكتاب وأهل العلم فإنهم إذا خلوا من التنافس، والتحاسد، والتماري، والتماحك - فربما صحت لهم الصداقة، وظهر منهم الوفاء، وذلك قليل، وهذا القليل من الأصل القليل"..!
المصدر : مدونة معاوية الرواحي
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions