روبرت فيسك

يبدو بلير أحيانا مثل وزير خارجية إسرائيل افيجدور ليبرمان، فليبرمان ورئيسه في إسرائيل يعتقدون أن أحمدي نجاد أسوأ من هتلر واللورد بلير لا يحب أن يهادن أحدا

يبدو أن هذا الرجل البائس " توني بلير " لم يتعلم أي شيء، ففي خلال مقابلته مع هيئة الإذاعة البريطانية كان يستخدم كلمات مثل " أنا كنت متأكدا " " ولقد كان من الواضح جدا بالنسبة لي أن هذا الحدث سوف يغير كل شيء -أي 11 سبتمبر 2001- كما استخدم بلير جمل مثل " الصورة الاستخبارية كانت واضحة " ، "التبرير القانوني كان واضحا" ، " لقد كان عندي اعتقاد قوي عندئذ وما زال عندي مثل هذا الاعتقاد". عندما يسمع المرء بلير وهو يتحدث يعتقد أننا قد انتصرنا في العراق وأننا حاليا على وشك الانتصار في أفغانستان وأننا سوف نربح الحرب القادمة مع إيران ولم لا فببلير " لورد كوت العمارة " يقول ذلك. إن كوت العمارة هي إشارة لهزيمة بريطانيا العسكرية المذلة في بلاد ما بين النهرين سنة 1915 ولكن من الأفضل التخلي عن تسمية بلير بلورد كوت العمارة، حيث من الأفضل الآن إعادة تسميته ليصبح " بلورد أصفهان " فبلير الذي هزم صدام يريد الآن أن يهزم أحمدي نجاد. لقد قال بلير أثناء المقابلة مع اندرو مار من هيئة الإذاعة البريطانية: " أنا أقول أنه من غير المقبول على الإطلاق أن يكون لإيران أسلحة نووية .... أن من الضروري أن يفهم الإيرانيون الرسالة بشكل واضح "، وهكذا فإن مبعوث السلام للشرق الأوسط يريد أن يحضرنا للحرب مع بلاد فارس. أنا خائف أن الإيرانيين قد تلقوا الرسالة منذ وقت طويل وهذه الرسالة مفادها: إذا اردتم تجنب التهديدات من أشخاص على شاكلة اللورد بلير فيجب عليكم شراء قنبلة على الفور. إن ما لم يقله بلير هو من غير المقبول ان يكون لكوريا الشمالية قدرات نووية ولكنه لم يقل ذلك ونحن نعرف السبب.

يبدو بلير أحيانا مثل وزير خارجية إسرائيل افيجدور ليبرمان. فليبرمان ورئيسه في إسرائيل يعتقدون أن أحمدي نجاد أسوأ من هتلر واللورد بلير لا يحب أن يهادن أحدا . فرغم أنه من المفترض أن يكون بلير صانعا للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا أنه لم يتطرق إلى هذا الموضوع علما أن بلير كان قد ذكر أمام لجنة شيلكوت أنه كانت هناك محادثات هاتفية مع الإسرائيليين خلال مؤتمره مع بوش لاتخاذ قرار بالنسبة للعراق ولقد ضيع اندرو مار فرصة سؤال بلير عن ماذا كان بوش وبلير يتحدثون للإسرائيليين بشأنه بينما كانوا يستعدون للبدء في كارثة العراق.

يقول بلير " إن هناك أناسا عارضوا الحرب وهناك أناسا كانوا يبحثون عن مؤامرة ما وأن الجدل فيما يتعلق بهذا الموضوع سوف يستمر ". العراق ليست مادة للجدل بل كارثة مخضبة بالدماء ويجب على بلير أن يتحمل مسؤوليتها ولكنه لا يريد ولا يستطيع أن يعمل ذلك فهو يدعي أن انزلاق العراق لكل تلك المجازر كان بسبب العناصر الخارجية التي تتألف من القاعدة وإيران. يقول بلير " لقد فقدت العراق استقرارها على يد نفس القوى الخارجية التي جعلت أفغانستان بلدا غير مستقرا". إن الرجال الذين يقتلون الأمريكان والبريطانيين في العراق كانوا بشكل عام عراقيين وهم نفس الرجال الذين اعتقد بلير وبوش أنهم يقومون بتحريرهم من صدام " . يقول بلير: إن " الناس هناك يهاجمون الضواحي المكتظة بالسكان بالسيارات المفخخة" وكأن هذا الأمر ليس له علاقة بغزو العراق سنة 2003.

يقول اللورد بلير عن الضحايا : " كيف لا يمكن أن تشعر بالأسف لموت أناس ". كان يتوجب على بلير أن يقول: " أنا أشعر بالأسف بسبب مقتل هولاء الناس " أي أن يقترب قليلا من الاعتراف بالذنب . لقد قال بلير " نحن لم نتسبب بذلك " أي أن الخطأ ليس خطأه. لقد أصر اندرو مار على أن مائة ألف شخص فقدوا حياتهم بسبب حرب العراق وليس رقم النصف مليون أو المليون وهو الرقم الذي يطارد رئيس الوزراء البريطاني السابق ولكن بلير استطاع أن يشير إلى مئات الآلاف العراقيين الذين فقدوا حياتهم تحت حكم صدام أي أنه استخدم نفس القصة القديمة وهي أن بلير ليس سيئا مثل صدام وأن بلير ألطف من هتلر وأكثر تعاطفا من ستالين وأفضل من جنكيز خان أي أن كل هذه الفوضى ليست لها علاقة باللورد بلير . يقول بلير خلال المقابلة " يجب أن تكون عندك الشجاعة لتفعل الشيء الصحيح " ولكن التفكير فقط هو غير كاف حيث آمل أن تكون صفارات الإنذار التي تحذر من الغارات في أصفهان في حالة تشغيلية جيدة.
الاندبندنت