هـي ... والأعــراااف

    • هـي ... والأعــراااف



      ...أغلقت باب غرفتها لترمي بجسدها المنهك على السرير بعد يوم طويل بين اخذ ورد وجدال كبير كلهم يغالطونها فيما صار يحملونها عاقبة قرارها ، مرهقة تأمل أن تنام بسرعة لترتاح أعصابها مما يدور حولها ومن تفكيرها المستمر ، فلعل الغد سيكون افضل وستولد معه حلول أخرى .

      تتمدد متعبة يكاد رأسها ينفجر من كثر التفكير لا أحد يتفق معها إن الاختلاف وارد لا محال ويمكن القبول به وهي أمور ليست غريبة بين أي زوجين فلما يضخمون الأمر ولما لا يقبلون أن يعتذر وترجع إليه كما كانا ، وكيف له أن يعتذر ولمن انه في نظرهم ارتكب إثم عظيما بالزواج منها وقد أن الأوان أن تعاد الأمور إلى وضعها الطبيعي وان يغسلوا العار الذي لحقهم من هذا الزواج ، الجميع مصمم على طلاقها وهو الوضع الأنسب لهم .

      لقد اشتاقت لسريرها الذي ضمها بدفء تتدحرج فيه بشوق والى غرفتها التي هجرتها منذ ما يقرب من خمسة أعوام وما كان من ماضي أحلامها والتي بنتها بين جدرانها فكم كانت تشاركها أشواقها وآلامها ، أبصرت للتأكد من وجود نافذتها والتي كانت تحرسها فقامت لتـقرأ أجمل الذكريات ، كان هواء تلك اليلة منعش ووميض برق في الافق العالي بعيد بعيد تتفحصه مع أحلامها التي بنتها من هنا .

      كان وسيم تتمناه أي فتاة يحسن ترتيب هندامه ذو خلق هذا ما لمسته في أيامها تلك قبل زواجها منه لم تجد فيما يقولون شي مقنع وما ذنبه هو إذا كانت أعراقه مشكوك فيها أو كما يظنون أتتزوج أعراقه ... ؟ لماذا يمسكون في شي ليس له صلة بشخصه هذا نطاق فلسفتها وإيمانها ، لقد احبها بإخلاص وتحمل الكثير لإجلها كم مرة يتهدده أخوها ويطالبه بالابتعاد عنها وان يعرف حدود اصله وانه يتجاوز حدود الأعراف بعلاقته هذه كل ذلك لم يثنيه ، مرات عدة احضر عائلته لطلب يدها ولا يستقبله أحد إلا هي كل تلك الصعاب عبرها بتشجيعها المستمر له .

      لن تنسى يوم زفافها المتناقض فبعد أن استطاعت بحبها أن تكسر كل الأعراف وان تعلن انتصار الحب بعد سنوات عجاف وصلت حد الاحتضار لولا أرادتهما والتحدي الذي أبدياه للجميع بأنهم لبعض ولن يتخليا عن بعض لما كانت اليوم في منصة العروس هذه ، كان لهذا الحب أن يتوج بعرس لم تستطيع أفراحه أن تكتمل فلا أحد يقف اليوم معها أنها وحيده تحملت كل التجهيزات حتى بنات عائلتها من أعمام وخال لم يستطعن الحضور ومشاركة العزيزات منهن اقتصرت على الهاتف يعترفن بمبررهن ، لا تستطيع أن تلوم أحد أنها تحارب ضد تيار جارف لبست ثوبها الأبيض وتحركت مباشرة من الصالون إلى قاعة الأفراح مع أخوات زوجها ، كم كانت تتمنى أن تبارك لها أمها عرسها وان يدفع لها أبيها هدية الزواج كما فعل مع أخواتها من قبل .

      كانت تتمنى بان لا أحد يقاطع عرسها لذا تعمدت معه أن يختار انسب القاعات وبما يتناسب ومكانتها وان لا ينسى توجهيه الدعوة لجميع أهلها ، يومها كانت تتصنع البسمة في وجهه الحضور وهي ترقب أبواب القاعة تتمنى لو أحد من أقاربها يخطي ويحضر حفل زفافها وبدئت مراسيم الحفل ودقت طبول الأفراح ولم يكتمل الحضور إلا من أهله فقط ، تأكد لها بأنها ستحضر حفل سعادتها وحيدة وتسلك هذا الدرب إلى الأبد لوحدها ، فلا أحد يقوى على تجاوز رأي أبيها وان تجاوزته هي بنصرة الحب التي تدعيه حتى هذه اللحظة .

      يومها انتقلت معه إلى الفندق كزوجين على درب الحياة الزوجية ، بكت كثير في يوم فرحها لعدم حضورهم يواسيها أملا بغد افضل معها ومع أهلها ، كان لطيف ودود وهي ليست بالغريبة عليه بعد قصة حب جارفة مليئة بالمطبات عاشاها مع بعض واستطاعا أن يتجاوزا عقباتها .

      تتمنى بان تكون قد اتخذت القرار المناسب في تجاوزها وان لا يأتي يوم تندم فيه شعور ما انفك يظهر عند كل خلاف يقع بينهما يجعلها في موقف يضعفها كثير وان تتقبل في أحوال كثيرة على مضض أمور لا تتوافق معها ، إحساس بدأت تستشعره يوصلها بأنه يعيش حالة التفرقة التي تربى عليها وعقدة النقص التي تلاحقه في أهله وانه رهن وضع يجعله يصل للخشونة في تعامله معها ، وعقله يفسر له كثير من مواقفها بان له الطاعة دون قصد منها تجعلها في مرات عدة تعتذر، لم تتطق الوضع ولم يستطع هو الخلاص منه .

      إلحاحه الدائم إليها بالذهاب إلى المستشفى لإجراء فحوصات الحمل كانت تستفزها ومصدر خلاف بينهما فقد أجرت تلك الفحوصات قبل الزواج وتأكد لها إمكانية حملها وان عليه أن يفحص ويتأكد ومن ثم سوف تحاول .

      أفكار أخرى اقتحمت حياتها زادتها قناعة بعد سنوات زواجها بأن لا تنجب منه أبدا و تكتفي بالعيش معه بلا ولد تشعر بأنها بحملها هذا سوف تظلم أبناؤها في أن يكون أبوهم من عرق ذو وضع اقل من أهلها أو كيف سيقبلون بهم حاولت مرار تجاوزه فلم تستطيع تغير رأيها...إنها لا تستحمل تجربة الطلاق منه وهي من هي وما تحملته من قرار لأجل إتمام زواجها لتحاور نجمة الصباح مرهقة تبحث لحل لمشكلتها يغلبها تأكيد معلن بأن الأعراف سيدة هذا المجتمع مهما غلبها الحب مرة .




    • [TABLE='width:70%;background-color:black;background-image:url(backgrounds/4.gif);border:10 double green;'][CELL='filter:;']
      اخي العزيز ..الاخطبوط
      قصه جميله جدا .. وهذا مانتعايشه في مجتمعاتنا الآن ..كل على حسب الطبقات .. والاصل .. ويعود الحب احياناً الى مدارج الصفر .. قد يقطع اواصره .. والآن ما يهم المجتمع هو أن يكون الانسان من ذو اصل .. وليس الدين له اهميه .. فما نجد السعي خلف ذلك الذي يقال له اصيل .. وله مكانه في المجتمع .. ولا يهم اذا كان متدين .. فما كثر هذه الحالات في مجتمعاتنا .. اشكرك على هذا السرد الجميل والقصه التي ابدعت خلالها .. والله الموفق ..
      [/CELL][/TABLE]
    • قصة تحكي الواقع بمرارة قاسيه...
      الواقع الذي نرفضه نحن الابناء....
      الواقع الذي يصر عليه أباؤنا...
      لتكون قلوبنا هي الثمن..

      الاخطبوط..دائما قلمك مبدع ..وقادر على أن يحكي الواقع ببساطة تعجز عنها حروفنا..
    • [TABLE='width:70%;'][CELL='filter:;']
      أذا هي المآساة التي تتكرر كل يوم ..
      ومشاهدها نراها أمامنا كل ساعه ..
      وصفحات نقراءها كل دقيقة ..!!
      ولكن السؤال الى متى .. ننظر الى جهلنا دون تصحيحه !!
      الاخطبوط ..
      عوده جميلة .. بعد غياب ..
      مرحبا بك من جديد ..
      ولك تحية طيبة ..
      موفق بأذنه تعالى ..
      [/CELL][/TABLE]

    • وحيــــــــــــــــــــــــــد


      اشكرك جزيل الشكر على تعقيبك والذي كان بالصفحه التي تم الغاوؤها ... فقد كان دين عليَ ان لا اغفل تعقيبك الكريم .

      اكرر شكري اليك

      اخيك الاخطبوط