مرافعة الدفاع
- تضمنت القضية في مرافعات الدفاع العديد من الطلبات و الدفوع ما يهمنا عرضه في هذا السياق هو الدفع بشرعية قتل السادات وأن ما أتاه المتهمون هو حق مقرر بمقتضى الشريعة وفى تفصيل ذلك :
- شرعية قتل رئيس الجمهورية محمد أنور السادات خرج على شريعة الله فاستحق بذلك القتل كعقاب شرعي وأنه لم يكن كافرا بالإسلام فقط ... بل أنه خرج في حكمة على شريعة الله ,وأخرج معه شعب مصر كله ,وانتهج لنفسه سياسة تتعارض تماما وصالح الدولة.
واستندوا في ذلك الي الآتي :-
1- سقوط الشرعية عن الدولة نتيجة لتصرفات السادات ,باعتقال 1536 من القيادات الدينية والحزبية ,وسبه ,أئمة الدين .الأمر الذي أدى الي قيام حالة فساد عامة بالبلاد دفعت بالمتهمين الي قتله ,فخرجت أفعالهم –بناء على ذلك-على دائرة التجريم لانعدام الركن الشرعي للجريمة تطبيقا لنص المادة 60 من القانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة.
2- خروج السادات على الأمة الإسلامية بالكامل بعقدة صلحا منفردا مع اليهود وأعداء الله والإسلام ,ودعواته لإنشاء ما يسمى بمجمع الأديان الثلاثة في سيناء.
3- ضربه للمسلمين في ليبيا ,وتأييده لحكم أسلامي في أوغندا ليتولى الحكم نظام عنصري ,وتدعيمه لكميل شمعون في لبنان والمؤازرة لضرب المسلمين .
4- سكوته عن ضرب الصهاينة للمسلمين في حين كان يشن حملة شعواء بمناسبة وبدون مناسبة على الوجود السوري في لبنان .
ان السادات مشرك بالله والدليل قوله في خطابه الذى قتل به نفسه في (5)سبتمبر "أنا لا يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد "وفي هذا الدعاء للإلوهية ...وهذا شرك بل أقصى أنواع الشرك أن يتصور العبد أنه اله أخر .
وانه كان يحكم على النحو الذي يدعى فيه لنفسه أنه رب الأسرة ليحكم في أرزاق البشر يعطى نعمته من يشاء, ويذل من يشاء- يستغفر الله- وانه أعمالا لقاعدة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ,وهى قاعدة تعطى الحق الي قتل السادات .
وأنه بناء على ذلك فان المتهمين ليسوا قتلة, بل نفذوا شريعة الله.
أو في أسوا الأحوال هم قتلوا دون توافر القصد الجنائي قياسا على حكم المادة (63)من نيتهم وتحريهم قبل أقدامهم على فعلهم بدليل الي كتاب الفريضة الغائبة ,وعملا بقاعدة درء الحدود بالشبهات ,مما يسقط القصاص عنهم .
رد المحكمة على الدفاع بأن قتل
الرئيس السادات حق مقرر بمقتضى القانون
رفضت المحكمة هذا الدفاع واستندت في ذلك الي أن الفعل المنسوب للمتهمين هو قتل الرئيس الراحل محمد أنور السادات و الآخرين .ممن وجدوا في مكان الحادث كما أنه أذا كان الدفاع يذهب الي أن القتل تم بمقتضى حق تقرره الشريعة الإسلامية .فانه يلزم للرد على هذا الزعم أن تعود المحكمة الي قواعد الشرع الإسلامي المقرر بكتاب الله والسنة النبوية الشريفة .ما ذهب إلية أئمة الإسلام وفقهاء الشريعة الإسلامية في تفسيرهم لما ورد بالقران والسنة ومصداقا لقولة تعالى (فان تنازعتم في شئ فردوه الي الله والرسول )(الآية 59 من سورة النساء)وقوله تعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم أذا رجعوا إليهم ).وحديث رسول الله صلى الله علية وسلم الذى رواه الزهدى عن عمرو بن شعيب عن أبية عن جده قال (أنما هلك من كان فبلكم بهذا ,ضربوا كتاب الله بعضة ببعض وإنما نزل كتاب الله يصدق بعضة بعضا ,ولا يكذب بعضه بعضا فما علمتم منه فقولوه وما جهلتم منه فكلوا الي عالمه) .
وفي صدد ما نبحثه من أمر استباحة دم المسلم ومتى يكون ؟ولمن يكون ؟نعود الي الرسول صلى الله علية وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله ألا الله ويؤمنوا بي وما جئت به ,فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم ألا بحقها)وقد فسر الرسول صلى الله علية وسلم هذا الحق في قولة لا يحل دم امرئ مسلم ألا بإحدى ثلاث :
1- الثيب الزاني .
2- النفس بالنفس.
3- التارك لدينه المفارق للجماعة .
وقال تعالى في كتابة الحكيم (ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )وفي حديث لرسول الله صلى الله علية وسلم قال :ذلك جبريل أتاني فقال (من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة) قلت :وان زنا وان سرق.
هذه النصوص من القران والسنة تهدينا صراحة الي انه وان كانت الأعمال مصدقة الأيمان ومظهرا عمليا له ,فان المسلم أذا ارتكب ذنبا من الذنوب بأن خالف نصا في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله علية وسلم,لا يخرج بذلك عن الإسلام ما دام يعتقد صدق هذا النص ويؤمن بلزوم الامتثال له .
وفقط يكون عاصيا وإنما لمخالفته في الفعل أو الترك ..
ويتساءل الشيخ جاد الحق مفتى الديار المصرية
في تقريره المرفق بأوراق القضية ,هل يجوز تكفير المسلم بذنب ارتكبه ؟ ومن له الحكم بذلك ان كان له وجه شرعي ؟ واستطرد مجيبا ، مستنداً إلى ما ورد في القرآن والسنة : قال الله سبحانه وتعالى ( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة ) الآية 94 من سورة النساء ) وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث من أصل الإيمان : وعد منها الكف عمن قال : لا إله إلا الله لا نكفره بذنب ولا نخرجه من الإسلام بعمل .
ومن هذه النصوص يتضح انه لا يحل تكفير مسلم بذنب اقترفه سواء كان الذنب بترك واجب مفروض ، أو فعل محرم نهى عنه . وتسوق المحكمة في مجال إسباغ صفة المسلم على من نطق الشهادتين .. قصة أسامة بن زيد مع احد الكفار بعد ان قال : لا إله إلا الله ، وبرر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ما نطق الشهادة إلا خوفاً من السيف فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل شققت قلبه ؟ ونرجع هنا إلى.
رأي لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي
في كتابه:( أنت تسأل والإسلام يجيب ) ، في رده على سؤال عما إذا كان يجوز لفرد أو جماعة أن يكفروا فرداً آخر وجماعة أخرى فقال : أي إنسان مهما كان علمه لا يستطيع أن يجترئ على واحد يعلن لا إله إلا الله ويقول عنه : أنه كافر . جائز أن يقول : إنه لا يلتزم في أعماله بأمور الدين . أقول لهم : هل الذين يشيرون إليه بذلك لا يقوم بتنفيذ أحكام الله إنكارا أم كسلا .. إن كان كسلاً نستمهله حتى آخر يوم في حياته ولا نكفره ، وأما إن كان منكراً لهذه الأحكام فيكون كفره ليس لأنه لا يطيع ، وإنما لأنه ينكر هذه الأحكام ويقول فضيلة
الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة
: الإيمان بالقلب والإسلام مظهره . فمن خرج عن الإسلام فلا بد من مظاهر قاطعة في خروجه على الإسلام . وأتفق العلماء على أنه لا يفتى بردة مسلم إذا فعل فعلاً أو قال قولا ً، لا يحتمل الكفر ويحتمل غيره . بل روي عن الإمام أنه قال : إذا قال كلمة تحتمل الكفر من مائة وجه وتحتمل الإيمان من وجه ،فإنه لا يحكم بالكفر . والذي يباح دمه فهو المرتد ويباح دمه للإمام دون غيره ، لأن إطلاق ذلك للناس يؤدي إلى الفساد ويؤدي الى الاتهام الباطل بالكفر مع التنفيذ بغير الحق ويؤدي الي التناحر والرمي بالفسوق بعد الإيمان ، وذلك ما ذمه الله تعالى في قوله ( بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ) وبهذا البيان يكون مجرد ترك بعض أوامر الله أو مجرد فعل ما حرم الله مع التصديق بصحة هذه الأوامر ، وضرورة العمل بها ، يكون هذا إثماً وفسقاً ولا يكون كافراً ما دام مجرد ترك دون جحود أو استباحة ، وعلى ذلك يكون تكفير الحاكم لتركه بعض أحكام الله وحدوده دون تطبيق لا يستند إلى نص في القرآن أو السنة . وإنما نصوصهما تطبق عليه إثم هذه المخالفة ولا تخرجه بها من الإسلام .
وعن ابن عباس قال :قال رسول الله صلى الله علية وسلم(من رأى من أميرة شيئا يكرهه فليصبر فانه من فارق الجماعة شبرا فمات ,مات ميتة جاهلية .وعن الأشجعى قال:سمعت رسول الله صلى الله علية وسلم يقول :من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه.
فإذا ما طبقنا قواعد الشرع السابق تفصيلها والتي استندنا فيها الي كتاب الله وسنة رسوله وراء أهل الذكر من فقهاء المسلمين على ما نسبة المتهمون للرئيس الراحل محمد أنور السادات ,تكفيرا له واستحلالا لدمه نجده –رحمة الله –لم يجحد ما أنزله الله في كتابة الكريم وعلى لسان رسول علية الصلاة والسلام ,لم ينكر ضرورة الحكم بما أنزل الله بدليل نص المادة الثانية من الدستور في عهده بناء على استفتاء تم عام (1980) أصبحت فيه الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وانعقدت اللجان ولا زالت تعمل لتقنين الشريعة الإسلامية وإحلالها محل القانون الوضعي على مستوى مجلس الشعب والأزهر الشريف ,وان ما نسبة المتهمون للمجني علية من اتيانة أمورا مخالفة للدين الاسلامى ,فهي أمور أن صحت فتدخل في باب الذنوب والمعاصي التي لا تخرجه عن ربقة الإسلام ,ونستشهد هنا بمن اتخذه المتهمون مفتيا لهم في شئون الدين والشرع وهو المتهم العاشر :الشيخ عبد الرحمن فقد جاء بأقوال المتهم الخامس محمد عبد السلام فرج بمحضر تحقيق النيابة العسكرية ,انه وكرم زهدى ,وفواد الدوليبى استفتوا الشيخ عمر بخصوص الرئيس الراحل السادات وحل دمه ,فأفتى بعدم حل دمه وأن كفره كفر دون كفر وليس كفرا بواحا يخرجه من ملة الإسلام كالفسق ,وانه ارتكب معصية أو كبيرة لا تخرجه من ملة الإسلام.
وبهذا يكون ما دفع به الدفاع من إباحة ما ارتكبه المتهمون من جريمة قتل الرئيس محمد أنور السادات مستندين الي حق مقرر بمقضي الشريعة وفق المادة (60) دفع لا أساس له من واقع أو قانون ما تنتهي معه المحكمة الي رفض هذا الدفع .وأما عن الدفع الاحتياطي بالغلط في الإباحة استنادا الي حسن نية المتهمين فلم يتضح أي حسن نية من جانب المتهمين بدليل استفتائهم للدكتور عمر عبد الرحمن ,ورفضهم فتواه بعدم حل دم المجني علية على نحو ما ورد بأقوال المتهم محمد عبد السلام فرج بتحقيق النيابة العسكرية .كما فات الدفاع أن المتهمين لم يقتصروا على قتل السادات وحده بل قتل آخرين معه تصادف وجودهم في موقع الحادث رغم توقعهم أمكان تعدى أثار الاعتداء الي غير الرئيس السادات على حد ما ورد بأقوالهم ,,مما تنتهي معه المحكمة الي رفض الدفع بالغلط في الإباحة المقدم من الدفاع.