"النيوقيس" على موائد أشهر المطاعم الإيطا&#

    • "النيوقيس" على موائد أشهر المطاعم الإيطا&#

      بوينوس أيريس-توماس روديتش

      قليلون هم من يعرفون "النيوقيس" "Los ?oquis"، أو أصل هذه الوجبة التقليدية التي يحتفل بها عادة في يوم التاسع والعشرين من كل شهر، وبمرور الزمن أصبح إعداده تقليداً منسياً لا يهتم الكثيرون بإحيائه والاحتفال بالطقوس الخاصة به، بالرغم من ذلك لا يوجد أرجنتيني أو أوروجوائي، يرى يوم التاسع والعشرين يهل عليه من بين الأيام إلا ويتذكر، لسبب ما غير معروف، أنه يوم تناول "النيوقيس" حيث يعتبر تناول هذه الوجبة في ذلك اليوم واحداً من التقاليد الرئيسية في مطبخ منطقة إقليم نهر لا بلاتا، كما يمكن أن نجدها بقدرٍ أقل في دول أخرى من دول أمريكا الجنوبية، ومع ذلك فإن التدفق الكبير للمهاجرين الإيطاليين جعل هذا الطقس يتوغل بشكل أقوى في الجزء الجنوبي للإقليم.

      ورغم أن أحد الأساطير الرئيسية تحكي أن "النيوقيس" انتشر في الماضي وأصبح طبقاً شعبياً بسبب المجاعة، فهو اليوم يوجد بكثرة في أرقى المطاعم كما هو في أحياء مدينة "بوينوس أيريس" و"مونتيفيديو" الراقية والمتواضعة، وقد أحدث هذا التقليد، الذي يتضمن طقوساً مختلفة، ازدهاراً ونقلة في عروض المطاعم وفي صناعة العجائن والمعكرونة، حتى وصل الأمر إلى الترويج له من خلال تكوين مجموعات على شبكة "الفيس بوك".

      يرى البعض أنه ليس هناك ما يؤكد أصول هذا التقليد، لكن الأساطير والخرافات كثيرة حول هذا الموضوع ومعظمها يشير إلى أن إيطاليا هي مهد "النيوقيس" أو بمعنى أصح "نيوقي" “Gnocchi”، جمع كلمة "نيوقو" “Gnocco” وهي كلمة إيطالية ترجمتها طبقاً لما يشير إليه الطاهي الشهير "نوبيرتو بيتريك"، تعني "بويو" “Bollo” "رغيف" وقد يطلق على أصناف الحلويات أو "بيلوتيا" “Pelotilla” "كرية".

      يذكر أن نوبيرتو بيتريك هو كبير طهاة أرجنتيني ومستشار فن الطهي والمأكولات بالإضافة إلى ذلك فهو كاتب وباحث غذائي وعضو "رابطة ذواقي الطعام في الأمريكتين".

      وبالنسبة لـ"بيتريك" فإن أقدم الأساطير حول "النيوقيس يوم التاسع والعشرين" هي التي تعود للقرن الثامن في مدينة "فينيسيا" "البندقية" عن طبيب شاب يدعى "بانتاليون" وهو حاج تحول إلى المسيحية. وتابع كبير الطهاة القول: "في مناسبةٍ ما طلب "بانتاليون" خبزاً من بعض فلاحي البندقية فقاموا بدعوته لمشاركتهم مائدتهم البسيطة والفقيرة، وعرفاناً منه بالجميل وتقديراً لمعروفهم بشرهم بعامٍ يعمه الخير الوفير من صيدٍ ومحاصيل، تحققت النبوءة ومعها الكثير من المعجزات الأخرى، وقد كرس "بانتاليون" حياته قديساً لـ"فينيسيا".

      كان ذلك في يوم تاسع وعشرين، ويرجح أنه لهذا السبب يتم الاحتفال بذكرى ذلك اليوم عن طريق إعداد طعام سهل وبسيط يتمثل في "النيوقيس".

      وتعلق على تلك الكلمات "آديلا بايوني"، وهي طاهية إيطالية ولدت في مدينة "ميلانو" وتعيش في مدينة "بوينوس آيريس" منذ العام 1949 وتكتب في مطبوعة "أوياس إي سارتينيس" “Ollas y Sartenes” "قدور ومقالي"، الملحق الخاص بجريدة "كلارين" اليومية، حيث تقول: "بالرغم من ذلك فإن التاريخ الحديث للـ"النيوقيس" وللتقاليد المرتبطة به بدأ مؤخراً مع نهايات القرن السابع عشر، فقط مع وصول البطاطس من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا، حيث شرع الأوروبيون في إعداد وجبة "النيوقيس" كما نعرفها هذه الأيام، فحتى ذلك الحين كان يتم إعدادها باستخدام الماء والطحين فقط".

      يضيف بيتريك "لهذا فإن الأسطورة الثانية حول أصل هذا الطعام ترجع إلى العام 1690 في إحدى قرى إقليم "بيامونتي" بشمال إيطاليا، حيث كانت تزرع البطاطس آنذاك لإطعام الحيوانات فقط لكن قبل أن تنفد محاصيل القمح، قاموا بعمل "النيوقيس" من البطاطس كي يتفادوا حدوث مجاعة بين سكان القرية، ومنذ ذلك الحين اعتاد المواطنون أن يجتمعوا في الميدان الرئيسي في التاسع والعشرين من كل شهر (يوم "سانتو باترونو" أو "القديس الراعي" أو كما يطلق عليه يوم الشفيع، لتقديم الشكر والعرفان لمحاصيل البطاطس وإعداد أطباق "النيوقيس" للاحتفال!".

      وهناك جانب حيوي لهذا الاحتفال حيث تجمع النقود أسفل كل طبق من أطباق الحضور، وفي النهاية توزع على المخطوبين الذين وقع عليهم الاختيار في ذلك اليوم على سبيل الفأل الحسن ونذير خير ورخاء وكنوع من أنواع المساعدة في تكاليف الزواج .

      ونعود إلى "بايوني" فتقول: "رغم الأصول الأوروبية للـ"النيوقيس" فتقليد تناول هذا الطبق في التاسع والعشرين من كل شهر لا وجود له في إيطاليا، ربما لهذا السبب نشأت حول هذه العادة، الأساطير الأصلية أو الأساطير التي تداولها السكان الأصليون". بينما يطرح "بيتريك" مسألة وجود قصص أخرى تشير إلى أن الإيطاليون ممن هاجروا إلى الأرجنتين يجتمعون في أيام التاسع والعشرين من شهر يونيو لتناول الـ"النيوقيس" والاحتفال بعيد "سان بيدرو" أو "القديس بطرس" وعيد "سان بابلو" أو "القدس بولس"، ووفقاً لرئيس الطهاة فإن هذه العادة أصبحت شعبية في "بوينوس آيريس" منذ عام 1979، وذلك من خلال مجموعة من الصحفيين المتخصصين في مجال التغذية والطهي والذين قاموا، استناداً إلى القصص المعروفة، باستعادة هذه العادة ونشرها، والتي سرعان ما رأيناها في كثير من المطاعم والمنازل.

      ويعقب الشيف "جييرمو نادر"، منسق المطبخ والطهو في "المعهد الأرجنتيني لفن الطهي"، قائلاً: "الأكثر انتشاراً من بين الطقوس المرتبطة بـ"النيوقيس في يوم التاسع والعشرين" تتمثل في وضع نقود ورقية على الطاولة، وقد استبدلت النقود الورقية بالعملة المعدنية أسفل الطبق لجلب الحظ، لكن في الواقع كانت توضع النقود سابقاً كنوع من الشكر لصاحب المنزل أو لمن قام بإعداد الطعام، ولكي تتكرر الدعوة مرة ثانية !"

      ويقول "لويس إدواردو سوريا"، الذي يعمل كطاهي في أحد مطاعم مدينة "مونتيفيديو"،: "هناك طقوس أخرى.... فأنا آخذ ثلاثة من الـ"النيوقيس" دون طهي وأتركها كي تجف، وعندما يصغر حجمها وتصبح مجعدة أضعها في كيسٍ صغير أو في جيب البنطلون كي يجلبوا الحظ، ثم أقوم باستبدالها في الشهر التالي بثلاث أخريات! وهناك أناس آخرون ممن هم أكثر اعتقاداً في الخرافات يقومون بتناول سبعة فقط من الـ"النيوقيس" ويقومون بمضغ كل واحدة سبع مضغات بالضبط لا تقل أو تزيد! أما في شهر فبراير فهو شهر مثير للقلق حيث يكون في بعض الأعوام ثمانية وعشرين يوماً فقط، لذلك فإن متبعي الطقوس الأوفياء يؤكدون أن شهر مارس سيكون شهر صعب ويسعدون بالأعوام الكبيسة !

      ويؤكد "ماريانو أكمن" من مطعم "دوبيو زيرو"، الذي يقع في حي بلجراد الذي يطل على الميناء: " سواء كانت هناك خرافات أم لا، علينا أن ندرك أن "النيوقيس" الخاصة بيوم التاسع والعشرين، ما هي إلا ظاهرة تجارية تستغلها المطاعم وبيوت العجائن والمعكرونة، أما بالنسبة لمطعمنا فهذا اليوم يعتبر حدثاً خاصاً لأنه اليوم الوحيد في الشهر الذي نقوم فيه بإعداد وطهي "النيوقيس" حيث يلتف حوله الجميع.

      ومن الجانب الآخر لنهر لا بلاتا يقر "جوستابو ريينا"، والذي يعمل طاهيا في محل تقليدي في وسط مدينة "مونتيفيديو" يدعى "لا باسيبا": "نحن نقوم في التاسع والعشرين من كل شهر ببيع ما لا يقل عن خمسين طبقا من "النيوقيس"!.

      لكن كلمة "نيوكي" لا تطلق فقط على هذا النوع من الطعام، وإنما في الأرجنتين والأوروجواي يطلقونها كنوعٍ من التحقير أو التقليل من قدر هؤلاء الأثرياء أو الأشخاص المرفهين، الذين عادة ما نراهم ، في الإدارات العامة يتلقون راتباً دون أن يقوموا بأي عمل بل يذهبون فقط إلى مكاتبهم في نهاية كل شهر للحصول على راتبهم، على اعتبار أن "النيوقيس" تقليد متبع في آخر الشهر.

      ومع أن هذا التقليد ظهر في القرن الثامن، إلا أنه أصبح له رابطة على "الفيس بوك" وهي شبكة التواصل الاجتماعي الرئيسية في القرن الحادي والعشرين! فهناك مجموعات مختلفة على موقع "الفيس بوك" ظهرت كصدى لهذا الطقس: ما بين مؤيد أو معارض ومستهزئ.

      من بينها: مجموعة "من منا لم يتناول النيوقيس في التاسع والعشرين؟" ومجموعة "أنا أيضاً أتناول النيوقيس أيام التاسع والعشرين"، ومجموعات أخرى مثل: "أنا أيضاً لا أتناول النيوقيس أيام التاسع والعشرين" و"من يتناولون النيوقيس في أيام غير يوم التاسع والعشرين فهم لا يرغبون في معرفة أي شيء".

      ويعلق "بيتريك" قائلاً: " بعيداً عن الطقوس والحكايات التي ترتبط بهذا التقليد يوجد عامل اقتصادي ربما يوضح لنا سر استمرار وامتداد هذا التقليد طوال هذه الفترة، حيث اعتادت الغالبية العظمى في الأرجنتين والأورجواي المحافظة على هذا التقليد بكل رضا وترحيب واستحسان ! في بعض الأحيان لا تترك لنا مشاكل البلاد أن نختار ما نريد أن نتناوله يومياً، بينما "النيوقيس" ما هو إلا أحد أنواع الطعام البسيطة والسهلة والاقتصادية، وعادة مع يوم التاسع والعشرين لا يتبقى الكثير من النقود في الجيوب، ومن المفترض أن ما تبقي يحتفظ به لوضعه أسفل الطبق!".
      (د ب أ)


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions