في يومِ الأوَّل ــ يوم كان الموس جديداً ــ
كانَ يحدِّق في صاحبِه الذي يحمله في يده
ويقول بعنفوان الشباب: دعني أنظِّف وجَهك
كم أشتهي اليومَ شعرَ لحيتِك
دعني أجعلك مثلي ناصع اللون
مليئا بالبياض
أيها الرجلُ البنيُّ
جئت من أمريكا من أجلك
فدعني أكن لك ..

في يومِ الخامس يتقيَّأ المزيدُ من الدماء
وبعض بقايا الشعر الصلبة ..
فيقول له صاحبه: لقد فعلتَ ما عليك ..
ولكن بإمكانِك فعل المزيد ..
لخصالِك في الاهتزاز ميزةٌ
فيدخله تحت إبطيه
والموس يصرخُ طالباً النجدة
ولا مغيثَ إلا الشعر المتجعد
الذي يدخل عنوةً فمَها ..
والمزيد من الدماء
مع رائحة لصنانِ رجل لم يستحم
منذ فترة طويلة ..



في يومِه الَعاشر، يرى الرأسُ القديم
رأساً جديدة بجوارِه ..
يحدِّق الموس بحسرةٍ إلى رفيقِه الجديد .
ويصمتُ ــ لئلا يضيع عليه بهجة انتظار أحلامِه ــ
يرى صاحبَهما قادما، فيبصق بعض الدماء والشعر
ويسلمُ له النفس طائعا مُختاراً ..
ولكنَّ صاحبَه اليوم لا يريد شيئا للحيتِه ..
ولا شيئا لإبطيه ..
وإنما يريد أكثر من ذلك
فيرى الموس ما لم يكن يتوقَّع ..
وبينما يختنقُ الموس
وتئن شفراتُه الثلاث
وتنتهي بطاريته الصغيرة ..
يمسك الإنسان رأسه
وينزعه بهدوء
ليلقيه في الزبالةِ ..
وهو يعدُ نفسَه بأسبوعٍ نظيف ..
تقلُّ فيه روائحه ..
وربما يسعدُ فيه عشيقته أكثر ..
دونَ أن يتذكر أحد
رحلةَ الموس الذي سافر من أمريكا
ليحلقَ عانةَ ومؤخرة رجلٍّ شرقيٍّ
لا يفكر كثيرا في الاستحمام ..