عمّان – ش

الخلاف الأردني القطري يبدو أنه سيعاود ظهوره من جديد بعد أن شهدت علاقات البلدين في العقد الأخير مداً وجزراً، يكون الود فيها بزيارات متبادلة لمسؤولين في البلدين يتبدد الخلاف على إثرها، وتنطلق تصريحات غالباً ما تصف العلاقات بينهما بـ"العميقة"، لكن سرعان ما تندلع الخلافات من جديد، ويجري تراشق الاتهامات.

وغالباً ما يكون مصدر الفتور أو عدم الود، برامج تبثها فضائية "الجزيرة" التي تبث من قطر، وبخاصة برنامج "مع هيكل" الذي عمد وفق وسائل إعلام أردنية، إلى تشويش صورة الأردن باختلاقه "أكاذيب وروايات مزيفة عن تاريخ الأردن والعائلة المالكة الأردنية تسعى لزعزعة أمن ووحدة المملكة" بالتشكيك فى مواقف الأردن -على حد زعمه- لا سيما حيال القضية الفلسطينية وهو ما فندته العاصمة الأردنية.

وقبل أيام بثت "الجزيرة" خبراً رئيساً على شاشتها مفاده أن مصدر التشويش على قناة "الجزيرة الرياضية" أثناء بث مباريات كأس العالم، هو الأردن، وفق تقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية أعده محررها لشؤون الشرق الأوسط بلاك أيان. وذكر " أيان" في تقريره أن التجهيزات الفنية التي استُخدمت في عملية التشويش كانت متطورة وليست لهواة، مشيراً إلى أن عملية التشويش تمت في الأردن وربما بعلم السلطات الأردنية، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

بدورها سارعت السلطات الأردنية على الفور إلى نفي الخبر، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "بترا" عن مصدر حكومي تأكيده أن هذه الادعاءات "باطلة، وغير مقبولة"، وأن الحكومة "مستعدة للتعاون مع أي فريق من الخبراء المحايدين لإثبات الحقائق".

مصدر رسمي أردني لم يكشف النقاب عنه، نفى ما نشرته "الجزيرة" من تأكيدات لمسؤوليها للصحيفة البريطانية، بأن الأردن قام بهذا التشويش نتيجة فشل المفاوضات بين الأردن و"الجزيرة" على شراء حقوق البث الأرضي لمباريات كأس العالم، متسائلاً في الوقت نفسه عن بث الخبر بعد ثلاثة أشهر من انتهاء بطولة كأس العالم.

الرد القطري جاء سريعاً على لسان مدير قناة "الجزيرة الرياضية" ناصر الخليفي، الذي كشف أن تأخر توقيت الإعلان مردُّه "التأكد" من نتيجة الاختبارات التي شارك فيها خبراء دوليون وشركات مستقلة، لتحديد الجهة التي تسببت في التشويش. الصحف الأردنية أفردت جميعها على صدر صفحاتها نفياً للخبر ، وأوضحت أنه ليس من سياسة الأردن التشويش على أية محطة تلفزة عربية أو أجنبية، لكن "الجزيرة" بدت مصرّة على أن مصدر التشويش من الأردن وفق موقعها على شبكة الإنترنت، الذي أشار إلى أن تحقيقاً أجرته فرق دولية مختصة توصل إلى أن التشويش صدر من الأردن، وتحديداً مدينة السلط شمال غرب العاصمة عمّان، مؤكدة أنها ستطالب الحكومة الأردنية بتفسير رسمي لتلك الواقعة الموثقة بالأدلة وفق "الجزيرة".

هذه المعطيات وفق مراقبين، يمكن أن تثير موجة من ردود الفعل، وربما يكون لها انعكاسات على العلاقات السياسية بين الأردن وقطر، وقد تقطّع حبال الود "غير المتينة" أصلاً بين البلدين، بخاصة مع تزامن بث "الجزيرة" حلقات "مع هيكل" الذي دأب خلال الأشهر الأخيرة على "نبش الفتنة" بين الشعبين الأردني والفلسطيني وفق ساسة أردنيين مختلفين، حيث عمد هيكل إلى ذكر وقائع "غير دقيقة" كما يرى هؤلاء، إبان أحداث "أيلول الأسود" عام 1970 .

يشار إلى أن الخلاف بين البلدين - قطر والأردن - بدأ يتعمق العام 2006 حين رفض مندوب قطر في الأمم المتحدة التصويت لمرشح الأردن الأمير رعد بن زيد ليكون أميناً عاماً للأمم المتحدة، وتطور الشقاق بعد سحب الأردن سفيره في الدوحة في خطوة يُعتقد أنها القشة التي قصمت ظهر البعير. وما غذّى الخلاف أيضاً سلسلة البرامج والتقارير التي تستهدف الأردن باستمرار وفق ما يراه مراقبون في العاصمة الأردنية، بحيث تعمدت "الجزيرة" الإساءة للعائلة المالكة في الأردن والتعرض لتاريخ الجيش الأردني الذي شارك في حروب عربية عدة، وبخاصة على أرض فلسطين المحتلة.