"بائع الكتب في كابول".. يروي سيرة المجتمع ا

    • "بائع الكتب في كابول".. يروي سيرة المجتمع ا

      * نادرا ما شعرت بأنني غاضبة مثلما كان حالي أثناء وجودي مع عائلة خان، فإنني نادراً ما أتجادل مع الآخرين إلى الحد الذي بلغته في منزلهم.

      بيروت- محاسن عرفه

      صدر كتاب "بائع الكتب في كابول" للكاتبة والصحفية النرويجية آسيني سيريداد عن الدار العربية للعلوم، في بيروت، إنه نص يمزج ما بين الرواية والتقرير الصحفي والسيرة. تحكي فيها آسيني عن "سلطان خان"، بائع الكتب الذي حافظ على التراث الأدبي الأفغاني من الضياع في الصراعات السياسية المتعاقبة على بلاده. هكذا يبدو اختيار الكاتبة لعائلة خان متعمداً لسببين، الأول لأنها برفقة هذه العائلة تتجاوز حاجز اللغة لأن بعض أفرادها يتكلمون الإنجليزية،. ثانياً، اتكالها على سلطان خان في الحكي عن تاريخ أفغانستان، أي إن سلطان خان "الذي يحب بلده حتى الشغف" ليس رجلا عاديا، إنه معايش يومي، يراقب ويحكي حقيقة الحدث " ففي بادئ الأمر، أقدم الشيوعيون على إحراق كتبي. ثم جاء المجاهدون بعد ذلك لتخريب المكتبة ونهبها. وأخيراً أكملت جماعة طالبان إحراق ما تبقى مرة جديدة"

      في هذا النص تسعى الكاتبة جاهدة أن تشمل حياة أفراد هذه الأسرة بعين ناقدة وحساسة، تغطي أدق التفاصيل،عبر الإمساك بالمعلومات التي لا يتم التطرق إليها كثيرا في الحديث الإعلامي عن أفغانستان، وفي خضم هذا السعي للكتابة كان عليها أن تتحرر من سيطرة أفكارها الغربية المتناقضة تماما عن واقع الأسرة الأفغاني الذي زجت نفسها به. تقول : "نادرا ما شعرت بأنني غاضبة مثلما كان حالي أثناء وجودي مع عائلة خان، فإنني نادراً ما تجادلت مع الآخرين إلى الحد الذي بلغته في منزلهم. ولم تنتابني رغبة في الاشتباك بالأيدي مع أي شخص كان مثلما كانت تنتابني هذه الرغبة أثناء وجودي معهم في بعض الأحيان. الأمر نفسه يستثيرني على الدوام : طريقة معاملة الرجال للنساء. التسليم بسيادة الذكور على الإناث كان أمراً مغروساً في نفوس الجميع".

      تتمتع آسني سييرستاد بطريقة جذابة وسلسة في السرد تمزج ما بين الحكي والوصف وبين رؤيتها للطبيعة، لكنها ركزت بشدة على جانب وضع المرأة في المجتمع الأفغاني، عبر تكرار سرد الحكايات التي تتناول ما يحدث في أعقاب اخفاق قصة حب، أو في ذكرالتقاليد المتشددة التي ترافق الخطوبة أو الزواج.

      لا يشعر قارئ "بائع الكتب في كابول" بالملل، ربما لتمكن الكاتبة من ايصال أجواء الحياة الواقعية في وسط عائلة أفغانية بوصف دقيق يشبع فضول القارئ لاكتشاف ما يحدث خلف الأبواب المغلقة، وتحت رداء "البوركا". يعيش الكثير من الأشخاص الذين تحكي عنهم الكاتبة سواء كانوا من عائلة "سلطان خان" أو من أقاربه أو جيرانه- الذكور - حلم الهجرة إلى أوروبا والفوز بحق اللجوء، فيبدو هذا الحلم كأنه السمة العامة التي تكاد أن تكون جزءا من منظومة سائدة ومألوفة ومقبولة اجتماعيا.

      لكن ما يتوجب قوله بشأن هذا الكتاب أيضا، هو أن الكاتبة تروي وجهة نظرها بأسلوب فيه جانب كبير من الانتقاد، للمجتمع الأفغاني، أي في صفحات الكتاب ثمة نظرة استشراقية، لم تتمكن الكاتبة من التخلص منها رغم محاولتها ذلك.

      يذكر أن الكاتبة التقت "بائع الكتب" سلطان خان للمرة الأولى في كابول في العام 2001، قبيل سقوط النظام المتشدد لحكومة طالبان. وكانت رفوف مكتبته مليئة بأنواع الكتب بلغات متعددة. لذا يقصده عشاق القراءة، على نحو دائم وبدا بالنسبة لها قبلة لشرائح محددة من النخبة الأفغانية. تقتبس الكاتبة بعضاً من حوار مطول أجرته معه. يقول: "في بادئ الأمر، أقدم الشيوعيون على إحراق كتبي. ثم جاء المجاهدون بعد ذلك لتخريب المكتبة ونهبها. وأخيراً أكملت جماعة طالبان إحراق ما تبقى مرة جديدة.

      كان دأب هذا الرجل، كما تروي الكاتبة، محاولة إنقاذ آداب بلاده وفنونها في الوقت الذي تعاقبت سلسلة من المستبدين الذين لم يوفروا جهداً لتدمير هذا الأدب وذاك التراث. بناء على النقاش اليومي الذي بدا ذا إيقاع مستمر بين هذا البائع والروائية، أيقنت هذه الأخيرة أنه يشكل، من دون أدنى شك، قطعة حية من تاريخ أفغانستان الثقافي. كان هذا الرجل، بحق كتاباً للتاريخ يسير على قدمين بشريتين.


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions