* **حمود الرواحي:"المحاكم الأسرية: خطوة قادمة في سبيل تطوير النظام القضائي في السلطنة* د. آمنة الشامسية: "الصدمة النفسية" نتيجة عكسية لوجود الطفل في المحاكم
تحقيق - ناجية البطاشية
لا توجد "محاكم أسرية خاصة" "للقضايا الأسرية" والتي تدرج ضمن قضايا الأحوال الشخصية، وقضايا "جنوح الأحداث" والتي تدخل في مضمار "جرائم الحدث"، ويدخل فيهما الطفل "الحدث" كطرف أساسي، لها استقلالها، وانفصالها عن "القضايا الجرمية"، تساهم في تخفيف عبء رهبة المحاكم على هذا الطفل "الحدث" لتتحول "لمحاكم صديقة للأطفال" تراعي سنه وحساسية موقفه الطفولي..!؟
في هذه الحالات ومع "عدم وجود محاكم أسرية" تعنى فقط بالقضايا الأسرية وتحاط بكل الظروف المهيأة لاستقبال الطفل "الحدث" في شتى الظروف، كيف يتم التعامل مع الطفل "الحدث"، للحيلولة دون احتكاكه بالقضايا الجرمية والتي تتابع سلسلة أحداثها في المحاكم بمختلف تدرجاتها؟ وهل هناك استثناء يستدعي تجنب إحضار هذا الطفل حتى لا يؤثر عليه موقف وجوده في المحكمة بشكل سلبي؟ ونفسيا كيف تنعكس مشاكل أسرته في المحاكم على ثقافته وصحته النفسية؟ وما هي وجهة نظر القانون في وضع الطفل "الحدث"؟ سواء كشاهد، أو مخير، أو صاحب قضية جانحة؟
"الشبيبة" حاورت عدة جهات وخرجت بعدة آراء..
فقد قالت مديرة دائرة شؤون المحاكم بوزارة العدل علياء بنت طالب البوسعيدية حول سبب عدم وجود "محاكم أسرية" خاصة تجنب الأطفال "الدخول للمحاكم التي تتناول قضايا الإجرام أو القضايا الأخرى: بأن المشرع العماني اهتم أيما اهتمام بالأسرة وفي هذا الموضوع نشير إلى أن للسلطنة تجربة رائدة تعكس حرصها غير المحدود للأسرة باعتبارها لبنة المجتمع الأولى التي بها يعلو شأنه وباستقرارها وسلامتها يتحقق أمنه وازدهاره ومما هو واضح أن المشرع العماني أفرد لدعاوى الأحوال الشخصية في كل المحاكم دائرة مختصة تسمى "بالمحكمة الشرعية" وذلك بموجب المادة الأولى من قانون السلطة القضائية رقم 90/99 إيمانا بأهمية وحساسية قضايا الأحوال الشخصية التي هي نتاج عن الخلافات الأسرية، فإذن دوائر المحاكم الشرعية في السلطنة هي التي تتناول قضايا الأسرة.
مؤكدة البوسعيدية: أن وزارة العدل تعمل بكل جهد واهتمام لترجمة هذا الاهتمام السامي وتنفيذه بما يحقق مصلحة الأسرة ويولد الطمأنينة لأفرادها.
القانون ومصلحة الطفل
وإن كانت هناك أي نية لبناء محاكم أسرية مستقبلاً قالت البوسعيدية: كما تلاحظون بأن وزارة العدل شارعة في استكمال بناء مجمعات المحاكم في محافظات ومناطق السلطنة وهي مجمعات تضم بين جنباتها محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية ودوائر الكتاب بالعدل ولجان التوفيق والمصالحة. وقد صممت هذه المجمعات على أعلى مستوى من المواصفات في بناء الصروح القضائية في العصر الحاضر.
ولكن في حالة الواقع المعاش، فقد شمل قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29 /2002 جوانب إجرائية مهمة تتعلق برعاية مصالح الأطفال، بحيث تحرى القانون مصلحة الطفل في كل مواده ذات العلاقة، هذا ما أضافته مديرة دائرة شؤون المحاكم بوزارة العدل وتابعت: ومن ذلك فإن القاضي يكون بوسعه جعل جلسة المحكمة الأسرية جلسة سرية إذا اقتضى الحال ذلك حفاظاً على الخصوصية الأسرية لاسيما إذا كان من بين حضور جلسة المحاكمة أطفال.
مراعاة الحالة النفسية
ومن جهته قال مساعد المدعي العام محمد الشيدي: إن هناك بالفعل قضايا يتم فيها استدعاء الأطفال "الأحداث" كشاهدين، ويتم استدعاء الحدث كشاهد في أي قضية اقتضت ضرورة التحقيق للاستماع لشهادته، وتؤخذ شهادة الحدث على سبيل "الاستئناس" دون حلف اليمين القانونية التي يستجوبها القانون على الشاهد، بيد أنه ومراعاة للحالة النفسية للحدث فإن الادعاء العام يستبعد أحيانا الاستماع لشهادته كما هو الحال في الدعوى القائمة بين والديه على سبيل المثال؛ لما لها من تأثيرات سلبية على الحالة النفسية للحدث.
وردا على سؤالنا في أي الحالات يمكن استقبال القضايا المتعلقة بالأسرة دون أن تكون هناك تأثيرات جانبية تضر بالطفل "الحدث" قال الشيدي: حقيقة الجرائم المتعلقة بالأسرة المنصوص عليها في القوانين الجنائية قليلة إذ إن أكثر تلك المشكلات تكون من اختصاص القضاء المدني أو الشرعي، وفيما يتعلق بدور الادعاء العام في القضايا الجزائية المتعلقة بالأسرة فإنه يبادر دائما إلى تلقي ذلك النوع من البلاغات والتحقيق فيها في ظروف تتفق وطبيعتها، وغالبا ما ينتهي الادعاء العام إلى تسوية تلك القضايا وذلك بحفظ التحقيق فيها لظروفها إعمالا لحكم المادة (125) من قانون الجزاءات الجزائية التي تمنح المدعي العام مكنة حفظ التحقيق حتى مع وجود جريمة واكتمال أدلتها ما لم يوجد مدع بالحق المدني، ويحرص الادعاء العام عند مباشرة التحقيق في مثل هذه الجرائم على عدم إقحام الأطفال فيها سعيا إلى النأي بهم عن آثارها السلبية.
تخصيص دائرة للأسرة
منوها الشيدي إن مجمل قضايا الأحداث تتمحور حول السرقات بأنواعها لتشكل ظاهرة لا بد من الحد منها. وذاكرا أسباب ارتكاب "الحدث" لها: فعلى سبيل المثال لا الحصر "ضعف الوازع الديني والخلقي" لدى الأحداث، "وتشتت أفراد عائلة الحدث الجانح" إثر انفصال والديه، "وغياب رقابة الأب أو القائمين عليه"، ووجوده في "بيئة تعرض سلامته الأخلاقية أو النفسية أو الجسدية أو التربوية للخطر"، "واحتياج الحدث للمال وعدم قدرة ذويه على توفير احتياجاته"، فضلا عن "ضعف المستوى الثقافي للحدث"، "وعدم فهمه لعواقب الجرم المقترف ونتائجه الوخيمة على مستقبله"، "والفراغ الذي يلقاه الحدث"، "وغياب الوعي القانوني"، وغيرها من الأسباب.
وقد تم تخصيص دائرة في كل من المحاكم الابتدائية "بمسقط وصحار ونزوى وصلالة" للنظر في قضايا "الأحداث الجانحين"، وذلك لمراعاتهم في أحكام القانون وعدم تسجيل الأحكام الصادرة ضد الأحداث في السوابق الجرمية ولا تسري عليهم أحكام التكرار المنصوص عليها في قانون الجزاء ولا يجوز توقيع عقوبة الغرامة على الحدث ويعفى من أي رسوم أو مصاريف أمام محكمة الأحداث بمختلف درجاتها ويحظر بغير إذن المحكمة نشر اسم الحدث أو صورته أو ملخصها أو خلاصة الحكم أو منطوقه في وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية أو بأية طريقة أخرى ويتم تداول قضايا الأحداث أمام المحاكم في جلسة سرية لا يحضرها إلا المختصون. ويتطلب القانون تقرير المراقب الاجتماعي عن حالة الحدث في حالة التقرير بإحالته للمحكمة للوقوف على الأسباب التي دفعته لمقارفة الجرم هذا ما أكده مساعد المدعي العام.
وأضاف حول كيفية تعامل "الادعاء العام" مع القضايا المتعلقة بالأطفال "الأحداث" بحيث لا يتم تعرضهم لضغوطات نفسية قال الشيدي: تعتبر الصلاحيات المتاحة للمحقق في التحقيق الابتدائي هي ذاتها ما تقوم به في جرائم الأحداث، ولعل أهم إجراء في الإجراءات "الاستجواب" فهو عمل ذو طبيعة مزدوجة تعمد إليه سلطة التحقيق لإثبات الحقيقة فهو واجب المحقق ومن ناحية أخرى إجراء من إجراءات الدفاع فهو حق للمهتم مع مراعاة اختلاف طريقة الاستجواب بالنسبة للحدث فيجب على المحقق أن يوجد جوا من الثقة والابتعاد عن مظاهر السلطة وأن يوفر الضمانات التي تحفظ للحدث حقوقه وحرياته. ويمثل الحبس الاحتياطي إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي ولكن الأصل عدم جواز ذلك بالنسبة للأحداث فإذا ما اقتضت مصلحة التحقيق أو مصلحة الحدث فللادعاء العام إيداع الحدث في "دار الملاحظة" مدة لا تتجاوز ثماني وأربعين ساعة من تاريخ القبض عليه ويجوز تجديد المدة بإذن من المدعي العام لمدة لا تتجاوز سبعة أيام، فإذا رأى استمرار إيداعه فعليه عرض الأمر للمحكمة قبل انتهاء هذه المدة للنظر في التمديد لوقت أكثر على ألا تزيد على خمسة وأربعين يوما وإذا أحيل الحدث للمحكمة فلها أن تمد الإيداع لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر. يخضع الحدث لنفس الضمانات المتاحة للبالغين في التحقيق الابتدائي مع مراعاة سن الحدث ودرجة خطورة الفعل المنسوب إليه وحالته البدنية والذهنية والظروف التي نشأ وعاش فيها.
الخصوصية لابد منها
أما المحامي والمستشار القانوني حمود بن سعيد الرواحي من مكتب "سعيد الشحري للاستشارات القانونية" يرى من وجهة نظره القانونية أن وجود محاكم أسرية تكفل للأحداث حق عدم الاحتكاك بالكبار من أصحاب القضايا الجرمية وأكمل قائلا: نحن كمحامين وفي القضايا المتعلقة بالأسرة - كقضايا التفريق بكل طرقه وقضايا الحضانة والنفقة وغيرها من مسائل الأحوال الشخصية- نحاول الموازنة بين النواحي الإنسانية لأطراف النزاع وبين مصلحة موكلنا ومصلحة الأسرة ككل باعتبارها اللبنة الأساسية في تكوين المجتمع.. ومن وجهة نظرنا نؤكد أن المحاكم الخاصة بالأسرة وقضايا الأحوال الشخصية تعد خطوة قادمة في سبيل تطوير النظام القضائي في السلطنة وإضافة جديدة لما تحقق ووجودها يمنح المزيد من الخصوصية للمتخاصمين ويمنح الكادر الذي يعمل بها المزيد من الخبرة من خلال التخصص في القضايا الأسرية مما يسهل معالجة مثل هذه القضايا وإعداد البحوث والدراسات والإحصائيات حولها.
وفي المقابل لا بد من التفرقة بين وجود الأحداث في القضايا الجزائية وبين وجودهم في قضايا الأحوال الشخصية حتى نتمكن من تحديد إن كانت هذه المحاكم الموجودة تكفل حق الأحداث في عدم الاختلاط بالكبار من أصحاب القضايا أم لا هذا ما أشار إليه الرواحي وتابع: إن في قضايا الأحوال الشخصية المتعلقة بالحضانة والنفقة والوصاية وغيرها من المسائل التي يتناولها قانون الأحوال الشخصية ليس هناك أي اختلاط بين الأحداث وبين المجرمين فمثل هذه القضايا تحاط بالكثير من الخصوصية من حيث إفراد دوائر خاصة بها وسرية جلساتها كما أنها وقبل الوصول للمحكمة تحاط بالكثير من العناية حيث يمكن لأطراف النزاع تقديم النزاع لدى لجنة التوفيق والمصالحة لتسوية النزاع وبعد ذلك وعند تقديم النزاع للمحكمة يتم إحالتها لقسم البحث الاجتماعي وفقا للقرار الوزاري رقم (122/2001) لمعرفة أسباب النزاع ودراسة ومتابعة الموقف الاجتماعي والدراسي للأطفال والآثار النفسية المترتبة على التطليق..
محاكمة منفصلة
أما في القضايا الجزائية فقد أوضح الرواحي إلى أن المشرع عالج مسألة احتكاك الأحداث بالكبار من أصحاب القضايا الجزائية وفق قانون مساءلة الأحداث رقم (30/2008) على النحو التالي: عند ارتكاب الحدث لفعل يعاقب عليه القانون يسمى عندئذ "الحدث الجانح" فيتم جمع الأدلة من قبل شرطة عمان السلطانية و"وحدة شرطة الأحداث" أو "المراقب الاجتماعي" الذي له سلطة الضبط القضائية حيث يتم وضع الحدث لدى "دار ملاحظة الأحداث" حتى يتم تقديمه للمحاكمة، ويتولى كذلك أعضاء من الادعاء مخصصون لقضايا الأحداث إجراءات التحقيق ورفع الدعوى العمومية. بعد ذلك يتم تقديم الحدث لـ "محكمة الأحداث" لمحاكمته حيث تكون محاكمة الأحداث منفصلة عن الكبار حتى ولو كانت المحاكمة في قضية فيها المتهمون من الأحداث والكبار.
وقد أحاط المشرع محاكمة الأحداث بالكثير من الخصوصية منها: أن الأحكام التي تصدر على الأحداث لا تسجل في صحيفة سوابقهم القضائية، وعدم جواز نشر اسم الحدث أو صورته أو وقائع المحكمة أو ملخصها أو خلاصة الحكم بأي طريقة كانت بدون إذن المحكمة. وبعد صدور الحكم يتم إيداع الحدث في "دار إصلاح الأحداث" التي تنشأ بوزارة التنمية الاجتماعية وتتولى شرطة عمان السلطانية حفظ الأمن بها. أما إذا لم يكن الحدث قد ارتكب فعلا يعاقب عليه القانون وتوافرت فيه إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة (3) من قانون مساءلة الأحداث فإنه يسمى "الحدث المعرض للانحراف" ومن هذه الحالات إذا لم يكن للحدث محل إقامة أو مبيت، أو كان سيئ السلوك وخارجا عن سلطة المشرف على تربيته، أو أنه اعتاد مخالطة الجانحين وإلى غير ذلك من الحالات التي حددتها المادة، ففي حالة الحدث المعرض للجنوح فإن القانون قد خصص دارا في وزارة التنمية الاجتماعية تسمى "دار توجيه الأحداث" تهدف إلى رعاية وتأهيل الأحداث المعرضين للجنوح وذلك بناء على أمر المحكمة. فمنذ صدور هذا القانون لن يصبح هناك أي احتكاك بين الأحداث والكبار وكون أن مبنى المحكمة هو نفسه في الحالتين لا يعني وجود الاحتكاك أو الاختلاط هذا ما أكده الرواحي.
ضغط نفسي كبير
ومن الجانب الطبي كانت لنا وقفة مع د.آمنة الشامسية طبيبة نفسية وأخصائية أولى في الأمراض النفسية بالأطفال والمراهقين بمستشفى ابن سينا شرحت من خلال وجهة نظرها الطبية تأثير دخول الطفل للمحكمة وأبدت رأيها قائلة: إن الدخول إلى قاعة المحكمة بحد ذاته بكل ما تحمله من رهبة وجو رسمي تحمل ضغطا نفسيا كبيرا على الكبير فما بالك بالطفل الذي يدخل ويتطلب منه الإدلاء بقرار أو إيضاحات. يتعرض الطفل من خلال وجوده بالمحكمة إلى حالة قلق وخوف شديد وقد يضطر أثناء انتظاره إلى الاستماع إلى قضايا لأشخاص آخرين مما يزيد من ارتباكه وخوفه وقد يؤدي به إلى الإصابة بصدمة نفسية تتفاوت شدتها على حسب عمر الطفل والتهيئة النفسية للطفل قبل الحضور ونوعية المحكمة والجو العام فيها. وأضافت الشامسية: قد يتفاوت بين إصابته بحالة من القلق لوقت قصير وعدم إحساسه بالأمان إلى حالة من القلق الشديد والذعر والإصابة باضطراب ما بعد الصدمة وما يترافق معه من اضطراب في السلوك وكوابيس ليلية وتغير في المزاج.
وإن كانت هناك قضايا أسرية تضع الطفل "الحدث" في مواقف محرجة قالت د.آمنة الشامسية: كما سبق وأسلفنا ذكره فإن وضع الطفل في موقف اتخاذ القرار في جو مفعم بالقلق والرهبة والخوف يشكل ضغطا نفسيا هائلا على الطفل أو حتى المراهق خصوصا عندما يتطلب منه الاختيار ما بين أحد والديه وما يتبعه من الإحساس بالذنب تجاه أحد الوالدين وربما النفور والكراهية من الطرف الآخر تعرض الطفل لمثل هذه المواقف قد تشكل تجربة سيئة لا تمحى وتترك بصماتها عليه حين اتخاذ قرارات مصيرية في حياته حين يكبر.
مشيرة الشامسية إلى الحل الأمثل لتجنب هذا الضغط ونتائجه السلبية على الأطفال والذي يتمثل في العمل على تطوير محاكم أسرية أو محاكم الأطفال حيث يكون كل العاملين بها من ذوي الاختصاص أو على دراية بطرق التعامل الصحيح مع هذه الفئة كذلك فإن الأجواء العامة فيها تكون أقل رهبة ويشعر الطفل بتوتر أقل بالإضافة إلى وجود مختصين في مجال علم النفس للتعامل مع بعض الحالات الخاصة حين يكون الطفل ضحية أو مرَّ بظروف غير اعتيادية.
محاكم صديقة للطفل
وردا على سؤالنا إن كان هناك حالات سبق لطفل لديه حالة نفسية جراء الخلافات الأسرية التي وصلت للمحاكم، أو من جراء دخوله للمحكمة أكدت الشامسية: نعم، قبل فترة أحضرت الى طفل يعاني من تدهور في المستوى الدراسي وتبول لا إرادي رغم أن الطفل كان من المتفوقين ولم يكن يشكُ من أي اضطراب في تحكمه في مثانته وبعد أخذ تفاصيل الحالة المرضية تبين أن الطفل قد مر بمرحلة صعبة أثناء مشاهدته لخلافات والديه أمامه وتنقله ما بينهما ومن ثم النزاع حوله فمثل هذه الأحداث تجعل الطفل يعيش في حالة عدم أمان وتشكيك في كل ما حوله.
وختمت د.آمنة الشامسية رأيها قائلة: في الواقع يمكننا القول إن وجود محاكم الأسرة قد يكون له العديد من الفوائد منها أن عرض قضايا الأسرة سيكون في محاكم صديقة للأسرة والطفل. سيكون هناك المزيد من الاهتمام بالنواحي الاجتماعية والنفسية أثناء النظر في النزاع وذلك بغية التوصل الى علاج مناسب لقضايا الأسرة. كذلك فإن وجود الاخصائيين النفسيين قد يساهم في التخفيف من حدة النزاع بين أفراد الأسرة وذلك نظراً للجو الأسري الذي يتم فيه حل النزاع لذا نستطيع أن نقول بالمجمل إن مثل هذه المحاكم سوف يتم فيها مراعاة المصلحة الفضلى للطفل بشكل خاص والأسرة بشكل عام بالإضافة إلى جو الخصوصية للتعامل مع المشاكل الأسرية.
تحقيق - ناجية البطاشية
لا توجد "محاكم أسرية خاصة" "للقضايا الأسرية" والتي تدرج ضمن قضايا الأحوال الشخصية، وقضايا "جنوح الأحداث" والتي تدخل في مضمار "جرائم الحدث"، ويدخل فيهما الطفل "الحدث" كطرف أساسي، لها استقلالها، وانفصالها عن "القضايا الجرمية"، تساهم في تخفيف عبء رهبة المحاكم على هذا الطفل "الحدث" لتتحول "لمحاكم صديقة للأطفال" تراعي سنه وحساسية موقفه الطفولي..!؟
في هذه الحالات ومع "عدم وجود محاكم أسرية" تعنى فقط بالقضايا الأسرية وتحاط بكل الظروف المهيأة لاستقبال الطفل "الحدث" في شتى الظروف، كيف يتم التعامل مع الطفل "الحدث"، للحيلولة دون احتكاكه بالقضايا الجرمية والتي تتابع سلسلة أحداثها في المحاكم بمختلف تدرجاتها؟ وهل هناك استثناء يستدعي تجنب إحضار هذا الطفل حتى لا يؤثر عليه موقف وجوده في المحكمة بشكل سلبي؟ ونفسيا كيف تنعكس مشاكل أسرته في المحاكم على ثقافته وصحته النفسية؟ وما هي وجهة نظر القانون في وضع الطفل "الحدث"؟ سواء كشاهد، أو مخير، أو صاحب قضية جانحة؟
"الشبيبة" حاورت عدة جهات وخرجت بعدة آراء..
فقد قالت مديرة دائرة شؤون المحاكم بوزارة العدل علياء بنت طالب البوسعيدية حول سبب عدم وجود "محاكم أسرية" خاصة تجنب الأطفال "الدخول للمحاكم التي تتناول قضايا الإجرام أو القضايا الأخرى: بأن المشرع العماني اهتم أيما اهتمام بالأسرة وفي هذا الموضوع نشير إلى أن للسلطنة تجربة رائدة تعكس حرصها غير المحدود للأسرة باعتبارها لبنة المجتمع الأولى التي بها يعلو شأنه وباستقرارها وسلامتها يتحقق أمنه وازدهاره ومما هو واضح أن المشرع العماني أفرد لدعاوى الأحوال الشخصية في كل المحاكم دائرة مختصة تسمى "بالمحكمة الشرعية" وذلك بموجب المادة الأولى من قانون السلطة القضائية رقم 90/99 إيمانا بأهمية وحساسية قضايا الأحوال الشخصية التي هي نتاج عن الخلافات الأسرية، فإذن دوائر المحاكم الشرعية في السلطنة هي التي تتناول قضايا الأسرة.
مؤكدة البوسعيدية: أن وزارة العدل تعمل بكل جهد واهتمام لترجمة هذا الاهتمام السامي وتنفيذه بما يحقق مصلحة الأسرة ويولد الطمأنينة لأفرادها.
القانون ومصلحة الطفل
وإن كانت هناك أي نية لبناء محاكم أسرية مستقبلاً قالت البوسعيدية: كما تلاحظون بأن وزارة العدل شارعة في استكمال بناء مجمعات المحاكم في محافظات ومناطق السلطنة وهي مجمعات تضم بين جنباتها محاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية ودوائر الكتاب بالعدل ولجان التوفيق والمصالحة. وقد صممت هذه المجمعات على أعلى مستوى من المواصفات في بناء الصروح القضائية في العصر الحاضر.
ولكن في حالة الواقع المعاش، فقد شمل قانون الإجراءات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 29 /2002 جوانب إجرائية مهمة تتعلق برعاية مصالح الأطفال، بحيث تحرى القانون مصلحة الطفل في كل مواده ذات العلاقة، هذا ما أضافته مديرة دائرة شؤون المحاكم بوزارة العدل وتابعت: ومن ذلك فإن القاضي يكون بوسعه جعل جلسة المحكمة الأسرية جلسة سرية إذا اقتضى الحال ذلك حفاظاً على الخصوصية الأسرية لاسيما إذا كان من بين حضور جلسة المحاكمة أطفال.
مراعاة الحالة النفسية
ومن جهته قال مساعد المدعي العام محمد الشيدي: إن هناك بالفعل قضايا يتم فيها استدعاء الأطفال "الأحداث" كشاهدين، ويتم استدعاء الحدث كشاهد في أي قضية اقتضت ضرورة التحقيق للاستماع لشهادته، وتؤخذ شهادة الحدث على سبيل "الاستئناس" دون حلف اليمين القانونية التي يستجوبها القانون على الشاهد، بيد أنه ومراعاة للحالة النفسية للحدث فإن الادعاء العام يستبعد أحيانا الاستماع لشهادته كما هو الحال في الدعوى القائمة بين والديه على سبيل المثال؛ لما لها من تأثيرات سلبية على الحالة النفسية للحدث.
وردا على سؤالنا في أي الحالات يمكن استقبال القضايا المتعلقة بالأسرة دون أن تكون هناك تأثيرات جانبية تضر بالطفل "الحدث" قال الشيدي: حقيقة الجرائم المتعلقة بالأسرة المنصوص عليها في القوانين الجنائية قليلة إذ إن أكثر تلك المشكلات تكون من اختصاص القضاء المدني أو الشرعي، وفيما يتعلق بدور الادعاء العام في القضايا الجزائية المتعلقة بالأسرة فإنه يبادر دائما إلى تلقي ذلك النوع من البلاغات والتحقيق فيها في ظروف تتفق وطبيعتها، وغالبا ما ينتهي الادعاء العام إلى تسوية تلك القضايا وذلك بحفظ التحقيق فيها لظروفها إعمالا لحكم المادة (125) من قانون الجزاءات الجزائية التي تمنح المدعي العام مكنة حفظ التحقيق حتى مع وجود جريمة واكتمال أدلتها ما لم يوجد مدع بالحق المدني، ويحرص الادعاء العام عند مباشرة التحقيق في مثل هذه الجرائم على عدم إقحام الأطفال فيها سعيا إلى النأي بهم عن آثارها السلبية.
تخصيص دائرة للأسرة
منوها الشيدي إن مجمل قضايا الأحداث تتمحور حول السرقات بأنواعها لتشكل ظاهرة لا بد من الحد منها. وذاكرا أسباب ارتكاب "الحدث" لها: فعلى سبيل المثال لا الحصر "ضعف الوازع الديني والخلقي" لدى الأحداث، "وتشتت أفراد عائلة الحدث الجانح" إثر انفصال والديه، "وغياب رقابة الأب أو القائمين عليه"، ووجوده في "بيئة تعرض سلامته الأخلاقية أو النفسية أو الجسدية أو التربوية للخطر"، "واحتياج الحدث للمال وعدم قدرة ذويه على توفير احتياجاته"، فضلا عن "ضعف المستوى الثقافي للحدث"، "وعدم فهمه لعواقب الجرم المقترف ونتائجه الوخيمة على مستقبله"، "والفراغ الذي يلقاه الحدث"، "وغياب الوعي القانوني"، وغيرها من الأسباب.
وقد تم تخصيص دائرة في كل من المحاكم الابتدائية "بمسقط وصحار ونزوى وصلالة" للنظر في قضايا "الأحداث الجانحين"، وذلك لمراعاتهم في أحكام القانون وعدم تسجيل الأحكام الصادرة ضد الأحداث في السوابق الجرمية ولا تسري عليهم أحكام التكرار المنصوص عليها في قانون الجزاء ولا يجوز توقيع عقوبة الغرامة على الحدث ويعفى من أي رسوم أو مصاريف أمام محكمة الأحداث بمختلف درجاتها ويحظر بغير إذن المحكمة نشر اسم الحدث أو صورته أو ملخصها أو خلاصة الحكم أو منطوقه في وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية أو بأية طريقة أخرى ويتم تداول قضايا الأحداث أمام المحاكم في جلسة سرية لا يحضرها إلا المختصون. ويتطلب القانون تقرير المراقب الاجتماعي عن حالة الحدث في حالة التقرير بإحالته للمحكمة للوقوف على الأسباب التي دفعته لمقارفة الجرم هذا ما أكده مساعد المدعي العام.
وأضاف حول كيفية تعامل "الادعاء العام" مع القضايا المتعلقة بالأطفال "الأحداث" بحيث لا يتم تعرضهم لضغوطات نفسية قال الشيدي: تعتبر الصلاحيات المتاحة للمحقق في التحقيق الابتدائي هي ذاتها ما تقوم به في جرائم الأحداث، ولعل أهم إجراء في الإجراءات "الاستجواب" فهو عمل ذو طبيعة مزدوجة تعمد إليه سلطة التحقيق لإثبات الحقيقة فهو واجب المحقق ومن ناحية أخرى إجراء من إجراءات الدفاع فهو حق للمهتم مع مراعاة اختلاف طريقة الاستجواب بالنسبة للحدث فيجب على المحقق أن يوجد جوا من الثقة والابتعاد عن مظاهر السلطة وأن يوفر الضمانات التي تحفظ للحدث حقوقه وحرياته. ويمثل الحبس الاحتياطي إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي ولكن الأصل عدم جواز ذلك بالنسبة للأحداث فإذا ما اقتضت مصلحة التحقيق أو مصلحة الحدث فللادعاء العام إيداع الحدث في "دار الملاحظة" مدة لا تتجاوز ثماني وأربعين ساعة من تاريخ القبض عليه ويجوز تجديد المدة بإذن من المدعي العام لمدة لا تتجاوز سبعة أيام، فإذا رأى استمرار إيداعه فعليه عرض الأمر للمحكمة قبل انتهاء هذه المدة للنظر في التمديد لوقت أكثر على ألا تزيد على خمسة وأربعين يوما وإذا أحيل الحدث للمحكمة فلها أن تمد الإيداع لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر. يخضع الحدث لنفس الضمانات المتاحة للبالغين في التحقيق الابتدائي مع مراعاة سن الحدث ودرجة خطورة الفعل المنسوب إليه وحالته البدنية والذهنية والظروف التي نشأ وعاش فيها.
الخصوصية لابد منها
أما المحامي والمستشار القانوني حمود بن سعيد الرواحي من مكتب "سعيد الشحري للاستشارات القانونية" يرى من وجهة نظره القانونية أن وجود محاكم أسرية تكفل للأحداث حق عدم الاحتكاك بالكبار من أصحاب القضايا الجرمية وأكمل قائلا: نحن كمحامين وفي القضايا المتعلقة بالأسرة - كقضايا التفريق بكل طرقه وقضايا الحضانة والنفقة وغيرها من مسائل الأحوال الشخصية- نحاول الموازنة بين النواحي الإنسانية لأطراف النزاع وبين مصلحة موكلنا ومصلحة الأسرة ككل باعتبارها اللبنة الأساسية في تكوين المجتمع.. ومن وجهة نظرنا نؤكد أن المحاكم الخاصة بالأسرة وقضايا الأحوال الشخصية تعد خطوة قادمة في سبيل تطوير النظام القضائي في السلطنة وإضافة جديدة لما تحقق ووجودها يمنح المزيد من الخصوصية للمتخاصمين ويمنح الكادر الذي يعمل بها المزيد من الخبرة من خلال التخصص في القضايا الأسرية مما يسهل معالجة مثل هذه القضايا وإعداد البحوث والدراسات والإحصائيات حولها.
وفي المقابل لا بد من التفرقة بين وجود الأحداث في القضايا الجزائية وبين وجودهم في قضايا الأحوال الشخصية حتى نتمكن من تحديد إن كانت هذه المحاكم الموجودة تكفل حق الأحداث في عدم الاختلاط بالكبار من أصحاب القضايا أم لا هذا ما أشار إليه الرواحي وتابع: إن في قضايا الأحوال الشخصية المتعلقة بالحضانة والنفقة والوصاية وغيرها من المسائل التي يتناولها قانون الأحوال الشخصية ليس هناك أي اختلاط بين الأحداث وبين المجرمين فمثل هذه القضايا تحاط بالكثير من الخصوصية من حيث إفراد دوائر خاصة بها وسرية جلساتها كما أنها وقبل الوصول للمحكمة تحاط بالكثير من العناية حيث يمكن لأطراف النزاع تقديم النزاع لدى لجنة التوفيق والمصالحة لتسوية النزاع وبعد ذلك وعند تقديم النزاع للمحكمة يتم إحالتها لقسم البحث الاجتماعي وفقا للقرار الوزاري رقم (122/2001) لمعرفة أسباب النزاع ودراسة ومتابعة الموقف الاجتماعي والدراسي للأطفال والآثار النفسية المترتبة على التطليق..
محاكمة منفصلة
أما في القضايا الجزائية فقد أوضح الرواحي إلى أن المشرع عالج مسألة احتكاك الأحداث بالكبار من أصحاب القضايا الجزائية وفق قانون مساءلة الأحداث رقم (30/2008) على النحو التالي: عند ارتكاب الحدث لفعل يعاقب عليه القانون يسمى عندئذ "الحدث الجانح" فيتم جمع الأدلة من قبل شرطة عمان السلطانية و"وحدة شرطة الأحداث" أو "المراقب الاجتماعي" الذي له سلطة الضبط القضائية حيث يتم وضع الحدث لدى "دار ملاحظة الأحداث" حتى يتم تقديمه للمحاكمة، ويتولى كذلك أعضاء من الادعاء مخصصون لقضايا الأحداث إجراءات التحقيق ورفع الدعوى العمومية. بعد ذلك يتم تقديم الحدث لـ "محكمة الأحداث" لمحاكمته حيث تكون محاكمة الأحداث منفصلة عن الكبار حتى ولو كانت المحاكمة في قضية فيها المتهمون من الأحداث والكبار.
وقد أحاط المشرع محاكمة الأحداث بالكثير من الخصوصية منها: أن الأحكام التي تصدر على الأحداث لا تسجل في صحيفة سوابقهم القضائية، وعدم جواز نشر اسم الحدث أو صورته أو وقائع المحكمة أو ملخصها أو خلاصة الحكم بأي طريقة كانت بدون إذن المحكمة. وبعد صدور الحكم يتم إيداع الحدث في "دار إصلاح الأحداث" التي تنشأ بوزارة التنمية الاجتماعية وتتولى شرطة عمان السلطانية حفظ الأمن بها. أما إذا لم يكن الحدث قد ارتكب فعلا يعاقب عليه القانون وتوافرت فيه إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة (3) من قانون مساءلة الأحداث فإنه يسمى "الحدث المعرض للانحراف" ومن هذه الحالات إذا لم يكن للحدث محل إقامة أو مبيت، أو كان سيئ السلوك وخارجا عن سلطة المشرف على تربيته، أو أنه اعتاد مخالطة الجانحين وإلى غير ذلك من الحالات التي حددتها المادة، ففي حالة الحدث المعرض للجنوح فإن القانون قد خصص دارا في وزارة التنمية الاجتماعية تسمى "دار توجيه الأحداث" تهدف إلى رعاية وتأهيل الأحداث المعرضين للجنوح وذلك بناء على أمر المحكمة. فمنذ صدور هذا القانون لن يصبح هناك أي احتكاك بين الأحداث والكبار وكون أن مبنى المحكمة هو نفسه في الحالتين لا يعني وجود الاحتكاك أو الاختلاط هذا ما أكده الرواحي.
ضغط نفسي كبير
ومن الجانب الطبي كانت لنا وقفة مع د.آمنة الشامسية طبيبة نفسية وأخصائية أولى في الأمراض النفسية بالأطفال والمراهقين بمستشفى ابن سينا شرحت من خلال وجهة نظرها الطبية تأثير دخول الطفل للمحكمة وأبدت رأيها قائلة: إن الدخول إلى قاعة المحكمة بحد ذاته بكل ما تحمله من رهبة وجو رسمي تحمل ضغطا نفسيا كبيرا على الكبير فما بالك بالطفل الذي يدخل ويتطلب منه الإدلاء بقرار أو إيضاحات. يتعرض الطفل من خلال وجوده بالمحكمة إلى حالة قلق وخوف شديد وقد يضطر أثناء انتظاره إلى الاستماع إلى قضايا لأشخاص آخرين مما يزيد من ارتباكه وخوفه وقد يؤدي به إلى الإصابة بصدمة نفسية تتفاوت شدتها على حسب عمر الطفل والتهيئة النفسية للطفل قبل الحضور ونوعية المحكمة والجو العام فيها. وأضافت الشامسية: قد يتفاوت بين إصابته بحالة من القلق لوقت قصير وعدم إحساسه بالأمان إلى حالة من القلق الشديد والذعر والإصابة باضطراب ما بعد الصدمة وما يترافق معه من اضطراب في السلوك وكوابيس ليلية وتغير في المزاج.
وإن كانت هناك قضايا أسرية تضع الطفل "الحدث" في مواقف محرجة قالت د.آمنة الشامسية: كما سبق وأسلفنا ذكره فإن وضع الطفل في موقف اتخاذ القرار في جو مفعم بالقلق والرهبة والخوف يشكل ضغطا نفسيا هائلا على الطفل أو حتى المراهق خصوصا عندما يتطلب منه الاختيار ما بين أحد والديه وما يتبعه من الإحساس بالذنب تجاه أحد الوالدين وربما النفور والكراهية من الطرف الآخر تعرض الطفل لمثل هذه المواقف قد تشكل تجربة سيئة لا تمحى وتترك بصماتها عليه حين اتخاذ قرارات مصيرية في حياته حين يكبر.
مشيرة الشامسية إلى الحل الأمثل لتجنب هذا الضغط ونتائجه السلبية على الأطفال والذي يتمثل في العمل على تطوير محاكم أسرية أو محاكم الأطفال حيث يكون كل العاملين بها من ذوي الاختصاص أو على دراية بطرق التعامل الصحيح مع هذه الفئة كذلك فإن الأجواء العامة فيها تكون أقل رهبة ويشعر الطفل بتوتر أقل بالإضافة إلى وجود مختصين في مجال علم النفس للتعامل مع بعض الحالات الخاصة حين يكون الطفل ضحية أو مرَّ بظروف غير اعتيادية.
محاكم صديقة للطفل
وردا على سؤالنا إن كان هناك حالات سبق لطفل لديه حالة نفسية جراء الخلافات الأسرية التي وصلت للمحاكم، أو من جراء دخوله للمحكمة أكدت الشامسية: نعم، قبل فترة أحضرت الى طفل يعاني من تدهور في المستوى الدراسي وتبول لا إرادي رغم أن الطفل كان من المتفوقين ولم يكن يشكُ من أي اضطراب في تحكمه في مثانته وبعد أخذ تفاصيل الحالة المرضية تبين أن الطفل قد مر بمرحلة صعبة أثناء مشاهدته لخلافات والديه أمامه وتنقله ما بينهما ومن ثم النزاع حوله فمثل هذه الأحداث تجعل الطفل يعيش في حالة عدم أمان وتشكيك في كل ما حوله.
وختمت د.آمنة الشامسية رأيها قائلة: في الواقع يمكننا القول إن وجود محاكم الأسرة قد يكون له العديد من الفوائد منها أن عرض قضايا الأسرة سيكون في محاكم صديقة للأسرة والطفل. سيكون هناك المزيد من الاهتمام بالنواحي الاجتماعية والنفسية أثناء النظر في النزاع وذلك بغية التوصل الى علاج مناسب لقضايا الأسرة. كذلك فإن وجود الاخصائيين النفسيين قد يساهم في التخفيف من حدة النزاع بين أفراد الأسرة وذلك نظراً للجو الأسري الذي يتم فيه حل النزاع لذا نستطيع أن نقول بالمجمل إن مثل هذه المحاكم سوف يتم فيها مراعاة المصلحة الفضلى للطفل بشكل خاص والأسرة بشكل عام بالإضافة إلى جو الخصوصية للتعامل مع المشاكل الأسرية.
¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
---
أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية
وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions
رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني Eagle Eye Digital Solutions