كتب - خميس السلطي

قدم د.طالب المعمري ومن خلال مشروع البرنامج الوطني لدعم الكتاب الذي ينفذه النادي الثقافي رؤية تحليلة لـ"الخطاب الصوفي في الشعر العربي المعاصر"، لعدد من الشعراء العرب وهم أدونيس وصلاح عبدالصبور وعبدالوهاب البياتي ومحمد عفيفي، ومن خلال مقدمة الكتاب التي أوردها مؤلفه، فقد صنفت مفرداته الداخلية بصورة أكثر براعة نقلت لنا الأوجه الحقيقة له، فنرى أن هذه الرؤية جاءت لما يمثله الشعر العربي المعاصر في شكله الجديد من ثورة عارمة من طرائق التعبير وأجناس الخطاب، كما تشير المقدمة إلى أن هذه الثورة وما ترتب عليها أنتجت رفضا تاما لأشكال التعبية والتقليد، وولادة الشعر الماصر الذي نبذ جميع أشكال الخطابية والفردية الغنائية، مستعينا بتجارب محلية وعالمية، متداخلا مع ثقافات متنوعة ونصوص سابقة، جعلت من النص المعاصر عالما من الأفكار والرؤى.

يقول المؤلف: لقد رأى الشاعر المعاصر أن الاستمرار في اجترار ما خلفه الأجداد، والسير على منوالهم وطريقتهم في التعبير، طمس للذات المبدعة، ووقوف في وجه التغيير والتطور الذي هو سُنة الكون الجارية، وإذا كان التغيير يشمل كل شيء في الحياة فلابد أن يشمل اللغة باعتبارها عنصرا أساسيا من عناصر الحياة.

د.طالب المعمري يقول: إن تخلي بعض الشعراء المعاصرين عن الوزن والقافية، دفعهم إلى البحث عن تقنيات تثري النص، وتعوضه عن الموسيقى الإيقاعية بموسيقى تصويرية فكرية، تستند إلى شعرية النص لا إلى شاعريته، وحاول هؤلاء الشعراء أن يثروا نصوصهم بملامح من تجارب سابقة، ويوظفوا التراث العربي والإنساني في خدمة نصوصهم، وإزكاء عناصره الفنية والمعنوية ليتسم النص بالعمق والموضوعية، ويضيف: من التجارب التراثية التي وجد الشاعر المعاصر ضالته، في الإبداع والابتكار والتجديد، التجربة الصوفية العربية؛ التي كان لها دور بارز في كسر المألوف والخروج عن العادة؛ فكان لأدب هذه الحركة وأبائها ومنظّريها وتقنياتها وأساليبها حضور مميز في الشعر العربي المعاصر، أثرى بها الشاعر نصَّه سواء عن طريق الرمز أو القناع أو التناص، ولما كان هذا الحضور المكثف للتجربة الصوفية عند زمرة من أعلام الشعر الحداثي، حاولت هذه الدراسة؛ اكتناه جوانب تفاعل الشعر المعاصر مع هذه التجربة، وأهم الرموز والتقنيات التي وظف الشاعر بها هذا الموروث، وتحري ما يحيل له هذا الموروث من معان في واقع الشاعر، وما يؤدي إليه من رؤى وأفكار يرغب في إيصالها إلى جموع متلقيه من خلال تداخله مع عناصر هذه التجربة. مستعينا بالمنهج الأسلوبي الذي يقوم على الاستقراء والتحليل، ويعنى بدراسة النص على اعتبار أنه رسالة لغوية يستعين بها الأديب لتوصيل ما يريد من دلالات فكرية وشعورية، وحيث إن الشعر العربي المعاصر ما هو إلا مزيج من الفكر والثورة كان لا بد من دراسته دراسة أسلوبية تحدد أهم تقنياته وتصوراته وأفكاره ورؤاه.

لقد ضم الكتاب سبعة فصول أتت كالتالي:الفصل الأول الشعرية الصوفية: الحال والمقام والموقف: وقد توقف على خصوصية النشأة للحركة الصوفية، وأهم مظاهر الشعرية الصوفية، وما يربط بين التصوف والشعرية العربية المعاصرة، وبيان أبرز مصادر الأدب الصوفي المتمثلة في الحال والمقام والموقف.

الفصل الثاني: الرمز الصوفي في الشعر العربي المعاصر، استقلالية التجربة وخصوصية التوظيف: وقد عالج بالدراسة طبيعة الرمز الصوفي في الشعر العربي المعاصر، وأهم العوامل التي ساعدت على توظيف الرمز الصوفي في هذا الشعر، وتوقف الرمز الصوفي وخصوصية التوظيف بين شاعر وآخر من شعراء الحداثة العربية.

الفصل الثالث: صلاح عبدالصبور (الرمز الصوفي خلاص شخص) : تم فيه البحث عن أبرز الرموز الصوفية في شعر صلاح عبدالصبور، وعن أبرز المعاني والأفكار والرؤى التي يحيل عليها ذلك الرمز، والتي تغنى الشاعر من خلالها خلاصه الشخصي.

الفصل الرابع: ثورية الرمز الصوفي عند عبدالوهاب اليباتي: ويبحث في العلاقة بين الرمز الصوفي والثورة عند عبدالوهاب البياتي.

الفصل الخامس: الرمز الصوفي والتجديد عند أدونيس: يدرس هذا الفصل أهم الأبعاد والغايات التي وظف أدونيس من أجلها التجربة الصوفية، والكشف عن مشروع أدونيس الحداثي الذي اتكأ في تحقيقه على هذه التجربة.

الفصل السادس: محمد عفيفي مطر: (صوفية الحضور الأرضي) : وقد تناول الكيفية الفنية التي وظف بها عفيفي مطر الموروث الصوفي في تكريس انتمائه إلى الأرض من أجل تحقيق العدالة فيها.

الفصل السابع والأخير: تقنيات توظيف الرمز الصوفي (القناع- التناص) ويبحث في مدى تفاعل النص الشعري المعاصر، مع النص الصوفي وشخصياته، واهداف ذلك التوظيف وغاياته.