* ارتباط الأمير بفتاة من الشعب يثير حالة بهجة تتجاوز الركود الاقتصادي

لندن - يسري حسين
حقق إعلان خطوبة الأمير وليم والآنسة كيت ميدلتون البهجة في بريطانيا، حيث أثار الخبر الفرحة بعد فترة طويلة نسبياً من أخبار الكساد والركود الاقتصادي وتخفيض الحكومة للإنفاق العام وغلق العشرات من الشركات وحديث عن صعوبات وتقشف في ظل ارتفاع عدد الباحثين عن العمل.
كانت بريطانيا تحتج لسماع هذا الخبر المفرح الذي يهيمن على الصحف ونشرات الأخبار في ظل تفاؤل بتحريك المياه الراكدة ونشر توقعات عن ارتفاع المعنويات للخروج من نفق الأزمات وعودة القصص المفرحة مرة أخرى إلى عناوين الجرائد اليومية لتحل مكان الأخرى المحبطة والمقبضة.
جاء نشر صور الأمير وليم مع خطيبته كيت ميدلتون ليعيد بهجة مفقودة وغائبة. وتذكرت الصحف زفاف الملكة الحالية على خطيبها الأمير فيليب، والذي حدث في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية ليدشن بداية للأفراح والتفاؤل بعد سنوات الجمر التي مرت بها أوروبا كلها والعالم نتيجة تلك الحرب الطاحنة التي شنها أدولف هتلر الزعيم الألماني النازي على بريطانيا ودول التحالف التي أُرهقت بالغارات وطلقات الطائرات الألمانية، التي كانت تلقي بقنابلها على لندن ومدن بريطانية أخرى.
إعلان خطوبة الأمير وليم نجل ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز يعني المزيد من الرواج والإنعاش، حيث ستصبح < لندن > محل أنظار العالم لمتابعة الزفاف الملكي الذي سيجري في الصيف المقبل، وستزداد أعداد السياح وأفواجهم وعدد الزوار لبريطانيا، مما يعني انتعاش مبيعات المحلات التجارية وزيادة صفحت الجرائد اليومية والأسبوعية مع اهتمام المجلات المصورة بهذا الحدث مما يزيد من انتشار للصحافة المطبوعة، بالإضافة إلى رواج لوكالات التصوير والدعاية والإعلان. كما سيعطي الزفاف الملكي المتوقع في صيف العام المقبل حالة من النشاط والاهتمام والتفاؤل مع زواج الأمير وليم من صديقته وزميلة الدراسة في جامعة سانت أندروز.
اختار وليم كيت وهي تنتمي إلى طبقات الشعب البريطاني، وقد حصلت على تعليم جامعي وهي إبنة لأسرة متوسطة الحال لا تنتمي لطبقات أرستقراطية ارتبطت بالعائلة الحاكمة، كما كان حال الأميرة ديانا التي تزوجها الأمير تشارلز وأنجب منها نجليه وليم وهاري.
كيت ميدلتون تنتمي إلى فئات اجتماعية استفادت من التعليم الذي توفره الدولة ونظامها الإجتماعي، وحققت طفرة تعكس طبيعة الحياة والحراك داخل بريطانيا، حيث استطاع العلم تذويب الطبقات سلمياً وفتح الآفاق أمام الجميع، فلا حواجز ولا موانع تقف أمام طموحات في الترقي والوصول إلى أعلى المناصب والمراتب في بريطانيا طالما توفرت الكفاءة والعلم. كيت ميدلتون شابة متعلمة تعرفت على الأمير وليم خلال الدراسة معاً، وجمعت بينهما مشاعر الانتماء والمشاركة، حيث يعبر وليم عن نسخة عصرية من أمير شاب التحق بالجامعة وتعلم أيضاً في سلاح الطيران الملكي ويشغل الآن وظيفة طيار حربي يقودمروحيات عسكرية ضمن أسلحة الجيش البريطاني.
اقترب الأمير وليم من الحياة العامة ويشارك فيها، وقد التقى زميلته، ولم يكن هناك سوى التفاهم والاقتراب من بعضهم البعض، حيث يجمع بينهما العصر والعلم والاتفاق على رؤية مشتركة.
هذا زواج عصري حقيقي حاز على مباركة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية وهي جدة الأمير، التي لم تتدخل على الإطلاق في اختيار حفيدها ملك المستقبل لزوجته الشابة.
كما أن الأب أيضاً ولي العهد الأمير تشارلز ترك نجله يختار زوجته بعيداً عن تقاليد البيت الملكي الراسخة استجابة لرياح العصر وتطورات اجتماعية مهمة تحدث في بريطانيا.
خبر إعلان خطوبة وليم وكيت ميدلتون أثار الجدال والمناقشات بشأن تكاليف الزواج الملكي المنتظر ومن سيتحمل فاتورة قوات الأمن وتجهيزات العرس واستضافة ضيوف البيت الملكي البريطاني.
وتشير التقارير أن ولي العهد الأمير تشارلز سيتحمل هذه التكاليف كلها ولن يدفع قصر باكنجهام الملكي فلساً واحداً، كذلك لن تتحمل الخزانة العامة شيئاً وأن الأمر كله يرتبط بشؤون داخلية لموازنة ولي العهد ولا علاقة بأموال الدولة بهذا الحدث الخاص.
لكن الزفاف نفسه سيجلب لبريطانيا الملايين وسينعش الحالة الاقتصادية، والأهم هو ارتفاع معنويات الشعب البريطاني في ظل الاحتفال بعقد القران الملكي داخل قصر باكنجهام، مما يعني نهاية لأيام الحزن التي رافقت رحيل الأميرة ديانا، وكان قبل ذلك انفصالها عن ولي العهد الأمير تشارلز وما رافق ذلك من معارك ودموع وآهات وأحزان.
لقد طويت هذه الصفحة ونجل الأميرة الراحلة يهدي خطيبته خاتم أمه الأميرة ديانا، تقديراً لإحترامه لذكراها، وهذا تقليد معروف في الحياة البريطانية وتمارسه جميع الطبقات والفئات.
عبّر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون عن سعادته بسماع خبر إعلان الخطوبة والاستعداد للزفاف والزواج في الصيف المقبل وشاركه نائبه زعيم الحزب الليبرالي نك كليج. وقال زعيم المعارضة العمالية في البرلمان إد ميليباند إنه بدوره سعيد للغاية ويشارك البريطانيين والعائلة المالكة هذه الفرحة الجميلة.
الفرح الملكي المنتظر في صيف العام المقبل سيكون مناسبة لتأكيد نفوذ القصر ومكانة الملكة إليزابيث الثانية التي تحكم منذ عام 1952، ولا تزال تتمتع ببريق عرشها وقدرته على التفاعل مع الزمن ومتغيراته، فهاهو حفيدها يرتبط بفتاة متعلمة جميلة من الشعب، تدخل بلاط القصر الملكي ومن المنتظر أن تحمل لقب ملكة في المستقبل، إذا جلس الأمير وليم على عرش البلاد.
قصة الملكية في بريطانيا تعبر عن الاستمرار البليغ بسبب الاستجابة المتواصلة لمتغيرات الحياة والتفاعل الأصيل مع متطلبات حديثة ومعاصرة تدفع نحو التناغم والإبداع.
ولقد تعرض القصر الملكي لعواصف بسبب زواج الأبناء ومشكلات خلال مرحلة الأميرة ديانا قبل رحيلها، غير أن العرش تصرف بحكمة عالية استوعبت هذه الأعاصير واحترمتها، وتمكنت الملكة إليزابيث على عائلتها وفتح الطريق أمام الجيل الشاب الذي تجاوز أيام المراهقة الصعبة ويتطلع الآن إلى الاستقرار والزواج.
سيعيش الأمير وليم مع زوجة المستقبل في مقاطعة ويلز، حيث يعمل هناك. وستنضم كيت ميدلتون ابنة الشعب المتعلمة إلى بلاط القصر الملكي، وعليها أن تطبع المرحلة المقبلة بأسلوبها المتميز بالرقي مع بساطة وتلقائية أيضاً.
وهناك ارتياح لاختيار وليم لخطيبته كيت ميدلتون، حيث التشابه في مستوى التعليم والثقافة مع اهتمام بالقضايا العامة بالإضافة إلى بساطة تعكس العمق والرصانة والاتزان.
ملك بريطانيا في المستقبل يختار قرينته التي ستكون إلى جانبه عندما يتولى العرش في بريطانيا وترتيبه الثالث في الأسرة المالكة، وكاميرات الصحافة من الآن حتى موعد الزفاف ستظل مشغولة بهذا الوجه الجميل البسيط الذي تحمله كيت ميدلتون، التي ستدخل بلاط القصر الملكي وتترك بصمات العصر مع العلم لتأكيد ملمح القرن الحالي بكل ما يحمله من صفات وقيم وأفكار.
زواج وليم كيت ميدلتون يحقق على أرض الواقع بعض الأساطير والحكايات الرومانسية، عندما يقع الأمير الشاب في غرام فتاة عادية من الشعب ويعلن زواجه منها لكن المثير في القصة الواقعية غياب الأشرار في البلاط الملكي مع اختفاء الحاقدين. والحقيقة أن الكل في غاية السعادة من أول الملكة إليزابيث حتى الأمير هاري شقيق وليم الذي أعلن عن اغتباطه بزواج شقيقه من كيت ميدلتون.