أصدقاء تربطهم علاقة صداقة وأخوة واحترام متبادل منذ سنوات طويلة ، التقيا في مراحل الدراسة حتى أنهوا تعليمهم الثانوي ، وبعدها تفرقوا فذهب كل واحدا منهم إلى الجهة المقبول فيها لإكمال دراسته الجامعية ، لكن العلاقة والاتصالات فيما بينهم ما زالت قائمة ومستمرة ، أصدقاء أوفياء لبعضهم بعضا ، متحابين متعاونين ، جمعتهم الصحبة والألفة في مختلف الأوقات في الشدة ، وفي أوقات الفرح والسعادة ، في الحل والترحال لقضاء مشاوير الحياة المتعددة ، عندما تراهم كأنهم أخوة أشقاء ، يكاد لا يفترقان عندما يتجمعان في أوقات الإجازات وفي مختلف المناسبات ، تملأ وجوههم البسمة عندما يلتقيان في أي مناسبة في أي وقت وزمان ، وبحكم الغيرة الجاثمة في قلوب البعض منا نحن البشر ، فأنه لا بد أن يوسوس الشيطان في قلب أي الإنسان ، فيسعى إلى التفرقة بين تلك القلوب الصافية الصادقة ، ومع مرور السنين والأزمان فعلا وسوس الشيطان في قلب إنسان قريب منهم ، ودار في عقل ذلك الإنسان أن يفرق الصحبة فيما بينهم ، ليتحقق ما يكنه قلبه المريض والتعبان من أمور غير طيبة لم يحسب لعواقبها أي حسبان ، فقام بنقل القيل والقال لأحد الأصدقاء بأن صديقك فلان تكلم عنك بكذا من الكلام الذي لا تقبل أن تنطق به أي لسان ، وذلك بهدف افتعال الفتية والتفرقة بين الصديقان ، هنا قام ذلك الصديق بالتفكير والتمعن فيما تفوه به ذلك الإنسان ، فهل يعقل يا ترى أن يكون قلب صديقي فلان على هذا الحال ، وهو من أعزه وأفتخر به بين الربع والخلان ، فحضر مرة أخرى ذلك الشيطان ليزيد الموقف حرارة ويفجر من قلب ذلك الصديق الحقد والغليان ، فأتصل الصديق بصديقه وأخبره بما حدث وكان ، فقال له صديقه يا فلان ما هذا الكلام الذي تقوله أرجوك كف عن هذا الهذيان ، لكن الصديق الأول تأثر قلبه وتذمر من صديقه الذي كان بمثابة أخ له ، ورمي بالصحبة متسرعا خلف الجدران ، هنا تفرقت تلك القلوب بعد أن جمعتهم الصداقة على مر السنين والأزمان ، بفعل قلب حاقدا عليهم نقل كلام زور وبهتان . ومن واقع الحكاية أيها الإخوان علينا أن نفكر فيما ينقل إلينا من أخبار وكلام عن شخص آخر ، وأن لا نتسرع في الحكم على من نكن لهم المحبة في القلوب والوجدان ، وأن ندرس الأمر جليا حتى لا نتسبب بظلم لأي إنسان ، وأن نتمعن فيما نصت عليه الآية الكريمة في إحدى سور القرآن . فقال تعالى في محكم كتابه العزيز " َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ
الحجرات : 6
فقد أمرنا الله تعالى أن نتأكد من الخبر الذي يحض على الفتنه والتفرقة أو الكراهية أولا ، قبل أن نقوم بالرد بالقول أو العمل حتى لا نخسر أي إنسان ، لأن الصديق الوفي أصبح مثل السلعة النادرة في هذا العصر والزمان .
فما تأثير نقل كلام الزور والبهتان على أنفسكم وكيف تعالجون الموقف إذا تعرضتم له في يوما ما ؟