الفنانة الراحلة انجــــــــى افلاطون

    • الفنانة الراحلة انجــــــــى افلاطون

      إنجي أفلاطون من أهم فنانينا المعاصرين رحلت منذ‏14‏ عاما لكن أعمالها مازالت معنا تشهدنا علي حياتها وفنها الذي أبدعته من دون دراسة أكاديمية للفن‏,‏ لكنها الموهبة والرؤية المستمرة لما حولها فقد تحدثت في كتاب عن مذكراتها أنها هاوية للرسم منذ الطفولة ودائمة الرسم لما تراه عينها في رحلاتها أو حتي القصص المكتوبة‏,‏ كانت تترجمها إلي رسوم وألوان من خيالها‏.‏ ثم تتلمذت الفنانة علي يد الفنان كامل التلمساني الذي تعلمت منه الكثير من المبادئ والفنون وأن‏(‏ الرسم ليس إلا التعبير الصادق عن المجتمع والذات‏)‏ ومع هذا الصدق تفردت الفنانة لتكون صاحبة مدرسة فنية متميزة أساسها الطبيعة والإنسان وتفاعلهم بعضهم ببعض خاصة عن الإنسان المصري في مجتمعه‏,‏ فالفنانة تعد مناضلة اشتراكية الافكار وزعيمة للحركة النسائية الحديثة في ذلك الوقت الذي كان يصعب أن يكون للمرأة أي رأي أو مشاركة حقيقية‏.‏ إنجي أفلاطون فنانة غمست فرشاتها مع حياتها بكل تناقضاتها وعذابها وحيرتها بين دراستها الفرنسية والاتجاهات الغربية وسفرها وتعايشها قلب مجتمع مصري مكافح كان يعاني ظلما وفقرا ويعوزه حرية الرأي وأن يناقش ويتكلم في السياسة والمجتمع‏,‏ لكن الفنانة إنحازت لهم وعبرت عن هذه الطبقة الكادحة ومزجت ألوانها التي ذابت معها في حب أرض مصر واختارت أن تكون مصرية بصدق وعلي الرغم من أصولها الارستقراطية فإنها غاصت في أغوار الريف ودخلت بألوانها وأفكارها المتمردة علي الظلم إلي المعتقل فعاشت لتعبر عن البسطاء من الناس وارتباطهم بالأرض المزروعة بالخير والنماء بين أيديهم‏,‏ لكنهم لايملكون منه شيئا فقط يعملون بجد يخرجون إلي الحقول منذ الفجر ويعملون بها حتي الغروب وعبرت عن العمال في المصانع ورسمت الكثير عن المرأة المقهورة الضعيفة كأنها تحاول استرداد حقها وتصحح كل الأوضاع‏,‏ كل هذا داخل حدود لوحتها في عالم خاص من التأثيرات اللونية الساخنة فتفجر القضايا وتحرك القلوب لتحقق دورا ومشاركة إيجابية لتجد في عناصر لوحتها وحدة متشابكة‏,‏ فلا مكان عندها للبطولة الفردية في رسومها كأن لسان حالها يدعو للوحدة والتألف لتكون القوة فالفرد يذوب في العناصر والأماكن التي حوله في تداخل ليصل لأعماق المتلقي حتي تتضح الرسالة المرسومة بين ألوان ذات طابع تأثيري يحتوي كل ماهو مصري فتملأ عينها وقلبها بملامح الحياة في بلدنا التي صنعت في يوم من الأيام أعظم حضارة شهدتها البشرية بين النيل مصدر الخير والشمس الساطعة نبع الدفء‏.‏ وقد قال عنها الدكتور ممدوح البلتاجي حينما كان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات‏:‏ إن إنجي أفلاطون ترسم مصر وتصغي في أعماقها إلي صوت تلك الكينونة المتجددة عبر الأزمان والمتجسدة في كائنات أرضها‏(‏ فالكل ـ كما قال الفراعنة ـ في واحد والواحد في الكل‏).‏ هذا كان القليل عن رحلة حياة فنانة متميزة بدأت عام‏1924‏ حتي الثمانينيات ابدعت خلالها الكثير من الفن والفكر والأدب فكان لها العديد من المؤلفات والكتب في عدة مجالات‏,‏ فهي بحق قدوة لبنات جيلها الذي كان ولفنانينا الشباب الذين يبحثون عن المبادئ والمثل عندما يندمج الفن التشكيلي مع الفكر والثقافة‏.‏