خروج الزوجة للعمل وضوابطه
يقول الله تعالى في محكم التنزيل .
"ولما ورد ماء مدين وجد علية أمه من الناس يسقون ووجد من دونهم أمرآتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى الي الظل فقال رب أني لما أنزلت الي من خير فقير"
(الآية 23/24 سورة القصص)
· ويستدل من الآيتين المذكورتين على أن من حق المرأة العمل بل أن من واجبها العمل عند الضرورة .
(المرأة في القران الكريم للشيخ / محمد متولي الشعراوي)
· وباستقراء قانون الأحوال الشخصية العماني .
فقد جاء خاليا من أية نص يبيح للزوجة الخروج للعمل .
· ولكن قد جاء بنص المادة (2 )من النظام الأساسي للدولة .
" دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية هي أساس التشريع"
وقد جاء بنص المادة (5/أ) من قانون الأحوال الشخصية العماني .
"الأزواج عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا "
· ومن هنا تكون الشريعة الإسلامية هي واجبة التطبيق باعتبارها المصدر الأساسي للتشريع وعدم وجود نص في القانون الوضعي مع الأخذ بما أتفق علية الزوجان بشرط مشروعية هذا الاتفاق .
وبذلك يكون من حق الزوجة الخروج للعمل بدلالة الآيتين 23/24 من سورة القصص وهو ما يتتبع القول بأن العمل يعد مشروعا طالما أنه لم يرد بتحريمه نص شرعي أو كان يجيزه العرف الصحيح أو تقضى به ضرورة شرعية كمن تعمل لتعول نفسها مع وجوب استئذان الزوج .
ومن هنا فقد قيد الشرع والقانون خروج الزوجة بشرطتين استلزم توافرهما معا وإلا سقط حق الزوجة فيه أولهما اشتراط مشروعية العمل في ذاته من حيث وجوب اتفاقه وأحكام الشريعة الإسلامية و إلا يكون قد ورد بتحريمه نص شرعي أو بجيزة عرف صحيح للبلاد وهكذا وثانيهما وجوب موافقة الزوج الصريحة أو الضمنية على الخروج لمزاولته سواء اتخذت تلك الموافقة صورة اشتراط مسبق مثبت في عقد الزواج أو زواجه منها وهي محترفة بالفعل أو موافقته صراحة على احترافها بعد الزواج دون سبق احترافها أو علمه بعد الزواج باحترافها وسكوته عن منعها عنه ومؤدى المفهوم المتقدم أن للزوج أن يمنع زوجته عن العمل المشروع طالما أنه تزوجها وهي لا تعمل ولم بأذن لها بالعمل لتخلف شرط الإذن كما أن أذنه فرض.
· وتغليبا من المشرع لصالح الأسرة باعتبارها الخلية الأولى للمجتمع أعطى المشرع للزوج الحق في منع الزوجة أو معاودة منعها من العمل أو الاستمرار فيه رغم سبق موافقته علية إذا ما تبين أن خروجها له أصبح يهدد مصلحة الأسرة أو أذا ما تبين أن الزوجة تستخدم حقها فيه على نحو يدل على تعسفها في استخدامه .
وقد جاء بنص المادة 12 من النظام الأساسي للدولة فقرة 3
"الأسرة أساس المجتمع وينظم القانون وسائل حمايتها والحفاظ على كيانها الشرعي وتقوية أواصرها وقيمتها ورعاية أفرادها وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدرتهم."
· وقد جاء بنص المادة (36) من قانون الأحوال الشخصية العماني
· في الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين
فقرة 3- المساكنه الشرعية .
4- حسن المعاشرة وتبادل الاحترام والعطف والمحافظة على خير الأسرة .
5- العناية بالأولاد وتربيتهم بما يكفل تنشئتهم تنشئة صالحة .
وجاء بالمادة (38)من ذات القانون .
حق الزوج على زوجته .
1- العناية باعتباره رب الأسرة .
2- الأشراف على البيت وتنظيم شؤونه والحفاظ على ومجوداته.
3- رعاية أولاده منها وإرضاعهم إلا إذا كان هناك مانع.
** وهو ما يكون معه المشرع الوضعي قد زاوج بين مصلحة المجتمع في الاستفادة من تلك الطاقة البشرية التي تشكل نصف قواه العاملة المتمثلة في المرأة ومصلحة الأسرة والتي رجح كفتها إذا ما تعارضت مصلحتها مع مصلحة المجتمع .
وقد وضع المشرع العماني جزاء على خروج الزوجة من منزل الزوجية بدون عذر شرعي فقد جاء بنص المادة (54) من قانون الأحوال الشخصية العماني .
لأنفقه للزوجة في الأحوال الآتية .
2- أذا تركت بيت الزوجية من دون عذر شرعي
وإذا كانت المرأة العمانية في العقد الحالي قد دخلت المدارس والجامعات وشاركت في الحياة العامة وأسهمت بقدر كبير في الإنتاج والخدمات وتبوأت المناصب القيادية والوظائف العالية ووقفت الي جانب الرجل سواء بسواء وتفوقت علية في عدد من المجالات الأمر الذي أضحى معه عرف البلاد يقر حقها في التنقل والخروج والإياب بل والسفر والترحال فأن ذلك وأن كان لا يسقط عنها واجب استئذان زوجها قبل الخروج من منزل الزوجية جلبا لمرضاه الله ورسوله عليها إلا أن خروجها دون استئذان لعدم التمكن لسبب أو لأخر أو لعنت من الزوج وعسف من جانبه لا يوصفها بالنشوز والخروج على الطاعة طالما كان خروجها في أطار من حكم الشرع الحنيف سواء ما كان منه موضع نص أو جرى به عرف شرعي أو قضت به ضرورة شرعية .
** وإذا كان عمل المرأة ومشاركتها في الإنتاج والخدمات قد أضحى من لوازم المجتمع العماني وضرورياته سيما في هذا العصر الذي تسعى فيه البلاد الي بلوغ غايات الرقى والتقدم مما يحتاج الي جهد مختلف الإفراد رجالا ونساء على السواء بما أضحى معه خروج المرأة الي العمل أمرا ضروريا لإمكان مسايرة ركب الحياة خاصة وأن الدولة تكفل للمرأة التوفيق بين واجباتها نحو الأسرة وعملها في المجتمع .(المادة 12/3 من النظام الأساسي للدولة ).
· وإذا كان جل شأنه قد خاطبنا في محكمة التنزيل بقولة تعالى "ما يريد الله ليجعل عليكم في الدين من حرج "وقوله تعالى "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر "كما يخاطبنا نبينا محمد صلى الله علية وسلم يقوله "ان الله يحب أن تؤتى رخصة كما يحب ان تؤتى عزائمه"
خــــلاصــة الأمــــــر
أن المشرع الوضعي لم يخرج على القاعدة في أن الأصل هو قرار الزوجة في مسكن الزوجية أيفاء لحق الزوج عليها في احتباسها وأن خروجها منه يعد استثناء على ذلك الأصل مقيد باعتبارات تبرره يقرها شرع الله مما ورد به نص شرعي أو جرى به عرف شرعي وأقضت به ضرورة شرعية أو نفاذا لشرط في العقد .