مذكرات كارتر والقضيه الفلسطينيه ومباحثات السلام والسادات

    • مذكرات كارتر والقضيه الفلسطينيه ومباحثات السلام والسادات

      قطع الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر شوطا مهما لوضع أساس لتسوية سلمية بين العرب وإسرائيل عبر الاتصالات مع القادة العرب ودراسة القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها.



      إلا أن الصعوبات كانت ضخمة وفقا لما يرويه في‏'‏ يوميات البيت الأبيض‏'‏ التي خرجت إلي النور بين دفتي كتاب قبل أسابيع قليلة‏.‏ وفي الحلقة السابقة تناولنا مشاورات كارتر الأولي مع قادة مصر وإسرائيل والسعودية وسوريا والأردن لتحريك الموقف والبدء في إعداد خطة سلام شامل في الشرق الأوسط وإنطباعاته الإيجابية عن الرئيس الراحل أنور السادات واليوم نستكمل من اليوميات وصولا إلي الأيام التي سبقت مفاجأة الزيارة التاريخية التي قلبت موازين الشرق الأوسط‏.‏ ويوضح الرئيس كارتر حجم الضغوط والخلافات التي تعرض لها في علاقته مع اللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن وتحذيره المبكر من العزلة التي تفرضها إسرائيل علي نفسها باستمرارها في فرض الأمر الواقع والاحتلال للأراضي العربية وإعاقة قيام الدولة الفلسطينية علي مدي أكثر من‏30‏ عاما فيما يري أن مصر كانت الدولة الأكثر مصداقية في السعي نحو التسوية السلمية وفي المفاوضات التي سعي من خلالها كارتر لعقد مؤتمر دولي للسلام في جنيف دون أن يحالفه النجاح في عام‏1977.‏
      في التاسع من يونيو عام‏1977‏ بعد خمسة شهور من تقلده المنصب التقي كارتر بالسناتور الشهير هوربرت هيمفري في إجتماع حول الشرق الأوسط حيث أبدي السناتور رغبة في مساندة جهود السلام وقرر أن يصدر بيانا يؤكد فيه علي التزام الرئيس الجديد بدعم إسرائيل والإطار العام لمقترحات البيت الأبيض حول الشرق الأوسط‏.‏ وقد إقترح السناتور هيمفري علي كارتر التحدث إلي‏'‏ ارثر جولبيرج‏'‏ الذي تولي كتابة قرار الأمم المتحدة رقم‏242‏ وهو أساس لإي إتفاق في المستقبل بالمعني العام‏-‏ علي حد قول كارتر‏.‏ وفي إجتماع مع مجلس الأمن القومي حول الشرق الأوسط بعد ظهر اليوم نفسه ساد شعور بالصدمة بعد فوز بيجن في إسرائيل في ظل الضغوط الكبيرة التي تمارسها الولايات المتحدة علي كل الأطراف لتحقيق التسوية‏.‏ وقال إن نتيجة الانتخابات قد بدأت في توليد تيار معاكس في أوساط اليهود الأمريكيين وكانت لدينا رغبة في وقف التيار المعاكس من خلال الحصول علي دعم من مجلسي الشيوخ وقيادات الكونجرس الاخرين لتثبت ما نقوم به من جهود‏.‏ وفي الحادي عشر من يونيو اجتمع كارتر بجولبيرج من أجل التعرف علي الخلفية التاريخية للقرارين‏242‏ و‏338‏ ومن أجل التعرف علي وجهة نظره عما يجب أن تكون عليه الخطوط العامة للتسوية النهائية ومن اجل استطلاع امكانية ان يقدم جولبيرج العون للادارة الامريكية‏.‏ ويقول كارتر في يومياته انه قد وجد امامه رجلا واسع الاطلاع والالمام حتي بالاحداث الاخيرة في الوقت الذي كانت رؤيته متطابقة مع رؤية الرئيس الأمريكي
      ويقدم كارتر في الكتاب صاحب صيغة القرار‏242‏ وهو غير معلوم في وسائل الاعلام اليوم فيقول هو قاض من المحكمة العليا الأمريكية كان معارضا قويا لعقوبة الإعدام ثم طلب منه الرئيس جونسون الاستقالة من المحكمة العليا ليصبح سفيرا في الأمم المتحدة حيث كان واحدا من المشاركين في وضع صيغة القرار التاريخي‏242‏ بإعتباره اساسا للتسوية في منطقة الشرق الأوسط‏.‏ وكان جولبيرج أيضا رئيسا للجنة اليهودية الأمريكية‏.‏ وقال كارتر أنه قرر أن يعينه مستشارا خاصا حول شئون الشرق الاوسط وفي وقت لاحق كرئيس للوفد الأمريكي في مؤتمر بلجراد حول حقوق الإنسان‏(‏ في وقت لاحق عين كارتر جولبيرج مساعدا لوزير الخارجية‏).‏
      مواجهة مع القيادات اليهودية‏-‏ الأمريكية
      ويعطي الرئيس كارتر ملمحا عن توتر الجالية اليهودية‏-‏الأمريكية بشان مقترحات السلام‏-‏ وهو امر يقترب مما يحدث اليوم مع الرئيس أوباما‏-‏ حيث يقول أنه قد إجتمع أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الكبار علي رأسهم السناتور همفري في حضور نائب الرئيس ومستشار الأمن القومي زيجينو بريجينسكي حيث نجح الرئيس في إقناعهم بأن المخاوف في اوساط اليهود الأمريكيين يمكن التعامل معها ويمكن تجاوزها في حال قيامهم بدورهم كقيادات تؤيد ما يطرحه من مقترحات حول التسوية‏.‏ كما طلب كارتر ان تمارس القيادات دورها في إقناع بيجن بمعني السلام الذي يقول كارتر عنه أنه تنازلا كبيرا من جانب العرب وبالدولة الفلسطينية التي ستكون مرتبطة بالأردن وأن يتنازل الاسرائيليون عن الارض المحتلة في إطار تسوية سلمية شاملة‏.‏ ويخلص كارتر معلقا علي اللقاء‏'‏ ما لم أكن أنا والكونجرس علي توافق سيكون الأمر سيئا للغاية‏.‏ أعتقد ان الاجتماع كان مثمرا‏'.‏ ويعلق كارتر علي الهامش مسترجعا الاجتماع باليهود في الكونجرس قائلا‏'‏ السناتور ابي ربيكوف وايد موسكي وهوبرت همفري وسكوب جاكسون كانوا من القيادات المؤثرة بشدة في أوساط المواطنين اليهود‏.‏ وهذا الحوار بيني وبين اليهود الأمريكيين سوف يستمر علي مدي الثلاثين عاما التالية والمسألة الرئيسية التي أعتقد فيها هي السلام يمكن ان ياتي إلي إسرائيل وجيرانها فقط لو أقدمت إسرائيل علي سحب القوات السياسية والعسكرية من الاراضي المحتلة مثلما حددها قرار الأمم المتحدة والقانون الدولي والسياسة الأمريكية الرسمية‏.‏ لقد كانت وما زالت وجهة نظري أن الحدود بين إسرائيل وجيرانها علي أساس ما قبل حدود‏1967(‏ الخط الأخضر‏)‏ والممكن ان يعدل من خلال بعض مبادلات الاراضي مثلما يتقرر في محادثات السلام‏'.‏
      رابين وبيجن وديان
      في‏21‏ يونيو تلقي كارتر ردا من بيجن بقبول زيارة البيت الأبيض فيما توقع كارتر في يومياته أن يحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد إقناعه بالتخلي عن مشروع التسوية الشامل‏-‏خاصة الانسحاب من الضفة الغربية‏.‏ وقبل يوم واحد من زيارة بيجن في التاسع عشر من يوليو يقول كارتر أنه فوجئ بطلب بيجن تناول وجبة‏'‏ كوشير‏'‏ كاملة في البيت الابيض فأمر بتجهيزها‏.‏ وفي اليوم التالي حضر بيجن وزوجته للبيت الأبيض في ظل توقعات بصعوبة تحقيق التفاهم بينهما إلا أن كارتر وجد في بيجن شخصا‏'‏ مخلصا‏'‏ و‏'‏متدينا‏'‏ و‏'‏متجانسا‏'‏ وقال أنه طالما أن التقارير الحديثة تشير إلي إتجاه الرأي العام الإسرائيلي نحو قبول تسوية مع العرب والمرونة حيال منظمة التحرير والضفة الغربية ويريدون السلام بشكل حقيقي فمن الممكن أن يغير بيجن موقفه في حال حصوله علي دعم من الولايات المتحدة ويخلص كارتر أن بيجن‏'‏ زعيم قوي مختلف عن رابين الذي يعتبر واحد من أكثر الشخصيات غير الفعالة التي قابلتها في حياتي‏'.‏ وفي هامش اليوميات يعيد كارتر النظر في رأيه ويقول إن رابين عاد في رئاسته الثانية للحكومة في التسعينيات ليبرهن علي أنه رئيس وزراء قوي وشجاع‏.‏ وقد طرح كارتر علي بيجن الخطوط العامة للتسوية التي تقوم علي‏'‏ سلام شامل يقوم علي القرارين‏242‏ و‏338‏ وإطار أوسع لتعريف السلام والذي يمكن ان يشمل الانسحاب من ارض محددة في ظل إظهار أطراف شريكة في العملية نوايا طيبة وضرورة خلق كيان فلسطيني‏'.‏ ويقول كارتر إن بيجن قد وافق علي البقاء منفتحا علي الأفكار المطروحة وأنه قام بتجهيز‏'‏ خطة مبدئية‏'‏ لمقابلة السادات وجها لوجه وانه سوف يستخدم نفوده في المفاوضات النهائية بما يتفق مع ما يراه في مصلحة إسرائيل‏.‏ ويقول‏'‏ رأيت بعض المواقف الوسطية التي يمكن أن يقبل من خلالها العرب والإسرائيليون الترتيب لعقد مؤتمر جنيف للسلام‏'.‏ بعد‏45‏ يوما يعود كارتر بخيبة أمل جديدة مشيرا إلي أن وزير الخارجية سايروس فانس في المنطقة وملامح زيارته تشير إلي أن العرب يريدون تسوية بينما يبذل الاسرائيليون أقصي جهودهم ضد اي تقدم ممكن بما في دلك سعيهم لإثارة القلاقل في لبنان ومع السوريين والفلسطينيين والعرب بشكل عام‏.‏ وفي‏14‏ أغسطس عاد فانس ورفع تقريرا متفائلا حتي أن كارتر دون في مفكرته إنه‏'‏ طلب من كل الأطراف في المنطقة أن يرفع كل واحد منها مشروع إتفاق سلام نهائي يكون جاهزا للتوقيع عليه‏'.‏ وفي‏13‏ سبتمبر رد الإسرائيليون برفض تمثيل الفلسطينيين في أي مؤتمر مقترح في جنيف وبعدها بثلاثة أيام خلص الرئيس الأمريكي ومعاونيه أن إسرائيل تتعمد إثارة القلاقل في لبنان ورفض التمثيل الفلسطيني وتشجيع المستوطنات من أجل وقف أي إتفاق سلام محتمل‏,‏ ثم في مقابلة مع موشي ديان في‏19‏ سبتمبر أبدي كارتر رفضه للسلوك الاسرائيلي الرافض لمعاهدة السلام وأنه لن يتخلي عن تحقيق السلام إلا أن ديان نفي عرقلة إسرائيل لجهود السلام في الوقت الذي قال كارتر إن المبعوث تطرق إلي المستوطنات وقدم تطمينات أن حكومته ستعمل علي الحد من إرسال المزيد من المدنيين إلي المستوطنات حيث كانت السياسة المتفق عليها وقتها الإكتفاء بالعسكريين في المستوطنات غير الشرعية‏.‏ كما أبدي ديان مرونة نسبية في التعامل مع التمثيل الفلسطيني حيث قال إنه يمكنهم المشاركة مع الوفد الأردني دون الإفصاح عن الأمر حيث أن موقف إسرائيل هو التعامل مع دولة واحدة فيما يخص أراضبها وهي في الحالة الراهنة مصر فيما يتعلق بسيناء وسوريا في الجولان والأردن‏(‏ مع بعض الفلسطينيين‏)‏ فيما يتصل بالضفة وطلب لجنة اممية تتعامل مع قضية اللاجئين الموجودين في مصر والأردن ولبنان والكويت وسوريا والعراق بعيدا عن أي إتفاق سلام‏(‏ رفض رؤساء الحكومات المتعاقبين في إسرائيل تفاهمات كارتر وديان‏).‏
      دولة في حجم الأستيكة‏!‏
      وفي مقابلة مع أندريه جروميكو وزير الخارجية السوفيتي‏(1957-1985)‏ في‏23‏ سبتمبر قال المسئول الروسي لكارتر إنه لو تمكنت القوتان العظمتان من اعلان دولة فلسطينية صغيرة في حجم‏'‏ ماسحة القلم الرصاص‏'‏ فإن ذلك يمكن أن يحل المسألة المعقدة قبل مؤتمر جنيف المقترح‏.‏ وعندما قال كارتر إن دولة صغيرة سيكون أمرا صعبا رد جروميكو إن السلام في الشرق الأوسط أكبر من مجرد نهاية الحرب ولكنه علاقات طبيعية بين العرب والإسرائيليين‏.‏ وفي اليوم التالي أرسل كارتر رسالة قوية جدا إلي بيجن يطالبه بسحب قوات إسرائيلية من لبنان وإلا سيوقف شحنات اسلحة بإسرائيل وفقا للقوانين الأمريكية وجاء رد بيجن سريعا بأن القوات تخرج من لبنان علي الفور‏(‏ قال كارتر مسترجعا الموقف إن تلك واحدة من المرات القليلة التي واجه فيها إسرائيل التي وصفها بأنها مدعومة بقوة في الكونجرس‏.‏ وأقر كارتر إن امريكا وفرت لإسرائيل أسلحة تدميرية عالية القدرة ومنها القنابل العنقودية وقال أنه قد وقع قوانين تمنع استخدام تلك الأسلحة في عمليات عدائية في عام‏1977‏ إلا أن إسرائيل استخدمت الاسلحة بكثافة في غزو لبنان وحرب غزة عام‏2009).‏ ويشير كارتر في الثالث من أكتوبر إلي الضجة الإعلامية العنيفة التي افتعلتها الجالية اليهودية الأمريكية بعد تسريب الأمريكيين والسوفيت لمقترحات عقد مؤتمر دولي يتضمن محادثات مباشرة بين إسرائيل والدول العربية كل علي حدة وقال مستغربا إن المقترح لا يخرج عما سبق تداوله إعلاميا ومع وزراء الخارجية‏.‏ وفي اليوم التالي يدون كارتر مقابلته مع موشي ديان علي هامش إجتماعات في الأمم المتحدة والدي جاء مبديا قلقه العميق من البيان الأمريكي‏-‏السوفيتي لكن الرئيس الأمريكي طمأنه أن الدعم الأمريكي مستمر علي حاله وأن علي إسرائيل أن تذهب إلي جنيف علي أساس القرارين‏242‏ و‏338.‏ في اليوم نفسه إلتقي إسماعيل فهمي وزير الخارجية بالرئيس كارتر وسلمه رسالة من السادات يدعوه إلي رفض إي عمل يؤدي إلي إعاقة جلوس المصريين والإسرائيليين إلي مائدة التفاوض المباشر في وجود الأمريكيين كطرف وسيط سواء قبل أو بعد مؤتمر جنيف المقترح‏.‏ ويوضح كارتر أن الاسرائيليين قد قبلوا في هذا الوقت بالنظر في قضية اللاجئين علي أساس دولي متعدد الأطراف وهو المرة الاولي التي يوافقون علي إعتبارها جزء من محادثات السلام نفسها كما أبدوا مرونة في طرح مسائل الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل مشترك مع الفلسطينيين والأردنيين والمصريين ويتحدثون بحرية عن تقسيم الضفة بينهم وبين الأردن ويرفضون بشكل قاطع الدولة الفلسطينية وغير مستعدين للتعامل مع وضع الجولان في الوقت الذي قال ديان إنه كان ضد الإحتلال الاسرائيلي لمرتفعات الجولان بصورة دائمة وفي وجود مستوطنات‏.‏
      مواجهة اليهود في الكونجرس من جديد
      وينتقل كارتر إلي حوار مع ديان أو مجموعة من اليهود الأمريكيين‏-‏ لم يوضح في يومياته‏-‏ حيث أبلغهم أن الهجوم علي شخصه بشكل علني سوف يلحق الضرر بإسرائيل وقال إنه لو لجاء إلي الدفاع عن نفسه أمام الرأي العام فإن ذلك سوف يؤدي إلي إنشقاق ربما يكون حقيقيا‏.‏ وقال‏'‏ لقد ابلغت المجموعة أنه بلا ادني شك إسرائيل دون كل الدول الأخري في المنطقة هي الأكثر عنادا وصعوبة في المفاوضات من أية دولة أخري في المنطقة‏'.‏ ويضيف‏'‏ اسرائيل سوف تجد نفسها في عزلة‏'.‏ وقال كارتر إنه يعتبر مصر هي أفضل دولة يمكن التفاوض معها في المنطقة يليها الاردن بينما سوريا هي الأسوأ ولكن ليست أسوأ من إسرائيل‏.‏ ويصف كارتر مشهد عشاء حضره ديان مع وزراء خارجية دول غرب وشرق أوروبا حيث جلس الوزير الإسرائيلي علي مائدة واحدة مع وزير الخارجية الأمريكية وهو شبه منبوذ ولا يريد أحد التحدث إليه‏.‏
      وفي ظل تطورات متلاحقة يكشف كارتر عن لقائه بتجمع اليهود في الكونجرس الأمريكي يوم السادس من اكتوبر حيث قال لهم بصراحة أن المصريين والروس والإسرائيليين يثقون في قرارته ويتبقي أن يحظي بدعم الكونجرس موضحا أن إسرائيل سوف تتعرض لعزلة خطيرة لو إستمرت في الرفض بل إن هناك عزلة مفروضة عليها بالفعل‏(‏ في‏24‏ أكتوبر قرر كارتر التصويت لمصلحة قرار قدمته مصر في مجلس الأمن الدولي ضد المستوطنات بعد إدخال تعديل عليه‏).‏
      في اليوم التالي إلتقي كارتر بالأمير سعود الفيصل وزير خارجية السعودية لمناقشة قضية الشرق الأوسط حيث كان الوزير السعودي مؤيدا بقوة لموقف المعارضة العربية‏-‏ حسب كلام الرئيس الأمريكي‏-‏ ومدافعا عن سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية‏.‏ ويقول كارتر‏'‏ أبلغته أننا علي حافة الفشل في تنظيم مؤتمر السلام وأنني لن أعود إلي كتابة ورقة العمل الأمريكية من جديد التي تم قبولها علي مضض من الاسرائيليين وقوبلت بنقد من السادات والأسد ولكنهما لم يرفضا الورقة‏'.‏ ويوضح‏'‏ السوريون يريون ان تشارك منظمة التحرير في المؤتمر‏.‏ هدا أمر مستحيل‏'.‏ ويقول الرئيس الأمريكي‏'‏ وافقت علي إصدار بيان يقول أن القضية الفلسطينية سوف يتم التعامل معها علي نحو متساوي مثل قضايا الانسحاب وتعريف السلام‏'.‏
      في اليوم الأخير من شهر أكتوبر وقبل عشرين يوما من الزيارة التاريخية تلقي كارتر رسالة شخصية بخط يد الرئيس السادات في خطاب مغلق تقول أنه سيقدم علي عمل جرئ يقلع عن الجدل حول‏'‏ الدلالات‏'‏ وينكب علي القضايا الحقيقية لمؤتمر جنيف ويوضج الرئيس كارتر‏'‏ لم يوضح ما الذي يعتزم القيام به‏'!!‏
      ~!@q تدور الايام بين رحايا العاشقين غزل وهم وجراح مكروبين فهل بشفتيكي اكون حزين الدكتور شديد أستمتعوا معنا في الاستوديو التحليلي بساحه الشعر المنقول ~!@q شارك shokry.ahlamontada.net
    • شهد شهر نوفمبر عام‏1977‏ حركة دبلوماسية غير عادية بعضها في الكواليس وبعضها في العلن‏.‏ وتبقي تفاصيل كثيرة تتكشف كل يوم عن المبادرة التاريخية التي قام بها الرئيس الراحل أنور السادات وزيارته إسرائيل في خطوة خطفت أنظار العالم‏.‏



      وقد كان الرئيس الأمريكي ـ في ذلك الوقت ـ جيمي كارتر في قلب الأحداث والطرف الرئيسي في تهيئة الأجواء لإتمام الزيارة وبدء عملية السلام بين مصر وإسرائيل التي كانت أكبر إنجاز في عهده والأكثر تأثيرا لرئيس أمريكي طوال سنوات التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط‏.‏ وفي حلقة جديدة من يوميات البيت الأبيض يكشف كارتر تفاصيل مهمة من كواليس صناعة القرار‏.‏
      في الثالث من نوفمبر تلقي كارتر ـ حسب اليوميات ـ رسالة من الرئيس السادات يقترح عقد اجتماع قمة في القدس الشرقية‏,‏ ويطلب ردا سريعا علي الاقتراح ويقول الرئيس الأمريكي إن الفكرة تم رفضها من جميع أطراف الإدارة الأمريكية‏.‏ وفي الثامن من نوفمبر التقي كارتر في البيت الأبيض بجولدا مائير رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق والطريف أن سايروس فانس وزير الخارجية أجري اتصالا بالرئيس ليبلغه أنها تصرفت بوقاحة في حفل عشاء علي شرفها في الليلة الماضية وهو الأمر الدي أكده نائب الرئيس أيضا‏!‏ ويقول كارتر إن نائبه اضطر إلي القيام من مقعده وتبادل الأنخاب علي شرف جولدا مائير من أجل السيطرة علي الموقف لكنها في لقاء البيت الأبيض كانت أكثر لطفا ومختلفة لكنها حسب الرئيس الأمريكي الأسبق أنكرت وجود قضية فلسطينية واتخدت مواقف متشددة في مختلف الموضوعات التي تناقشا فيها أكثر بكثير من مواقف مناحم بيجن‏.‏ وأرجع كارتر‏-‏ في تحليله لسلوك المسئولة الإسرائيلية‏-‏ تصرفاتها إلي احتمال أن يكون تشددها له علاقة بجلوسها خارج السلطة‏,‏ وقال‏'‏ ربما هي هكذا طوال الوقت‏'.‏ ووجه كارتر نقدا عنيفا في اليوميات لجولدا مائير وقال‏'‏ لديها شعور عميق بالكراهية وبعد أن اجتمعت معها أستطيع ان أتفهم الضغوط السياسية التي يتعرض لها بيجن من الجناح اليميني في المجتمع الإسرائيلي‏'.‏
      في الثاني عشر من نوفمبر بعث كارتر برسالة للسادات يشكره علي جهوده في مفاوضات الشرق الوسط وبعد أربعة ايام أخري يكتب عن الأجواء التي أعقبت الإعلان عن زيارة السادات للقدس حيث يقول ان الرئيس المصري هو رجل شجاع وجاد وان القادة العرب يخشون الاصطدام به خاصة لو وقفت الولايات المتحدة إلي جانبه‏.‏ ويوضح الرئيس الأمريكي‏'‏ ربما يكون ما حدث ـ إعلان السادات ـ هو البداية التي نسعي إليها من أجل إذابة الجليد وهي أول عملية إعتراف عربي أن إسرائيل هي أمة وأن لها حقا في الوجود‏.‏ ومن الناحية الرسمية مصر وإسرائيل في حالة حرب ونحن نشجع هدا اللقاء ونحاول ألا يدفع سوريا بعيدا عن مؤتمر شامل لتسوية قضية الشرق الأوسط‏'.‏ وفي السابع عشر من نوفمبر‏,‏ يكتب كارتر أن القصة التي تسيطر علي العالم اليوم هي زيارة السادات لإسرائيل وقال أن الولايات المتحدة تضغط بأقصي ما لديها علي كل من الحلفاء الأوروبيين والقادة العرب وبيجن من أجل نجاح الزيارة ومن أجل منع بيانات الشجب قبل أن يحل ضيفا علي إسرائيل‏.‏ ويقول كارتر في اليوميات حتي الآن وباستثناء الحمقي في ليبيا والعراق فإن الأطراف كانت معتدلة في نقدها‏.‏ وفي اتصال هاتفي مع كارتر أعرب بيجن عن شعوره بشغف كبير لاستقبال السادات ويقول‏'‏ لقد أبلغته بضرورة أن يساعد السادات خاصة فيما يتصل بالقادة العرب الآخرين بألا يقتصر الأمر علي مفاوضات مصرية ـ إسرائيلية حول سيناء وحدها‏'.‏ ويتحدث كارتر في الساعات التي سبقت زيارة السادات عن ضغوط متزايدة علي الرئيس المصري للإمتناع عن اتمام الزيارة لكن الرئيس الامريكي كان علي يقين تام أن السادات لن يتراجع وقد أجري معه إتصالا هاتفيا لتشجيعه علي الخطوة الكبري ويقول كارتر‏'‏ رغم بعض المخاطر الجادة للغاية التي ترمي إلي عرقلة مفاوضات السلام في الشرق الوسط والتي تشكل خطرا علي حياة السادات نفسه وعلي إدارته بالتأكيد إلا أنه واثق من نفسه وفي حالة استرخاء تام ولدي ثقة في شخصه‏'.‏ وفي تلك الأجواء قابل الرئيس كارتر السفير السوفيتي دوبرينان لإبلاغه بضرورة أن يتلقي رد السوفيت علي مؤتمر الشرق الأوسط‏,‏ مشيرا إلي أن زيارة السادات هي مبادرة شخصية من جانبه وأن أمريكا تؤيدها ويحب ان يتحرك السوفيت لتخفيف النقد الموجه للرئيس السادات ويقول‏'‏ أريد ان أتعاون مع السوفيت ولكـن لو أنهم التزموا بنهج سلبي فإننــا ســوف نتحرك بمفردنا لتحقيق تسوية في الشرق الأوسط‏.‏
      السادات في القدس
      يسجل كارتر في اليوميات وصول الرئيس السادات إلي القدس في التاسع عشر من نوفمبر عام‏1977‏ ويقول شاهدت وصول السادات إلي إسرائيل وقد كانت المراسم مؤثرة جدا خاصة عندما التقي بجولدا مائير لقد كانت فرحتها بادية تماما بالنسبة لي‏.‏ وفي صباح يوم‏20‏ نوفمبر يقول كارتر ان القس شارلز ترنتام ترأس صلاة خاصة في الثامنة والربع صباحا من أجل السلام في الشرق الأوسط وبرر التبكير بالصلاة حتي تتاح فرصة لمشاهدة خطابي السادات وبيجن في وقت لاحق من اليوم‏.‏ ويصف كارتر خطاب السادات بانه‏'‏ كان جيدا جدا ومتكاملا ونجح في تمرير فكرة أن مصر تقبل إسرائيل في مجتمع الشرق الأوسط في إطار السلام وبشكل دائم‏.‏ لكنه اكد أيضا ضرورة ان تنسحب إسرائيل من الاراضي المحتلة وأن تحل القضية الفلسطينية‏'.‏ في المقابل يصف كارتر خطاب بيجن بإنه جاء مخيبا حيث جاء تكرارا لما سبق الإعلان عنه من مواقف‏.‏ وعما ورد إليه من اتصالات للسادات في إسرائيل يقول كارتر إن شيمون بيريز ـ زعيم حزب العمل‏-‏ قد قام بكل ما في مقدرته للاجتماع مع السادات دون ان يبعد نفسه بمسافة كبيرة عن مواقف مناحم بيجن‏.‏ ويقول كارتر ان السادات وبيجن أظهرا رغبة في اجراء مفاوضات منفردة وأن الولايات المتحدة قلقة من عدم تضمين سوريا‏.‏
      تناقضات سورية
      وفي اليوم التالي‏21‏ نوفمبر يخلص كارتر أن الزيارة لم تحقق الكثير وفقا لتقديرات عامة وأن الولايات المتحدة تخشي من أن ميول السادات وبيجن للمحادثات الثنائية المنفردة قد صارت حقيقة بالفعل‏.‏ ويقول‏'‏ سوف يكون من الصعب احتواء سوريا حتي ان بعض القادة السوريين يدعون إلي اغتيال السادات‏'.‏ وفي اليوم نفسه تحدث بيجن هاتفيا إلي كارتر ويقول الرئيس الأسبق إن رئيس الحكومة الإسرائيلية‏'‏ ما زال منتشيا‏'‏ من زيارة السادات وأبلغه بتطورات إيجابية لا يستطيع التحدث بشأنها عبر الهاتف لكنه كان علي يقين أنه لن تكون هناك حروب جديدة بين مصر وإسرائيل‏.‏ وقال بيجن إن الرئيس السادات يبدي إهتماما محدودا بإجراءات عقد المؤتمر الدولي في جنيف‏.‏ وفي اليوم التالي أبلغ السفير الفرنسي في واشنطن الأمريكيين أن رئيس الوزراء الفرنسي سيتوجه إلي سوريا في اليوم التالي من أجل حمل السوريين علي المشاركة في جهود التسوية في الشرق الأوسط بشكل إيجابي‏.‏ هنا يعلق كارتر علي الموقف الفرنسي بالقول‏'‏ الفرنسيون حذرون للغاية ولا يساعدون في الجهود الأمريكية الحالية عندما يستدعي الأمر شجاعة حيث يفضلون التأكد من عدم إقدامهم علي خطوة تغضب العرب‏'.‏
      في الثلاثين من نوفمبر يدون الرئيس كارتر تلقيه رسالتين من الرئيس السادات والسوري حافظ الأسد عبر سفيريهما في واشنطن‏,‏ حيث أكد الزعيم السوري أن بلاده ستواصل العمل من أجل السلام والتعاون مع الولايات المتحدة لإيجاد تسوية‏!‏ وقال كارتر‏'‏ كانت تلك أول رسالة فعلية من الأسد مند زيارة الرئيس السادات للقدس‏'.‏ في السابع من ديسمبر يقول كارتر‏'‏ السادات بعث برسالة يطلب مني حث بيجن علي اصدار بيان بشأن الانسجاب من الاراضي المحتلة وأن يعمل من أجل حل للمشكلة الفلسطينية‏'.‏ ويعقب كارتر في اليوميات‏'‏ سوف نعمل علي تحقيق المطلب سواء مباشرة مع بيجن أو عبر زيارة شخصية سيقوم بها فانس في وقت لاحق الأسبوع الحالي‏'.‏
      أول اقتراح من بيجن
      وفي الحادي عشر من ديسمبر يعود كارتر في المفكرة بإشارة إلي اتصال من مستشار الأمن القومي زيجينو بريجينسكي عن مقترح لبيجن بخصوص القضية الفلسطينية سيقوم بطرحها علي مجلس الوزراء الإسرائيلي ثم يتوجه إلي واشنطن لمقابلة الرئيس الأمريكي‏.‏ ويبعث وزير الخارجية الأمريكي من دمشق بانطباعات سلبية من الرئيس الأسد وأسوأ منها من وزير الخارجية عبد الحليم خدام‏-‏حسب تعبير كارتر‏-‏ رغم كل الإشارات السابقة‏.‏ وقال الرئيس الأمريكي‏'‏ كلاهما ـ رغم ذلك ـ علي استعداد لترك الباب مفتوحا‏'.‏ وبعد عودة فانس من الشرق الأوسط يرفع تقييما لكارتر يورده في اليوميات‏'‏ السادات سيكون عرضة لمشكلات حقيقية إذا لم تتقدم إسرائيل بمقترح حول سلام قابل للتطبيق‏.‏ لقد كان هناك تأييد مفاجئ عبر سائر الشرق الأوسط لمبادرة السادات وسوف يكون عرضة للخطر لو فشل وحتي الأسد كان أقل إنتقادا عما هو عليه في التصريحات المعلنة ولم يوجه نقدا شخصيا للسادات‏.‏ والسعوديون مساندون رغم أنهم يمتنعون عن التأييد العلني‏'.‏ ويقول كارتر أن إدارته ناقشت ما سوف تفعله الولايات المتحدة لو جاء بيجن صباح اليوم التالي إلي واشنطن بمقترح غير عملي‏'.‏ يوم السادس عشر من ديسمبر يقول كارتر‏'‏ حضر بيجن وقدم مقترحا بشأن منطقة سيناء يتخلي فيه عن شرم الشيخ والطريق من هناك إلي إيلات وانسحاب القوات الإسرائيلية وانشاء منطقة منزوعة السلاح شرق الممرات وهو ما أعتقد أنه مقبول من جانبنا ومن جانب المصريين‏'.‏
      ~!@q تدور الايام بين رحايا العاشقين غزل وهم وجراح مكروبين فهل بشفتيكي اكون حزين الدكتور شديد أستمتعوا معنا في الاستوديو التحليلي بساحه الشعر المنقول ~!@q شارك shokry.ahlamontada.net