الحلقة الثانية من
تقرير الكونجرس الأمريكي.. حول أحداث 11 سبتمبر
لعبة القط والفأر..بين المخابرات الأمريكية ومساعدي بن لادن
عملاء "القاعدة" تلاعبوا بالمخبرين وافلتوا منهم بعد أن كانوا في أيديهم!!
خالد شيخ محمد "المخ" اقترح استخدام طائرات صغيرة مملوءة بالمتفجرات
بن لادن تساءل: ليش ماتكون كبيرة؟.. وقد كان!!
عرض وتقديم: مرعي يونس
خلصنا في الحلقة الأولي من هذا التقرير إلي أن أجهزة الأمن والاستخبارات الامريكية تلقت سيلا من المعلومات ذات الصلة بهجمات 11 سبتمبر 2001. لكنها لم تستطع استغلال هذه المعلومات والافادة منها.. وبالتالي ضيعت فرصا عديدة لاحباط هذه الهجمات التي كان من مصلحة الجميع خاصة المسلمين الا تحدث.
في هذه الحلقة. يضرب لنا التقرير الامثلة الواضحة علي "الوكسة" أو الانتكاسة الكبري التي أصيبت بها أجهزة المخابرات والامن الامريكية المتمثلة في وكالة الاستخبارات الامريكية "س آي إيه" وفروعها المختلفة ومكتب التحقيقات الفيدرالية الذي يسمي أيضا المباحث الفيدرالية ووكالة الامن القومي وغيرها من الوكالات التي تشكل معا اخطبوطا يمد اذرعه في كل مكان.
يلقي التقرير الضوء الكاشف علي نقاط الضعف واوجه القصور في الاجهزة الامريكية وعلي عدم براعة المخبرين ورجال المباحث الامريكيين.. وكيف انهم كانوا قاب قوسين أو أدني من العناصر المنفذة.. بل في بعض الاحيان كانت هذه العناصر بين أيديهم.. لكنها افلتت ويعود فشل المخابرات الامريكية في التصدي لهذه الهجمات الرهيبة الي ما يعتبره التقرير قصورا في التنظيم وتخبطا وعدم تنسيق بين الوكالات واهمال المعلومات أو اغفالها علي المستويات العليا ثم عدم ادراك اهمية البعد التراكمي للمعلومات ويعترف التقرير بأن الاجهزة الامريكية لم تكن قبل الحادي عشر من سبتمبر منظمة تنظيما جيدا ولم تكن مزودة بالادوات اللازمة كما لم تكن مهيئة لمواجهة التحديات التي يمثلها الارهاب الدولي ويكشف عن الثغرات ويطالب بالاصلاح والا تقوضت الجهود الامريكية لمحاربة الارهاب.. والاطرف من ذلك يحكي لنا التقرير قصة المطاردة الفاشلة بين عملاء المخابرات الامريكية ونشطاء القاعدة.
في أوائل عام 1999 م. أجرت وكالة الأمن القومي الامريكية تحليلا لمعلومات واخباريات تتحدث عن وجود منشأة يشتبه في انها ارهابية بالشرق الاوسط. ولها صلة بانشطة تنظيم القاعدة الارهابية الموجهة ضد المصالح الامريكية كانت هذه المعلومات تتضمن. من بين اشياء اخري.
الاسم الكامل لنواف الحزمي الذي اصبح فيما بعد احد خاطفي الطائرات التي تم بها تنفيذ الهجوم لكن هذه المعلومات لم تنشر لان الاسماء الواردة فيها ومنهم نواف الحزمي لم تكن معروفة لوكالة الامن القومي.
إخبارية صيف
خلال صيف 1999 م. قامت وكالة الأمن القومي ايضا بتحليل اخباريات إضافية تضمنت اسم خالد. هذا الاسم لفت انظار مسئولي الوكالة ورغم ذلك لم يتم نشر المعلومات لانها لم تتوافر فيها المعايير التي تحكم عمل الوكالة.
في أواخر العام نفسه. تلقت نفس الوكالة اخبارية أخري وكانت ايضا عن منشأة يشتبه في انها ارهابية بالشرق الاوسط وتضمنت الاخبارية اسمي خالد ونواف وفي هذه المرة لم تربط الوكالة اسم الاخير باسم نواف الحزمي الذي كانت قد علمت به في اوائل عام 1999 م وفي مرحلة لاحقة فقط. تم تحديد الاسمين بانهما خالد المحضار ونواف الحزمي المعروفان الان بانهما اثنان من الخاطفين تم نقل هذه المعلومات الي "سي آي إيه" ومكتب التحقيقات الفيدرالية ووزارات الخارجية والعدل والنقل وادارات حكومية أخري.
اجتماع ماليزيا وسفر عملاء القاعدة للولايات المتحدة
حصلت أجهزة الاستخبارات الأمريكية علي معلومات اضافية في غاية الأهمية عن خالد المحضار ونواف الحزمي في أوائل عام 2000 وظلت اجزاء مهمة ودقيقة من هذه المعلومات نائمة في ادراج الاستخبارات الأمريكية لمدة 18 شهرا كاملة وذلك في الوقت الذي كان يجري فيه تدبير خطط هجمات 11 سبتمبر علي قدم وساق. وفقدت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" فرصاً متكررة للعمل علي أساس هذه المعلومات التي كانت في حوزتها بأن هذين الإرهابيين الشريكين لأسامة بن لادن يسافران إلي الولايات المتحدة كما فقدت فرصا لإضافة اسميهما علي قائمة المراقبين.
بحلول يناير عام 2000 كانت ال "سي آي إيه" تعرف الاسم الكامل للمحضار والحزمي.. ونما إلي علمها أن الاثنين حضرا ما يعتقد انه تجمع لشركاء القاعدة في ماليزيا وعرفت أيضا انهما يسافران معا وأصبح لديها وثائق تشير إلي أن بحوزة المحضار تأشيرة دخول أمريكية لي آي بي 2 التي تسمح له بالسفر من وإلي الولايات المتحدة حتي 6 أبريل .2000
علي الرغم من حيازة كل هذه المعلومات. لم تضم وكالة الاستخبارات الأمريكية بإضافة هذين الاسمين إلي قوائم المراقبة لدي وزارة الخارجية وإدارة الجمارك والتي تستخدم لمنع دخول أفراد إلي الولايات المتحدة.
ويواصل التقرير سرد الفرص التي ضيعتها وكالة الاستخبارات الأمريكية. وكان بإمكانها الحيلولة دون وقوع الهجمات من هذه الفرص انه في 5 مارس عام 2000 تلقي المركز الرئيسي لل "سي آي إيه" برقية من أحد مراكز الوكالة بالخارج تشير إلي أن نواف الحزمي سافر إلي لوس انجلوس يوم 15 يناير 2000 وفي اليوم التالي 6 مارس تلقي المركز الرئيسي لل "س أي إيه" برقية من مركز آخر تشير إلي أهمية المعلومات الواردة في البرقية الأولي ومرة أخري لم تتصرف ال "سي أي إيه" بناء علي أي من البرقيتين ولم تضف اسميهما لقوائم المراقبة.
لقاء الخاطفين مع مخبري المباحث الفيدرالية
هل تريدون أمثلة أخري توضح كيف فشلت المخابرات الأمريكية في استغلال المعلومات لإحباط هجمات 11 سبتمبر: في 4 يناير 2001.
حصلت ال "سي آي إيه" علي معلومات بأن "خلاد" أحد المدبرين الرئيسيين لنسف المدمرة الأمريكية كول باليمن حضر مع المحضار والحزمي اجتماع ماليزيا.. وكان وجود خلاد كافيا لوضع المحضار والحزمي علي قائمة المراقبة.. ورغم ذلك لم تفعل ال "سي آي إيه" ذلك.
ويمضي التقرير في سرد الفرص التي ضاعت أو ضيعتها أجهزة الاستخبارات الأمريكية في إحباط هجمات 11 سبتمبر حتي يصل إلي تفاصيل اللقاءات بين المحضار والحزمي وبين مخبر في إدارة مكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالية.
وهنا يؤكد التحقيق أن هذين الشخصين اللذين أصبحا خاطفين في هجمات 11 سبتمبر خالد المحضار ونواف الحزمي قد أجريا اتصالات عديدة مع مخبر يعمل منذ فترة طويلة في مكافحة الإرهاب بمكتب التحقيقات الفيدرالية في كاليفورنيا وأن خاطفا ثالثا هو هاني الحنجور أجري أيضا اتصالات محدودة مع نفس المخبر وفي صيف عام 2000 أبلغ هذا المخبر مكتب التحقيقات الفيدرالية انه قابل شخصين يدعيان نواف وخالد ووصف لقاءه بهما وقال انهما شابان مسلمان سعوديان جاءا إلي الولايات المتحدة بصورة قانونية لتلقي دورات دراسية واعتبرهما شخصين غير مهمين لمكتب التحقيقات الفيدرالية وعندما سأل عميل المكتب هذا المخبر عن الاسمين الثانيين لنواف وخالد لم يقدم أية معلومات ومن جانبه لم يلح العميل علي ذلك وبعد هجوم 11 سبتمبر ثارت لدي مكتب التحقيقات الفيدرالية شكوك حول ما إذا كان هذا المخبر متواطئا في المؤامرة.
ويخلص التقرير هنا الي القول بأنه لو كان قد تمت الاستفادة من اتصالات هذا المخبر مع المحضار والحزمي لكانت قد توافرت لمكتب التحقيقات الفيدرالية فرصة أفضل لكشف مؤامرة 11 سبتمبر.. ونظرا لفشل ال "سي آي ايه" في نشر معلومات استخبارية في الوقت المناسب عن أهمية المحضار والحزمي وموقعهما. فان هذه الفرصة للأسف لم تستغل أبدا.
لا حياة لمن تنادي
ويرصد التقرير فرصة أخري لم تستغل لاحباط هجمات 11 سبتمبر وذلك في 10 يوليو 2001 حينما أرسل عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي مي فونيكس اخبارية الكترونية لوحدة الاصوليين المتشددين ووحدة أسامة بن لادن في وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي ايه" عبر فيها عن قلقه بناء علي المعلومات الأولية لديه بسبب وجود محاولة منسقة جارية من جانب بن لادن لارسال طلاب الي الولايات المتحدة لتلقي تدريب علي الطيران المدني. وأشار هذا العميل الي وجود عدد مبالغ فيه من الأشخاص الذين ينبغي ان يثيروا اهتمام المباحث الفيدرالية يتلقون تدريب علي الطيران في اريزونا وعبر عن شكوكه بأن هذه محاولة لانشاء كوادر في مجال الطيران ستقوم في المستقبل بأنشطة ارهابية. وطلبت الاخبارية من مكتب التحقيقات الفيدرالية النظر في التوصيات التالية:
وضع قائمة بأسماء جامعات وكليات ومدارس الطيران المدني في كل ربوع الولايات المتحدة.
اقامة اتصال مع هذه الكليات والمدارس.
الحصول علي معلومات عن التأشيرة الخاصة بهؤلاء الأفراد الذين يسعون لحضور دورات مدارس الطيران.
بيد أن موظفي المقر الرئيسي لمكتب التحقيقات الفيدرالية لم يتخذوا الاجراءات التي طلبها عميل مكتب فيونيكس بل ان اخباريته لم تولد أي اهتمام أو مجرد اهتمام بسيط سرعان مازال.
المهاجمون لن يكونوا معزولين
أكد التحقيق أيضا ان بعض الخاطفين علي الأقل لم يكونوا معزولين خلال اقامتهم في الولايات المتحدة كما أشير من قبل. بل انهم اقاموا عددا من الاتصالات داخل الولايات المتحدة وخارجها. وبعض هذه الاتصالات كانت مع أفراد معروفين لدي مكتب التحقيقات الفيدرالية من خلال تحقيقات جرت معهم في الماضي أو حاليا.
وتشير المعلومات التي توافرت لدي أجهزة الأمن والاستخبارات الأمريكية الي احتمال وجود شبكة دعم للقاعدة داخل الولايات المتحدة قبل هجمات 11 سبتمبر وذلك يتماشي مع طريقة عمل القاعدة في الهجمات السابقة. وقد ركز مكتب التحقيقات الفيدرالية نشاطه قبل وقوع الهجمات علي الأصوليين الاسلاميين داخل أمريكا وكان رأي ساندي بيرجر رئيس المكتب في ذلك الوقت ان القاعدة لديها امكانيات محدودة للعمل داخل الولايات المتحدة.. لكن المثير للسخرية ان التحقيق أكد ان بعض الخاطفين عمل دون ان يكتشف أمرهم داخل نطاق تغطية المكتب للمتشددين الاسلاميين. ويكشف التحقيق ان هاني حنجور ومحمد عطا ومروان الشيمي ونواف الحزمي وخالد المحضار اجروا اتصالات مع 14 شخصا كانوا معروفين للمكتب منهم 4 كانوا في بؤرة نشاط المكتب أثناء وجود الخاطفين في الولايات المتحدة.
شركاء الخاطفين في المانيا
كانت ال سي آي ايه تعلم بوجود اسلامي راديكالي في المانيا منذ عام 1995م.. واستطاعت قبل هجمات 11 سبتمبر انتاج معلومات عن شخصين في هامبورج هما مأمون داركازانلي ويشتبه في انه خبير لوجستي في شبكة القاعدة ومحمد زمان وكان مجنداً وبعد الهجمات تم تحديد هذين الشخصين علي انهما شركاء في هامبورج للخاطفين محمد عطا ومروان الشيمي وزياد جاده وآخرين مثل رمزي بن شيبه والذين يعتقد الآن انهم متورطون في مؤامرة 11 سبتمبر. ويعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالية الآن ان زمار جند عطا والشيمي وجاره في تنظيم القاعدة وشجعهم علي الاشتراك في هجمات 11 سبتمبر.
خالد شيخ محمد أو العقل المدبر
تؤكد المعلومات التي حصلت عليها أجهزة الاستخبارات الأمريكية من مصادر عديدة بعد هجمات 11 سبتمبر فان خالد شيخ محمد المعروف ايضا باسم "المخ" هو العقل المدبر لهذه الهجمات وتشير المعلومات إلي ان خالد شيخ محمد قدم اقتراحا لأسامة بن لادن لشن هجوم باستخدام طائرة صغيرة مملوءة بالمتفجرات وأشار عليه بن لادن باستخدام طائرات أكبر ومن هنا تولدت فكرة اختطاف طائرات تجارية. بعد ذلك أصدر خالد شيخ محمد تعليماته بتدريب الخاطفين علي هذه المهمة بما في ذلك توجيههم للتدريب علي قيادة الطائرة.
لكن كيف عرفت المخابرات الأمريكية لأمر خالد شيخ محمد؟ لفت هذا الشخص انتباه أجهزة المخابرات الأمريكية كارهابي في أوائل عام 1995م عندما ارتبط باسمه بمؤامرة بونيكا التي دبرها رمزي يوسف في الفلبين وكانت هذه المؤامرة تشمل فكرة الانقضاض بطائرة علي المقر الرئيسي لل سي آي ايه. وفي التحقيقات والجهود البحثية التي جرت عام 1995. تم ربط اسم خالد شيخ محمد بعملية تفجير مركز التجارة العالمي وفي يناير 1996. أدانت هيئة محلفين عليا أمريكية هذا الرجل وبقيت الادانة سارية حتي 1998 بينما كانت ال سي آي ايه ومكتب التحقيقات الفيدرالية يحاولان تحديد مكانه بالضبط والقبض عليه.
بعد ذلك تلقت الأجهزة الأمريكية اشارات انه ضالع في عمليات نسف السفارتين الأمريكيتين في شرق افريقيا.
في يونيه 2001 تم توزيع تقرير علي كل أجهزة الاستخبارات الأمريكية ووزارتي الخارجية والعدل تؤكد علاقات خالد شيخ محمد ببن لادن وأوضح التقرير انه من أوثق مساعدي بن لادن وانه نشط في تجنيد الأشخاص للسفر خارج أفغانستان بما في ذلك إلي الولايات المتحدة نيابة عن بن لادن وطبقاً لهذا التقرير فان شيخ محمد كان يرتب لعناصر القاعدة دخولهم للولايات المتحدة.. وكانت هذه العناصر تقيم اتصالات مع زملاء لها هناك.
وعلي الرغم من ان هذا التقرير أرسل لل سي اي ايه ومكتب التحقيقات فان أياً من الجهازين لم يدرك مغزي قيام أحد مساعدي بن لادن بارسال ارهابيين إلي الولايات المتحدة .
Copyright eltahrir.net 2003 ©
Designed by :
تقرير الكونجرس الأمريكي.. حول أحداث 11 سبتمبر
لعبة القط والفأر..بين المخابرات الأمريكية ومساعدي بن لادن
عملاء "القاعدة" تلاعبوا بالمخبرين وافلتوا منهم بعد أن كانوا في أيديهم!!
خالد شيخ محمد "المخ" اقترح استخدام طائرات صغيرة مملوءة بالمتفجرات
بن لادن تساءل: ليش ماتكون كبيرة؟.. وقد كان!!
عرض وتقديم: مرعي يونس
خلصنا في الحلقة الأولي من هذا التقرير إلي أن أجهزة الأمن والاستخبارات الامريكية تلقت سيلا من المعلومات ذات الصلة بهجمات 11 سبتمبر 2001. لكنها لم تستطع استغلال هذه المعلومات والافادة منها.. وبالتالي ضيعت فرصا عديدة لاحباط هذه الهجمات التي كان من مصلحة الجميع خاصة المسلمين الا تحدث.
في هذه الحلقة. يضرب لنا التقرير الامثلة الواضحة علي "الوكسة" أو الانتكاسة الكبري التي أصيبت بها أجهزة المخابرات والامن الامريكية المتمثلة في وكالة الاستخبارات الامريكية "س آي إيه" وفروعها المختلفة ومكتب التحقيقات الفيدرالية الذي يسمي أيضا المباحث الفيدرالية ووكالة الامن القومي وغيرها من الوكالات التي تشكل معا اخطبوطا يمد اذرعه في كل مكان.
يلقي التقرير الضوء الكاشف علي نقاط الضعف واوجه القصور في الاجهزة الامريكية وعلي عدم براعة المخبرين ورجال المباحث الامريكيين.. وكيف انهم كانوا قاب قوسين أو أدني من العناصر المنفذة.. بل في بعض الاحيان كانت هذه العناصر بين أيديهم.. لكنها افلتت ويعود فشل المخابرات الامريكية في التصدي لهذه الهجمات الرهيبة الي ما يعتبره التقرير قصورا في التنظيم وتخبطا وعدم تنسيق بين الوكالات واهمال المعلومات أو اغفالها علي المستويات العليا ثم عدم ادراك اهمية البعد التراكمي للمعلومات ويعترف التقرير بأن الاجهزة الامريكية لم تكن قبل الحادي عشر من سبتمبر منظمة تنظيما جيدا ولم تكن مزودة بالادوات اللازمة كما لم تكن مهيئة لمواجهة التحديات التي يمثلها الارهاب الدولي ويكشف عن الثغرات ويطالب بالاصلاح والا تقوضت الجهود الامريكية لمحاربة الارهاب.. والاطرف من ذلك يحكي لنا التقرير قصة المطاردة الفاشلة بين عملاء المخابرات الامريكية ونشطاء القاعدة.
في أوائل عام 1999 م. أجرت وكالة الأمن القومي الامريكية تحليلا لمعلومات واخباريات تتحدث عن وجود منشأة يشتبه في انها ارهابية بالشرق الاوسط. ولها صلة بانشطة تنظيم القاعدة الارهابية الموجهة ضد المصالح الامريكية كانت هذه المعلومات تتضمن. من بين اشياء اخري.
الاسم الكامل لنواف الحزمي الذي اصبح فيما بعد احد خاطفي الطائرات التي تم بها تنفيذ الهجوم لكن هذه المعلومات لم تنشر لان الاسماء الواردة فيها ومنهم نواف الحزمي لم تكن معروفة لوكالة الامن القومي.
إخبارية صيف
خلال صيف 1999 م. قامت وكالة الأمن القومي ايضا بتحليل اخباريات إضافية تضمنت اسم خالد. هذا الاسم لفت انظار مسئولي الوكالة ورغم ذلك لم يتم نشر المعلومات لانها لم تتوافر فيها المعايير التي تحكم عمل الوكالة.
في أواخر العام نفسه. تلقت نفس الوكالة اخبارية أخري وكانت ايضا عن منشأة يشتبه في انها ارهابية بالشرق الاوسط وتضمنت الاخبارية اسمي خالد ونواف وفي هذه المرة لم تربط الوكالة اسم الاخير باسم نواف الحزمي الذي كانت قد علمت به في اوائل عام 1999 م وفي مرحلة لاحقة فقط. تم تحديد الاسمين بانهما خالد المحضار ونواف الحزمي المعروفان الان بانهما اثنان من الخاطفين تم نقل هذه المعلومات الي "سي آي إيه" ومكتب التحقيقات الفيدرالية ووزارات الخارجية والعدل والنقل وادارات حكومية أخري.
اجتماع ماليزيا وسفر عملاء القاعدة للولايات المتحدة
حصلت أجهزة الاستخبارات الأمريكية علي معلومات اضافية في غاية الأهمية عن خالد المحضار ونواف الحزمي في أوائل عام 2000 وظلت اجزاء مهمة ودقيقة من هذه المعلومات نائمة في ادراج الاستخبارات الأمريكية لمدة 18 شهرا كاملة وذلك في الوقت الذي كان يجري فيه تدبير خطط هجمات 11 سبتمبر علي قدم وساق. وفقدت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" فرصاً متكررة للعمل علي أساس هذه المعلومات التي كانت في حوزتها بأن هذين الإرهابيين الشريكين لأسامة بن لادن يسافران إلي الولايات المتحدة كما فقدت فرصا لإضافة اسميهما علي قائمة المراقبين.
بحلول يناير عام 2000 كانت ال "سي آي إيه" تعرف الاسم الكامل للمحضار والحزمي.. ونما إلي علمها أن الاثنين حضرا ما يعتقد انه تجمع لشركاء القاعدة في ماليزيا وعرفت أيضا انهما يسافران معا وأصبح لديها وثائق تشير إلي أن بحوزة المحضار تأشيرة دخول أمريكية لي آي بي 2 التي تسمح له بالسفر من وإلي الولايات المتحدة حتي 6 أبريل .2000
علي الرغم من حيازة كل هذه المعلومات. لم تضم وكالة الاستخبارات الأمريكية بإضافة هذين الاسمين إلي قوائم المراقبة لدي وزارة الخارجية وإدارة الجمارك والتي تستخدم لمنع دخول أفراد إلي الولايات المتحدة.
ويواصل التقرير سرد الفرص التي ضيعتها وكالة الاستخبارات الأمريكية. وكان بإمكانها الحيلولة دون وقوع الهجمات من هذه الفرص انه في 5 مارس عام 2000 تلقي المركز الرئيسي لل "سي آي إيه" برقية من أحد مراكز الوكالة بالخارج تشير إلي أن نواف الحزمي سافر إلي لوس انجلوس يوم 15 يناير 2000 وفي اليوم التالي 6 مارس تلقي المركز الرئيسي لل "س أي إيه" برقية من مركز آخر تشير إلي أهمية المعلومات الواردة في البرقية الأولي ومرة أخري لم تتصرف ال "سي أي إيه" بناء علي أي من البرقيتين ولم تضف اسميهما لقوائم المراقبة.
لقاء الخاطفين مع مخبري المباحث الفيدرالية
هل تريدون أمثلة أخري توضح كيف فشلت المخابرات الأمريكية في استغلال المعلومات لإحباط هجمات 11 سبتمبر: في 4 يناير 2001.
حصلت ال "سي آي إيه" علي معلومات بأن "خلاد" أحد المدبرين الرئيسيين لنسف المدمرة الأمريكية كول باليمن حضر مع المحضار والحزمي اجتماع ماليزيا.. وكان وجود خلاد كافيا لوضع المحضار والحزمي علي قائمة المراقبة.. ورغم ذلك لم تفعل ال "سي آي إيه" ذلك.
ويمضي التقرير في سرد الفرص التي ضاعت أو ضيعتها أجهزة الاستخبارات الأمريكية في إحباط هجمات 11 سبتمبر حتي يصل إلي تفاصيل اللقاءات بين المحضار والحزمي وبين مخبر في إدارة مكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالية.
وهنا يؤكد التحقيق أن هذين الشخصين اللذين أصبحا خاطفين في هجمات 11 سبتمبر خالد المحضار ونواف الحزمي قد أجريا اتصالات عديدة مع مخبر يعمل منذ فترة طويلة في مكافحة الإرهاب بمكتب التحقيقات الفيدرالية في كاليفورنيا وأن خاطفا ثالثا هو هاني الحنجور أجري أيضا اتصالات محدودة مع نفس المخبر وفي صيف عام 2000 أبلغ هذا المخبر مكتب التحقيقات الفيدرالية انه قابل شخصين يدعيان نواف وخالد ووصف لقاءه بهما وقال انهما شابان مسلمان سعوديان جاءا إلي الولايات المتحدة بصورة قانونية لتلقي دورات دراسية واعتبرهما شخصين غير مهمين لمكتب التحقيقات الفيدرالية وعندما سأل عميل المكتب هذا المخبر عن الاسمين الثانيين لنواف وخالد لم يقدم أية معلومات ومن جانبه لم يلح العميل علي ذلك وبعد هجوم 11 سبتمبر ثارت لدي مكتب التحقيقات الفيدرالية شكوك حول ما إذا كان هذا المخبر متواطئا في المؤامرة.
ويخلص التقرير هنا الي القول بأنه لو كان قد تمت الاستفادة من اتصالات هذا المخبر مع المحضار والحزمي لكانت قد توافرت لمكتب التحقيقات الفيدرالية فرصة أفضل لكشف مؤامرة 11 سبتمبر.. ونظرا لفشل ال "سي آي ايه" في نشر معلومات استخبارية في الوقت المناسب عن أهمية المحضار والحزمي وموقعهما. فان هذه الفرصة للأسف لم تستغل أبدا.
لا حياة لمن تنادي
ويرصد التقرير فرصة أخري لم تستغل لاحباط هجمات 11 سبتمبر وذلك في 10 يوليو 2001 حينما أرسل عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي مي فونيكس اخبارية الكترونية لوحدة الاصوليين المتشددين ووحدة أسامة بن لادن في وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي آي ايه" عبر فيها عن قلقه بناء علي المعلومات الأولية لديه بسبب وجود محاولة منسقة جارية من جانب بن لادن لارسال طلاب الي الولايات المتحدة لتلقي تدريب علي الطيران المدني. وأشار هذا العميل الي وجود عدد مبالغ فيه من الأشخاص الذين ينبغي ان يثيروا اهتمام المباحث الفيدرالية يتلقون تدريب علي الطيران في اريزونا وعبر عن شكوكه بأن هذه محاولة لانشاء كوادر في مجال الطيران ستقوم في المستقبل بأنشطة ارهابية. وطلبت الاخبارية من مكتب التحقيقات الفيدرالية النظر في التوصيات التالية:
وضع قائمة بأسماء جامعات وكليات ومدارس الطيران المدني في كل ربوع الولايات المتحدة.
اقامة اتصال مع هذه الكليات والمدارس.
الحصول علي معلومات عن التأشيرة الخاصة بهؤلاء الأفراد الذين يسعون لحضور دورات مدارس الطيران.
بيد أن موظفي المقر الرئيسي لمكتب التحقيقات الفيدرالية لم يتخذوا الاجراءات التي طلبها عميل مكتب فيونيكس بل ان اخباريته لم تولد أي اهتمام أو مجرد اهتمام بسيط سرعان مازال.
المهاجمون لن يكونوا معزولين
أكد التحقيق أيضا ان بعض الخاطفين علي الأقل لم يكونوا معزولين خلال اقامتهم في الولايات المتحدة كما أشير من قبل. بل انهم اقاموا عددا من الاتصالات داخل الولايات المتحدة وخارجها. وبعض هذه الاتصالات كانت مع أفراد معروفين لدي مكتب التحقيقات الفيدرالية من خلال تحقيقات جرت معهم في الماضي أو حاليا.
وتشير المعلومات التي توافرت لدي أجهزة الأمن والاستخبارات الأمريكية الي احتمال وجود شبكة دعم للقاعدة داخل الولايات المتحدة قبل هجمات 11 سبتمبر وذلك يتماشي مع طريقة عمل القاعدة في الهجمات السابقة. وقد ركز مكتب التحقيقات الفيدرالية نشاطه قبل وقوع الهجمات علي الأصوليين الاسلاميين داخل أمريكا وكان رأي ساندي بيرجر رئيس المكتب في ذلك الوقت ان القاعدة لديها امكانيات محدودة للعمل داخل الولايات المتحدة.. لكن المثير للسخرية ان التحقيق أكد ان بعض الخاطفين عمل دون ان يكتشف أمرهم داخل نطاق تغطية المكتب للمتشددين الاسلاميين. ويكشف التحقيق ان هاني حنجور ومحمد عطا ومروان الشيمي ونواف الحزمي وخالد المحضار اجروا اتصالات مع 14 شخصا كانوا معروفين للمكتب منهم 4 كانوا في بؤرة نشاط المكتب أثناء وجود الخاطفين في الولايات المتحدة.
شركاء الخاطفين في المانيا
كانت ال سي آي ايه تعلم بوجود اسلامي راديكالي في المانيا منذ عام 1995م.. واستطاعت قبل هجمات 11 سبتمبر انتاج معلومات عن شخصين في هامبورج هما مأمون داركازانلي ويشتبه في انه خبير لوجستي في شبكة القاعدة ومحمد زمان وكان مجنداً وبعد الهجمات تم تحديد هذين الشخصين علي انهما شركاء في هامبورج للخاطفين محمد عطا ومروان الشيمي وزياد جاده وآخرين مثل رمزي بن شيبه والذين يعتقد الآن انهم متورطون في مؤامرة 11 سبتمبر. ويعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالية الآن ان زمار جند عطا والشيمي وجاره في تنظيم القاعدة وشجعهم علي الاشتراك في هجمات 11 سبتمبر.
خالد شيخ محمد أو العقل المدبر
تؤكد المعلومات التي حصلت عليها أجهزة الاستخبارات الأمريكية من مصادر عديدة بعد هجمات 11 سبتمبر فان خالد شيخ محمد المعروف ايضا باسم "المخ" هو العقل المدبر لهذه الهجمات وتشير المعلومات إلي ان خالد شيخ محمد قدم اقتراحا لأسامة بن لادن لشن هجوم باستخدام طائرة صغيرة مملوءة بالمتفجرات وأشار عليه بن لادن باستخدام طائرات أكبر ومن هنا تولدت فكرة اختطاف طائرات تجارية. بعد ذلك أصدر خالد شيخ محمد تعليماته بتدريب الخاطفين علي هذه المهمة بما في ذلك توجيههم للتدريب علي قيادة الطائرة.
لكن كيف عرفت المخابرات الأمريكية لأمر خالد شيخ محمد؟ لفت هذا الشخص انتباه أجهزة المخابرات الأمريكية كارهابي في أوائل عام 1995م عندما ارتبط باسمه بمؤامرة بونيكا التي دبرها رمزي يوسف في الفلبين وكانت هذه المؤامرة تشمل فكرة الانقضاض بطائرة علي المقر الرئيسي لل سي آي ايه. وفي التحقيقات والجهود البحثية التي جرت عام 1995. تم ربط اسم خالد شيخ محمد بعملية تفجير مركز التجارة العالمي وفي يناير 1996. أدانت هيئة محلفين عليا أمريكية هذا الرجل وبقيت الادانة سارية حتي 1998 بينما كانت ال سي آي ايه ومكتب التحقيقات الفيدرالية يحاولان تحديد مكانه بالضبط والقبض عليه.
بعد ذلك تلقت الأجهزة الأمريكية اشارات انه ضالع في عمليات نسف السفارتين الأمريكيتين في شرق افريقيا.
في يونيه 2001 تم توزيع تقرير علي كل أجهزة الاستخبارات الأمريكية ووزارتي الخارجية والعدل تؤكد علاقات خالد شيخ محمد ببن لادن وأوضح التقرير انه من أوثق مساعدي بن لادن وانه نشط في تجنيد الأشخاص للسفر خارج أفغانستان بما في ذلك إلي الولايات المتحدة نيابة عن بن لادن وطبقاً لهذا التقرير فان شيخ محمد كان يرتب لعناصر القاعدة دخولهم للولايات المتحدة.. وكانت هذه العناصر تقيم اتصالات مع زملاء لها هناك.
وعلي الرغم من ان هذا التقرير أرسل لل سي اي ايه ومكتب التحقيقات فان أياً من الجهازين لم يدرك مغزي قيام أحد مساعدي بن لادن بارسال ارهابيين إلي الولايات المتحدة .
Copyright eltahrir.net 2003 ©
Designed by :