أسباب إدانتي في وثيقة مجلس الوزراء عن برنامج هذا الصباح جديد بن دارس

    • أسباب إدانتي في وثيقة مجلس الوزراء عن برنامج هذا الصباح جديد بن دارس

      (1)



      كان ذلك في الحادي والعشرين من إبريل 2009 م عندما أصدر فضيلة القاضي خالد بن زهران الهلالي حكمه لإدانتي بالسجن مدة شهر ينفذ منها عشرة أيام مع مصادرة جهاز الحاسب الآلي والعديد من الأشرطة التي اعتبرت أنها قد استخدمت في الجريمة التي اعترفت بارتكابها قانونيا لكن رفضت الاعتراف فكريا، فبرنامج "هذا الصباح" كان لكل مواطن، وبصدور تلك "الأسس" من مجلس الوزراء يكون البرنامج قد أجهض، وأصبح بلا حماس وبلا روح وبلا طعم. ولقد وردت عشرات المواضيع في المنتديات العمانية تستهجن مسار البرنامج الحالي، بل وتطالب مقدميه الحاليين "محمد المرجبي وسهى الرقيشية" بعدم مواصلة تقديمه، وإعادة المتألق خالد الزدجالي إلى البرنامج ليكون كما كان صوتا للمواطن يبث فيه همومه، ويقدم شكواه صوتا بصوت عبر الأثير المباشر، وليس عبر التسجيل المشطب والمهذب والمقصص!!


      البعض اتهمني بالخيانة، وكثير من عاب عليّ تسريب سر من أسرار عملي، رغم أن القانون نفسه لم يعتبر تصرفي "خيانة" وإنما "إساءة". كما أن الوثيقة لم تكن سر من أسرار عملي في حد ذاتها، فأنا لم أسرب أي شأن أو أمر يخص شئون الطيران المدني وسلامة الطيران في السلطنة، فالعمل أمر مقدس. ولقد كان في ذهني عندما حصلت على الوثيقة أن الأمر أكبر من سر ورد عن طريق العمل وإنما اختص بشأن المواطن الذي أشكل جزء من نسيج وطنه العزيز، والذي عشقت ماءه ونسمة هوائه وزقزقة عصافيره وصياح ديكته، فكيف لي أن أخونه؟


      ومع ذلك فقد كان هناك أكثر من (90%) من وقف في صفي وتابع قضيتي، بل أنني عرفت أنه وقت منطوق الحكم قد عطّل البعض عمله ليتابع الحكم وكأن قلبه يكاد يتوقف. إنها لحظات حاسمة صرخت فيها زوجتي في المحكمة عندما سمعت بالإدانة دون أن تستمع لبقية منطوق الحكم، وبحضور الفاضلة "طيبة المعولية" والفاضل المؤرخ "مازن الطائي" والفاضل "موسى الفرعي" والفاضل
      سعيد الهاشمي" والفاضل "ناصر البدري" والفاضل "سليمان المعمري" والفاضلة " آمنة الربيع" والفاضل "المعتصم البهلاني" والفاضل "عبدالحميد الجامعي" والفاضل "سعيد جداد - أبو عماد" والفاضل "قحطان الشحري" وأفاضل آخرين من جمعية الكتاب والأدباء ومن أصدقاء انترنتيين لم أراهم إلا في ذلك اليوم. ومع ذلك تغيب أصدقاء كانت لهم معزة خاصة عندي فخاب ظني فيهم، وتغيب أغلب أهلي وأقربائي وأنسابي واكتفى بعضهم بالاتصال الهاتفي بالتهنئة بالخروج فقط. كما عرفت فيما بعد بفرح البعض بالإدانة التي سجلت في سجلي المدني لتبقى "وصمة عار" في سجلي لن تنمحي لأنني خنت الأمانة حسب تعبيرهم. ومع ذلك مضت قافلة حريتي شاقة طريقها لأعود إلى روضة ومحمد وعبدالله وهم أولادي الذين احتضنتهم بعد الخروج دون أن يعرفوا أنني كنت في سجن أعاني الماء البارد والعزلة القاتلة لفترة تجاوزت العشرة أيام.



      ذكريات دارت في الأذهان عندما حل هذا الشهر بعدما قاربت السنة فتذكرت أنني قد أخذوني من منزلي وأمام صديقي لأجرجر إلى التحقيق الذي استمر أكثر من أسبوع في القسم الخاص... قلبت الأوراق فوجدت حكم فضيلة القاضي الذي تكون من عشر صفحات فيها تفاصيل أحداث المحاكمة والمرافعات ومنطوق الحكم، فوجدت أن تلك المحاكمة شكلت تاريخا بسيطا في حرية التعبير عن الرأي، وها أنا أنشرها لأول مرة لمن أراد أن يعتبر أو يستفيد من التاريخ...


      (2)


      باسم حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم


      أصدرت المحكمة الابتدائية
      المشكلة علنا برئاسة/ خالد بن زهران الهلالي قاضــــــــياّ
      وبحضور/ سعيد بن محمد المقبالــــــــــــــــي عضوا للإدعاء العام
      وسيف/ بن راشد العامـــــــــــــــــــــــــــــري أمينـــا للســـــــــــر


      في الجلسة العلنية المنعقدة يوم الثلاثاء بتاريخ 25/ربيع الثانية/ 1430هـ الموافق 2009/4/21


      في القضية رقم 2/ق/2009م القسم الخاص ورقم 215/ج/2009م المحكمة


      الحكم التالي
      ضد:-


      علي بن عبدالله بن محمد الزويدي/ عماني/47 سنة/ يعمل مهندس طيران، الطيران المدني/ يحمل بطاقة شخصية رقم (02091477)


      لأنه بتاريخ 2008/10/16 بدائرة القسم الخاص



      أولا:
      نقل وهو موظف عمومي وثيقة مصنفة إلى غير الأشخاص المسموح له بنقلها إليهم، بأن نشر عن طريق الموقع الالكتروني (منتديات فرق) بمسمى (حوت صغير) وثيقة صادرة عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومصنفة بدرجة (سري للغاية).


      ثانيا:
      أرسل بواسطة نظام الاتصالات رسالة مخالفة للنظام العام، بأن نشر عن طريق الموقع الالكتروني (منتديات فرق) بمسمى (حوت صغير) وثيقة صادرة عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء مصنفة بدرجة (سري للغاية)


      لذلك:-
      طالب الإدعاء العام من المحكمة الابتدائية بالسيب (الدائرة الجزائية) بإدانة ومعاقبة المتهم عملا بالمادة (4/أ) من قانون أسرار الوظيفة العامة والأماكن المحمية، والمادة (61/3) من قانون تنظيم الاتصالات المعدل بالمرسوم السلطاني رقم 59 لسنة 2008م، مع مراعاة اعمال المادة (52) من قانون الجزاء بمصادرة الأجهزة المضبوطة والمستخدمة في الجريمة.


      وحيث أنه وبعد الاطلاع على كافة أوراق الدعوى والتحقيقات وبعد سماع المرافعة...




      (3)


      وحيث تتلخص الواقعة حسبما حصلتها المحكمة عن تلقي سلطة الاتهام خطابا من الأمين العام لمجلس الوزراء بتاريخ (2008/10/18) عن قيام مجهول تحت مسمى (حوت صغير) بتسريب وثيقة رسمية مصنفة بدرجة (سري للغاية) صادرة عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء والمتعلقة بأسس البرنامج الإذاعي (هذا الصباح) ونشره في المنتدى الألكتروني (فرق)، وبعد التحري والبحث تبين أن المتهم والذي يعمل مهندس طيرن بالطيران المدني هو من قام بإرسال تلك الوثيقة بواسطة الجهاز الحاسب الآلي الخاص به من منزله بعد أن تحصل عليها بحكم وظيفته، وذلك على النحو التالي بأن وصلت الوثيقة لمعالي وزير النقل والاتصالات تم قام مدير مكتبه بتعميمها على سعادة وكلاء الوزارة ثم عممت للمدراء العامين ومساعديهم من قبل مدير مكتب سعادة وكيل الوزارة لشئون الطيران المدني، فوصلت إليه باعتباره مساعدا ويحل محل مدير دائرة السلامة الجوية وعمليات الطيران فأخذ صورة ضوئية من الوثيقة وبعد أن توجه للمنزل قام بنسخها بالمساح الضوئية ثم قام بنشرها عبر نظام الاتصالات بالمنتدى الالكتروني (فرق) وهو عالم بسرية تلك الوثيقة وعدم جواز نقلها لغير المصرح له بنقلها إليهم مخلا بذلك بالنظام العام الموجب عليه وهو كموظف الحافظ على تلك الوثيقة باعتبارها من أسرار الوظيفة والتي لم تصل إليه إلا بحكم تلك الوظيفة.


      وبسؤال المتهم بمحضر التحقيق بتاريخ (2009/1/27) أفاد بأنه يشارك في منتدى (فرق) باسم علي الزويدي وأيضا بمسمى (حوت صغير)، وفي شهر أكتوبر الماضي وجد في بريده الخاص تعميم يحتوي على ثلاث صفحات صادرة من مجلس الوزراء وتتضمن ضوابط البرنامج الإذاعي (هذا الصباح) فقرر طرح الموضوع عن طريق الانترنت فقام بتصوير الصفحات عن طريق الماسح الضوئي الخاص به في المنزل ثم طرحها في منتدى الحارة باسم (حوت صغير) فكانت الردود سلبية لتشكيكهم في صحة الوثيقة، ثم بعد ذلك قام بنشر رسالة التغطية ولم ينتبه لكلمة (سري للغاية)، وأفاد بأنه تخلص من أصل الوثائق بعد مرور ثلاثة أيام من طرح الموضوع وأنه استخدم في مشاركته تلك برنامج (ستيجانوس) لكسر الحاجبات. وبسؤاله بمحضر التحقيق في (2009/2/1) لورود معلومات أخرى أفاد بأن الرسالة وقعت بين يديه باعتباره مكلف بتسيير أعمال إدارة السلامة الجوية وعمليات الطيران كونه يحل محل المدير في حال غيابه، فاستلم التعميم من مدير مكتب وكيل النقل والاتصالات لشئون الطيران المدني وكان موجه لثلاثة من المدراء وتم إحالة الرسالة ومرفقاتها بموجب استمارة تداول داخلية من قبل مدير عام السلامة وخدمات الطيران، والتي تحوي على رسالة معالي السيد الأمين العام لمجلس الوزراء ومرفق بها ضوابط البرنامج الإذاعي على أوراق مجلس الوزراء ورسلاة من مكتب معالي الوزير أو من مدير مكتبه ورسالة من مدير مكتب سعادة الوكيل إلى المدراء العامين بالإضافة استمارة تداول داخلية، وأنه أخذ نسخة منها فأخذها للمنزل وقام بنشرها، وأفاد بأنه ليس له فكرة عن الإجراءات التي تتخذ حيال الرسائل المصنفة سري للغاية وأنه قام بنشر تلك الوثيقة كونه لا يتوقع بأنها مصنفة سري للغاية ولم ينتبه لتصنيفها وأنه قام بالنشر كونها ليست أكثر من ضوابط برنامج يخدم العامة وأنه أخطأ ووعد بعدم تكرار ذلك.




      (4)


      وحيث أدرجت الدعوى أمام المحكمة وبسؤال المتهم اعترف بالاتهام المنسوب إليه من أنه قام فعلا بنشر الوثيقة وأنها وصلت إليها باعتباره القائم باعمال الدائرة فقام بنسخها ابتدأ ثم حولها لنسخة الكترونية ثم قام ببثها في الموقع وأنه لم ينتبه ابتدأ من أنها سرية، وقرر بأنه وفقا لتقديره أن الجميع يعلم بأن برنامج (هذا الصباح) برنامج ناجح وعندما وصلت إليه الأسس المنظمة للبرنامج لم يجد فيها طابع السرية وفقا لتداولها من مكتب معالي الوزير وسعادة الوكلاء ثم المدراء العامين وان تلك الأوراق عبارة عن الضوابط مرفقة بخطاب تغطية ووردت إليهم مفتوحة وبطريقة عادية ولم يتأكد من سريتها من عدمه وأنها وصلت إليه بحكم وظيفته وبمطالعته لتلك الأسس والضوابط ومن وجهة نظره ككاتب ومن الجانب الفكري قام بنشرها بعد أن قام بمسحها التكرونيا وطرحها بالقول "مجلس الوزراء يقرر ضوابط هذا الصباح"، وأنه قام بنشرها تحت مسمى (حوت صغير) وقرر بأن مجلس الوزراء يتحدث عن أسس عامة في الدولة وأن ما دعاه لنشر الوثيقة كون التحدث عن عن أية معلومة يتطلب تقديم الاثبات.


      وحضرت بمؤازرة المتهم المحامية المتدربة/ بسمة بنت مبارك الكيومي وبحضور الأصيل من مكتب خليفة الهنائي للمحاماة والاستشارات القانونية ودفعت بأن الرسالة تم تداولها لأكثر من مدير في الوزارة وأن ذلك ينفى عنها وصف السرية إذ أن العبرة ليست بالعبارة الواردة فيها وإنما بالكيفية التي عوملت بها تلك الرسالة كرسالة سرية للغاية ودفعت بانتفاء القصد الجنائي لوصول الوثيقة للمتهم بشكل عادي ولم يقصد أي ضرر وأن ركن الضرر منتفي وفعت بعدم انطباق مادة الاتهام (3/61) من قانون الاتصالات، إذ أن الرسالة المنشورة لم تكن مخالفة للنظام العام والآداب. وقدمت مذكرة مكتوبة تتمة للدفاع الشفوي مضيفة فيها بأن المشرع اشترط أن تكون الرسالة محل الاتهام هي ذاتها مخالفة للنظام العام والآداب العامة من حيث احتوائها على ما يخالف النظام العام أو يخدض الآداب العامة، وأن الوثيقة الرسمية الصادرة عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي نشرها المتهم خالية تماما من أية شبهة مخالفة للنظام العام لعدم احتوائها على ما يخدش الآداب العام، وأضافت بأن تداول الوثائق المصنفة (سري للغاية) يخضع لقواعد وإجراءات بالغة الصرامة فلا يتطلع عليها إلا فئة معين ة وبشكل مباشر ولا يتم تناقلها وتداولها إلا في أضيق الحدود، وإذا اقتضت الضرورة اطلاع الآخرين فيكون بإبلاغهم بالمتوى دون اطلاعهم على أصل الوثائق المصنفة ولاتي تبقى محاطة بالسرية التي تتلائم من التصنيف وأن لا يمكن وصف تلك الوثيقة بالسرية لصدورها من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء واستلامها من قبل معالي وزير النقل والاتصالات ثم إلى مدير مكتبه ثم إحالتها لسعادة وك لاء الوزراء ومساعديهم حتى وصلت للمتهم، فلو كانت سرية فعلا لما تم تداولها بتلك الكيفيفة فضلا عن إرسال تلك الوثيقة لجميع الوزارات، ومن ثم يصبح من المستحيل اسباغ وصف (سري للغاية) عليها أو محتواها ومن ثم فقدت تصنيفها السري.


      وإن نية المتهم لم تنعقد لتسريب وثائق سرية للغاية كونه لم يتوقع سريتها لا سيما مع انتشارها وتداولها على نحو ما سلف، وأنه توافرت لديه حسن النية كون الوثيقة المحتوية على الضوابط والأسس العامة جاء خلو مما يدل على أنها مصنفة سرية للغاية، ولم يكتب عليها ذلك ولم تتضمن ما يشير ذلك، وما هي إلا ضوابط لعمل برنامج إذاعي، وقررت بأن المتهم من الأقلام المعروفة في البلاد ومهندس خدم بلاده لسنوات طويلة وعرفت كتابته بالعقلانية والاتزان والحرص على مصلحة البلد، وأنه كان صادقا في تصوره من أنه يناقش شيء عام يمس الجمهور. والتمست في ختام المذكرة الحكم أصلا واحتياطيا ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه مع إعادة الأجهزة المصادرة.


      (5)


      وحيث عقب ممثل الادعاء العام بأن المادة (3/61) من قانون تنظيم الاتصالات منطبقة، إذ أن نشر رسالة مصنفة يعتبر مخالفة للنظام العام وليس مضمون الرسالة وإنما نشر تلك الرسالة، كما أن المادة (4) من قانون جرمت كل ما يخالف نظام الأسرار وأن نقل تلك الوثيقة لعامة الناس الغير مخول بنقل تلك الوثيقة لهم يعتبر مجرما.


      وحيث أعطت الكلمة الأخيرة للمتهم فقرر بأنه تم حبسه احتياطيا لمدة احدى عشر يوما والتمست الحاضرة بمؤازرته إعلان براءته.


      وحيث أن المحكمة قررت حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم.


      وحيث تنص مادة الاتهام (4) من قانون أسرار الوظيفة والأماكن المحمية "يعتبر بأنه ارتكب جرما ويعاقب من قبل السلطات القضائية المختصة بغرامة لا تقل عن عشرين ريالا ولا تزيد على مائتي ريال، أو بالسجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، أو بكلتا العقوبتين معا، كل موظف: أ. ينقل أية وثيقة أو معلومات رسمية مصنفة إلى أي شخص أو أشخاص غير الشخص أو الأشخاص المسموح لهم بنقلها إليهم أو غير الذي تفرض عليه واجباته نقلها إليها. ب. أو يحتفظ بأية وثيقة أو معلومات رسمية في حيازته أو إشرافه دون أن يكون مسموحا له بذلك، أو عندما يكون الاحتفاظ بها مخالفا لواجباته".


      وحيث تنص مادة (3/61) من قانون تنظيم الاتصالات المعدل بالمرسوم السلطاني رقم (59 لسنة 2008م) "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على ألف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين: 1...، 2....، 3. كل من يرسل بواسطة نظام أو أجهزة أو وسائل الاتصالات رسالة مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة مع علمه بذلك".


      وحيث أن الواقعة على النحو السالف البيان تشكل بحق المتهم جنحة نقل وثيقة مصنفة لغير الأشخا المسموح له بنقلها إليهم المؤثمة والمعاقب عليها بالمادة (4/أ) من قانون أسرار الوظيفة والأماكن المحمية، وجنحة إرسال رسالة عبر وسائل الاتصالات مخالفة للنظام العام المؤثمة والمعاقب عليها بالمادة (3/61) من قانون تنظيم الاتصالات.


      (6)



      وحيث خلصت المحكمة إلى ثبوت الاتهام قبل المتهم أخذا باعترافه بسائر مراحل الدعوى بقيامه بنقل ونشر الوثيقة المتعلقة بضوابط البرنامج الاذاعي الصادرة عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ورسالة التغطية المصنفة سرية للغاية والمرفق بها تلك الأسس بعد أو وصلت إليه بحكم وظيفته فقام بتصويرها واتجه بها للمنزل فنسخها عن طريق الماسح الضوئي ثم نشرها في موقع الحارة ابتدأ ثم في موقع (منتديات فرق) مخلا بذلك للنظام العام الذي جعل له المشرع ضوابط أفرغها في النصوص السالفة البيان من أجل الحفاظ على سرية تلك الرسائل المصنفة أو المعلومات التي تصل إليه بحكم وظيفته والتي لولاها لما وصلت إليه. الأمر الذي تطمئن له المحكمة وتقضي معه بإدانته ومعاقبته عملا بمادتي الاتهام. وتلتفت المحكمة عما أثارته الحاضرة بمؤازرة المتهم من أن تلك الوثيقة خلت مما يفيد سريتها وأنها تم تداولها بما ينتفي معه القول بسريتها والعبرة بكيفية تداولها لا بما ختمت به وأنه لا يعمل بسريتها، إذ أن المادة (1) من قانون أسرار الوظيفة والأماكن المحمية في باب التعريفات عرفت وثيقة المعلومات الرسمية المصنفة بأنها "أية وثيقة أو معلومات رسمية تحمل التصنيف (سري) أو (سري جدا) أو (مكتوم) أو (محصور) أو أي تصنيف آخر مماثل، وأية وثيقة أو معلومات رسمية يكون إفشائها مناقضا لمصالح الدولة".


      ولما كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوى قيام المتهم بنشر الضوابط والأسس المنظمة للبرنامج الإذاعي (هذا الصباح) المرفقة بطي خطاب الأمين العام لمجلس الوزراء والمصنف (سري للغاية) والمؤيد باعتراف المتهم بنشر تلك الضوابط ثم قام بنشر رسالة التغطية من باب تقديم الاثبات وما قوله إلا تأكي على علمه بسريتها مما حدا به لأخذ صورة ضوئية منها وأخذها للمنزل ثم قام بنسخه بالماسح الضوئية ونقلها عبر نظام الاتصالات لموقعي (الحارة وفرق)، وأكد المتهم بما لا يدع مجالا للشك عن علمه بسرية تلك الوثيقة ما نشره تحت مسمى (حوت صغير) بتاريخ (2008/10/16) وفق الثابت بالصورة الضوئية المرفقة بملف الدعوى تحت عنوان "سري للغاية: مجلس الوزراء العماني يقرر أسس برنامج إذاعي" والذي أورد فيها بالقول (أول مرة أسمع أن مجلس وزراء أية دولة يضع شروط حال برنام إذاعي وكأن المجلس ما عنده شغل غير يسمع الإذاعة لكن الظاهر أن بعض الوزراء ما عجبهم برنامج هذا الصباح فقاموا يشتكون ووقفوا البرنامج طول الصيف والرمضان بحجة الاجازات لكن كانوا يطبخون طبخة شوفها بنفسكم من خلال المرفقات والظاهر أنهم ما يريدوا الناس تعرف علشان يصطادوهم، فجعلوا الوثيقة سرية جدا وكأننا نسرب أسرار الدولة، حال أيش؟ حال برنامج إذاعي. كيف يعني متصل يعرف أن هناك قيود وضعها مجلس الوزراء وأنه عليه أن يتلزم بذيك القيود؟


      وإذا كان ما منه بد من تنظيم هذا البرنامج فهناك أكثر من ألف طريقة منها إصدار لائحة بس ما من مجلس الوزراء ولكن من وزير الاعلام، فمجلس الوزراء يجب أن تكون له هيبته وما يرسم سياسات حال برنامج إذاعي إلا إذا كان الوزراء متخوفين من صوت المواطن اللي بدأ يبح منذ زمن بعيد، وكان هذا البرنامج فيه نوع من الصوت المسموع. لكنه ما طول وأوقفوه فترة الصيف بأكملها بحجة الاجازات وطلعت الحقيقة. والواضح من الرسالة الموجهة إلى جميع الوزراء أن هناك تدخل مباشر من قبل الحكومة لإسكات نداءات المواطن. فالمكالمات رايحة تكون مسجلة ورايحين يصفوها ويقصوا الكلام ويذيعوا اللي يريدوه، وكما أعطوا تعليمات للمذيع بالتدخل الفوري إذا أراد مواطن مسكين يرفع شكواه إلى المقام السامي، أو إذا أراد مواطن آخر ينتقد الخدمات الحكومية. شوفوا بس الورقة الثانية) والذي لم يجادل فيه المتهم، وأن القول بتداولها بين الوكلاء والمدراء بوزارة النقل والاتصالات على الرغم من سريتها نتيجة لخلل إداري - إن صح - في التعامل مع الوثيقة لا يخرجها عن تصنيفها ولا يبيح للمتهم نقلها للعامة عبر وسائل الاتصالات والذين لم يصرح له بنقلها إليهم ولا تفرض عليه واجباته الوظيفية نقلها إليهم.




      (7)



      كما تلتفت المحكمة عما أثارته الحاضرة بمؤازرة المتهم بعدم انطباق نص المادة (3/61) من قانون تنظيم الاتصالات على اعتبار أن محتوى تلك الوثيقة غير مخل بالنظام العام وأن الجرم هو محتوى الرسالة وليس الرسالة، إذ أن الثابت المشرع نص صراحة في المادة السالفة الذكر "كل من يرسل برواسطة نظام أو أجهزة أو وسائل الاتصالات رسالة مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة مع علمه بذلك" إذ أن محل التجريم هي إرسال رسالة مخالفة للنظام العام، والجدير بالذكر أن المشرع لم يقم بتعريف رسالة الاتصالات وان كان اقتصر على تعريف الاتصالات في المادة (2 مكرر) بالبند (4) من أنها (كل نقل أو بث أو ارسال او استقبال للإشارات أو الرموز أو العلامات أو الكتابة أو الصور المرئية وغير المرئية أو الأصوات أو البيانات أو المعلومات أيا ما كانت طبيعتها بواسطة الأنظمة السلكية أو الراديوية أو الضوئية أو أو بأي نظام آخر من الأنظمة الكهرومغناطيسية أو الإلكترونية) وأن مجموعة تلك العلامات أو الرموز والأصوات والمعلومات والبيانات المنقولة بواسطة أنظمة الاتصالات والصادرة من شخص لآخر هي ما تعرف برسالة الاتصالات.


      وكان الثابت أن المتهم قام بإرسال تلك الوثيقة التي تحتوي على بيانات ومعلومات عبر نظام وأجهزة الاتصالات مصنفة بأنها سرية للغاية وينبغي عليه كموظف ومن مقتضى الأمانة الحفاظ على تلك الوثيقة لا إباحتها للعامة، وأن في ذلك إخلال بواجبات الأمانة مما مؤداه مخالفة النظام العام، إذ أن النظام العام بمفهومه العام ينصرف إلى الأسس والقواعد التي يقوم عليها المجتمع السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية والإدارية التي تسود المجتمع والتي تستهدف المحافظة على القيم والمثل العليا في المجتمع التي لا يجوز مخالفتها والتي مصدرها الأعراف والتقاليد السائدة في المجتمعع والقواعد القانونية العامة التي يوجدها الضاء من خلال أحكامه، فضلا عن القواعد القانونية إن وجدت.


      وأن مناط بحث ما هو مخالف للنظام العام من عدمه من سلطة قاضي الموضوع، ولما كان ذلك وكان الثابت مما سلف أن المتهم وبحكم وظيفته تحصل على تلك الوثيقة (سري للغاية) فأوجت عليه القانون الحفاظ على تلك الوثيقة باعتباره من الأسرار الوظيفية وفقا لمادة الاتهام، وذلك ما أكدته المادة (ب/104) من قانون الخدمة المدنية في الفصل الثاني عشر من واجبات الموظفين والأعمال المحظورة عليهم والتي نصت على أنه "يحظر على الموظفي الآتي: أ- .... ب. إفشاء الأمور التي يطلع عليها بحكم وظيفته إذا كانت سرية بطبيعتها أو بمقتضى تعليمات تصدر بذلك، ويستمر هذا الحظر قائما بعد انتهاء العلاقة الوظيفية" وأن ذلك الحظر من قبيل الضبط الإداري للحفاظ على سرية ما يطاله الموظف بحكم وظيفته والتي تكفل عدم المساس بما لتلك الوثائق من سرية والإخلال بمبدأ الأمانة، وهي من المثل العليا في المجتمع التي لا يجوز مخالفتها، الأمر الذي حرص عليه المشرع بوضع التدابير والعقوبات لما يقترف من إخلال بالنظام العام. كما تلتفت المحكمة عن باقي الدفوع الموضوعية المثارة والتي يستفاد الرد عليها ضمنا من وقائع الدعوى، إذ لا إلزام للمحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفوعه الموضوعي والرد على شبهة يثيرها على استقلال.




      (8)



      وحيث أن المتهم نقل وثيقة رسمية مصنفة لغير الأشخاصص المسموح له بنقلها إليهم، كما أرسل تلك الوثيقة بذلك النل بواسطة نظام الاتصالات مخالفا بذلك النظام العام، وأن فعله وحدا تعددت أوصافه مما يشكل تعددا معنويا يستحق فاعلها عقوبة الوصف الأشد عملا بالمادة (31) من قانون الجزاء.


      وحيث أنه للظروف التي قدرتها المحكمة باعتبار المتهم أحد الأقلام التي لها الباع الطويل في الكتابة الهادفة وفقا لما هو معلوم لدى الكافة ورب أسرة ولانطباق شروط المادة (74) من قانون الجزاء قبل المتهم، إذ لم يسبق الحكم بعقوبة من نفس النوع أو أشد منها، وله محل إقامة حقيقية ومعلوم في السلطنة فإنها تمتعه بوقف تنفيذ باقي عقوبة السجن المقضي والاكتفاء بما قضاه من مدة الحبس الاحتياطي وفق الثابت بأوراق الدعوى والتي بلغت أحدى عشر يوما.


      وحيث أنه عملا بالمادة (52) من قانون الجزاء تضي المحكمة بمصادرة الأدوات والأجهزة المضبوطة المستخدمة في ارتكاب الجريمة.




      فلهذه الأسباب:


      "حكمت المحكمة حضوريا بإدانة المتهم بجنحتي نقل وثيقة رسمية مصنفة إلى غير الأشخاص المسموح له بنقلها إليهم وإرسال رسالة عبر نظام الاتصالات مخالفة للنظام العام وقضت بمعاقبته بالسجن لمدة شهر والغرامة (200) ر.ع مائتي ريال ينفذ منها السجن لمدة عشرة أيام والغرامة مع وقف تنفيذ باقي عقوبة السجن، ومصادرة الأجهزة والمضبوطات المستخدمة في ارتكاب الجريمة".




      أمين الســـر القاضي/خالد بن زهران الهلالي


      انتهـــــــــــى









      المصدر : بن دارس


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions