الحلقة الثالثة .. تقرير الكونجرس حول أحداث 11 سبتمبر
التخطيط العملي للهجمات.. بدأ في ألمانيا وماليزيا والإمارات
محمد عاطف.. الرجل الثاني في القاعدة اختار المنفذين ولم يكن لهم سجل إرهابي
القراصنة انقسموا إلي طيارين. وقوة عضلية تسيطر علي الطائرات
عطا والشهي والحزمي وزياد جراح.. تلقوا تدريبات علي الطيران قبل عام من الهجمات
عرض وتقديم: مرعي يونس
دخل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة دائرة اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد الهجوم الأول علي مركز التجارة العالمي في فبراير 1993م. وعلي الرغم من أن المكتب لم يربط الهجوم باسم بن لادن ربطاً مباشراً. إلا أن التحقيقات انتجت معلومات مفادها أن إسلاميين. من بينهم المشاركون في الهجوم. قد تم تجنيدهم في مكتب الكفاح للاجئين ببروكلين في نيويورك وتم إرسالهم إلي معسكرات تدريب في أفغانستان لمقاتلة الجيش السوفيتي في باديء الأمر ثم لخوض جهاد ضد الولايات المتحدة بعد ذلك. وفي عام .1993 أعلن مكتب التحقيقات عن وجود مؤامرة لنسف الجسور والأنفاق ومعالم أخري في نيويورك. وأدي التحقيق إلي إدانة الشيخ الضرير عمر عبدالرحمن لتحريضه آخرين علي ارتكاب جميع أنواع الإرهاب في عام 1993م وعندئذ أصدر بن لادن فتوي بالانتقام لحبس الشيخ الضرير.. وأكد ذلك في بيانات صحفية لاحقة.
وحدد المكتب وجود صلة لابن لادن بالمؤامرة التي دبرها رمزي يوسف عام 1995 في الفلبين لنسف 12 طائرة أمريكية أثناء طيرانها في أجواء دول جنوب شرق آسيا متجهة إلي الولايات المتحدة.. وكان ممول هذه المؤامرة هو محمد جمال خليفة شقيق زوجة بن لادن. وتم اعتقال رمزي يوسف في دار ضيافة تابعة لابن لادن في باكستان كان قد لجأ إليها بعد كشف مؤامرته.
خيوط مشتركة
وأكد جورج تينيت مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية في شهادته أمام التحقيق وجود خيط مشترك يمتد بين الهجوم الأول علي مركز التجارة العالمي في فبراير 1993م وهجمات 11 سبتمبر. هذا الخيط هو خالد شيخ محمد المعروف لدي المخابرات الأمريكية ب "المخ" وطبقاً لشهادة تينيت. فإن شيخ محمد عضو رفيع المستوي في تنظيم القاعدة وهو العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر أو أحد المخططين الرئيسيين لها. ولاحظ تينيت أن شيخ محمد هو عم رمزي يوسف وبعد الهجوم علي مركز التجارة العالمي انضم شيخ محمد إلي يوسف في تدبير مؤامرة نسف طائرة عام 1995 وهو الحادث الذي أدين فيه محمد من جانب هيئة محلفين فيدرالية.
فتوي الجهاد
في أغسطس من عام .1996 أصدر بن لادن الفتوي الأولي التي تعلن الجهاد ضد أمريكا وأصدر فتوي ثانية في فبراير 1998م ذكر فيها أن قتل الأمريكيين وحلفائهم مدنيين كانوا أم عسكريين واجب علي كل مسلم بإمكانه عمل ذلك في أي بلد. وكرر هذه التهديدات في مقابلة صحفية عام 1998م. وفي أغسطس من ذلك العام. وقعت انفجارات السفارتين الأمريكيتين في كل من كينيا وتنزانيا.
في يونيه من عام 1998م حصلت وزارة العدل علي اتهام مغلف ضد بن لادن باعتباره الاسم الوحيد المتهم في مؤامرة لمهاجمة منشآت عسكرية أمريكية ويتضمن الاتهام أيضاً أنه في أكتوبر 1993م. شارك أعضاء القاعدة مع رجال قبائل صوماليين في شن هجوم علي عسكريين أمريكيين يعملون في الصومال مما أسفر عن مصرع 18 جندياً أمريكياً وإصابة 73 آخرين. وتم فتح هذا الاتهام بعد تفجير السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا.. وتوالت بعد ذلك سلسلة الاتهامات التي تتهم بن لادن بالتآمر لقتل رعايا أمريكيين في كل مكان من العالم. بما في ذلك الولايات المتحدة ووصف المحققون أيضاً صلة بن لادن بالهجوم علي المدمرة الأمريكية "كول" باليمن في أكتوبر عام 2000م.
خالد شيخ محمد هو العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر واقترح استخدام طائرات صغيرة مملوءة بالمتفجرات لكن بن لادن أشار عليه باستخدام طائرات كبيرة. وطبقاً لشهادة مدير وكالة الاستخبارات المركزية فإن الوكالة علمت بعد الهجمات بأن محمد عاطف الرجل الثاني في قيادة القاعدة هو الذي اختار الخاطفين. من الشبان العرب الذين لم تكن لهم أنشطة إرهابية سابقة. وبعد أن وافق بن لادن علي الاختيار قام خالد شيخ محمد بتدريبهم وأصدر لهم تعليمات لاكتساب تدريب علي قيادة الطائرات وأشرف علي اللمسات النهائية لعملية 11 سبتمبر.
تكشف التحقيقات عن أن تقارير مكتب التحقيقات الفيدرالية تفيد بأن التخطيط العملي لهجمات 11 سبتمبر تم في ثلاث دول بالخارج هي ألمانيا وماليزيا والامارات العربية المتحدة.
وصل خالد المحضار ونواف الحزمي وهما من الخاطفين الرئيسيين للطائرات التي نفذت الهجوم الي الولايات المتحدة في رحلة قادمة من بانكوك عاصمة تايلاند يوم 15 يناير .2000 أي بعد أسبوع واحد من مغادرتهما كوالا لامبور عاصمة ماليزيا حيث حضرا اجتماعا ووصل ثلاثة آخرون من الخاطفين الرئيسيين وهم محمد عطا ومروان الشهي وزياد جراح الولايات المتحدة في مايو ويونيه من عام 2000 قادمين من أوروبا أو عبر أوروبا.. كان عطا والشهي جراح قد عاشوا بمدينة هامبورج الألمانية حيث تزاملوا.. وكان خاطف سادس هو هاني حنجور يتردد علي الولايات المتحدة منذ 1991م.
استقر المحضار ونواف في منطقة سان دييجو. وفي ابريل من عام 2000 تلقي الحزمي درسا تمهيديا في الطيران بالكلية الجوية القومية بسان دييجو. بعد ذلك بأسبوع تلقي الحزمي تحويلا ب 5 آلاف دولار عبر طرف ثالث أرسل من الامارات وفي شهر مايو من نفس العام أيضا تلقي المحضار والحزمي دروسا في الطيران بسان دييجو وفي يونيه غادر المحضار الولايات المتحدة علي متن طائرة تابعة لشركة لوفتهانز الألمانية من لوس انجلوس الي فرانكفورت ولم يعد المحضار الي الولايات المتحدة الا بعد ذلك ب 18 شهرا أي في يوليو 2001م.
أما الحزمي فقد بقي بسان دييجو حتي ديسمبر 2000 عندما انتقل الي اريزونا مع هاني حنجور الذي كان قد عاد للتو الي الولايات المتحدة.
ويقول تينت في شهادته ان حنجور ذهب الي افغانستان لمدة ستة أسابيع عام 1989م عندما كان في سن السابعة عشرة للمشاركة في الجهاد ودخل الولايات المتحدة أول مرة في أكتوبر 1991م قادما من السعودية لحضور دورة لدراسة اللغة الانجليزية وعندما غادر الولايات المتحدة الي السعودية في أوائل 1992 أصبح شخصا مختلفا تماما. فقد ربي لحيته بالكامل وقطع علاقاته الاجتماعية الماضية وامض معظم وقته في قراءة الكتب الدينية وكتب الطيران. وظل حنجور يتردد علي الولايات المتحدة لدراسة الطيران حتي حصل علي شهادة في الطيران المدني.
رحلة عطا
أما محمد عطا فقد عاد من أفغانستان الي ألمانيا عبر باكستان في فبراير 2000 وفي مارس التالي أرسل سلسلة من البريد الالكتروني لمدرسة تدريب طيران في ليكلاند بفلوريدا ونورما واكلاهوما. وبعد ان زعم ان جواز سفره فقد حصل عطا علي جواز سفر مصري جديد في هامبورج في مايو 2000 وحصل أيضا علي تأشيرة للسفر الي الولايات المتحدة وصل الي مدينة ديو آرك الأمريكية في يونيه 2000 أما الشهي فكان قد وصل الي الولايات المتحدة قبل ذلك بأيام علي متن طائرة قادمة من دولة الامارات عبر بروكسل الي نيو آرك.
في هذه الأثناء. وصل جراح يوم 27 يونيه 2000 الي اتلانتا بعد أن كان قد حصل علي تأشيرة دخول مدتها 5 سنوات وتوجه فور وصوله الي مدينة فينيس حيث بدأ التدريب في مركز فلوريدا للطيران.
القوة العضلية
بدأ وصول الخاطفين ال 13 الباقين إلي الولايات المتحدة في ابريل 2001 ما عدا ثلاثة منهم واثنان وصلا معا والأخير وصل وحده في يونيه من نفس العام. تطلق المخابرات الأمريكية علي هؤلاء الخاطفين المعاونين اسم "القوة العضلية" ويتمثل دورها في التغلب علي الطيارين والسيطرة علي الركاب وهناك اثنا عشر منهم من المملكة العربية السعودية وواحد من الإمارات من بينهم ايضا سالم الحزمي شقيق نواف وقد حصل علي تأشيرته في ابريل 1999م وحصل سبعة آخرون منهم علي تأشيرتهم من سبتمبر حتي نوفمبر 2000م وثلاثة حصلوا علي تأشيراتهم في أواخر يونيه 2001.
كان بعض افراد هذه المجموعة يعرفون بعضهم وكان فيهم اشقاء "آل حزمي وآل الشهري" جاء الكثير منهم من جنوب غرب المملكة العربية السعودية ويمثلون مستويات اجتماعية واقتصادية متباينة. بعضهم تلقي تعليماً عاليا. وآحرون تلقوا تعليما قليلا. وطبقا لشهادة تينت فان البعض منهم لم يظهر حماسا دينيا قط وذلك قبل التعرض للأفكار المتطرفة لكن التعرض لهذه الأفكار تخلق لديهم حالة من التطرف الشديد وأدي إلي انفصالهم عن اسرهم ومعظم هؤلاء الخاطفين المعاونين سافروا إلي افغانستان للمرة الأولي في عام 1999 و2000م وجاء وصولهم مبكرا يضيف شبابا إلي صفوف العملاء الذين تستطيع القاعدة استدعاءهم لتنفيذ مهام مستقبلية.
وطبقا لشهادة تينت فإن خالد المحضار امضي العام السابق علي الهجمات في رحلات بين اليمن وافغانستان مع القيام برحلات بين الحين والآخر إلي السعودية وان المحضار سافر إلي نيويورك في يوليو 2001 قادما من السعودية بعد 6 أيام فقط من نقل الدفعة الأخيرة من الخاطفين المعاونين إلي الولايات المتحدة. وذكر ميللر مدير مكتب التحقيقات ان دور المحضار في مؤامرة 11 سبتمبر خلال الفترة من يونيه 2000 حتي يوليو 2001 قبل دخوله مرة أخري للولايات المتحدة ربما كان دور المنسق والمنظم لحركة الخاطفين غير الطيارين ويدعم هذا اقامته الطويلة في السعودية وعودته إلي أمريكا بعد وصول كل الخاطفين.
التنظيم النهائي
اعتبارا من مايو 2001 قام كل خاطف من الخاطفين الطيارين الأربعة برحلة في كل ارجاء الولايات المتحدة ويقول ميللر في شهادته مع استكمال تدريباتهم علي الطيران. يبدو ان الطيارين بدأوا القيام برحلات مراقبة كركاب علي متن رحلات في جميع انحاء الولايات المتحدة ويلاحظ ميللر ان كل واحد منهم توقف في لاس فيجاس لمدة يوم أو يومين ولاتعرف المخابرات الأمريكية اسباب هذا التوقف حتي الآن.
بعد وصول الخاطفين المعاونين مباشرة. انقسموا أو تفرقوا بين فلوريدا ونيويورك قبل ان يتحركوا إلي ثلاث مناطق انطلاق. الاثنان اللذان وصلا إلي فيرجينيا والاثنان اللذان وصلا نيويورك انضموا إلي نواف الحزمي وحنجور في بيرتسون بنيوجيرسي والأربعة الذين وصلوا إلي اورلاندو والخمسة الذين وصلوا إلي ميامي انضموا لعطا والشهي وجراح في فورت لودرديل بمنطقة فلوريدا.
بدأ الخاطفون ال 19 حجز رحلات 11 سبتمبر في 26 أغسطس ولم يتمكن المحضار وماجد المكد اللذان اختطفا طائرة البنتاجون من شراء التذاكر يوم 24 أغسطس بسبب عدم إمكانية التحقق من عنوانهما وقاما بشرائها يوم 5 سبتمبر في مكتب أمريكان إيرلاينز في مطار بلتيمور واشنطن الدولي. وقام الخاطفون في منطقة فورت لودر ديل بحجز الرحلات إلي أماكن في بوسطن ونيويورك ونيوجيرسي وواشنطن دي سي حيث كانت تتجمع الفرق لكل رحلة 11 سبتمبر.
في الساعة السابعة و59 دقيقة تقريبا صباح يوم 11 سبتمبر.. كان يتم تجهيز طائرة أمريكان إيرلاينز المتجهة إلي لوس انجلوس استعداداً للإقلاع من مطار لوجان الدولي في بوسطن وكان علي متنها 81 راكباً بالإضافة إلي أفراد الطاقم. في هذه الطائرة. جلس اثنان من الخاطفين في المقعدين الأماميين من الدرجة الأولي. وهو مكان من السهل الوصول منه إلي كابينة الطائرة. وطبقاً لميللر. فإن الخاطفين استخدموا قواطع صناديق كانت متاحة بصفة عامة في الاستيلاء علي الطائرة وتحويل مسارها في نحو الساعة الثامنة و13 دقيقة صباحاً وفي الثامنة و45 دقيقة تحطمت الطائرة في البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي والذي انهار في العاشرة و25 دقيقة.
ويعتقد أن عطا كان هو قائد هذه الطائرة لأنه المختطف الوحيد الذي كان يعرف عنه أنه تلقي تدريبا علي الطيران.
الطائرة الثانية
وفي نحو الساعة 7.58 دقيقة صباحاً غادرت طائرة يونايتد إيرلاينز في الرحلة رقم 175 المتجهة أيضا إلي لوس أنجلوس مطار لوجان وعلي متنها 65 راكبا وأعضاء الطاقم وفي التاسعة وخمس دقائق صباحاً تحطمت الطائرة في البرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي والذي انهار في التاسعة و55 دقيقة ويعتقد أن مروان الشهي هو الطيار.
والثالثة
وفي نحو الساعة 8.20 صباحاً غادرت طائرة أمريكان إيرلاينز في رحلتها رقم 77 مطار دالاس الدولي متجهة إلي لوس أنجلوس وعلي متنها 58 راكباً و6 أفراد طاقم وكان آخر اتصال لاسلكي بالطائرة في الساعة 8.50 صباحاً وبعد ذلك بدقائق قليلة انعطفت الطائرة انعطافاً غير مسموح به وفي الساعة 9.39 صباحاً تحطمت الطائرة في الجانب الجنوبي الغربي للبنتاجون وقتلت 127 موظفاً مدنياً وعسكرياً بالإضافة إلي ركاب الطائرة والطاقم.
والرابعة
وفي نحو الساعة 8.42 صباحا غادرت طائرة يونايتد إيرلاينز أيضا مطار نيويورك الدولي متجهة إلي سان فرانسيسكو وعلي متنها 37 راكبا و7 أفراد طاقم وكان زياد جاره هو الوحيد من الخاطفين الأربعة الذي يحمل رخصة طيران..وبلغ عدد قتلي برجي مركز التجارة العالمي 2743 قتيلا..تشير تقديرات مكتب التحقيقات الفيدرالي إلي أن هجمات 11 سبتمبر تكلفت ما بين 175 ألفاً إلي 250 ألف دولار.. وطبقاً لشهادة ميللر. فإن جهاز أو آلية التمويل وراء هذه المؤامرة تتركز علي ما يبدو حول مروان الشهي وأفراد يقدمون دعما مالياً عبر شبكة التحويلات المصرفية والبرقية لدول الإمارات العربية المتحدة.
في هامبورج. كان الشهي يتلقي تحويلات مهمة من دولة الإمارات عن طريق البرق من محمد يوسف محمد القصيدي الذي يعتقد مكتب التحقيقات أنه شقيق الشهي.. وكان الشهي يقوم بتحويل الأموال إلي عطا..في يوليو .2000 فتح الشهي وعطا حساباً مشتركاًî في بنك صن ترست بمدينة فينس في فلوريدا وتلقيا من خلاله تمويلا للمؤامرة يقدر بنحو 110 آلاف دولار من علي عبدالعزيز بالإمارات وعلي يستخدم أسماء بديلة. في يونيه .2000 تلقي الشهي أيضا 5 آلاف دولار بالبرق من عصام منصور وفي أبريل أبرق علي حوالة قيمتها 5 آلاف دولار للحزمي في سان دييجو وبعض الخاطفين الآخرين كان من بينهم حنجور والمحضار كانوا يستخدمون بطاقات ائتمان مسحوبة علي بنوك سعودية وإماراتية..أما التحويلات لابن الشيبة فكانت تأتي من هاشم عبدالرحمن ويعتقد ميللر أن هاشم هذا هو خالد شيخ محمد "المخ"..وتشير الوثائق إلي أن بعض هذه الأموال أعيدت إلي مصادرها في الإمارات قبل 11 سبتمبر لأن الخاطفين لم يكونوا يريدون أن يموتوا لصوصاً
Copyright eltahrir.net 2003 ©
Designed by :
التخطيط العملي للهجمات.. بدأ في ألمانيا وماليزيا والإمارات
محمد عاطف.. الرجل الثاني في القاعدة اختار المنفذين ولم يكن لهم سجل إرهابي
القراصنة انقسموا إلي طيارين. وقوة عضلية تسيطر علي الطائرات
عطا والشهي والحزمي وزياد جراح.. تلقوا تدريبات علي الطيران قبل عام من الهجمات
عرض وتقديم: مرعي يونس
دخل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة دائرة اهتمام مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد الهجوم الأول علي مركز التجارة العالمي في فبراير 1993م. وعلي الرغم من أن المكتب لم يربط الهجوم باسم بن لادن ربطاً مباشراً. إلا أن التحقيقات انتجت معلومات مفادها أن إسلاميين. من بينهم المشاركون في الهجوم. قد تم تجنيدهم في مكتب الكفاح للاجئين ببروكلين في نيويورك وتم إرسالهم إلي معسكرات تدريب في أفغانستان لمقاتلة الجيش السوفيتي في باديء الأمر ثم لخوض جهاد ضد الولايات المتحدة بعد ذلك. وفي عام .1993 أعلن مكتب التحقيقات عن وجود مؤامرة لنسف الجسور والأنفاق ومعالم أخري في نيويورك. وأدي التحقيق إلي إدانة الشيخ الضرير عمر عبدالرحمن لتحريضه آخرين علي ارتكاب جميع أنواع الإرهاب في عام 1993م وعندئذ أصدر بن لادن فتوي بالانتقام لحبس الشيخ الضرير.. وأكد ذلك في بيانات صحفية لاحقة.
وحدد المكتب وجود صلة لابن لادن بالمؤامرة التي دبرها رمزي يوسف عام 1995 في الفلبين لنسف 12 طائرة أمريكية أثناء طيرانها في أجواء دول جنوب شرق آسيا متجهة إلي الولايات المتحدة.. وكان ممول هذه المؤامرة هو محمد جمال خليفة شقيق زوجة بن لادن. وتم اعتقال رمزي يوسف في دار ضيافة تابعة لابن لادن في باكستان كان قد لجأ إليها بعد كشف مؤامرته.
خيوط مشتركة
وأكد جورج تينيت مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية في شهادته أمام التحقيق وجود خيط مشترك يمتد بين الهجوم الأول علي مركز التجارة العالمي في فبراير 1993م وهجمات 11 سبتمبر. هذا الخيط هو خالد شيخ محمد المعروف لدي المخابرات الأمريكية ب "المخ" وطبقاً لشهادة تينيت. فإن شيخ محمد عضو رفيع المستوي في تنظيم القاعدة وهو العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر أو أحد المخططين الرئيسيين لها. ولاحظ تينيت أن شيخ محمد هو عم رمزي يوسف وبعد الهجوم علي مركز التجارة العالمي انضم شيخ محمد إلي يوسف في تدبير مؤامرة نسف طائرة عام 1995 وهو الحادث الذي أدين فيه محمد من جانب هيئة محلفين فيدرالية.
فتوي الجهاد
في أغسطس من عام .1996 أصدر بن لادن الفتوي الأولي التي تعلن الجهاد ضد أمريكا وأصدر فتوي ثانية في فبراير 1998م ذكر فيها أن قتل الأمريكيين وحلفائهم مدنيين كانوا أم عسكريين واجب علي كل مسلم بإمكانه عمل ذلك في أي بلد. وكرر هذه التهديدات في مقابلة صحفية عام 1998م. وفي أغسطس من ذلك العام. وقعت انفجارات السفارتين الأمريكيتين في كل من كينيا وتنزانيا.
في يونيه من عام 1998م حصلت وزارة العدل علي اتهام مغلف ضد بن لادن باعتباره الاسم الوحيد المتهم في مؤامرة لمهاجمة منشآت عسكرية أمريكية ويتضمن الاتهام أيضاً أنه في أكتوبر 1993م. شارك أعضاء القاعدة مع رجال قبائل صوماليين في شن هجوم علي عسكريين أمريكيين يعملون في الصومال مما أسفر عن مصرع 18 جندياً أمريكياً وإصابة 73 آخرين. وتم فتح هذا الاتهام بعد تفجير السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا.. وتوالت بعد ذلك سلسلة الاتهامات التي تتهم بن لادن بالتآمر لقتل رعايا أمريكيين في كل مكان من العالم. بما في ذلك الولايات المتحدة ووصف المحققون أيضاً صلة بن لادن بالهجوم علي المدمرة الأمريكية "كول" باليمن في أكتوبر عام 2000م.
خالد شيخ محمد هو العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر واقترح استخدام طائرات صغيرة مملوءة بالمتفجرات لكن بن لادن أشار عليه باستخدام طائرات كبيرة. وطبقاً لشهادة مدير وكالة الاستخبارات المركزية فإن الوكالة علمت بعد الهجمات بأن محمد عاطف الرجل الثاني في قيادة القاعدة هو الذي اختار الخاطفين. من الشبان العرب الذين لم تكن لهم أنشطة إرهابية سابقة. وبعد أن وافق بن لادن علي الاختيار قام خالد شيخ محمد بتدريبهم وأصدر لهم تعليمات لاكتساب تدريب علي قيادة الطائرات وأشرف علي اللمسات النهائية لعملية 11 سبتمبر.
تكشف التحقيقات عن أن تقارير مكتب التحقيقات الفيدرالية تفيد بأن التخطيط العملي لهجمات 11 سبتمبر تم في ثلاث دول بالخارج هي ألمانيا وماليزيا والامارات العربية المتحدة.
وصل خالد المحضار ونواف الحزمي وهما من الخاطفين الرئيسيين للطائرات التي نفذت الهجوم الي الولايات المتحدة في رحلة قادمة من بانكوك عاصمة تايلاند يوم 15 يناير .2000 أي بعد أسبوع واحد من مغادرتهما كوالا لامبور عاصمة ماليزيا حيث حضرا اجتماعا ووصل ثلاثة آخرون من الخاطفين الرئيسيين وهم محمد عطا ومروان الشهي وزياد جراح الولايات المتحدة في مايو ويونيه من عام 2000 قادمين من أوروبا أو عبر أوروبا.. كان عطا والشهي جراح قد عاشوا بمدينة هامبورج الألمانية حيث تزاملوا.. وكان خاطف سادس هو هاني حنجور يتردد علي الولايات المتحدة منذ 1991م.
استقر المحضار ونواف في منطقة سان دييجو. وفي ابريل من عام 2000 تلقي الحزمي درسا تمهيديا في الطيران بالكلية الجوية القومية بسان دييجو. بعد ذلك بأسبوع تلقي الحزمي تحويلا ب 5 آلاف دولار عبر طرف ثالث أرسل من الامارات وفي شهر مايو من نفس العام أيضا تلقي المحضار والحزمي دروسا في الطيران بسان دييجو وفي يونيه غادر المحضار الولايات المتحدة علي متن طائرة تابعة لشركة لوفتهانز الألمانية من لوس انجلوس الي فرانكفورت ولم يعد المحضار الي الولايات المتحدة الا بعد ذلك ب 18 شهرا أي في يوليو 2001م.
أما الحزمي فقد بقي بسان دييجو حتي ديسمبر 2000 عندما انتقل الي اريزونا مع هاني حنجور الذي كان قد عاد للتو الي الولايات المتحدة.
ويقول تينت في شهادته ان حنجور ذهب الي افغانستان لمدة ستة أسابيع عام 1989م عندما كان في سن السابعة عشرة للمشاركة في الجهاد ودخل الولايات المتحدة أول مرة في أكتوبر 1991م قادما من السعودية لحضور دورة لدراسة اللغة الانجليزية وعندما غادر الولايات المتحدة الي السعودية في أوائل 1992 أصبح شخصا مختلفا تماما. فقد ربي لحيته بالكامل وقطع علاقاته الاجتماعية الماضية وامض معظم وقته في قراءة الكتب الدينية وكتب الطيران. وظل حنجور يتردد علي الولايات المتحدة لدراسة الطيران حتي حصل علي شهادة في الطيران المدني.
رحلة عطا
أما محمد عطا فقد عاد من أفغانستان الي ألمانيا عبر باكستان في فبراير 2000 وفي مارس التالي أرسل سلسلة من البريد الالكتروني لمدرسة تدريب طيران في ليكلاند بفلوريدا ونورما واكلاهوما. وبعد ان زعم ان جواز سفره فقد حصل عطا علي جواز سفر مصري جديد في هامبورج في مايو 2000 وحصل أيضا علي تأشيرة للسفر الي الولايات المتحدة وصل الي مدينة ديو آرك الأمريكية في يونيه 2000 أما الشهي فكان قد وصل الي الولايات المتحدة قبل ذلك بأيام علي متن طائرة قادمة من دولة الامارات عبر بروكسل الي نيو آرك.
في هذه الأثناء. وصل جراح يوم 27 يونيه 2000 الي اتلانتا بعد أن كان قد حصل علي تأشيرة دخول مدتها 5 سنوات وتوجه فور وصوله الي مدينة فينيس حيث بدأ التدريب في مركز فلوريدا للطيران.
القوة العضلية
بدأ وصول الخاطفين ال 13 الباقين إلي الولايات المتحدة في ابريل 2001 ما عدا ثلاثة منهم واثنان وصلا معا والأخير وصل وحده في يونيه من نفس العام. تطلق المخابرات الأمريكية علي هؤلاء الخاطفين المعاونين اسم "القوة العضلية" ويتمثل دورها في التغلب علي الطيارين والسيطرة علي الركاب وهناك اثنا عشر منهم من المملكة العربية السعودية وواحد من الإمارات من بينهم ايضا سالم الحزمي شقيق نواف وقد حصل علي تأشيرته في ابريل 1999م وحصل سبعة آخرون منهم علي تأشيرتهم من سبتمبر حتي نوفمبر 2000م وثلاثة حصلوا علي تأشيراتهم في أواخر يونيه 2001.
كان بعض افراد هذه المجموعة يعرفون بعضهم وكان فيهم اشقاء "آل حزمي وآل الشهري" جاء الكثير منهم من جنوب غرب المملكة العربية السعودية ويمثلون مستويات اجتماعية واقتصادية متباينة. بعضهم تلقي تعليماً عاليا. وآحرون تلقوا تعليما قليلا. وطبقا لشهادة تينت فان البعض منهم لم يظهر حماسا دينيا قط وذلك قبل التعرض للأفكار المتطرفة لكن التعرض لهذه الأفكار تخلق لديهم حالة من التطرف الشديد وأدي إلي انفصالهم عن اسرهم ومعظم هؤلاء الخاطفين المعاونين سافروا إلي افغانستان للمرة الأولي في عام 1999 و2000م وجاء وصولهم مبكرا يضيف شبابا إلي صفوف العملاء الذين تستطيع القاعدة استدعاءهم لتنفيذ مهام مستقبلية.
وطبقا لشهادة تينت فإن خالد المحضار امضي العام السابق علي الهجمات في رحلات بين اليمن وافغانستان مع القيام برحلات بين الحين والآخر إلي السعودية وان المحضار سافر إلي نيويورك في يوليو 2001 قادما من السعودية بعد 6 أيام فقط من نقل الدفعة الأخيرة من الخاطفين المعاونين إلي الولايات المتحدة. وذكر ميللر مدير مكتب التحقيقات ان دور المحضار في مؤامرة 11 سبتمبر خلال الفترة من يونيه 2000 حتي يوليو 2001 قبل دخوله مرة أخري للولايات المتحدة ربما كان دور المنسق والمنظم لحركة الخاطفين غير الطيارين ويدعم هذا اقامته الطويلة في السعودية وعودته إلي أمريكا بعد وصول كل الخاطفين.
التنظيم النهائي
اعتبارا من مايو 2001 قام كل خاطف من الخاطفين الطيارين الأربعة برحلة في كل ارجاء الولايات المتحدة ويقول ميللر في شهادته مع استكمال تدريباتهم علي الطيران. يبدو ان الطيارين بدأوا القيام برحلات مراقبة كركاب علي متن رحلات في جميع انحاء الولايات المتحدة ويلاحظ ميللر ان كل واحد منهم توقف في لاس فيجاس لمدة يوم أو يومين ولاتعرف المخابرات الأمريكية اسباب هذا التوقف حتي الآن.
بعد وصول الخاطفين المعاونين مباشرة. انقسموا أو تفرقوا بين فلوريدا ونيويورك قبل ان يتحركوا إلي ثلاث مناطق انطلاق. الاثنان اللذان وصلا إلي فيرجينيا والاثنان اللذان وصلا نيويورك انضموا إلي نواف الحزمي وحنجور في بيرتسون بنيوجيرسي والأربعة الذين وصلوا إلي اورلاندو والخمسة الذين وصلوا إلي ميامي انضموا لعطا والشهي وجراح في فورت لودرديل بمنطقة فلوريدا.
بدأ الخاطفون ال 19 حجز رحلات 11 سبتمبر في 26 أغسطس ولم يتمكن المحضار وماجد المكد اللذان اختطفا طائرة البنتاجون من شراء التذاكر يوم 24 أغسطس بسبب عدم إمكانية التحقق من عنوانهما وقاما بشرائها يوم 5 سبتمبر في مكتب أمريكان إيرلاينز في مطار بلتيمور واشنطن الدولي. وقام الخاطفون في منطقة فورت لودر ديل بحجز الرحلات إلي أماكن في بوسطن ونيويورك ونيوجيرسي وواشنطن دي سي حيث كانت تتجمع الفرق لكل رحلة 11 سبتمبر.
في الساعة السابعة و59 دقيقة تقريبا صباح يوم 11 سبتمبر.. كان يتم تجهيز طائرة أمريكان إيرلاينز المتجهة إلي لوس انجلوس استعداداً للإقلاع من مطار لوجان الدولي في بوسطن وكان علي متنها 81 راكباً بالإضافة إلي أفراد الطاقم. في هذه الطائرة. جلس اثنان من الخاطفين في المقعدين الأماميين من الدرجة الأولي. وهو مكان من السهل الوصول منه إلي كابينة الطائرة. وطبقاً لميللر. فإن الخاطفين استخدموا قواطع صناديق كانت متاحة بصفة عامة في الاستيلاء علي الطائرة وتحويل مسارها في نحو الساعة الثامنة و13 دقيقة صباحاً وفي الثامنة و45 دقيقة تحطمت الطائرة في البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي والذي انهار في العاشرة و25 دقيقة.
ويعتقد أن عطا كان هو قائد هذه الطائرة لأنه المختطف الوحيد الذي كان يعرف عنه أنه تلقي تدريبا علي الطيران.
الطائرة الثانية
وفي نحو الساعة 7.58 دقيقة صباحاً غادرت طائرة يونايتد إيرلاينز في الرحلة رقم 175 المتجهة أيضا إلي لوس أنجلوس مطار لوجان وعلي متنها 65 راكبا وأعضاء الطاقم وفي التاسعة وخمس دقائق صباحاً تحطمت الطائرة في البرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي والذي انهار في التاسعة و55 دقيقة ويعتقد أن مروان الشهي هو الطيار.
والثالثة
وفي نحو الساعة 8.20 صباحاً غادرت طائرة أمريكان إيرلاينز في رحلتها رقم 77 مطار دالاس الدولي متجهة إلي لوس أنجلوس وعلي متنها 58 راكباً و6 أفراد طاقم وكان آخر اتصال لاسلكي بالطائرة في الساعة 8.50 صباحاً وبعد ذلك بدقائق قليلة انعطفت الطائرة انعطافاً غير مسموح به وفي الساعة 9.39 صباحاً تحطمت الطائرة في الجانب الجنوبي الغربي للبنتاجون وقتلت 127 موظفاً مدنياً وعسكرياً بالإضافة إلي ركاب الطائرة والطاقم.
والرابعة
وفي نحو الساعة 8.42 صباحا غادرت طائرة يونايتد إيرلاينز أيضا مطار نيويورك الدولي متجهة إلي سان فرانسيسكو وعلي متنها 37 راكبا و7 أفراد طاقم وكان زياد جاره هو الوحيد من الخاطفين الأربعة الذي يحمل رخصة طيران..وبلغ عدد قتلي برجي مركز التجارة العالمي 2743 قتيلا..تشير تقديرات مكتب التحقيقات الفيدرالي إلي أن هجمات 11 سبتمبر تكلفت ما بين 175 ألفاً إلي 250 ألف دولار.. وطبقاً لشهادة ميللر. فإن جهاز أو آلية التمويل وراء هذه المؤامرة تتركز علي ما يبدو حول مروان الشهي وأفراد يقدمون دعما مالياً عبر شبكة التحويلات المصرفية والبرقية لدول الإمارات العربية المتحدة.
في هامبورج. كان الشهي يتلقي تحويلات مهمة من دولة الإمارات عن طريق البرق من محمد يوسف محمد القصيدي الذي يعتقد مكتب التحقيقات أنه شقيق الشهي.. وكان الشهي يقوم بتحويل الأموال إلي عطا..في يوليو .2000 فتح الشهي وعطا حساباً مشتركاًî في بنك صن ترست بمدينة فينس في فلوريدا وتلقيا من خلاله تمويلا للمؤامرة يقدر بنحو 110 آلاف دولار من علي عبدالعزيز بالإمارات وعلي يستخدم أسماء بديلة. في يونيه .2000 تلقي الشهي أيضا 5 آلاف دولار بالبرق من عصام منصور وفي أبريل أبرق علي حوالة قيمتها 5 آلاف دولار للحزمي في سان دييجو وبعض الخاطفين الآخرين كان من بينهم حنجور والمحضار كانوا يستخدمون بطاقات ائتمان مسحوبة علي بنوك سعودية وإماراتية..أما التحويلات لابن الشيبة فكانت تأتي من هاشم عبدالرحمن ويعتقد ميللر أن هاشم هذا هو خالد شيخ محمد "المخ"..وتشير الوثائق إلي أن بعض هذه الأموال أعيدت إلي مصادرها في الإمارات قبل 11 سبتمبر لأن الخاطفين لم يكونوا يريدون أن يموتوا لصوصاً
Copyright eltahrir.net 2003 ©
Designed by :