بكاء افتراضي صامت..! جديد عالم افتراضي

    • بكاء افتراضي صامت..! جديد عالم افتراضي



      كنا منذ فترة قصيرة نبكي على سفن تركيا و على أهل غزة، أتذكرون ذلك؟ كنا في سباق محموم ننشر الروابط و نغير الصور الشخصية و نفتح الصفحات الجديدة و ننشط الصفحات القديمة عن أزمة غزة، جاء كأس العالم و قد أنهينا البكاء على كل حال لأن القصة بردت تمامًا كما تبرد كل القصص من نفس النوع..
      عادت صور البروفايلات مرة أخرى إلى سابق عهدها و نامت قصة غزة لكن، هل تحررت غزة؟ هل تغير أي شيء في غزة إلى الأفضل نتيجة لذلك؟ بالطبع لا..

      نحن في مشكلة كبيرة إن اعتقدنا أننا سنساهم في تحرير فلسطين بتغيير صورة بروفايل على الفايس بوك و المسنجر جالسين أمام شاشة حاسوب نمسك بشطيرة..
      كذلك إن كنت تعتقد أنك ستغير آراء المجتمع الغربي مغسول الدماغ عن أزماتنا المختلفة برابط تنشره أو بتدوينة تكتبها بالإنجليزية فأنت مخطىء..


      نعم، قد نفعل ذلك بدافع تأنيب الضمير و الإحساس بالواجب لكنه على أي حال لن يغير من هؤلاء الناس شيئًا ليكونوا منقذينا القادمين، وفر تعبك فلن تفعل لك هيومان رايتس واتش أو منظمات حقوق الإنسان شيئًا لأنها لم تفعل أي شيء لدول أخرى تمر بنفس الوضع..
      (فلتنقذ نفسك بنفسك!)





      قابلت شخصيًا أشخاص غربيين لم يسمعوا عن مكان اسمه غزة من قبل ولا يعرفون موقعه على الخريطة، أقرأ يوميًا ردودًا جاهلة لا يكتبها إلا معتوه على نشرات الأخبار الإلكترونية في مواقع أخبارهم.
      المشكلة أن هذه ليست حالات جهل خاصة ،هناك الملايين من هذه التعليقات العدائية أقلها استفزازًا تعليق يكتبه شخص يبرر أفعال إسرائيل بأنها دفاع عن النفس و أن تلك السفن تساعد الإرهابيين في فلسطين فما حدث و مازال يحدث مبررًا.

      هذه هي نوعية المعلومات التي يعرفونها عنا و ترضعها لهم حكوماتهم منذ الصغر في الإعلام المرئي و المقروء بصورة يومية و لن تأتي أنت لتغيرها لأنك محط شك.

      "عربي، مسلم، شرق أوسطي، معادي للسامية" كلها تٌهم تناسبني و تناسبك جدًا و جاهزة للتوجيه وقتما تفوهت بكلمة دفاع واحدة.

      أنت لن تغير بسهولة سلبية من هم في محيطك الذين يتكلمون بلسانك و يعيشون أزماتك يومًا بيوم فمابالك بهؤلاء الذين لا تشاركهم في أي إرث حضاري؟

      أما بالنسبة للقلة القليلة المثقفة في الغرب ( و أقصد هنا أنها مثقفة عنا و تعرف حقيقة الوضع في الشرق الأوسط و الدول الإسلامية)، تلك القلة التي ترغب فعلا في معرفة حقيقة ثقافتك و وضعك المآساوي بين العالم فهي تفعل ذلك من باب الاستمتاع لا أكثر حبًا في المعرفة، و لكنها لن تأتي أبدًا لتحرر أراضيك من قيود الظلم و الجهل إن لم تفعل أنت شيئًا بنفسك على ارض الواقع..

      (فلتنقذ نفسك بنفسك!)

      *******************



      ننتحب الآن على قصة جديدة لشاب مصري تم سحله في الإسكندرية على أيدي مخبري النظام والتي جعلت كل القصص المنسية الأخرى تستيقظ من سباتها العميق.

      تباينت دوافع ردود أفعال الناس حتى ولو تشابهت ردود الأفعال، البعض وجدها فرصة للإحساس بالظلم والتعاطف مع أحدهم، المعارضة وجدتها فرصة جديدة لكي تثبت لنا كم أن هؤلاء سيئيين و أننا من يريد مصلحتكم، الكتاب و أشباه الكتاب و راغبو الشهرة وجدوا مادة مسلية للكتابة لن يمل منها القراء لفترة.

      على الناحية الآخرى_ و كالعادة_ تتمادى الحكومة في مخاطبة الناس في نشرات الأخبار و الجرائد بأسلوب ساذج لا يليق اتباعه حتى مع مجموعة من الخراف التي لا تعقل أي شيء. و رغم وصفه بأقذع النعوت في النشرات الحكومية تحول خالد المسكين رغمًا عنه إلى بطل شعبي لأن كفة المتعاطفين تميل كثيرًا أكثر فقد كان من الصعب أن تتخذ منحنى آخر و الضحية شاب بريء قد يكون أنا و أنت.

      بضعة أشهر على أقصى تقدير و سيصبح الأمر في طي النسيان و تظهر مناحة جديدة ننشيء من أجلها المجموعات على الفايس بوك و ننشر لها اللينكات و نغير صورنا الشخصية،سنفعل ذلك لأن حياتنا ببساطة هي سلسلة لا تنتهي من حفلات البكاء الجماعي الصامت و التعبير العاجزعن اللاجديد لأننا اعتدنا المبادرة بردود الأفعال دون أن يكون لنا أي فعل من أي نوع.

      طبقًا للإحصاءات لا يزيد عدد مستخدمي الانترنت في مصر عن بضعة ملايين من أصل خمسة و ثمانين مليون تقريبًا أغلبهم من الأطفال و المراهقين لأن شعبية الإنترنت بين كبار السن في مجتمعاتنا ضعيفة على عكس الوضع في مجتمعات أخرى يدخل فيها الجد و الجدة ليناقشوا شباب تحت العشرين.

      بضعة ملايين من صغار السن، الرقم متوقع جدًا في بلد لا يصل لأكثر من نصف سكانه إمداد كهربائي و يعيشون بلا صرف صحي في بيوتهم..

      إذًا عدد مستخدمي الإنترنت في مصر - في الغالب بغرض تحميل الألعاب و الأفلام أو الدردشة و استخدام المواقع الإجتماعية- يوازي عدد مستخدميه في ولاية أمريكية واحدة حيث يشترى الناس السلع و يفتحون حسابات البنوك و يرسلون فروضهم المدرسية أو يتعلمون عن بعد عن طريق الإنترنت.

      ما وددت إيصاله هنا هو أن الإنترنت حتى الآن للأسف الشديد يعد ضيفًا جديدًا و اختراعًا وليدًا في مصر و العالم العربي، لا يستخدم على الوجه الأمثل ولا يحظى بنفس الشعبية أو المصداقية التي يحظى بها في دول أخرى و بالتالي ينعكس هذا سلبًا على قوة تأثيره في المجتمع.

      لذا لا تتوقع الكثير على أرض الواقع تأثرًا بالإنترنت من مجتمعات مازالت تصر على تسميات عقيمة كـ "شباب الفايس بوك" و "فتيات المنتديات" و كأن هؤلاء كائنات فضائية خارجة عن المألوف، بينما هناك مجتمعات أخرى يخاطب فيها السياسييون شعوبهم و يقودون حملات إنتخابية كاملة عبر الإنترنت يتفاعل معها الملايين وليس بضعة مئات في وقفة إحتجاجية صامتة.

      أخشى كثيرًا أننا نتحول تدريجيًا إلى مجرد حسابات افتراضية على الشبكة تنام قريرة العين بعد تغيير رسالتها الشخصية على الفايس بوك دون أن يكون لنا أي تأثير من أي نوع على أرض الواقع..

      بالطبع لا أقلل من دور الإنترنت ولا أستطيع أن أقول ذلك، إسرائيل و غيرها توظف أشخاصًا لنشر دعايتها إنترنتيًا لأنها تعرف من تخاطب و تعرف قدر عدوها جيدًا و تعرف مردود ما تفعل على الواقع، إلا أن المصيبة الكبرى هي تحول الإنترنت شيئًا فشيئًا إلى قناة بديلة تفرغ فيها مشاعر الكبت و الظلم و الاستبداد بدلا من أن يكون هناك أي حلول واقعية..

      لذا وجب التنبيه على هذه النقطة..
      اللهم قد بلغت اللهم فاشهد..



      "أعيرونا مدافعكم ليوم لا مدامعكم، أعيرونا رصاصًا يخرق الأجساد لا نحتاج لا أرزًا ولا قمحًا، أعيرونا و خلوا الشجب و استحيوا سئمنا الشجب و الردح"

      " ملايين من الأصفار يغرق و سطها البحر، و حاصل جمعها صفر"







      المصدر : عالم افتراضي


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions