
الشهيد زكريا الكيلاني اوائل شهداء انتفاضة الاقصى المبارك
الخليل / صابرون - 2003-08-21
كان شابا يافعا كثير الحركة لدى دخوله جامعة النجاح الوطنية ملتحقا بقسم اللغة العربية فيها عام 1997 بعد أن أنهى دراسته الثانوية في مسقط رأسه سيريس قضاء جنين ، دائم الابتسامة ، محبوبا من قبل إخوانه الذين ما مل يوما عن خدمتهم .. إلى أن قضى شهيدا برصاص الغدر الصهيوني في اليوم الثاني لانطلاقة انتفاضة الأقصى المباركة …
ولد الشهيد زكريا عرسان زيد الكيلاني في عام 1979 ليكون اصغر إخوانه زيد وزياد ، وقرة عين أبيه الحاج عرسان الذي يعاني من أمراض حادة بعد إصابته بالجلطة قبل عدة أعوام ، ولتتشكل حكاية أخرى رسم ملامحها زيد انتقاما لأخيه زكريا الذي كان متعلقا به أيما تعلق …
لم تمض أيام على دخول زكريا حرم جامعة النجاح حتى تلقفته أيد الكتلة الإسلامية فيها ، فانخرط في صفوفها ملازما كادرا من كوادر الكتلة في الجامعة الشهيد قيس عدوان أبو جبل ، سكن زكريا مع قيس في غرفة واحدة طيلة سني دراسته فهما ينحدران من ذات البلدة سيريس ....وفي لجة العمل الإسلامي داخل الجامعة تم فرز هذا الداخل الجديد ليعمل في لجنة الكتلة الإسلامية في كليته ' الآداب ' وكان يرأسه فيها هذه المرة الشهيد الصحفي محمد عبد الكريم البيشاوي والذي استشهد برفقة الشيخ جمال منصور في غارة على مكتب للحركة في آب 2001 ، عامان عمل فيها زكريا تحت إمرة هذا الرجل القرآني ، أما العام الثالث من دراسته فقد عمل فيه تحت إمرة الاستشهادي هاشم النجار من كليته الآداب ، والذي نفذ أول عملية استشهادية في انتفاضة الأقصى في الضفة الغربية في مستوطنة ميحولا في كانون أول 2000.....ولكن زكريا كان أولهم في السبق إلى الشهادة .... ذكريات جميلة يحملها الجميع عن شهيدنا سيما في أيام انتخابات النوادي ومجلس الطلبة ، أو خلال المسيرات و الاعتصامات ، أو أثناء التحضير للمعارض والمهرجانات ..وكانت انتفاضة الأقصى .....
بدأت انتفاضة الأقصى يوم الجمعة الذي أعقب زيارة شارون للحرم القدسي بمذبحة ارتكبت داخل الحرم .. وكان واضحا حينها أن يوم السبت سيكون يوما حافلا بالتصعيد والتطورات ردا على ما قام به الجيش الصهيوني من إجرام ، ولما كانت الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح العنوان الأبرز للمقاومة السلمية منها والعسكرية ... كان لزاما على جميع أبناء الكتلة أن يتوجهوا إلى حرم الجامعة في وقت مبكر من صبيحة يوم السبت علما أن الدوام حينها كان معطلا بسبب الأحداث ....ترك زكريا البيت وتوجه إلى حيث الحاضنة المربية في نابلس ...ولم يكن يعلم انه في لقاء مع الشهادة ...خرجت الكتلة الإسلامية في الجامعة في مسيرة مهيبة من اجل تصعيد الموقف وحث المواطنين على المشاركة في صد الضيم نتيجة ما حدث داخل الحرم .. والتقت المسيرة مع مسيرة أخرى عند دوار الساعة في مدينة نابلس حيث التحمت الجماهير في سيمفونية الدم باتجاه ما يسمى بقبر يوسف على مقربة من شارع القدس حيث الالتحام المباشر مع العدو .. وحيث سطر شبان المقاومة ملحمة رائعة في العطاء .. وبدا الاشتباك مع العدو الذي قابل الحجارة بنيران الدبابات ومدافع الرشاشات الثقيلة .. وتنقل زكريا بين اكثر من موقع .. تارة يرشق الجنود بالحجارة والزجاجات الحارقة .. وتارة ينقل الجرحى المترامين في كل مكان إلى سيارات الإسعاف من مسافة صفر حيث لا حجاب مع العدو ... إلى أن عالجته رصاصة الغدر في صدره ليستشهد على الفور مضرجا بدماء العزة ليكون زكريا من أوائل شهداء انتفاضة الأقصى……………..
ووري زكريا الثرى في مسقط رأسه ، ولكن ذكراه بقيت معلقة في قلوب الجميع .. سيما رفاقه في الكتلة الإسلامية ، ولعلها تركت أثرا بالغا في مسيرة شخصين بعد ذلك، هما القائد قيس عدوان ، وشقيقه زيد ، قرر زيد أن يثأر لاستشهاد أخيه زكريا ، وكان حينها يعمل داخل فلسطين المحتلة عام 1948 في منطقة تل أبيب ، فخلال عمله شاهدا ضابطا صهيونيا برتبة عقيد يسير في أحد الأزقة وحده ، فمل كان من زيد إلى أن عالجه بطعنات موجعة من سكين كان قد حضرها لهذه الغرض ولما تيقن انه قد أجهز عليه تركه مضرجا بدمائه …عائدا إلى بلدته وقد اخذ بقسط من ثأره … وناما ليلة هانئة لم ينم مثلها منذ استشهاد أخيه …في اليوم التالي توجه زيد إلى قيس عدوان في جامعة النجاح .. كان قيس حينها رئيسا لمجلس طلبة جامعة النجاح واخبره بما صنع وطلب من قيس أن يزكيه لدى كتائب القسام من اجل العمل في صفوفها ليكمل عمل ما بدأ به وهو يعلم العلاقة الوثيقة التي كانت تربط أخاه زكريا بالشهيد قيس عدوان ..فما كان من قيس الذي أثنى على صنيعه إلا أن عرفه على الشهيد القائد مهند الطاهر والذي لقب بعد استشهاده ' بالمهندس الرابع – بطل عمليات الثار ' ….
ارتأى مهند أن يعمل زيد في مجال نقل المتفجرات وزرعها في مناطق محددة داخل فلسطين المحتلة عام 1948 .. وعليه بدا يحضر له الحقائب المفخخة ليزرعها اكثر من مرة في مطاعم في تل أبيب .. إلى أن كانت مرة قام بها زيد بتفجير الح على أحد الحواجز في شارع وادي عارة مما أدى إلى مقتل صهيوني وجرح ثمانية آخرين . واعتقال زيد الذي قضي حكما بالمؤبد في سجن عسقلان .. أما قيس فكانت له وصلات وجولات يعلمها الجميع إلى أن وافته الشهادة في اجتياح نيسان الكبير العام الماضي ….
رحل زكريا وغيره العشرات من أبناء الكتلة الإسلامية في جامعة النجاح …ولكن روائع البطولة تبقى عالقة في أذهان الجميع .. وسير العظماء لا يمكن أن تنسى …

الشهيد احمد توفيق عبد العزيز: دينامو متحرك وكتله نشاط في العمل الوطني
رفح / صابرون - 2003-08-21
في ذكرى استشهاده يصفه أصدقاؤه بالدينامو المتحرك وكتلة من النشاط في العمل, فهو لم يكل ولا يعرف التراجع او الملل, تجده في كل مكان.. يحمل صفات الثائر, يجيد الإدارة والتخطيط والتوجيه ويحب إخوانه ويعشق تراب وطنه, عمل بصمت في كل الميادين..أحبه كل من عرفه, وكان خفيف الظل بهي ألطله حسن الوجه, انه الشهيد احمد توفيق عبد العزيز الذي روى بدمائه الذكية ارض الوطن.
ميلاد من نور
ولد الشهيد البطل احمد توفيق عبد العزيز بتاريخ 12/3/1983م في حي السلام شرق محافظة رفح لأسرة لاجئة مجاهدة تعود جذورها الى (يافا) في فلسطين المحتلة عام 1948م وعاشت أسرته أللجو والتشريد لحظة بلحظة واستقر بها الحال في مخيمات قطاع غزة وتحديدا مخيم رفح للاجئين.
محطات جهاديه في حياته
يقول أخوه (محمد 30عاما) كان احمد رغم صغر سنه احد كوادر الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين واتحاد الشباب الديموقراطي (اشد) حيث التحق بصفوفه عام 1998م وتولى مسئولية المحلية الحزبية لاتحاد الشباب في حي السلام وعضوية لجنة المنطقة الشرقية برفح وتطلع احمد الى المقاومة فالتحق بكتائب المقاومة الوطنية الفلسطينية الجناح العسكري للجبهة الديموقراطية مع هبه انتفاضة الأقصى الباسلة في بدايتها.
أعماله العسكرية
واضاف :" شارك أخي الشهيد احمد إخوانه ورفاقه في المقاومة في عدة عمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال الصهيوني في صوفا والشريط الحدودي وكان من أبطال التصدي لتوغل قوات الاحتلال في حي البرازيل وحي السلام".
وتقول والدته:" كان احمد حنونا جدا بي وبوالده وإخوانه, لقد ترك في المنزل فراغا كبيرا وهو يعيش في قلبي ونحن دائما ندعوا له ونؤمن ان قدر الله نافذ وان موعده الجنة باذن الله".
موعد مع الشهادة
خرج احمد من منزله الكائن في حي السلام ممتشقا سلاحه حال سماعه نبا اقتحام الدبابات الصهيونية للمخيم وتقدم مع رفاقه لصد العدوان بتاريخ 2/8/2002م وقاتل مقاتلة الأبطال وحمل روحه على كفه وتقدم بها نحو المجد والخلود وكان مثالا للتضحية والفداء الإباء حتى استقبل بصدره رصاصتين وخرجت روحه الى بارئها والتحق بركب الشهداء, رحم الله شهيدنا احمد عاش بطلا ومات شهيدا فنسال الله له الجنة.

الشهيد القسامي يعقوب مطاوع من الخليل بعد مرور 10 سنوات على استشهاده ..الذكرى العطرة والجرح الذي لم يلتئم
الخليل/ صابرون - 2003-08-17
عمرو الجموح عاد إلى ارض الخليل. يدك حصون أبناء يهود .عاد هذه المرة وقد أمطرت علينا الذكريات روحا ندية مجاهدة لا زالت ترفرف على مآذن الخليل وجبالها وتلالها .عمر بن الجموح الذي اقسم ان يطأ الجنة بعرجته عاد إلينا في ثوب الشهيد القسامي يعقوب مطاوع الذي قال لأبيه : لن يثنيني احد عن أمنيتي.
بطاقة شخصية
ولد الشهيد يعقوب يوسف حسين مطاوع في حي واد الهرية في مدينة الخليل بتاريخ 19/5/1973 والتحق بمدرسة النهضة ودرس حتى الصف التاسع في مدرسة النهضة ثم مدرسة طارق بن زياد حتى حصل على شهادة الثانوية العامة ، وبعدها التحق بجامعة القدس المفتوحة كلية الشريعة إلاسلامية . وتقول والدته انه كان متدينا ملتزما بتعاليم دينه وكان أحب المساجد إلى قلبه مسجد عثمان بن عفان ومسجد الكوثر في حي الرامة شمال الخليل وتقول والدته (ام صدقي) ان الشهيد ولد بتشوه خلقي في قدمه وقد تمت معالجته ولكن ظل يشكو من عرج بسيط في قدمه حتى استشهد .
وعن تعامله وأخلاقه تقول ام صدقي انه كان خلقه القران وحديثه ينصب أولا وأخيرا عن الإسلام . وكان يعتكف باستمرار العشرة الأواخر من رمضان منذ ان أصبح عمره (13) عام وكان كثيرا ما ينصح أهله وذويه بالالتزام بتعاليم الإسلام وكان يقول لهم إنني لا أخاف على التلفاز من الاحتراق لكثرة الاستعمال كما لا أخشى على الكهرباء التي تصرفونها ولكني أخشى عليكم ان تحرقكم النار .
حياة المجاهدين
وتقول ام صدقي ان يعقوب اعتاد منذ صغره على إلقاء الحجارة على الجيش الصهيوني والمستوطنين وفي إحدى المرات كان عمره (13) عاما ذهب لإحضار المياه بعد ان انقطعت عن الحي وقام بإلقاء الحجارة على سيارات الجيش وقام الجيش باعتقاله وأحيل للتحقيق لمدة 18 يوما وتصف تلك القصة قائلة ان يعقوب عاد من التحقيق دون ان يأخذ أعداء الله منه كلمة واحدة علما بأنه عندما كشف عن ظهره كانت خيوط حمراء وزرقاء تملأ ظهره وصدره لشدة التعذيب ويضيف عندما شاهدها يعقوب بعد إطلاق سراحه ألقى بنفسه على صدرها وعانقها طويلا وكان يبدو عليه الإعياء الشديد وقد قال لها حينها (يا الله يا أمي ما أصعب تحقيق اليهود) والله لن أنسى هذا الأمر . وتقول أمه انه كان يستخدم أسلوب التمويه معنا فكان أحيانا يخرج للكتابة على الجدران وكان يعود للمنزل واثر الدهان على ملابسه وعندما كنا نسأله كان يقول بأنه كان يساعد صديقه في نقل الدهان وانسكب عليه .
وكان أحيانا يقوم بوضع الرايات والأعلام في مكان قريب من المنزل وكنا نشاهده ونطلب منه إبعادها ولكنه كان يقول بأنه لم يضعها . وتقول والدته : ان شقيقه الأكبر صدقي أصيب في قدمه بعد ان اقتحم جنود الاحتلال حي واد الهرية وقاموا باعتقاله بعد الإصابة وتقول الوالدة أنني كنت في عرس لأحد أقربائنا ولما خرجت شاهدت يعقوب وهو يضع على وجهه اللثام وقد عرفته من عرجته وناديت عليه وأقسمت عليه ان يعود فقال والله لن افعل حتى (افش خلقي فيهم) لماذا اعتقلوا أخي . وتقول والدته أيضا : ان والده اعتقل وكان عمره وقتها 5 سنوات .
عزيمة القسام
وتقول والدته ان والده حاول منعه عدة مرات من الخروج ليلا لأنه كان يشك في انه كان يخرج من اجل فعاليات حماس ولكن كثيرا ما كان يعقوب يتحايل على والده ويخرج وفي إحدى المرات دار نقاش طويل بينه وبين والده وقال لوالده وقتها أنا لن يثني احد عن غايتي وأنصحك يا والدي ان تدعو الله لي كي أنال ما اتمنى. وتقول: ان والده دفعه في إحدى المرات كي يصده عن الخروج فوقع على الكنبة وانكسرت من النصف ورغم ذلك خرج لتعليق الأعلام والكتابة على الجدران . وتقول :ان الشهيد سقط عن سطح المنزل وكان عمره 5 سنوات ومكث 10 أيام في المستشفى وظل فاقدا للوعي واعتقدنا بأنه سيموت ولكن الله انجاه .
وتتندر والدته بالكثير من المواقف التي كان يعملها يعقوب للتحايل على العائلة وتقول ان والده قام بتغيير سكرة الباب وأعطاني نسخة من المفتاح الجديد وقام يعقوب بمصادرة المفتاح دون علمي وقام بنسخ مفتاح جديد عليها وعندما جاء الليل قام بوضع وسادة على فراشه وأخفاها تحت الحرام ثم فتح الباب وخرج من المنزل وقام بفعاليات حماس ثم عاد أدراجه وقد اكتشف والده الأمر وظل ساهرا حتى عاد يعقوب ولما سأله ما هذه الفعلة رد عليه ها انا قد عدت ،وقالت بان الشهيد كان يشارك في إلقاء الحجارة على اليهود الصهاينة وفي إحدى المرات كان يلبس بدلة رياضية وقد جاء إلى المنزل وقد تشققت من الرصاص وقد اخبرني بذلك وقال لي لو قدر لي الموت لاستشهدت من هذه الرصاصات ولكن لي عيش باقي .
تلميذ للعماد
وكان الشهيد يعقوب مطاوع وهو رفيق الشهيد حاتم المحتسب اللذين استشهدا في نفس الحادثة من أوائل من انضموا إلى تنظيم كتائب القسام والذين نظموا على يد الشهيد عماد عقل الذي جاء من قطاع غزة إلى الخليل ليبعث روح الجهاد والمقاومة .
وتقول ام صدقي أنهم كانوا يسكنون في منزلهم بالقرب من دائرة السير و عندما أرادوا الانتقال إلى بيتهم الجديد في حي الرامة قال لها يعقوب أنا لا ارغب بالمبيت في المنزل الجديد وسأبقى في المنزل القديم وطلب من والدته ان تضع له طعاما لأنه يريد المبيت هناك وتقول الوالدة انها كانت قد أعدت محشي الباذنجان وتقول ان يعقوب كان يستضيف تلك الليلة الشهيد عماد عقل دون ان نعلم وقد علمنا بالقصة بعد استشهاده.
وتضيف ام صدقي في إحدى المرات ذهب لإحراق سيارة مستوطن وقد قام بإحراقها هو وشخص آخر وكان الفصل شتاءا والأرض مكسوة بالثلج وقد ذهبوا إلى مكان قريب للاختباء فيه وقد استدل الجنود على مكانهم بعد ان تبعوا خطواتهم على الثلج وكان ذلك قبل مطاردته بمدة قصيرة وقد اعتقله الجيش الصهيوني ووضعه تحت التحقيق لمدة 10 أيام ولم يحصلوا منه على شيء وتم إطلاق سراحه
زهده في الدنيا
وتضيف والدة الشهيد: ان والده حاول ان يثنيه عن طريقه لكنه كان يواجه هذه المحاولات بإصرار غريب ومن هذه المحاولات قام الوالد بالذهاب إلى أخيه وطلب منه يد ابنته إلى يعقوب دون علم منه ولما علم يعقوب جن جنونه وقال حينها لوالده كيف تريدني تم أتزوج وأنا لا ارغب بذلك فقال الوالد وكيف تريدني ان اسحب كلامي أمام الناس فقال له يعقوب أنت حر وأنا لا أريد الزواج . وفي اليوم التالي ذهب يعقوب إلى عمه وقال له أنت وابنتك على راسي وعيني ولكن أنا لا أريد الزواج وأنهى الموضوع بنفسه وكان كثيرا ما يرد أمام أمه دعينا من الحور الطين وحدثيني عن الحور العين.
المطاردة
وتقول الوالدة بعد ان اكتشف أمره أصبح مطاردا لقوات الاحتلال وخاصة بعد ان اعتقل عدد من أفراد الخلية واعترف بعضهم على الشهيد وقد كان الجيش يأتي على فترات متقاربة على المنزل ويقوم بأعمال تفتيش وتحطيم أثاث المنزل وكانوا يضعون كميرات تصوير بالقرب من منزلنا في منطقة دائرة السير وكثيرا ما كانوا يقتحمون المنزل بعد لحظات من دخول بعض الأقارب إلينا لاعتقادهم انه معهم . وتقول الوالدة ان الجنود أغبياء للغاية فقد كنت أضع صورة ليعقوب على منضدة فقام الضابط المسئول ووجه سؤاله لي قائلا ألا يوجد صور ليعقوب مثل هذه الصورة وتضيف الوالدة ان الضباط يأتون لاعتقال أبنائنا دون ان يعرفونهم أو يحددوا ملامحهم إنهم يعتمدون على معلومات مبتورة من العملاء . وتحدثنا والدة الشهيد عن مواقف كثيرة ومثيرة حدثت مع الشهيد أثناء المطاردة ومنها ان قوة صهيونية حاصرت مطعم للعائلة في حي رأس الجورة لاعتقال يعقوب وقد أطبقت الحصار على المطعم وكان الشهيد بداخله وقد قام يعقوب بالتسلل من المكان بأعجوبة ولا يعرفون كيف حدث ذلك وعادت القوة خائبة .
وتضيف الأم ان الشهيد مكث فترة معينة وهو يعمل مع حاتم المحتسب في منشار للحجر في مدينة نابلس وكانوا يتخطون الحواجز بصفتهم عمال فلسطينيين وفي إحدى المرات داهمت قوات الإرهاب الصهيوني منشار الحجر وكان الشهيد يعقوب يلبس جاكيتا شتويا فقام الضابط الصهيوني بإمساكه من كتفه وقال له هل أنت صاحب المصنع وقد اعتقد يعقوب انه تم اكتشافه لكنه أجاب الضابط لا لست انا فذهب عنه الضابط وتسلل الشهيدان المحتسب ومطاوع من المكان وغيرا المكان في اليوم التالي .
وتحدثت الأم عن قصة أخرى رويت لها من قبل التجار في البلدة القديمة الذين أكدوا لها ان يعقوب نجا من محاولة اعتقال أخرى في البلدة القديمة حيث كان يتجول فيها وهو يحمل سلاحه وعندما باغتته قوة صهيونية قام بوضع السلاح في عربة محملة بالكوسا . وبعد ذهاب الدورية قام بأخذ السلاح وفاجأ الجمع وكان أيضا يقوم بنشاطاته في البلدة القديمة وهو يبيع كرابيج الحلب حيث كان يلقي الزجاجات الحارقة ويختفي دون ان يشعر احد .
وتقول الوالدة انه ظل مطاردا لمدة ستة اشهر وقبل استشهاده بثلاثة أيام أصيب الشهيد بحالة صحية طارئة حيث كان يعاني من حالة جفاف والتهاب حاد وقد تم نقله إلى مستشفى داخل مدينة الخليل وقد أمره الأطباء بالنوم في المستشفى لكنه رفض وتم نقله إلى احد الأماكن وتقول الوالدة انه أرسل الي لأشاهده وتمكنت تلك الليلة من النوم معه في نفس المنزل وقد أمضيت تلك الليلة على أعصابي وأنا اذرع المكان ذهابا وإيابا أما يعقوب فقد نام نوما هادئا وكان يلبس بنطالا وقميصا أسودين والله لقد شاهدت كأن النور يشع من جبينه واعتقدت ان نجمة مضيئة تسطع بين عينيه واذكر أنني طلبت منه تلك الليلة ان يعمل جواز سفر للهرب إلى الخارج ولكنه رد علي بحزم شديد أنا لن اخرج من الخليل لان روحي معلقة فيها ولن افعل ذلك ما دمت حيا وعندما خرجت من المكان ودعني وأعطاني مسبحة حمراء اللون وقال لي احتفظي بها وربما لن نشاهد بعضنا مرة أخرى .
قصة الاستشهاد
وتقول والدة الشهيد ان قوات الاحتلال كانت تراقب تحركات الشهيد شيئا فشيئا وقد كان حينها يختبىء في منطقة عيصى جنوب الخليل وكانوا يختبئون في مغارة لا يستطيع احد الوصول إليها إلا إذا كان متمرسا كما ان المنطقة لم تكن معروفة لدى الجميع وتضيف ان الشهيد حاتم المحتسب كان معه في لك الحين وفي تاريخ 19/5/1993 حدثت مواجهات دامية بين الشهيدين وقوات الاحتلال وقد أصيب الشهيد حاتم المحتسب برصاصة في الرأس فيما أصيب يعقوب بعدة رصاصات في مختلف أنحاء الجسم وقد أكد احد الرعاة والذي تواجد في المنطقة لحظة العملية ان قوات الاحتلال استخدمت الطائرات المروحية والمئات من الجنود لتنفيذ العملية وبعد استشهادهم قام الجنود بربطهم بالأسلاك الحديدية الغليظة وشدوهم إلى طائرة هيلوكبتر ووضعوهم في مبنى المقاطعة سيء الصيت والسمعة وهناك طلبوا منا التعرف على الجثث وتقول ام صدقي ان أبو صدقي تأثر نفسيا من المشهد وقد اخبر الجنود في حينها انه لم يتعرف على يعقوب وعاد إلى الأم وحينما ذهبت إلى المكان وشاهدت يعقوب وتعرفت عليه وتقول أنها أخذت تشتم حكومة شامير آنذاك وتشتم الجنود الصهاينة وهم ينظرون إليها حتى ان المعتقلين قاموا بالتسلق على نوافذ السجن واستمتعوا إلى كلامها الذي كان قويا مدويا . وفي نهاية حديثها تقول ام صدقي أنها لا زالت تحتفظ بالمسبحة التي أعطاها إياها يعقوب وفرشاة أسنانه وأوصت بأن تدفن بجانبه مهما كانت الظروف في مقبرة أبو اسنينة في البلدة القديمة في الخليل .
نكمل رحلتنا مع الشهداء إن شاء الله ..