جاءني صديق قبل أيام يشكو لي أعراض قصة حب جديدة ..

هو بطلها الأوحد والوحيد..

وهو المخرج والمؤلف والجمهور..

قصة حب من قطب واحد..

كأمنا أمريكا..

ولا أعلم حقيقة لماذا اختارني على وجه التحديد ليبث لي همه ..

على الرغم من أن صداقتنا ما زالت في الخداج..

فلم أجد تفسيراً سوى أنه كان بحاجة ماسة إلى من يتكلم معه..

فاختار الشخص المناسب بلا شك


***

أخبرته بقصة صديق آخر أعرفه جيداً كما أعرف نفسي

هذا الصديق كان له ما كان من ولع الحب من طرف واحد

إلى درجة أن بعض المقربين منه..

نصحوه بأن يحول قصته الدرامية إلى رواية..

لكنه حسب ما أعلم.. ما زال مغرماً بالسطر الأول منذ سنوات..

***

ومما زاد الطين بلة.. أن محبوبته كانت تدين بدين غير دينه

فاجتمعت مصائب الدنيا قاطبة..لتتجسد في قصة حب نهايتها كانت في البداية

***

أحبها بصدق ..أو فلنقل بجنون..

كجنون المقبور قيس..

لدرجة أن محبوبته كانت تعتقد أنه مثل أخيها..

أو في أحسن الأحوال كصديقها المقرب..

في مجتمع يرفض الصداقة بين الجنسين..

9 سنوات كاملة وهو يمثل دور الأخ والصديق..

وكان بشهادة التاريخ.. ممثلاً بارعاً لدرجة الإتقان..

***

ما الذي جعل صديقنا يوافق على أداء هذا الدور؟

سأل صديقي الذي في الخداج

***

أجبته وبكل ثقة..

إنه الحب من طرف واحد..

لقد صارحها منذ البداية..

أي بعد مرور سنتين من تعلقه الصامت بها..

أنه يحبها

فأخبرته أن إختلاف الدين لا يسمح بوجود علاقة من هذا النوع

فما البديل؟

أن نكون إخوة وأصدقاء..

كلا.. لن أقبل

كتلك التي أطلقها عادل إمام في إحدى مسرحياته

لن أقبل.. لن أقبل

وسافر صاحبنا إلى الخارج في محاولة يائسة منه..

كي ينسى أو يتناسى على الأقل..

لكنه عاد بعد فترة بعد أن تم زجه في مخفر قريب من الجامعة التي كان يدرس بها..

بسبب عصبيته المفرطة ..

عاد ليقبل بالأخوة والصداقة..

وكان شرط العودة.. أن يتم حذف كل عبارات الحب والغرام من بنود الإتفاقية الجديدة..

ووافق ملعون الحرسي.. وبصم بالعشرة..

لأنه في ذلك الوقت كان قد وصل إلى نقطة اللاعودة

فالحب قد تغلغل تغلغلاً شديداً..

حتى أصبحت عملية الفصل تحتاج إلى الدكتور الربيعة المتخصص في فصل التوائم..

وهيهات أن تنجح العملية..

***

ومما زاد الطين المبلول بلة.. أن محبوبته أحبت شخصاً آخر

فعلم بذلك بالصدفة.. فسألها

فأخبرته وبكل لهفة عن ذلك الشاب المميز..

فتظاهر بالسرور لسرورها..

بل كاد أن يطلق زغرودة مدوية.. لكنه للأسف لم يكن يتقن فن "التزغرد"..

وأخبرها أنه أيضاً بدأ يتعلق بفتاة رائعة..

فكانت ردة فعلها الفرح.. فقد تخلصت من عقدة الذنب أخيراً..

***

أيام وأشهر وسنوات كانت تمر على صاحبنا ..

وهو يعيش كوكتيلاً من الحب الممزوج بالجرح..

كلما كانت تكلمه عن حبيبها.. كان لا يملك سوى أن يذهب إلى درج الحب

كان يجلس تحت ذلك الدرج ويبكي مطولاً .. لن أقول كالنساء

حتى لا يغضب مني..

فهو يعشق أيضاً كل معاني الرجولة..

***

كان هذا الدرج شاهداً على المرحلة التي وصل إليها

على الرغم من أنه كان أمامها وأمام الآخرين .. صلباً قوياً

أشبه بفريد شوقي في زماناته..

***

على كل انتهت قصة صديقنا..

نهاية تقليدية بزواج محبوبته..

لولا أن القدر شاء بأن تضاف تهمة أخرى له غير تهمة الحب من طرف واحد

لا مجال لذكرها الآن..

***

أعود إليك يا صديقي الذي في الخداج..

فإن أردت أن تعيش قصة حب من طرف واحد

فتذكر درج الحب..

فهل تقبل على نفسك أن تصل إلى تلك المرحلة من الضعف؟..

وهل تقبل أن تعيش سنوات من العذاب لوحدك..

وكأنك تحاول أن تثبت نظرية جديدة..

حب مكون من شخص واحد.. لا شخصين..

***

يا صديقي..

مادمت في البداية..

فخذ مني نصيحتي هذه..

لا تقبل بحب من طرف واحد..

وإن شعرت بمد الحب يجتاح قلبك.. فبادر بإستكشاف قلب الحبيب

فإن وجدت لك مكاناً فيه.. فامضِ على بركة الله

أما إن كان المقعد عامراً بغيرك..

فكن رجلاً وادفن قلبك قبل أن تدفن في مقابر الرجال


***

همسة صديق: هي من أرقى أنواع البشر