عرس الذاكرة جديد نبض التراب

    • عرس الذاكرة جديد نبض التراب

      عرس قروي

      هو الإقلاع عكس الزمن الى حيث الحياة الضيعوية البسيطة التي تغمرها الألفة والمحبة والتعاون الى هناك حملتنا أم يوسف لحياة الضيعة وأعراسها"كانت الضيعة كلها تشارك في العرس،كانت الفرحة تستمر إسبوعا كاملا على رندحة المجوز وحلقات الدبكة ومباراة العتابا والميجانا، تأخذنا أم يوسف في سفر الى عالم الماضي الى التقاليد والعادات الى رندحات الأعراس القروية وتفاصيلها،وتعود بنا الى عرس اليوم الذي يعتمد الإتيكت ويقتصر على العائلة.



      رحلة الذكريات على جناح الماضي والآهات على طير الحاضر تعيشها أم يوسف التي تنهمك في تحضير عرس إبنها الذي تعرف على خطيبته على الانترنت ويمضي ساعات في محادثتها دخل أروقة غرفة ضيقه،تحضيرات لا تستغرق سوى ساعات"الصالة تتكفل في تحضير الزفة والطاولات وتوزريع الحلوى"،سرعان ما تقلع رحلة ذكرياتها المبعثرة في غرفة ذاكرتها التي أقفلت عليها من زمن،والتي لا تفتحها الا اذ إلتقت بجيلها،"وقت حصاد القمح على البيدر،كنت أجرش القمح برفقة الصبايا،هناك تعرفت على أبو يوسف،وبدأت تجمعنا النظرات،كان إذا يريد أن يضرب لي موعدا يبدأ بمغازلة القمحات، على طريقة "التوربة" أي عم إحكيكي يا جارة حتى تسمعي يا كنة"،تضحك وهي تسرد قصة عشقها ومقابلاتها معه "كنا نتلاقي في الحصاد،وفي زيارة مقام النبي سجد،وفي أيام شك الدخان،كانت إيام حلوي كان للحب معنى"،"ليس كحب هذه الأيام الذي لا يدوم وسرعان ما يموت.

      لا تخفي فرحتها وهي تحملنا الى أيامها"كان العريس يجب أن يثبت رجوليته وهي تكون عبر رفعه "العمدة"،أي المحدلة،واذ فشل برفعها لا يتم الزواج،كنت أعرف أن بو يوسف قبضاي،وهيك جاء أبو يوسف بعائلته ليطلب يدي من والدي"،أه عميقة تطلقها "اليوم الشب بس يحكي مع البنت بيقول انو خطبها اي رزق الله ،تغوص مجددا في ذكرياتها"جاء وجهاء البلدة المختار والشيخ وأهل أبو يوسف لطلب يدي،كل صبايا البلدة حضرت الى منزلي يردن أن يشاكنني في فرحتي،وطبعا مرسالنا لمعرفة تفاصيل جلسة الرجال كان أخي الصغير يأتينا بالأخبار،وما إن نطق كبير الوجهاء "حابين نتقرب ونطلب بنتكن لإبننا" علت زغاريد النسوة".



      يقول الكاتب والممثل حسين داوو شكرون أن أعرس زمان لها قيمة ومكانة لا تزال حاضرة في نفوس الكثيرين،حتى أن اليوم يجري تقليدها ولكن ليس بكل تفاصيلها،ويلفت الى أنه ما إن يجري طلب يد الفتاة حتى تبدأ تحضيرات أم العروس وأهل العريس ليجهزوا أولادهم.



      تلمع عيني أم يوسف وهي تحيك لنا قصة تحضيرات عرسها وإنهماك والدتها في تحضير جهازها"فرشة صوف،ومخدة الرويشة ولحاف القطن،هو الجهاز الذي وضعته والدتي في صندوق العروس وارسلته الى بيت أبو يوسف،الذي كان منشغلا في إضافة غرفة طين على دار العائلة،فهذا يقصب الحجر وذاك يعد "اللبِن" وهو عبارة عن تراب طيني يعجن مع التبن،ورفاق العريس يتعاونون على رص الخشب على سقف الغرفة،هنا تتنهد تنهيدة عميقة "إيه كان الاهل كلن إيد وحدي،تصمت ثم تردد عبارة قالها أبو يوسف "شوفي يا مرا البيت عندي غرفة صغيرة فيها كل شيئ فيها الكبكبة،دونسوار،وفي كمان كوارة وبجوارنا البقرات والبغل والدجاجات منحطن بالقن برا،والأكل في صحن الدار مع أهلي"،"تستيقظ من الذاكرة ""،"بنات اليوم بيرضو بهيك بيت،بيرضو ينزلو على الأرض بيرضو يرعوا البقرات" طبعا لا "بنت اليوم بدها شقة دولكس وعفش على الثقيل،وبدها سيارة ما بترضى تركب على الحمارة،وبدها تزين حالها بالميكياج نحنا كنا نحط كحلة السواد العربي،ونلبس التنورة الملونة وتحتها الشروال وقميص فوقها.



      هنا يشير شكرون الى أن ما إن ينته العمل من غرفة العرس وتنجز ام العروس جهاز البنت،ينطلق التحضير ليوم العرس الذي يستمر إسبوعا كاملا وتنهمك صبايا وشباب البلدة،في توزيع دعوات العزيمة الشفوية حيث يجلن على كل بيوت البلدة وفي إعداد السهرية التي "كانت عبارة عن منديل يوضع داخله ملبس اللوز والشوكولا ويربط بخيط ملون"،عكس تحضيرات اليوم "إذ كل شيئ يكون شبه جاهز فالتطور لحق حتى بالعراس التي فقدت كل معناها وتحولت الى أعراص محدودة،اذ يتم الاستعانة بفرقة زفة بعد أن كانت الصبايا والشباب يزفون العرسان.


      تحملنا أم يوسف مجددا الى عرسها تصور لنا كل الأحداث "أعلنت منى أن كل شيئ أصبح جاهزا للعرس السهرية،جهاز العروس منزل العريس،وصرخ علي "حان وقت العرس على العين يا شباب بدنا نعد المرتبة للعرسان،محمد أتى بأشجار الدفلى الملونة وضعها فوق المرتبة،رفاق أبو يوسف بزيههم العربي "البنطال بو نفاخات والساقية"،كلهم ذهبوا الى داره لكي يحلقوا له، فيما إنشغلت الصبايا اللاتي لبسن ثياب"مبقجة ملونة"بمساعدتي على لبس فستاني الأبيض والحنة"،فيما كانت أعناق النسوة مشرنقة على النوافذ بإنتظار قدوم العريس،علت فجأة الزغاريد وصل العريس "على الحصان أتى أبو يوسف الى دار أبي ومعه الهودج،كان فريق المحوربين يتقدم الموكب وهو يردف "عاريسنا زين الشباب"ومعهم لاعبي السيف والترس"،" وما إن وصل حتى علت الزغاريد وعزفت الدموع فرح اللحظات السعيدة التي خرجت بها من الدار "ركبت الهودج بقرب أبو يوسف وسارت بنا فرقة السيف والترس على عين الضيعة "هونيك ايه بذكر هاللحظات كل الضيعة حضرت العرس "عقدت حلقات الدبكة فرخة وديك،وكان المجوز والناي والطبلة يرندحان في الساحة،وتوالى رقص السيف والترس،تشرد سميحة في مساحة ذاكرتها "بلشنا بمباراة الدلعونة والميجانا وعلت أصوات "الحمبلة "فكانت سامية تردف مجيانا يرد عليها فارس بالعتابا "ليلة مبارح يا ريتا دامت..عيني لوج الصبح ما نامت..ولمن الحلوي مع جنبي كانت لا نمت ولا كان يجيني نوما.."وتقّول سامية مجددا ويرد يوسف "يا شجرة بالدار حاميك أسد..وتكسر الأغصان من كتر الحسد..نحنا اللي زرعنا ويا نيالوا اللي حصد يا دلينا بعد التعب شو نابنا.."ايه تقاطع أم يوسف الكلام "كانت السهرية عم تتوزع على المعازيم والأطفال عم يلموها وكانت ريما تحمل صينية قش مزينة بقماش أبيض وتجول لجمع "النقطة".."منعادة يا شباب ويا صبايا أعلنت إنتهاء الليلة الأولى من العرس،لينطلق بعدها العروسان الى دار العريس "كانت حماتي تحمل الطبلية والعجينة طبعتها على باب الدار للحظ والسعادة ثم دخلنا الى الدار وفي اليوم الثاني إشتعلت الهيصة والزغاريد وأستمرت لمدة إسبوع ..إنتفت كل هذه العادات لم يبقى منها سوى ذكرة في ذاكرة الكبار أم جيل اليوم يحاول أن يقلد تلك الأعراس ولكن على طريقته فقط في المهرجانات،وفي العرس يستقدم فرقة الزفة كتقليد تراثي"تعود بنا الحاجة وفيقة الى عرس أبنها،لتحط ذكرياتها في مطار الصالة التي تملئها الطاولات المزركشة،وأصوات الموسيقى الصاخبة،فيما الفتيات يجلسن على الكراسي لا يحركنا ساكنا،وعدد محدود يشارك في الدبكة،زفة عرس تزف العرسان الذين سيقا الى الصالة بسيارة فخمة "تسكت أم يوسف وتسرح بتفكيرها بعيدا يطول معها الصمت لتعود تقول كلمة "رح يجي يوم ويتحسرو على إيامنا وعلى كل ذرة عشناها زمان،كنا نحب بعض ونساعد بعض ونفرح ونحزن مع بعض بس اليوم شو في ...وجاهات"




      يعلق شكرون "أن عرس اليوم أضحى عبارة عن حالة فرح تفقد معناها الحقيقي،مقارنه مع أفراح وأعراس إيام زمان،إذ يكون ضمن رقعة جغرافية صغيرة لا تتجاوز الساعتين أنما سابقا كانت المساحة النفسية والفكرية يتجاوز حدود الأسرة الضيقة،وكانت الضيعة أشبه بمنزل واحد عكس هذه الأيام..."


      رنه جوني

      غابت أعراس إيام زمان وحضرت أعراس العصر المحصورة فقط بالعائلات ولكن يبقى هناك نافذة يسعى الشباب اليوم الى دخولها عبر البحث العميق في بحر أعراس الاجداد ليرووا عطشهم منها،ويقلدونها في بعض منها ولكن هل ستعود تلك الاعراس يوما أم سيتغلب عرس الصالات على عرس العين؟..




      كل الأمل من قلب فقد الأمل







      المصدر نبض التراب


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions