كتب - راشد البلوشي

لاشك أن أجدادنا منذ القديم كانوا يدركون أن "العلم في الصغر كالنقش في الحجر" إلا أن أسفارهم طلباً للرزق كانت كثيرة وطويلة وربما يغتربون أكثر مما يقتربون من أبنائهم، فكانت الأم هي المدبر الأول لأمور الأبناء الذين كانت تعمل على إلحاقهم بمدارس تحفيظ القرآن الكريم المعروفة بـ"الكتاتيب" والتي لا تكاد تخلو منها قرية عمانية، فيذهب الأبناء إلى معلم "الكُتَّاب" فور بلوغهم السادسة أو السابعة أو أصغر من ذلك ويدرسون على يديه مبادئ القراءة والكتابة ويبدأون بقراءة القرآن الكريم وحفظه، كما يتعلمون كذلك مبادئ الحساب.

وفي القرية التراثية بمهرجان مسقط نموذج لإحدى تلك الكتاتيب (مدارس تعليم القرآن الكريم قديما)، وكان لهذه الكتاتيب الفضل الكبير في نشر العلم في السلطنة قديما في مختلف أنحاء البلاد ويلتحق بها الصبية والبنات لتعلم مبادئ الحساب وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية.

وهذا أحد مشاهد مدرسة القرآن الكريم حيث يتحلّق الطلبة حول معلمهم ويرددون خلفه وبين يدي كل واحد منهم مصحف ينظر فيه، وتارة يبدأ الطلبة واحدا تلو الآخر بالجلوس أمام المعلم مباشرة فيسأله المعلم عن السورة التي وصل إليها في الحفظ قائلاً: "ما سورتك؟" فيجيب الطالب ليبدأ المعلم بعد ذلك تحفيظه إياها بطريقة "التلقين" وبعد أن ينتهي يذهب الطالب ويأتي غيره في مشهد علمي رائع أما الباقون فمشغولون بالحفظ والمراجعة وكل من تزيغ عينه عن مصحفه أو يشتغل بشيء آخر يجد عقاب المعلم بالمرصاد.

وتستمر العملية التدريسية في مدرسة القرآن الكريم حتى يختم الطفل القرآن الكريم بأكمله تلاوة أو حفظاً وكل ذلك سيراً على قول المثل "العلم في الصغر كالنقش في الحجر".

أكثر...