إعداد- المهندسة موزة بنت عبدالله البوسعيـــدية

تعد الثروة السمكية من أهم المصادر الغذائية والاقتصادية للدول المطلة على البحار والمحيطات. وتحتل الأسماك ومنتجاتها مكانة متميزة في كثير من هذه الدول والسلطنة بشكل خاص لدورها الأساسي في توفير غذاء متكامل العناصر حيث تتميز ببروتينات سهلة الهضم والامتصاص وبنسبة عالية من الأحماض الأمينية الأساسية التي يستطيع الجسم تصنيعه والضرورية لنمو الجسم و بناء أنسجته بالإضافة إلى الفيتامينات والأملاح المعدنية المهمة كاليود و الفسفور والحديد و الكالسيوم و غيرها. كما توجد الدهون في أجزاء مختلفة من جسم السمكة مثل أنسجة العضلات، تحت الجلد، في الكبد والأحشاء الداخلية وتزداد الدهون ناحية رأس السمكة وتمتاز باحتوائها على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة التي تنتمي إلى مجموعة (الأوميجا – 3) المهمة في خفض نسبة الإصابة بالنوبات القلبية ومستوى الكولسترول في الدم وتنشيط جهاز المناعة مما يساعد على المقاومة ومكافحة بعض الأمراض المزمنة مثل السرطان وداء السكري والوقاية منها، كما أن الأسماك تساهم في نمو الدماغ وبناء الخلايا العصبية مما يساعد في التمتع باليقظة الذهنية.

ولكن تعد الأسماك من السلع الغذائية سريعة الفساد و لحمها يتعرض للتحلل سريعا مقارنة باللحوم الأخرى خاصة إذا لم تراع الشروط الصحية السليمة لحفظها نظرا لاحتواء لحومها على نسبة عالية من الماء الذي يساعد على تكاثر الميكروبات كما إن حفظها في درجات حرارة مرتفعة يعد من العوامل الرئيسية لتدهور جودتها وفسادها . وبمجرد خروجها من الماء تموت الأسماك بسبب نقص الأوكسجين مما يؤدي إلى تراكم حامض اللاكتيك (Lactic acid) وتأثر الدم والعضلات بسبب نواتج التمثيل الغذائي الغير مؤكسد مما يسبب شللا للجهاز العصبي، وبموتها تحدث بعض التغييرات الطبيعية والكيماوية بسب توقف إمداد الدم لمختلف الأنسجة وتوقف الجهاز المناعي. وبعد الموت مباشرة تكون العضلات شبه خالية من البكتيريا عدا السطح الخارجي، والخياشيم والأحشاء الداخلية. ولكن بعد موتها وزوال التيبس الرمي يحدث تفكك للأنسجة العضلية وتمتلئ الفجوات بسوائل تحث على نمو وتكاثر البكتيريا. حيث تبدأ عمليات الأكسدة والتحلل الذاتي بفعل الإنزيمات ((Autolysis و الهدم البكتيري (bacterial decomposition) بتكسير الدهون والبروتينات في الأنسجة إلى وحدات اصغر وبالتالي إنفراد الأحماض الأمينية وتحلل الدهون إلى أحماض دهنية حرة. حيث إن الأحماض الأمينية الناتجة عن تحلل البروتين والمركبات النيتروجينية لابروتينية تعتبر بيئة جيدة لنمو البكتيريا وتكاثرها.

وما زالت الأمراض التي تنقلها الأغذية مشكلة كبيرة على الصعيد الصحي والاقتصادي بالرغم من الجهود التي تبذل من قبل الحكومات والتي تتكبد مع الشركات المنتجة للأغذية مبالغ طائلة وعلى سبيل المثال نجد أن التقديرات الأولية في الولايات المتحدة الأمريكية لتلك الخسائر في عام 1994 تتراوح مابين 10 و83 بليون دولار أمريكي . كما أن تلوث الغذاء يعتبر عالمياً أكبر خسارة بمفردها علاوة على أن موت العائل أو عجزه قد تكون له عواقب وخيمة على أسلوب حياة الأفراد بالإضافة إلى آثر بعيد المدى وهو فقدان ثقة كثير من المستهلكين للأغذية. ومن العوامل الأساسية المرتبطة بالأمراض المنقولة عن طريق الأغذية هي تلوث الأغذية والطهي الغير كاف ووجود المواد الحافظة و المضافة بنسب مخالفة للحدود المسموح بها بالإضافة إلى استهلاك الغذاء من مصادر غير آمنة أو موثوقة. وتشكل تجارة الأغذية استيراداً وتصديراً جانباً كبيراً في حركة التجارة العالمية بسبب وجود نشاط اقتصادي كبير مبني على الصناعات الغذائية وبالتالي فمن الضروري إيجاد آليات أو منظومات للتحكم والتأكد من سلامة المنتجات الغذائية المستهلكة بتطبيق المبادئ الأساسية لسلامة الأغذية منذ المراحل الأولى من الإنتاج لحين وصوله للمستهلك النهائي. ومع ذلك لا يوجد نظام إدارة متكاملة من انعدام الخطر انعداما تاما فيما يتعلق بحماية صحة المستهلك. وتعتبر الأسماك ومنتجاتها من أكثر الأسماك انتشارا في التجارة الدولية حيث بلغت قيمة تجارة الأسماك 54000 مليون دولار أمريكي وتم استيراد حوالي 50% من الدول النامية حسب إحصائيات عام 2007. ومع دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة العولمة واجهت السلطنة معايير عالمية محددة في مجال تصدير المنتجات الغذائية السمكية والبحرية مما أدى إلى إصدار لائحة ضبط جودة الأسماك وتأسيس مركز متكامل يعنى بجودة وسلامة المنتجات الغذائية البحرية المصطادة لأغراض التصدير أو الاستهلاك المحلي عن طريق الرقابة، والتفتيش، وتأهيل شركات الأسماك, وإجراء التحاليل الكيميائية والميكروبيولوجية والفيزيائية بالإضافة إلى البحوث العلمية للاستيفاء بالشروط والمواصفات العالمية في مجال الجودة وسلامة الأغذية. كما يضم المركز العديد من المختبرات المؤهلة والأجهزة الحديثة. ومن ضمن المختبرات بالمركز مختبر ضبط الجودة الذي يعنى بالتحاليل الكيميائية المتعلقة ب ( مادة الهستامين والمعادن الثقيلة والنتروجين الكلي المتطاير والحوامض الدهنية بالإضافة إلى تحاليل المتبقيات و تحليل مخلفات الاستزراع السمكي ) والتحاليل الفيزيائية. كما يقوم المختبر باستلام العينات التصديرية والتفتيشية والاستيرادية وغيرها وتجهيزها و إجراء التحاليل المطلوبة وإصدار شهادات نتائج الاختبارات. ويتم أيضا إجراء البحوث العلمية في مجال تطوير جودة الأسماك والإسهام في مجالات التدريب والإرشاد وفق البرامج المعتمدة في المركز ومناقشة وتفهم المشاكل التي يعاني منها القطاع السمكي ذات الصلة باختصاصات المختبر و اقتراح الحلول العلمية المناسبة لها. إن جودة الأسماك و الحفاظ عليها من الأساسيات عند التعامل مع الأسماك و ذلك من خلال معاملة تلك الأسماك معاملة جيدة من لحظة اصطيادها و مرورا بالنقل و التجهيز حتى وصولها إلى المستهلك. وتعتبر الحالة الطازجة معيارا هاما بالنسبة للجودة وقد تم اقتراح عدة قياسات لتقييم درجة التحلل في الأسماك عن طريق التقييم الحسي و التقييم غير الحسي المتمثل في التقييم الكيميائي والبكتريولوجي.

أكثر...