منذ تولى مولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم " حفظه الله " مقاليد الحكم في هذه الدولة الفتية ، كان حريصا على ترسيخ مبادئ الشورى والاستماع إلى أراء مواطنيه ، وتجلى ذلك في اهتمام حكومته الرشيدة على مشاركة المواطن العماني في بناء دولة المؤسسات ـ من خلال المشاركة برأيه فيما يخص تطوير العمل الجماعي للنهوض بهذه الدولة إلى مصاف الدول المتقدمة .  وقد تجلت هذه المشاركة بمجلس الشورى ليكون بمثابة لبنة قوية ثابتة في بناء الدولة العصرية ، ويعد مبدأ الشورى من دعائم تثبت حكم ديمقراطي عادل في البلاد ، ويستمد العمانيين ذلك من مبدأ المشاورة في الرأي ليكون القرار المتخذ في أي قضية مطروحة صائبا يحقق الفائدة للوطن والمواطن . 
ولو رجعنا بالذاكرة إلى الوراء فنجد أن مبدأ الشورى كان قائما  في المجتمع العماني من خلال الدور الكبير الذي كانت تقوم به السبلة في تلك الحقبة الزمنية ـ  فكان العمانيون يجتمعون في ( السبلة ) وهي عبارة عن مكان يتجمع فيه أبناء القرية أو المدينة لمناقشة كافة أمورهم الحياتية على اختلافها وتنوعها ، وكذلك من أجل التقاضي والصلح بين المتخاصمين ، وكانت المشورة حاضرة بين المشايخ وكبار السن ممن لديهم الدراية الفطنة في أمور الدين وقضايا الأمة ، لحلحلة القضايا التي كانت تلامس واقع العمانيون في تلك الحقبة الزمنية الماضية . فكان مبدأ الشورى وما زال مرتبطا بالعادات والتقاليد المتبعة في هذا البلد العزيز ، ولا يوجد تميز بين كبير وصغير إلا في حدود الاحترام المتبادل ، فجميعهم يتخاطبون بلا ألقاب وتذوب الفوارق الفردية أثناء الحوارات المقامة في تلك السبلة .
ونحن على أعتاب فتح باب الترشيح لفترة أخرى لمجلس الشورى الموقر ـ والخطوات الطيبة التي اتخذتها الحكومة الرشيدة لضمان أن تسير العملية الانتخابية  بطريقة نزيهة وشريفة خلال الفترة القادمة ، فإننا نأمل بأن يقوم المواطنين بانتخاب العضو الكفء ، الذي يكون قادرا على تمثيل ولايته خلال الفترة القادمة تمثيلا قيما ومشرفا ، فلا تقدموا على ترشيح عضوا يرغب أن يصل إلى منبر المجلس بما ينفقه من أمول لشراء أصوات الناخبين له ( أعضاء العشرة ريالات ) ، ولا ترشحوا عضوا  جهز ( الموائد الكبيرة ) بما لذ وطاب من صنوف الأكل لكسب أصواتكم ، ولا ترشحوا عضوا يرغب أن يصل إلى منبر المجلس على أساس ( قبيلة أو مشيخة أو لمكانته في المجتمع )  ، لأن مثل هذه  الأمور لا تخدم مصلحة المجلس ولا تحقق أية فائدة للوطن والمواطن . فيجب علينا أن نختار العضو المناسب الكفء بعيدا عن كل ما ذكرته أعلاه ، عضوا متعلما مثقفا مدركا لأوضاع بلده وأبنائها ومتفهما لها ، وقادرا أن يحمل الأمانة التي وضعت على عاتقه  بكل جدارة ومسئولية ، وقادرا على أن يعرف متطلبات أبناء ولاية وطموحاتهم ، وقادرا أن يتواجد في ولايته لا بعيد عنها يعرفها فقط خلال فترة الترشيح للمجلس ، أو نراه  حاضرا فقط  ليرعى أية مناسبة وطنية أو اجتماعية للظهور فقط. 
وأن يتفقد مختلف مؤسسات الوطن الخدمية المنتشرة في بلاده ، ليتعرف على أوجه التقصير والنقص الحاصل فيها من كوادر بشرية وخدمات يجب على الدولة توفيرها للمواطن في مؤسسات الجهاز الإداري للدولة التي تخدم أبناء ولايته ، يجالس الناس ويتخالط هم لمعرفة ما يعانيه المواطن وما يشغل تفكيرهم من قضايا اجتماعية ومعيشية  ، وخاصة في هذا الزمن بذات مع ارتفاع تكاليف المعيشة والتلاعب الحاصل من قبل التجار في أسعار مواد المعيشة ، وقادرا على أن يصل صوته إلى صناع القرار في مختلف جهات الاختصاص في الدولة ، يشرح أوضاع المؤسسات الخدمية في ولايته وأحوال مواطنيها أمام الوزراء المختصين عندما تنعقد الجلسات ، لا أن يرفع نفسه عنهم ويكون بمنأى عن مشاكلهم وتطلعاتهم بعد أن ضمن أنه كسب أصواتهم فشغل مقعدا له في المجلس ، همه فقط المصلحة الشخصية  والمنافع التي سينالها لشغله هذا المنصب ، ليواكب ذلك طموحنا كشعب  نرغب بأن يكون جميع أعضاء المجلس الذين يمثلون ولايات السلطنة قاطبة ، أكفاء ذو عقولا متعلمة ومثقفة  متطلعة على أوضاع بلدهم وقضاياه ، قادرين أن يكونوا يد أخرى تسهم في صنع القرار الصائب لتحقيق المشاركة الهادفة والبناءة التي تخدم الوطن والمواطن .
  وعندما تعطي الحكومة الرشيدة  لمجلس الشورى صلاحيات أكبر مما عليه الآن ، صلاحيات واختصاصات عديدة تمكنه من القيام بدوره على صعيد توسيع وتعميق مشاركة المواطنين في صياغة وتوجيه التنمية الوطنية ، ورفع مستوى التواصل وتكثيفه مع مجلس عمان وأجهزة الدولة الأخرى باعتباره شريكا لها في كل ما يهم المجتمع ، وأن يكون قادرا على أن يكشف أوجه التقصير في أي مؤسسة خدمية من مؤسسات الجهاز الإداري للدولة المنتشرة في مختلف ولايات السلطنة لمعالجتها ومحاسبة المقصر فيها ، ومدركا لما يعانيه شباب الوطن في الوقت الحاضر من قضايا تؤثر على مستقبلهم  وما هي متطلباتهم ، فإننا بلا شك لم نحتاج إلى مسيرات خضراء أو حمراء تجوب شوارع مدننا ، لأن صوت الشعب وصل إلى جهات الاختصاص في الدولة عن طريق أعضاء مجلس الشورى ، وعلى صناع القرار في جهات الاختصاص الأخذ بها ودراستها ، واتخاذ القرار المناسب لمعالجة أوضاعها وتصحيح المسارات الخاطئة فيها ـ أن وجد التقصير في أي مؤسسة من مؤسسات الجهاز الإداري للدولة ، ومحاسبة المقصر فيها والضالع بالفساد بأي شكل من أشكاله  دون مجاملة أو محاباة  لأي مسئول مهما كان منصبه ومكانته في الدولة ، فإننا بلا شك سنصل إلى ديمقراطية مثلى في هذا البلد يجني ثمارها الوطن والمواطن ـ  وهذا يتمناه كل مواطن يعيش في كل شبر من تراب هذا الوطن العزيز في ظل القيادة الحكيمة والمستنيرة لمولانا صاحب الجلالة " حفظه الله ورعاه ذخرا وعزة لهذا الوطن الأبي .
 
											 قال تعالى {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (22)سورة النور
قال تعالى {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (22)سورة النور :
:  :
:  :
: