مسقط - عبدالرزاق الربيعي

بين عام 2006م السنة التي أنتج فيها أول فيلم سينمائي عماني "البوم" للدكتور خالد الزدجالي والعام الحالي سنوات شهدت تجارب ومحاولات لإنتاج أفلام سينمائية قصيرة من قبل شباب متحمس لإيجاد سينما عمانية بعد أن شاركوا في عدة دورات تدريبية نظمتها الجمعية العمانية للسينما وحققت هذه التجارب حضورا وتواجدا في المهرجانات بل فاز بعضها بجوائز في مسابقات خليجية ورغم هذا ظل "البوم" متفردا في الساحة كونه أول فيلم روائي عماني طويل، وجاء الفنان سالم بهوان الذي شارك في بطولة "البوم" ليحمل الشعلة عن "البوم" وليواصل المسيرة بفيلم صور بتقنيات تلفزيونية متقدمة تمهيدا لتحويله إلى فيلم سينمائي في مختبرات خاصة بالهند, متبعاً أساليب جديدة أنتجت من خلالها العديد من الأفلام الهوليودية، والفيلم هو "بحث عن مستحيل" الذي جرى عرضه مؤخرا في النادي الثقافي بحضور وزير التراث والثقافة صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وأمين عام وزارة الخارجية معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، ووزير الشوؤن الرياضية معالي المهندس علي بن مسعود السنيدي ووزير البيئة معالي السيد حمود بن فيصل ووكيل وزارة التراث والثقافة لشؤون التراث سعادة سالم بن محمد بن سعيد المحروقي، وسعادة المكرم د.سعيد الغيلاني والمكرمة د.سعيدة بنت خاطر وعدد من الفنانين والمهتمين بالدراما والسينما.

وهو العرض الخاص الثاني للفيلم، حيث سبق تدشينه بمنتجع ماريوت بمرباط بحضور سعادة نائب وزير الدولة ومحافظ ظفار الشيخ عبدالله بن سيف المحروقي.

و"بحث عن مستحيل" من تأليف وإخراج وبطولة الفنان سالم بهوان بل إنه شارك في إنتاجه، وهذا أضاف له عبئاً ثقيلاً لكنه استطاع بخبرته الطويلة وحرصه على تجويد العمل واستعانته بفريق عمل يضم نخبة من أصحاب الخبرة كالمخرج عبدالله حيدر تذليلَ بعض المصاعب التي واجهته, خصوصا أن معظم الممثلين الذين شاركوه في الفيلم باستثناء الفنان عبدالله مرعي هم من الشباب كمثلى الإسماعيلية وصلاح عبيد وسليم العمري ولينا سلطان وفنانين من محافظة ظفار حيث جرى تصوير الفيلم هناك وسط طبيعتها الساحرة، وربما أراد بهوان بالتصوير في ظفار أن يضرب عدة عصافير بحجر واحد، فهو أراد تغييب المكان بحيث لا يرتبط الفيلم وأحداثه بمكان معين وقد نجح في هذا واستعان بممثلين وفريق عمل سبق أن شارك معه في مسلسل "الغريقة" لعبدالله حيدر ونشأت بينه وبينهم حالة انسجام وتفاهم, وثالثا استفاد من جماليات البيئة والطبيعة –جرى تصوير الفيلم بكامله في محافظة ظفار في أكثر من مكان في صلالة، وطوي عتير، وجبل سمحان، ودربات، والمغسيل، ومرباط، ورخيوت، وصرفيت، وعقبة تدبور شير، ومدينة الحق، وضلكوت، لذا أكثر من اللقطات البعيدة حتى أحسسنا أننا نشاهد فيلما سياحيا.

وسبب تغييب المكان أن في الفيلم الذي أنتجته شركة صور للإنتاج الفني ومركز القدس للإنتاج الفني يعالج قصة ذات حبكة بوليسية تدور حول مطاردة رجال الأمن لتجار المخدرات من خلال تتبع خيوط جريمة غامضة حصلت في بداية الفيلم تتخللها خطوط أخرى كـ: لامبالاة بعض الشباب العابث في الطرقات مما يتسبب بحوادث سير وتفاصيل أخرى وفي النهاية نفاجأ بأن قائد عملية مطاردة العصابة يقوم بدور مزدوج وحين تتكشف الخيوط لرجل الأمن "سالم بهوان" يقوم بتصفيته مع العصابة ليسقط مطر يغسل الأرض من أدرانها وروحه مما علق فيها من آلام ولا ينتهي الفيلم عند هذا المشهد بل إنه يستمر ليمهد لبداية جزء جديد ربما وهذا مرهون بعملية تسويق الفيلم .

وظهور عبارة في مقدمة الفيلم تشير الى أن أي تشابه في أحداث الفيلم مع أحداث جرت في الواقع وكذلك في الأسماء فهو غير مقصود تدل أن الأحداث ليست من وحي الخيال وانما يمكن لها أن تقع أو وقعت في الواقع الا أن طول مدة عرض الفيلم التي كانت بحدود ساعتين جعلت ايقاع الفيلم يهبط أحيانا, خصوصا أن الأفلام البوليسية تعتمد على سرعة الحركة وهذا ما نجده في مشاهد عديدة في النصف الثاني من الفيلم ويمكن معالجة النصف الأول والإقلال من زمن العرض ليتصاعد إيقاع الفيلم وهذا ما تنبه له المخرج وقال: إن النسخة أولية وما يزال الاشتغال على النسخة مستمرا قبل تحويلها الى السينما لحدوث أخطاء في الصوت وفي بعض المشاهد، وأكد أنه سيحذف22 دقيقة من الفيلم ليظهر بشكل أفضل.

واللافت للنظر في الفيلم هو أداء الممثلين، حيث قدموا لوحة رائعة بخاصة أن بعضهم لا يحتفظ بسجل واسع من المشاركات كمثلى الاسماعيلية وصلاح عبيد وسليم العمري ولينا سلطان ورامي المشيخي إلا أن الفيلم سيكون انطلاقة مهمة لهم."بحث عن مستحيل" تجربة جديدة تستحق المشاهدة والقراءة كونها تأتي مخالفة للسائد في السينما الخليجية.

أكثر...