القاهرة – نيويورك – يو بي آي – د ب ا
يبدو أن أطراف الأزمة الراهنة بمصر عازمون على المضي قدما في مواقفهم الحدية المعلنة، فالمحتجون من جهة يصممون على مواصلة احتجاجاتهم لحين تلبية طلباتهم وكافة المؤشرات تدل أنه لا توجد فرصة - حتى الآن على الأقل - لحلحلة موقف الرئيس مبارك ووقوفه عند إعلان عدم الترشح للانتخابات المقبلة .
وفي تطور لافت قال محافظ شمال سيناء عبدالوهاب مبروك إنه تم وقف ضخ الغاز الطبيعي المتدفق عبر انبوب نقل الغاز الى اسرائيل بعد انفجار تعرض له الانبوب صباح امس السبت.
وقال مبروك للتلفزيون المصري إنه تم إغلاق جميع "محابس الخطوط الداخلة على المحطة بعد الحريق الذي شبّ فيه إثر الانفجار، وإنه تم إطفاء الحريق، مشيرا الى عدم وقوع أي خسائر في الأرواح.
وأضاف أنه لم يتم التعرف على ملابسات هذا العمل الذي وصفه بأنه "تخريبي"، فيما قال مراسل التلفزيون المصري في المنطقة إنه ناجم عن عبوة ناسفة ذات تقنية عالية، تم تفجيرها عن بعد.
وكانت مصادر في شركة "إي أم جي" التي تزود إسرائيل بالغاز الطبيعي من مصر قد أكدت عدم انقطاع موارد الغاز من مصر.
ونقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية امس عن مصادر في الشركة قولها إن الحديث يدور عن "انفجار في محطة قياس محاذية للأنابيب التي توصل الغاز إلى الأردن".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال امس إن إسرائيل تسعى إلى إيجاد بدائل للغاز المصري وذلك على ضوء الأحداث الجارية في المنطقة وبخاصة التظاهرات في مصر المطالبة برحيل الرئيس حسني مبارك.
من جانب آخر يبدو أن الرئيس المصري حسني مبارك أخذ يمارس بعض الصلاحيات فيما عاد مئات آلاف المتظاهرين إلى ميدان التحرير ومضت الإدارة الأمريكية وبعض عناصر الجيش المصري والنخبة المدنية في مساعيها للبحث عن مخرج آمن للازمة بهدوء.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مسؤولين مصريين وأمريكيين قولهم ان نائب الرئيس المصري عمر سليمان، وغيره من القادة العسكريين يناقشون خطوات تتعلق بسلطات الرئيس في الفترة المقبلة وربما نقله من القصر الرئاسي في القاهرة .
ونقلت الصحيفة أيضاً عن مسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما قولهم ان من بين الأفكار المطروحة كانت انتقال مبارك إلى قصره في شرم الشيخ أو التوجه إلى ألمانيا في إجازة طبية سيخضع فيها لفحوص طبية مطولة.
وأضاف المسؤولون ان مثل هذه الخطوات ستؤمن خروجاً من الأزمة يحفظ فيه ماء الوجه، فيما لا يعود لاعباً سياسياً مركزيا، وذلك في مسعى لتلبية جزء من مطلب أساسي للمتظاهرين في شوارع القاهرة.
وأشارت الصحيفة إلى ان سليمان وكبار القادة العسكرين يلقون تشجيعاً لإجراء محادثات مع المجموعات المعارضة، تتطرق إلى كيفية انفتاح النظام السياسي، ووضع حدود لسلطات الرئيس ووضع بعض المبادئ الديمقراطية الرئيسية قبيل موعد الانتخابات الرئاسية في سبتمبر المقبل.
وقال أحد المسؤولين الرفيعين في الإدارة الأمريكية "لا يمكن أن يحصل أي شيء من هذا إذا بقي مبارك في مركز السلطة، ولكن هذا لا يتطلب بالضرورة مغادرته منصبه الآن".
لكن قادة المعارضة يصرون على انهم لن يتفاوضوا ما لم يترك مبارك الرئاسة، وهم يبنون على تأثير استقالته بغية ضمان عدم محاولة مسؤولين مصريين رفيعي المستوى إعاقة التحرك باتجاه قيام ديمقراطية دستورية.
وفيما يحذر بعض قادة المعارضة من خطر وصول رئيس جديد يحظى بدعم الجيش إذا كان تفاوض النخبة العسكرية على انتقال السلطة من مبارك سيعيق تغيراً أوسع، تدفع مجموعة من المثقفين والمحللين السياسيين لدعم انتقال أساسي للسلطة إلى سليمان الذي يبدو انه يحكم مكان مبارك.
ياتي هذا في الوقت الذي رفضت فيه حركة 6 ابريل المصرية المشاركة في الاحتجاجات دعوة من نائبه عمر سليمان للحوار قبل تنحي مبارك.
وقالت الحركة في بيان نشرته على موقعها على الانترنت امس السبت انها لن توقف الاحتجاجات المستمرة منذ اثني عشر يوما قبل تلبية مطالبها.
وقالت الحركة "لا حوار إلا بعد رحيل مبارك، ونصر على اننا عازمون على المضي قدما فيما بدأناه يوم الخامس والعشرين من يناير.
واضافت الحركة "نعلنها من ميدان التحرير نحن مستمرون لحين تنفيذ مطالبنا وهي : تنحي مبارك. تشكيل حكومة ائتلاف وطني انتقالية لحين إقرار الدستور الجديد يضمن حريات وعدالة اجتماعية , وحل مجلسي الشعب والشورى.ومحاسبة المسؤولين عن سقوط مئات الشهداء بميدان التحرير . ولابد من الإفراج عن المعتقلين فورا".
ووصفت الحركة التي ذيلت بيانها ايضا بتوقيع "حركة المقاومة المصرية" الوعود التي قدمها الحكم بأنها "مناورة" .
من جانبه قال رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق ان التنحي المباشر والفوري للرئيس المصري حسني مبارك ليس من الثقافة المصرية.
وأضاف شفيق في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" انه تمت الاستجابة الى 80% من مطالب المتظاهرين في "ميدان التحرير" في القاهرة، معتبراً ان قرار مبارك عدم الترشح لفترة رئاسية جديدة هو بمثابة الرحيل الذي يطالب به المتظاهرون .
وأوضح انه لا يمانع في استمرار هذه التظاهرات ولكنه شدد على ضرورة أن تكون سلمية ولا تعطل عمل الدولة.
وتعهد بعدم ملاحقة أي من المتظاهرين في "ميدان التحرير".
ونقلت صحيفة الشروق المصرية امس السبت عن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى قوله ان الرئيس حسني مبارك يجب الا يتعرض للمساس به من قبل المحتجين الذين يطالبون بتنحيه عن الحكم.
وقال موسى "يجب علينا إعمال اللياقة.... لأنه بعد أن ظل الرجل 30 عاما رئيسا لمصر فعلينا ألا نعرضه لأي نوع من المساس به وهو مواطن مصري أيضا."
ويطالب المحتجون منذ بدء تظاهراتهم قبل نحو اسبوعين برحيل مبارك وترتيب مرحلة انتقالية تمهد لإجراء انتخابات جديدة.الا ان موسى قال إن "الفترة الانتقالية قد بدأت بالفعل."
ورحب موسى بالتصريحات التي صدرت خلال الأيام الفائتة من نائب الرئيس عمر سليمان الداعية للحوار بأنها "تفتح الباب لتطور سياسي وسلمي غير مسبوق وليس عنيفا ومفاجئا."
وتوقع ان تعبر مصر ما اسماه "المخاض الذي تمر به."

أكثر...