"الشبيبة" ترصد قرى قرّان ومطي والجمحة وكب&

    • "الشبيبة" ترصد قرى قرّان ومطي والجمحة وكب&

      -يتطلعون إلى مسقبل باهر ويطالبون بتوصيل الخدمات إليهم ليتمكنوا من مشاهدة العالم الخارجيمن خلال المحطات التلفزيونية وخدمات شبكة الاتصالات الهاتف النقال وحدات سكنية حكومية أوشكت على الانتهاء ليتم تسليمها إلى الأهالي

      سعيد المقيمي: كل ما نطلبه أن تقوم الجمعيات الخيرية بزيارتنا وتطلع على أحوالنا وتقدم لهذه الأسر المعونة السنوية فخير الحكومة وكرم مولانا السلطان كثير ويده البيضاء امتدت إلى أبعد من ذلك.

      ** 10 كيلو مترات بُعدقرية الجمحة عنالشارع العام

      زارها - راشد بن أحمد البلوشي

      بين هامات الجبال وعلى ارتفاع ثلاثة آلاف متر من سطح البحر وخلف الأنظار تقبع العديد من القرى التابعة لولاية صور كما تقف "كبييكب" بأبراجها تروي قصة اختفت عناصرها ولم يبقَ منها سوى المكان الذي ترشدك إليه اللوحة الإرشادية "مقابر كبيكب" الموجودة على طريق قريات - صور.

      المسمى أثار فضولَ "الشبيبة" فقررتُ المسير لرصد أحوال قرى (قرّان، ومطي، والجمحة، وكبيكب التي تحتضن العشرين مقبرة)، تظنّ من الوهلة الأولى عندما ترى اللوحة الإرشادية السياحية إلى تلك القرى أنها سهلة المنال بحيث لاتحتاج إلى أن تتزود بالوقود أو مستلزمات الرحلة، إلا أنّ الوصول إليها يتطلب صعود الجبال وهبوط الأودية ووعورة الطريق والتكيف مع درجات الحرارة المنخفضة فكلمّا صعدنا إلى الأعلى تتراجع أرقام درجات الحرارة ابتداء من درجة 26 درجة مئوية حتى وصلت إلى 7 درجات مئوية إلى قرية كبيكب "تقديرات شخصية".

      قرية السيفاني

      في الساعة السادسة صباحا وعند درجة الحرارة 26 درجة مئوية في مركز ولاية قريات انطلقتُ إلى أن وصلتُ اللوحة الإرشادية ثم اتجهت غربا فكانت قرية "السيفاني" محطتي الأولى. أوقفت السيارة إلى جانب الطريق المؤدي الى تلك القرى، السيارة غير مهيّأة للطرق الوعرة، مكثت على قارعة الطريق أكثر من ثلاث ساعات تحت حرارة الشمس لعل سيارةً تقلّني الى تلك القرى، للأسف لمْ أجد إلا مواطنا يقلّ أسرته متجها إلى نيابة طيوي في حالة طارئة لنقل أبنه الذي ابتلع كرة زجاجية، فاستوقفته فأرشدني بأن اتجه إلى قرية شاب بطيوي وقال ستجد من ينقلك إلى ما تريد، كان ذلك في الساعة الحادية عشرة فحسمت أمري وذهبت إلى حيث أرشدني المواطن فالتقيت بأحد المواطنين الذين يقطنون قرية "مطي" يُدعى سعيد بن شامس المقيمي، استأجرت سيارته على أن يقلني إلى تلك القرى والعودة مرة أخرى.

      قرية السيفاني قريبة من الشارع العام وعلى مرتفع مناسب، توجد بها وحدات سكنية حكومية أوشكت على الانتهاء ليتم تسليمها إلى أهالي تلك القرى بدلا من بيوتهم الوبرية والسعفية وكان الهدف تقريبهم إلى نيابة طيوي ليكونوا قريبين من الخدمات الحكومية والعيش الآمن - كما يقول سعيد المقيمي والذي أصبح المرشد السياحي للرحلة -، هكذا كانت الصورة في قرية السيفاني.

      واصلنا رحلتنا في سيارة ذات الدفع الرباعي المكشوفة تسير بنا وسط منحدرات الطريق ووعورته وتواصل ارتفاعها عن سطح البحر، أخذ المرشد السياحي يروي لي حكاية قرية "كبيكب" كما تناقلتها ألسن أجداده، حيث قال "كبيكب" من أصل غير عربي سكن في المنطقة عندما كان حارسا للمنطقة وكان يستولي على أموال الناس بالقوة وبنى منزلا وقُتل في إبراء وهي قصة تتجاوز آلاف السنين وهي في حقيقتها أبراج وليست مقابر، وهي تتبع لنيابة طيوي بولاية صور. وكبيكب هو من بنى القرية بتقصيص الحصى بالكتارة وبنى أكثر من برج. وما أن أكمل قصته وجدنا أنفسنا في قرية "مطي" مسقط رأس المرشد السياحي.

      قرية مطي

      قرية مطي مكوّنة من سبعة منازل متفرقة تغيب عنها الكهرباء يعيش أهلها على المرعى، يحدثني المرشد السياحي سعيد المقيمي وهو من سكان القرية، "لقد فقدنا أكثر من ثلاثين رأسا من الغنم بسبب مرض بالقطعان ولا نعلم الأسباب، اتجهت إلى العيادة البيطرية في نيابة طيوي فأرشدوني إلى ولاية صور، اتجهت إلى الولاية وشرحت لهم الأمر، اعطوني ورقة سجل بها عدد من الأدوية وطلبوا مني أن اشتريها من الأسواق فذهبت لشراء تلك الأدوية فكلفني كل دواء خمسة ريالات عمانية"، يتساءل سعيد "إذا استطعت شراء الأدوية والإبر، فكيف لي أن أعلم بطريق العلاج؟! فكانت النتيجة موت الأغنام، فهل هناك جهة أو جمعية خيرية تعوضني عن أغنامي لكي أعيش

      وأطعم بها أولادي الستة؟ نطالب أن تكون هناك عيادة بيطرية تخدم القرى الأربع التابعة لنيابة طيوي نتوجه إليها في الوقت المناسب".

      ويضيف سعيد: "نعيش في هذه القرى وولاؤنا وانتماؤنا لا يسمح لنا بتركها، فهذا يا بُنيّ وطنٌ لا يمكن المساومة عليه فكل ما نطلبه أن تقوم الجمعيات الخيرية بزيارتنا وتطّلع على أحوالنا وتقدم لهذه الأسر المعونة السنوية فخير الحكومة وكرم مولانا السلطان كثير ويده البيضاء امتدت إلى أبعد من ذلك".

      سعيد المقيمي يتحدث إليّ وهو يقود سياراته متجهين إلى قرية (الجمحة) ويستمر في سرد حكاية "كبيكب" فيقول: "حقيقة كبيكب لا أحد يعرفه، هل هو من الأنس أو الجن لكن يُقال كان يأكل كل من يقترب من المنطقة، يقطن داخل غار صنعه بنفسه، ودلّتهم على قتله امرأة عجوز، وقالت: إذا أردتم قتله فخذوا الكتارة منه وهو فاتح العينين ولا تضربوه إلا ضربة واحدة لأنّ الضربتين تحييه فذهب أحد أبناء القرية وقتله".

      قرية الجمحة

      قرية الجمحة تبعد عن الشارع العام أكثر من 10 كيلو مترات وصلنا بعد ساعة بسرعة لا تتجاوز عن عشرة إلى عشرين كيلو متر في الساعة، يعيش أهلها على بساط جبلي يعتمدون في معيشتهم على الرعي، يقول سعيد المقيمي: "لدى كل فرد قرابة الخمسين رأس من الغنم وتكلف إعاشتها في اليوم خمسة ريالات من الحشائش وينتظرون موسم الأعياد لبيعها وكل ما يباع لا يكفي لإطعامها".

      القرية يوجد بها مسجد صغير مزود بالكهرباء عبر الطاقة الشمسية تبرع بها أحد مواطني ولاية صور أما بقية المنازل تعيش بلا كهرباء ابناؤها يذاكرون دروسهم على السراج، تغيب عن القرية ابسط الخدمات، فابناؤها منقطعون عن الاتصال الخارجي كالتلفزيون نظرا لعدم وجود الكهرباء.

      توقفنا لصلاة الظهر والعصر التقيت ببعض أهالي القرية حيث حدثني إمام المسجد سعيد بن حمدان المقيمي: "قائلا نحن بحاجة إلى إعادة تأهيل الطريق وصيانته لا سيما الطريق الالتفافي حيث ظهرت أسياخ الحديد التي وضعت كحماية من التشقق بالإضافة إلى الصخور التي تتساقط من حين إلى آخر أثناء هطول الأمطار".

      ويشاطره الحديث هاشل بن محمد المقيمي حيث يقول: "معظم شباب القرية باحثون عن العمل عندما يبحثون عن وظيفية يكون الردّ هل لديك شهادة؟! نحن أهالي القرية لم نحظَ بالتعليم لانغلاقنا عن المدينة، عندما نريد أن نذهب إلى نيابة طيوي نحتاج لأكثر من نصف يوم، نستخدم الحمير وهذا الشارع الذي تراه إنّما شُقّ منذ أربع سنوات تقريبا فتغير الوضع معنا فأصبحنا نتواصل مع المدينة".

      ويضيف هاشل "أصبح التعليم للجيل الحاضر فلماذا لا نحظى بوظيفة تعيننا على تربية وتنشئة ابنائنا؟ القرية لا يوجد بها عامل نظافة عندما تموت الأغنام تتعفن ولا نجد لها مكانا فتظهر الروائح وتتجمع حولها الحشرات والأفاعي". ويقول محمد بن علي المقيمي: "عشنا بين هذه الجبال نتنقل من وادٍ إلى وادٍ في الصيف نرحل إلى قرية قرّان وكبيكب، وفي الشتاء نهرب من تلك القرى لشدة برودتها في الليل والنهار فكانت وسيلة النقل آنذاك الحمار تارة وتارة أخرى السير على الأقدام".

      ويضيف "إن قرية الجمحة بها ثلاثين بيتا تقريبا، تفتقر إلى الكهرباء والمدرسة والمركز الصحي وغيرها من المرافق كذلك القرى المجاورة، ابناؤنا تتحرك بهم السيارة ذات الدفع الرباعي إلى المدرسة بنيابة طيوي من الساعة الخامسة والنصف فجرا ويصلون حوالي الساعة السابعة والعودة الساعة الثانية بعد الظهر"

      ثم ودعناهم لنواصل الطريق لكبيكب المحطة الأخيرة من الرحلة الشاقة والوقت اللازم للوصول قرابة ثلاث ساعات وبين لهفة الوصول ومخافة السقوط من ذلك الطريق الانحداري الجبلي قطعنا طريقنا للجامحة تلك القرية التي استقبلنا فيها اهلها برحابة صدر، ارادوا ان يقدموا لنا واجب الضيافة، إلا أن الوقت لم يسعفنا للجلوس معهم وتلبية ضيافتهم. وجدنا أطفال القرية وقد لُفت رؤوسهم ورقابهم بالمصر نتيجة البرد، ورغم غياب تلك الخدمات أكدوا بالتمسك بهوية المكان بكل إصرار قالوا لن نترك بلدتنا، قالوها بقلب ولسان واحد. تركناهم بذاك الحس والشعور الرائع بالانتماء على أمل أن نراهم في نفس المكان مع فارق الوقت.

      الساعة الآن الواحدة ظهرا والحديث ذو شجون مع المرشد السياحي وبين الفينة والأخرى تستوقفنا سيارة قادمة من الجهة المقابلة تنشادنا عن العلوم والأخبار كعادة العمانيين حينها أدركت أن أهل هذه القرى تربطهم علاقات قبلية وأسرية. انقطعت عن الاتصال الخارجي فلم أعد استخدم الهاتف النقال بكل محطاته فأدركت أن هذه الوسائل غادرتنا باكرا، ولا يفوتني قبل أن أصل بكم إلى المحطة المقبلة (قرّان) أن أنقل لكم مشاهد البيوت البسيطة المنوعة بين البيوت السعفية المستقلة والبيوت المنحوتة في صخور الجبال الصماء التي تملأ المكان ما جعلها مرتعا لقطيع الماشية المنتشرة التي تمثل أحد موارد الرزق لأبناء هذه القرى.

      قرية قرّان

      وبعد أن قطعنا 7 كم من السلاسل الجبلية ظهرت لنا "قرّان" هذه القرية كانت الأكثر تجمعا فجميع سكانها يسكنون على مدرجات الجبل الصلد بصلادة هممهم وعزائمهم، نحتوا الصخر ليأويهم من برودة الشتاء القارص والرياح والأمطار وعوامل التعرية الأخرى. هذه القرية يفصلها وادٍ، بعض منازلهم في أعلى الوادي، والأخرى في أسفل الوادي ليس لديهم خدمات سوى مسجد صغير فهم أيضا بحاجة إلى تلك الخدمات التي طالب بها أخوتهم في مطي والجمحة.

      "نحن الآن على مسافة 5 كم من أبراج كبيكب" قالها المرشد السياحي، واصلنا المسير ولغز كبيكب ما برح يلازمنا وبينما نحن نتجاذب أطراف الحديث ظهر أحد الأبراج شامخا لكن الرؤية لم تدم طويلا فهناك سيارة قادمة نحونا ومن خلفها غيوم من الغبار والأتربة تحمل عددا من طلبة المدارس ربما قادمة من قرية إسْمَاعِيّة التابعة لولاية دماء والطائيين، وعند نقطة الالتقاء بادرنا بالحديث: شيء علوم؟ شيء أخبار؟ سلامتك..، من صوبكم؟ تعيش وادّوم. يقول صاحب السيارة القادمة: "جايّ من سماعِيّة وعندي طلبة مدرسة".

      أبراج كبيكب

      لم تقتصر الرحلة إلى تلك القرى بل كان الهدف الاستمتاع بمشاهدة العشرين برجا البعض منها على حافة الجبل في طريقها للاندثار وبعضها في بداية المسطح والأخرى مازال قائما لم يتأثر بعوامل التعرية. موقع الأبراج كاشف للمنطقة وما حولها نظرا لارتفاع المكان وعلوه ما قد يتفق مع (رواية السطو) التي يرويها الأهالي.

      كما أن هذه الأبراج تتفق مواد بناؤها مع طبيعة المكان واتفق مع ما رأيته وما قاله المرشد السياحي بأنها أبراج وليست مقابر، حاولنا الدخول إلى هذه الأبراج فلا توجد طريقة إلى الدخول إلا زحفا على الظهر أو البطن، وباب البرج على شكل مثلث بحيث لا تستطيع الدخول مستقيما حاولت الدخول لأرصد ما بداخل أحد هذه الأبراج فوجدت أن اسطح الأبراج مكشوفة وعلى شكل دائري تصل مساحة الدائرة كمساحة دائرة ملعب كرة قدم أو أقل تقريبا.

      ثم ودعنا "كبيكب" قبل أن تودعها شمس الغروب عائدين إلى المدينة في نفس مسار الطريق وكل أهل القرى آملين بأن يتحقق كل ما يصبون إليه لتتغير الحياة عندهم ويتطلعون إلى مسقبل باهر من خلال وصول الخدمات إليهم ليتمكنوا من مشاهدة العالم الخارجي من خلال المحطات التلفزيونية وخدمات شبكة الاتصالات الهاتف النقال كما أفادوا في مطالبهم فهل يكون لهم ذلك في المستقبل القريب؟.

      أكثر...


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions