««× شبابنا و طقوس العربدة ×»»

    • ««× شبابنا و طقوس العربدة ×»»

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

      بسم الله و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين محمدٍ خير من أرسل رحمة للعالمين ... وبعد :


      خلال بضعة أعوام سابقة لا تكاد تزيد عن 3 سنوات , كنتُ بالفعل أرى أن محيط الشباب يتغير و بشكل سريع
      و لطالما رأيت شبابنا بالفعل يتهافتون على كل جديد و مثير , لكن هل ذلك لأنهم محتاجون , أو أن الملل أصابهم لا أقل و لا أكثر ؟!
      سؤال محير بالفعل ؛ لعدة شهور و أنا أراقب تصرفات الشباب و أحاول أن أجري الكثير من النقاشات معهم ...
      و خرجت بكمّ بسيط من الأمور سنتداولها في تقريرنا هذا بإذن الله :)






      ~~~




      في البداية , ما الذي يجعل أسلوب الشباب في التغيير مثاراً للجدل ؟!
      لماذا الشباب يسعون إلى الإثارة و التغيير و الفضول و التجربة
      أهو بسبب حاجة لتلك الأمور أم بدفع الملل خارج أسوار حياتهم الشخصية ؟!
      الكثير من الأسئلة تولّد أسئلة لها أسباب و دوافع مختلفة
      لكن من الذي يحدد الدافع الشخصي ؟ , هو الشاب بعينه.

      لا يمكن أن يتجادل اثنان حول أن مرحلة المراهقة هي مرحلة حرجة في حياة الشباب
      ولطالما سمعنا أنها هي المفتاح لما بعدها و الأساس الغامض الذي يرسم مستقبل الشاب و أسلوب حياته القادمة
      ولكن برأيي أن هذا كلام ينافي المنطق , فالمجتمع و تغير مسار الزمن يجبر الشاب على التغيير

      لكن هل هذا التغيير سلبي أم إيجابي ؟!

      هذا ما يحدده عوامل مختلفة , الدين و القيم و المجتمع و الرأي العام ... إلخ

      و ما يميز الشباب هو انتشار هذه الأساليب بينهم كـ انتشار النار في الهشيم

      تلك ما أسميها أنا ( طقوس العربدة ) :)

      لذلك دعوني أستعرض عليكم ما لدي و الأمر إليكم فانظروا ماذا ترون ؟ ,,,


      ما يميز الشباب هو سرعة الإستجابة للمحيط حولهم و التفاعل معه بشكل أعمق و بتفاصيل مختلفة
      ولذلك غالباً ما نرى التنوع الظاهري في الدوافع المختلفة وراء هذا التغيير ؛ فلكل شاب وجهه مختلفة و نهاية أكثر إختلافاً
      بل إنك أحياناً قد لا تبرر الوسيلة ولا تؤمن بوجود النهاية أصلاً
      و كأن الأمر أشبه بسلسة مترابطة على نحو متداخل مثل شبكة العنكبوت , أو لنقل شبكة الإنترنت !
      فهي أكبر مصدر لتنوع مثل هذه الوسائل و إختلاف الغايات ...


      :)
      نعود لنناقش أمراً ضرورياً ,,,
      لماذا ينصب في الغالب كل الإهتمام على فئة الشباب من حيث التعامل و/أو لنقل ( التحكم ) بهم ؟!
      هل لأنهم موضع اهتمام و أمل لهذه الأمة ؟! , فيما أرى فهذا مالا أرى !
      مع أننا نرى جهداً في هذا الجانب ولكن جداً ضئيل أو يكون بصورة خاطئة ...
      ولكن لو نظرنا إلى مسألة ( التحكم ) لوجدنا أننا بصدد عمل دءوب و جهد مضني !
      لماذا ؟ , هذا لأنه بنظرهم نحن فئة سريعة التغير و نتأقلم بشكل أسرع مع معطيات العصر و تقلباته
      وهذا الأمر أقض مضجع الكثير ؛ الهيئات و التعليم و حتى الآباء في المنازل ,,,


      مما لوحظ على فئة الشباب أنهم فصيلة مترابطة بشكل غير منطقي ؛ يعني تجدهم يتقبلون بعضهم البعض
      بشكل أسرع ؛ يعني عند تبادل النصائح و الإرشادات فيما بينهم تجدهم أسرع تقبلاً لها بعكس لو أتى ذلك من غيرهم
      لذلك ترون أن انتشار وسائل التغيير و الترفيه يكون بشكل سريع و مخيف بين الشباب :)


      والسبب الأعظم لإثارة مثل هذا المخاوف و البلبلة و كل هذا الكلام هو شيء واحد أساسي بنظري وهو؛

      غياب الوعي و الإدراك لدى الشباب

    • دعوني أستعرض عليكم بعض ما رأيت ( أو سمعت ) خلال الفترة الماضية من ( طقوس العربدة )

      لنضرب مثلاً قريباً منا ؛ مجال الإهتمام بـ { السيارات }
      سبحان الله في هذا المجال ينتج لنا فروع كثيرة جداً لا تكاد تنتهي و كل فرع مرتبط بالآخر ارتباط وثيق

      لو نظرنا إلى مسألة الـ ( التفحيط ) بشكل أقصر ؛ لأنني أشعر بصداع مع كثرة الكلام عنه
      نجد أنه إلى الآن ولا زلنا نعاني ولماذا ؟ ؛ حقاً لا أعلم ما السبب ؟!
      فقط متى يعي الشباب بمسؤولية الأمر و عواقبه الوخيمة التي نراها كل يوم بل كل ساعة
      هذا يكفي , بدأت أحس بالصداع !!!!

      من أحد فروع هذا المجال هو ( التطعيس ) وهذا شيء جعله الشباب بمثابة الـ " يانغ "
      بينما يكون التفحيط هو الـ " يين " من خلال نظرة المجتمع له !
      وهو أمر يعد تسلية محضة و البعض جعله هواية و البعض لا سبب لأجل ذلك
      فقط يأمل بنهاية اليوم أن يحصل على جرعة من الأدرينالين كي يشعر بنشوة عابرة !
      وفي رأيي يظل الأمر محل إختلاف من حيث الغاية و تظل الوسيلة هي نفسها

      ثم نأتي إلى قضية مهمة و غريبة في نفس الوقت , إنها ( الترهيم )
      وهي هواية غريبة تنطوي على إحداث تغييرات شكلية أو جذرية بهيكل السيارة الخارجي
      أو القيام بعمليات تعديل ميكانيكية ؛ من أجل الحصول على إمكانيات مختلفة و جديدة.
      طبعاً هنا مفارقة واضحة عن ما كنا نتحدث عنه من تفحيط و تطعيس ؛ هنا تجد بالمعني الحرفي " استعراض "
      ويختلف مفهوم الإستعراض من شخص لآخر عند القيام بمثل هذه الأمور , و هنا تظهر الغايات التي بالفعل لا تبرر الوسيلة
      فعند نقاشي مع بعض الشباب اتضح لي بعض الغايات وإليكم منها : من أجل التقرّب إلى فلان أو نيل مرادي منه
      أو من أجل التفاخر و إظهار بعض النفوذ , أو من أجل إهانة ( يكسر عينه ) شخص أخر يعمل في نفاس المجال
      وانتظرت بضعة دقائق كي أسمع جملة " من أجل ممارسة هواية وحسب "
      لكن خاب ظني في ذلك مع أنني مقتنع أن هناك من يمارس الأمر كـ هواية و تقديم شيء مبدع !
      ويظل الأمر هنا محل غرابة تجاه هذا التصرف ...

      ويبقى مجال { السيارات } أحد أكبر المجالات توسعاً و أكثرها جذباً من قبل هذه الفئة العمرية
      وما قلناه لا بعد حصراً ؛ فالإهتمام الظاهري هنا يغلب على بقية التوجهات و الغايات
      و السؤال يظل يتردد ؛ إلى أين ننتهي من كل ذلك ؟! , و ما الذي سنجنيه ؟!

      ~~

      وبالحديث عن المظاهر فها نحن نصل إلى آخر صرعات { الملابس }
      لا أود الحديث مطولاً فاللباس المعترف به يختلف من مكان إلى مكان آخر
      لكن عندما يأتي الحديث على ذكر ( طيحني ) أو ( بابا سامحني ) أو قرصني أو عضني أو ما إلى ذلك
      نجد أن الحديث يبدأ بحدوث تقلبات معوية تنتهي بالغثيان ( أكرمكم الله )
      لأننا بالفعل ما تلبث الأمم الغربية من افتعال الغرائب نلهث نحن على مثل هذه الأمور لنحدث منها صرعات
      والمشكلة أننا بالفعل صرنا نرى بعد فترة أن هذه الأمور أصبحت طبيعية حتى الآن بل من الحرية الشخصية !!
      أين هي الحرية الشخصية بتقليد ما كان يفعله السجناء في سجون أمريكا الشمالية بلبس ( طيحني )
      أو بالأحرى أين هي الرجولة عندما نلبس بناطيل لها سحابان من جهتان مختلفة !!!!

      إن كان لمثل هذه الأمور دوافع ؛ بالله عليكم لا تخبروني لأني لا أقوى على السماع أكثر ؟!
      لأنني أشمئز عندما أرى أحدهم يلبس مثل هذه الأمور , ولا حول ولا قوة إلا بالله
      ألا يستغرب مثل هؤلاء أن الغرب نفسه لا يلبس مثل هذه الملابس !
      أو هل ... بصراحة لا أستطيع أن أكمل ,,,

      ~~

      ومن هنا نستمع إلى شيء أغرب و أكثر سرعة و إيقاعاً
      { الـراب }
      لا أعرف كيف لهذه المجال أن يتحول من اللغة الإنجليزية إلى العربية بهذا الشكل العفوي
      ولا أعلم لماذا عندما حاولت سماع أحدهم يغني ؛ فكل ما سمعت هو مجرد بربرة لكلمات غير مقفاه و ذات معنى متفاوت
      وبحكم ما سمعت , فرجاءً توقفوا لأن الأمر أصبح أكثر من مجرد إزعاج لغوي على أصح تعبير !
      وفوق كل هذا ومع أن الأمر مجرد صيحة أخرى متأخرة نأخذها من الغرب فلقد أحسنا إستخدامها في السبّ و الشتم
      بل صرنا نسمع " راب عن بربرة كلام و عن قيل وقال و عن فساد الأصوات و تخريب الألحان "
      حتى أنا صرت أقول راب ؛ يعني مو مصدقين ؛ هذا لأنه كله على بعضه بنفس النمطية التي بدون منطق !!
      لذا رجاءً رجاءً لا تفسدوا اللغة العربية ؛ الله يخليكم ! ,,,

      تابع ... !
    • ~*~

      وهنا نأتي لمجال الإتصالات ~
      الرجاء المعذرة فلن نأتي على ذكر سرقة ( فشخ ) العملاء مع أنها نتيجة فرعية !

      وهنا حدث ولا حرج ,,,
      بالنسبة للترقيم فلم يعد شيئاً تقليدياً فلقد أصبح أكثر تطوراً و أكثر حداثة مع مجريات العصر
      وتعددت الأسباب و الغاية واحدة :
      أصبحنا نرى قنوات الدردشة الفضائية و المغازلة على الهواء مباشرة و ( بدون إعلانات )
      و برامج المحادثات التي تعد ولا تحصى من الماسنجر حتى البالتوك والقائمة تطول !
      كتابية - صوتية - فديويه ( بتعبير أكثر غرابة )
      ولا ننسى الخطوة التي أحدثت التطور بذاتها و جعلت من الورقة الـ " مكرمشة " أسلوباً قديماً
      إنه البلوتوث , الذي جعل معنى التواصل أمر بعيد عن معناه الحرفي بل أكثر من ذلك !

      و من هذا المنطلق صرنا خلال ما يقارب السنتين أو أقل نعاني من هوس " الخرفنه "
      وهو مصطلح متعارف يطلقه الشباب على الشخص الذي يستغل صوته الأنثوي من أجل
      استدراج الشباب الأغبياء " الخرفان " من أجل الوصول لمبتغيات مثل بطاقات شحن مسبقة الدفع
      أو تحويل مبالغ نقدية أو الحصول على أجهزة محمولة أو أجهزة خلوية باهظة الثمن
      ومن هنا حصلنا على ما يعرف بالـ " الخرفنه " وهي مشتقه من الخرفان ...

      طبعاً هؤلاء الشباب الذين يتغنون بأصواتهم أو لنقل يتغنجون بها لا يعلمون مدى سوء وضرر هذه العادة
      فالله وحده يعلم أنها تسبب ضرر كبير و الكثير يجهله ؛ فهي تعد لهؤلاء الشباب مثل " كعب أخيل "
      فكما تعلمون فالعقل الباطن يخزن و يحفظ و يبرمج المعطيات لكل ما يحدث للعقل الواعي
      و لذلك عندما يفعل الشاب مثل هذا يظل عقله يعالج كل تلك التصرفات
      وفي لحظة معينة تجد هذا الشباب يتحول إلى أنثى جزيئاً بتقليده لبعض تصرفات الإناث لا إرادياً
      وهذا أمر وقفتُ عليه بنفسي ولا زال صاحبه يشعر بذلك الشعور الذي يعتري بعض الإناث !
      والله المستعان , كما يقال المثل " من حفر حفرة لأخيه وقع فيها "


      ولا ننسى الثورة التي أصبح كل بيت لا يخلو منها
      ذلك الجهاز البغيض الذي أصبح يجعل من الأشخاص في حالة من الغيبة و الثرثرة التي لا تنقطع
      الذي أسر قلب الشباب و الفتيات و أصبحوا في حالة من التوتر الكتابي إن صح التعبير !
      إنه التوت الأسود أو { البلاك بيري }
      مع أنني صرتُ بالفعل أطلق على كل شخص لديه هذا الجهاز بـ " حالة ميؤوس منها "
      فهو يملك جاذبية بل مغناطيس للشباب للجلوس عليه لساعات دون الحراك من أمكنتهم

      وبدل أن يخرج الجميع ليروا بعضهم بعضاً عياناً , أصبح التواصل يضم هذه المرحلة وحسب
      و بالفعل تجدون أن الأشخاص المالكين لهذا الجهاز لا يكادون يشعرون بأنفسهم بعد أن يلقوه من أيديهم
      وكأنهم انتقلوا لعالمٍ آخر !
      يا سبحان الله , أين ذهبت تلك الأيام الخوالي عندما كنّا نجتمع لنتحدث فنرى تلك الإبتسامة الآسرة وليست ( ^^ )
      أو نرى تلك الظحكة البريئة وليست ( خخخخ أو ههههه ) أو ( لول )
      أو نظل نتحدث لنرى أحدهم يتفاعل مع كلامنا فيستمع بكل هدوء بدل المقاطعة بـ ( برب ) ليستأذن
      أو يعود فيقول لنا ( باك ) و نحن نصيح به ( ولكمووووو ) !

      لماذا أصبحت لغة { الكيبورد } هي لغتنا التفاعلية بدل كل ذلك ؟!
      بصراحة , لم نعد نحس و نشعر بتلك العواطف و الأحاسيس التي تجعل للقائنا ذكرى مميزة
      بل أصبحنا من أصحاب اللغة الباردة الخالية من كل المشاعر !

      ويظل التوت الأسود هو الجهاز الثوري الذي يعد من أكبار عوامل الملل و الإكتئاب بالنسبة لي !

      ~~

      ومن أشد الأمور إزعاجاً و أكثرها انتشاراً وهي " الخنفشارية "
      والتي نَصِفُها بأبسط طريقة عندما يجلس أحدهم ضمن مجموعة لتجده يستمر بعرض نجاحاته الزائفة
      و معلوماته المحيرة للعقل , و كلماته المليئة بالثقة و المجردة من أي مصداقية !
      بالمعنى الواقعي ؛ شخص يُظهر العَظَمَة بينما في حقيقة الأمر جميع الحاضرين يعلمون أنه لا يملك أياً من مقوماتها
      لأوضح أكثر باللهجة الخليجية " يعني مسوي فاهم ولا عنده سالفه "
      مثل هذه الأمور تظهر حقيقة أن هناك بالفعل شباب يستمرون برفض واقع أنفسهم
      محاولين صنع قيمة لأنفسهم من العدم ؛ بل من تجارب سيئة أحياناً

      مما يجعلني أقول ~
      ولقد زادت أكاذيبكم بغضي * كلما رأيت مـنـكـم الخـنـفـشـار
      ( مقتبسه من قصة الخنفشار )

      أتمنى يوم من الأيام نرى الشباب يرضون بما لديهم , ولا حاجة للقيام بذلك يا جماعة فالخنفشارية واضحة مثل وضوح الشمس
      وبدل أن تثير إعجاب من حولك فأنت فقط تجعل من نفسك أضحوكة !
      فقط كن كما أنت عليه ولستَ مطالباً بأن تصنع من نفسك شخصاً آخر

      ~~

      و القائمة تطووول ...
    • > ~ <

      ونعود لنصفي أذهاننا قليلاً لنبدأ مرحلة مهمة من الوعي و الإدراك الذي بالفعل نراه شبه معدوم لدى الشباب

      قبل عدة شهور كنت أناقش موضوع ثقافة الشباب مع أحد الأصدقاء
      و كنت أقول له أن لدينا بالفعل ثقافة و كل شاب لديه ثقافة , لكن من أي نوع ؟!
      هذا شاب لديه ثقافة في السيارات و آخر في الراب و ثالث في تقنيات التواصل

      بالفعل هناك ثقافة

      لكن أين الوعي و الإدراك بما نحن نفعل و بما نملك من ثقافة ؟
      لماذا نرى هذه الإستخدامات السيئة لمثل هذه الطرق في العيش
      لماذا صرنا نحصر الأمور في مثواها السيء بدل توظيفها في المكان الصحيح
      لماذا صرنا متعودين على بذل أوقاتنا الثمينة في أرخص اللحظات
      لماذا لسنا نحاول تحديد المعيار الجيد من السيء من خلال تجاربنا
      لماذا لا ننهض و نعيد ترتيب أوراقنا و معرفة الضار من النافع
      لماذا ؟ ... لماذا ؟ ... لماذا ؟

      من أكثر من يغيض رؤية الكثير من الناس يؤمنون أن النصيحة أقوى من كل شيء على إحداث التغيير
      بينما لو يدركون معنى الوعي الحقيقي لأصبحنا بالفعل لا نحتاج إلى نصيحة أو إرشاد بشأن سلوكياتنا
      إنما نحتاج إلى إيضاح و تنوير لا أكثر ولا أقل ...


      عندما نعي و ندرك عِظَم المسؤولية التي نحن نعيشها و الوقت الذي نهدره في الكثير من الأمور
      لعرفنا أننا قد نصل إلى الأفضل لو جعلنا لحظات من يومنا فقط لأجل التفكير في أفعالنا
      فالكثير من الشباب يستمر بفعل الخطأ وهو مؤمن في قرارة نفسه أن هذا هو الصحيح
      لماذا لا أحد يرى الشباب ببصيرة أعمق مما توجه إليهم !
      لماذا تستمر القناعات الخاطئة رغم كل ما يحصل من جهود مؤثرة لإحداث التغيير

      من أكبر الأدلة في القرآن الكريم على أن القناعات هي العصب الأول للتغير
      يقول الله تعالى { إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }

      فلطالما سمعنا عن ناس أسلموا عن محض اقتناع لا بطريق التنوير
      ولطالما رأينا شباباً يتغيرون بين ليلة وضحاها لأنهم خلال لحظات معينة أيقنوا بحقيقة ما يفعلون
      الشباب بوجه عام لا يفكرون إلا بأمور سطحية و ظاهرية ,,,
      لكن لو أخذ الشاب من وقته لحظات و أقفل على نفسه في مكان هادئ وأخذ يستشعر حجم أفعاله
      ويقننها بأسلوب رزين لعرف بالفعل غايته و مصير وسيلته ...

      لذلك أقول " الغايات تبررها القناعات "

      عندما نبدأ بالإعتراف أن ما نحن عليه هو خطأ ؛ عندها لحظة الصفر تبدأ
      الإعتراف بقيمة النفس يجعلك توجد معيار جديد أخلاقي لتحديد الغايات و إلغاء الوسائل القديمة
      لإستحداث وسائل جديدة أفضل و أرقى من أجل دعم الغايات السليمة
      لسنا مؤهلين منذ البداية لتحديد النجاح أو الفشل , لكنك مؤهل أن تؤمن أن ذلك بيد الله


      لو ألقى الشاب نظرة تفحصيّه على أسلوب حياته للحظات بسيطة لأيقن أنه يعيش في ضياع
      بل البعض قد تنشأ لديه صدمه عندما يعلم أن حياته بلا هدف !
      وهذا الطريقة في الحياة يعيش على سجيتها الكثير من الشباب
      فالكل يتمنى النوم و الأكل و الشرب و حياة فطريه
      من دون أهداف أو حقائق أو توازن بين الجسم و دعائم الروح


      عندما ننظر بداخل أعماقنا و نحلل تلك النظريات التي تنشأ في عقولنا عن المستقبل و الحياة
      تنشأ ركيزة معينه لإحداث أفكار خلّاقه من أجل رسم طريق جديد للعيش على إحقاق غايات سامية
      لكن مادامت أنظرانا متركزة على الظواهر و الأجساد البالية , يظل تفكيرنا محل شك و تردد


      ولا أستغرب عندما سألت الكثير من الشباب عن مقدار ما يقرؤونه من الكتب ؟
      وجدت أن ذلك شبه معدوم أو معدوم تماماً
      لذلك أيقنت بالفعل أننا نعيش في حالة من الوهم بأن ما لدينا من خبرة فهي تكفي ولا حاجة لأكثر من ذلك
      فالكل يظل يتفاخر بما لديه و يظن أنه العالِم و العبقري و المثالي بينما هو لا يملك شيء !
      من الآن , لماذا لا نبدأ بتصوّر أنفسنا على أننا جاهلون بعقول فارغة ؟
      لماذا لا نصدق بأن للعقل غذاء كما للبطن غذاء ؛ كما أن للروح غذاء
      لم الإصرار و التكبّر ؟ , لماذا لا تبدأ برؤية نفسك على حقيقتها ؟!

      إن كنتَ رومانسياً فلماذا لا تبدأ بقراءة روايات شكسبير على سبيل المثال
      إن كنتَ فكاهياً فلماذا لا تكن خطوتك الأولى بقراءة ( الأغبياء ) للجاحظ
      إن كنت شاعراُ لماذا لا تبدأ قصيدتك الأولى في دواوين المتنبي
      إن كنت عاشقاً لتاريخ البشرية فلماذا لا تبدأ بـ ( قصص الأنبياء ) لابن كثير


      إن كانت لديك رغبة جامحة لمعرف حقيقة الكون و الحياة
      فبين يديك أعظم كتاب عرفته البشرية على مر الزمن
      { الفرقان }
      إن كانت لديك رغبة لمعرفة المصائر و أسمى الغايات فأنت أحق به
      و تذكر قول الحكيم العليم تعالى { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ }

      ~~

      تابع ... !

    • وأترك عنك مخالطة المثبطين و أصحاب التفكير الفطري الذي يعيشون على سجية الجهل
      و أعرف من تصاحب ؛ فكثير من الدراسات أثبتت أن الإنسان يتأثر بشكل كبير بالقريبين منه أكثر
      لذلك إبدأ بعقد جلسة مطولة مع نفسك ؛ هل أصدقائي يملكون طموح أو هدف أو غاية دينية سامية ؟
      أو هل هم من أصحاب كما يقولون " فلّها و ربك يحلها " ؛ لأن هؤلاء يقعون على أعتاب حافة الجهل العظمى
      لذلك أنظر لمن تخالط بعين البصيرة و ليس بعين الظواهر
      " فكم هم سطحيين أولئك الذين يقيمون الناس على أساس مظاهرهم "
      أو يضعون اعتبارات وهميه اعتماداً على شكليات أو ظواهر زائفة

      يقول الرسول صلى الله عليه و سلم { المرء على دين خليله , فلينظر أحدكم من يخالل }
      وليس الدين فحسب , الأخلاق و التعامل و التصرفات
      فمن الآن , إذا كنت تعلم بداخل أعماق قلبك أن من تصاحب أناس بعيدون عن ذلك
      فلتبدأ بوضع قرار جديد و أعلم أن الخيار يعود إليك

      وكنْ كما يقول القائل
      كفاني الله شرّك يا خليلي * فأما الخير منك فقد كفاني

      و اقرأ في القرآن عندما يخبرنا الله تعالى عن قصة ذلك الرجل في الجنة و خليله الذي في النار
      { قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ } * { وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ }
      دليل واضح من الله سبحانه وتعالى يحثنا على ترك مصاحبه المفسدين من شياطين الأنس

      ولا تكن نهايتك عندما تقول يوم القيامة
      { يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ }

      كن واثقاً بقناعاتك السليمة و اثبت عليها و اترك ما سوى دون ذلك

      و تذكر قول الله تعالى { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
      لتنظر إلى الأمور بعين البصيرة لا بعين البصر

      ~~

      ختاماً

      نظل نتحدث و نعطي مزيداً من الكلام , ولكن تظل القناعات أساس التغيير و يبقى التنوير عصبه و قوامه

      فعندما ننظر إلى دواخلنا و أعماق أفكارنا ؛ و عندما نغير من تصوراتنا تجاه الحياة و أسلوب العيش
      يوماً ما سنعرف الحقيقة خلف كل ذلك وتبدأ حياتنا تشق طريقها على نمطٍ سليم

      ( سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك )