سأحكي لكم قصة عرفتها قريباً وكم تمنيت أن لا أعرفها وأزعجني أن بلادي تعرفها منذ زمن وخاصة شبابها العاطل عن العمل, عنوانها الدَرج الرسمي أو السلم بحكم القانون فالتسلق ليست ميزة في النفس فقط فكثيراً ما تقنن وتسن في تشريع يبيحها إجتماعياً وسياسياً وإقتصادياً يبرر فيها ممارساته وتجد من يدافع عنها بكل أسلحته من على منابر مجلس الموتقراطي الشورى والصحف الرسمية ومنابر حرية التعبير المجروحة بمشارط الأمن والخوف والقمع الناعم والخشن.



لن أتكلم كثيراً وسأضع الأدلة أمامكم حتى تحكمون بالعدل في دولة تدعي العدل والمؤسسات والقانون دولة لا تعرف سوى الكذب على المواطن إلى درجة إهانته مثلما نشاهد ذلك من رئيس منبر يدعي أنه يمثل المواطن ونشاهد هنا الآن.
يحيى المعمري مواطن عماني يحمل شهادة البكالوريوس في نظم المعلومات منذ عام 2007 سأدعه يحكي لكم القصته هو والـ103عاطل عن العمل من حملة شهادتي البكالوريوس والدبلوم من ولايتي صحار ولوى فقط, فهم من وقعوا على الرسائل المعروضة أدناه والعوض على من لم يعلم أنه قبل سنوات قليلة هناك من حاول أن يبحث عن عمل من حملة الشهادات الجامعية عبر رسائل اليأس للمسؤولين فالعدد بالطبع لا يشير لكل العاطلين عن العمل في تلك الولايتين وتخيل معي عزيزي كم سيكون الرقم والجلل ... القصة لم تنتهي إلى هنا.



لم تنتهي القصة بل القصص المأساوية التي يعيشها شباب هذا الوطن إلى هنا, قال يحيى: أخيراً بعد سنة ونصف إستجابت الحكومة وأوجدت لي ولبعض من وقعوا عمل في شركة إنشائية وكانت طبيعة عملي بعيدة عما تقوله لي وللحكومة والقطاع الخاص شهادتي (تقنية المعلومات) التي أخذت جهدي ووقتي ومالي, كان عملي يقتصر على الجلوس وعدم فعل أي شيء لأستلم راتب في البداية 200 ريال ورفعوه لاحقاً إلى 250 ريال توافقاً مع العقد.





لم يرتضي يحيى أن يذل أكثر مما هو مذل في وطن يذل مواطنيه ويخذلهم فقرر الإستقاله من عمله ليعود باحث عن عمل لا عاطل, سأدع معاوية يحكي لكم المعاني المجازية والبلاغية للعبارتين وسأعود ليحيى حيث قال ليصدمني: حتى الآن لم أجد وظيفة؟؟؟؟ّ!!!!
هو خريج جامعي منذ عام 2007 وعمل بعد سنة ونصف في شركة تمنحه أجر 250 ريال ليستقيل بعدها بفترة بسيطة ولازال يبحث عن عمل أتعرفون لماذا استقال؟ لأنه رفض أن يمارس عليه السمسرة الحكومية فعلى كل رأس عماني واحد رؤوس وافدة كثيرة تمنحها وزارة القوى العاملة منهم من هاؤلاء الوافدين يتقاضون رواتب أكثر مما كان يتقاضاه يحيى وهو أبن البلد وحامل لشهادة جامعية فهذه المصيبة التي أحزنته أكثر -كما استشفيتها من كلامه ونبرات صوته- أن طبيعة عمله تقول له أنت هنا فقط من أجل أن لا تفعل شيء فقط إجلس فأنت رقم مسجل في وزارة القوى العاملة يمنحنا مزيد من الميزات.
عزيزي وزير القوى العاملة نصح أحد الشعراء ذات يوم قادة وطنه من شدة اليأس فقال:

ألا زلتم مصرين على إحصاء عدد العاطلين في الولايات حتى يحلوا لكم السمسرة في أبناء وطنكم؟ يحزنني أن أرى إبن بلدي بدأ يهاجر إلى دول أخرى لضيق الحال وما يحزن أكثر فأكثر أن أرى الحكومة بدأت تمارس السمسرة عليه حتى في المهجر كما نشاهد ذلك في دولة قطر وحال العمانيين وشكواهم المرسوله لنا بيأس شديد فحتى أياديكم إمتدت إلى جيوبهم باسم القانون وباسم السلطة.
هذه مأساة يحيى فقط وبالتأكيد هو واحد من تلك الآلاف العاطلة عن العمل في هذا الوطن المنهوب لن أتحدث كثيراً اليوم وسأعود لأكمل باقي تفاصيل المأساة لاحقاً.