وزارة الإعلام بدعة سياسية حمت الفساد وأعانت عليه !
[INDENT]
إن الفساد ظاهرة مزمنة لم يختص به مجتمع دون آخر او مرحلة تاريخية دون أخرى ، فلقد عرفتها مجتمعات مختلفة على مر مختلف العصور والأزمنة ، تفاقمت هذه الظاهرة في حاضرنا على نحو باتت فيه بعض المجتمعات عرضة للجمود وفي حالات معينة للإنهيار بل وانهار بعضها . ففي الدول المتقدمة على ما تشهده تلك الدول من قوانين وأنظمة صارمه تحارب الفساد وتحد منه ، نجد ـــ مع ذلك ـــ للفساد صور وأشكال تتنوع وفقاً للمنظومة المجتمعية القائمة ، وسبب ذلك راجع إلى التجاوزات الفردية التي حدثت ولازالت ، فجرائم الفساد في دول متقدمة كأمريكا واليابان وانجلترا وايطاليا وروسيا وغيرها ، ليست خافية على أحد خصوصا بعد أن أظهرها الإعلام . من ذلك نذكر على سبيل المثال لا الحصر ، ما كشفته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية حول فضيحة ووتر جيت وتورط الرئيس الأمريكي نيكسون في التجسس على المقر الانتخابي للحزب الديمقراطي ومنه أيضا ما كشفته الصحف الأمريكية حول صفقة الأسلحة الأمريكية إلى جمهورية إيران، والذي تم بعد ذلك تحويل أرباح الصفقة إلى متمردي "الكونترا" في نيكاراجوا ، وايضا ما ذكر عن فضيحة الرشاوي التي كان يتلقها " سبيرو أجينيو " نائب الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون . وبعيدا عن أمريكيا نذكر أيضا ما حدث في المانيا حيث كشفت مجلة Der Spiegel فضيحة مجموعة شركات Flick التي يسرت لجميع الأحزاب ــ بمن فيهم رئيس الحزب الإشتراكي الديمقراطي ورئيس الوزراء آنذاك فايلي براندت ــ في بون الحصول على مبالغ ضخمة قدمت تحت بند تبرعات خيريه ، ذلك حتى تتهرب الشركات من دفع مستحقاتها الضريبية . وعن ايطاليا نذكر فضيحة تانجينتوبولي ، واذهب إلى اليابان ستجد كيف أثارت فضيحة شوا دينكو الصحافة والرأي العام .
أما عن الدول العربية فالفساد يذهب على نحو اشد استفحالا ووقعا ، فلقد شمل الفساد مختلف مرافق الحياة ، عامة كانت أو خاصة ، فالفساد لم يقتصر على الوزير او صاحب السلطة بل انتقل واستفحل حتى على مستوى الشعب نفسه ، لقد صار أن اضحت فئة من الأجيال تتقن الفساد وتتوارثه على أنه عادة أو وسيلة فضلى لكسب العيش والترقي الاجتماعي والسياسي . كل ذلك والأسباب لا ترجع إلى التورط الفردي فحسب بل للإنحراف العام في ماهية النظم والقوانين المحددة التي لم تصغ على نحو يمكنها من محاربة الفساد والتصدي له . فما حدث في الآونة الاخيرة من كشف لمستوى الفساد في دولنا و الذي وصل إلى حد كانت فيه الشعوب العربية تموت جوعا ومن هم اعلى منهم سلطة يرفلون في النعيم إلى حد التخم ، يأكلون لحوم البشر باسم القانون ! . إنك حينما تذهب إلى مؤسسة ما او دائرة حكومية لا بد وأن تجد للفساد صور مختلفة تبدأ من عند أصغر مسؤول إلى أكبرهم .
إن ذلك الفساد على اختلاف صوره لا يواجه إلا بمؤسستين شديدتي القوة ، هما مؤسستا القضاء والإعلام، ان محصنا واقع مجتمعنا سنجد أن القضاء يؤدي دوره في ظروف صعبة وفي احيان مختلفة في ظل ظروف معتلة تسلب القضاء صلاحياته كسلطة مستقلة ، وعن الإعلام فوسائله مهترئة غير قادرة على تشكيل رأي عام حقيقي يحمي حقوق المجتمع وثقافته ، وذلك يعود في حقيقته لاعتبارات عدة أهمها المصالح الشخصية والانتماءات الحزبية والطائفية القائمة على الإعلام ، حيث تغلب هذه الاعتبارات على محاسبة الفساد والحد منه . إن أهتممنا بامر الفساد وعلاقته بالإعلام سنجد إن استفحال الفساد مرتبط ارتباطا وثيقا بقوة الإعلام وحريته ، فكلما كان الإعلام مقيدا مكبوتا تحت أطر مؤسسة وزارية تعمل على توجيه الفكر بما يتلائم ورؤى بعض رجال الساسة أو بما يجعل الشعب في غفلة عن حقوقهم ، يفقد حينها الإعلام مصداقيته بل ويتجرد من وظيفية الأساسية والتي تتمحور في مجابهة ومواجهة كل ما يمكن له ان يمس أمن ومصالح الشعب ، وهو ما يقود للفساد المدقع ومنه إلى جمود الدولة ثم انهيارها !
عهدنا الدولة الحضارية سلطات أربع : سلطة تشريعية، سلطة تنفيذية ، سلطة قضائية ، وسلطة أخرى مغيبة في واقع دول عالمية مختلفة لا سيما دولنا العربية الا وهي سلطة الصحافة أو الإعلام على وجه العموم . حدث أن اجتثت هذه السلطة من حريتها وحكرت مهامها تحت اطر مؤسسة وزارية سميت بوزارة الإعلام ، على الرغم من اختلاف مسميات هذه المؤسسة من دولة إلى اخرى في واقعنا العربي إلا انها اتفقت على محرك أساسي واحد اجمع فيه على مبدأ تأطير العملية الصحفية والإعلامية وفق أطر وضوابط توضع بما يتلائم ورؤى رجال الدولة او الأحزاب الحاكمة ، ونتيجة لذلك تحول الإعلام عن دوره الأساسي القائم على أساس الحفاظ على ممتلكات الدولة والأمة من أن تطالها أيدي العابثين والمفسدين إلى مؤسسة تعمل على تجهيل الشعوب ماهية حقوهم وكيف لهم ان ينادوا بها ، وهو ما أفضى إلى أن سلبت حقوقهم على يد رجال الحكومات اولا ثم على يد مختلف فئات الفساد المنتشرة ، سواء أكان ذلك الحق فكريا او اجتماعيا أو اقتصاديا .
إننا عندما نتحدث عن الإعلام نريد به أمرين أساسيين : الأول اعلاما يتناول فيه وعبره المجتمع على أنه منظومة متكاملة الأنساق ، يتم فيه بحث قضايا المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية على نحو يجعل من الشعب اداة فاعلة تدرك مالها من حقوق وما عليها وكيف لها ان تحافظ وتطالب بحقوقها ، والثاني اعلاما رقابيا يعمل على محاربة الفساد واستقصاء كل ما يمكن أن يمس مرتكزات الشعب والدولة من رجال الدولة أنفسهم قبل غيرهم ، كل ذلك لن يتحقق مادمت هناك مؤسسة وزارية يقال لها " وزارة الإعلام " . إن وجود وزارة الإعلام في اي دولة على أنها مؤسسة تعنى بحماية الإعلام وضبطه ما هو إلا بدعة سياسية لا أصل لها ، ووجودها ما هو إلا حماية للفساد وإعانة له ، ذلك يتأتى بقصد او بدون قصد ، ومنه وحتى يتحقق للإعلام واجبه الرقابي على الفساد ، وجب ان يخرج الإعلام عن سيطرة أي مؤسسه ، ليطلق بشكل حر على نحو يجعل منه سلطة رابعة في الدولة ، لها حقوقها المستقلة وإرادتها الحرة التي تخول لها العمل على ملاحقة الفساد ــــ من اعلاهم إلى أصغرهم ــــ بوسائلها المختلفة .
كتب وجرائد تحجر والسبب أنها لا تتفق وسياسة وزارة الإعلام ؟ برامج تلفزيونية ونشرات إخبارية تمنع وأخرى تبث والسبب وزارة الإعلام ؟ قناة حكومية واحدة وجرائد حكومية معينة لتوجيه الشعب وما سواها فيلقى من العراقيل والقيود ما يحول بينه وبين تحقيق مأربه ، كل ذلك لأنه لا يتلائم وسياسة وزارة الإعلام ؟ لماذا لا تلغى وزارة الإعلام ، ليكون الإعلام ـــ والصحافة على وجه الخصوص ـ سلطة رابعة في الدولة ، حالها كحال باقي السلطات ؟ هل يمكن ان يتحقق للإعلام إطلاقه وحريته مادام هناك مؤسسة حكومية يقال لها وزارة الإعلام ؟؟؟
لا لوجود وزارة للإعلام ؟ !
[/INDENT]
[INDENT]
إن الفساد ظاهرة مزمنة لم يختص به مجتمع دون آخر او مرحلة تاريخية دون أخرى ، فلقد عرفتها مجتمعات مختلفة على مر مختلف العصور والأزمنة ، تفاقمت هذه الظاهرة في حاضرنا على نحو باتت فيه بعض المجتمعات عرضة للجمود وفي حالات معينة للإنهيار بل وانهار بعضها . ففي الدول المتقدمة على ما تشهده تلك الدول من قوانين وأنظمة صارمه تحارب الفساد وتحد منه ، نجد ـــ مع ذلك ـــ للفساد صور وأشكال تتنوع وفقاً للمنظومة المجتمعية القائمة ، وسبب ذلك راجع إلى التجاوزات الفردية التي حدثت ولازالت ، فجرائم الفساد في دول متقدمة كأمريكا واليابان وانجلترا وايطاليا وروسيا وغيرها ، ليست خافية على أحد خصوصا بعد أن أظهرها الإعلام . من ذلك نذكر على سبيل المثال لا الحصر ، ما كشفته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية حول فضيحة ووتر جيت وتورط الرئيس الأمريكي نيكسون في التجسس على المقر الانتخابي للحزب الديمقراطي ومنه أيضا ما كشفته الصحف الأمريكية حول صفقة الأسلحة الأمريكية إلى جمهورية إيران، والذي تم بعد ذلك تحويل أرباح الصفقة إلى متمردي "الكونترا" في نيكاراجوا ، وايضا ما ذكر عن فضيحة الرشاوي التي كان يتلقها " سبيرو أجينيو " نائب الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون . وبعيدا عن أمريكيا نذكر أيضا ما حدث في المانيا حيث كشفت مجلة Der Spiegel فضيحة مجموعة شركات Flick التي يسرت لجميع الأحزاب ــ بمن فيهم رئيس الحزب الإشتراكي الديمقراطي ورئيس الوزراء آنذاك فايلي براندت ــ في بون الحصول على مبالغ ضخمة قدمت تحت بند تبرعات خيريه ، ذلك حتى تتهرب الشركات من دفع مستحقاتها الضريبية . وعن ايطاليا نذكر فضيحة تانجينتوبولي ، واذهب إلى اليابان ستجد كيف أثارت فضيحة شوا دينكو الصحافة والرأي العام .
أما عن الدول العربية فالفساد يذهب على نحو اشد استفحالا ووقعا ، فلقد شمل الفساد مختلف مرافق الحياة ، عامة كانت أو خاصة ، فالفساد لم يقتصر على الوزير او صاحب السلطة بل انتقل واستفحل حتى على مستوى الشعب نفسه ، لقد صار أن اضحت فئة من الأجيال تتقن الفساد وتتوارثه على أنه عادة أو وسيلة فضلى لكسب العيش والترقي الاجتماعي والسياسي . كل ذلك والأسباب لا ترجع إلى التورط الفردي فحسب بل للإنحراف العام في ماهية النظم والقوانين المحددة التي لم تصغ على نحو يمكنها من محاربة الفساد والتصدي له . فما حدث في الآونة الاخيرة من كشف لمستوى الفساد في دولنا و الذي وصل إلى حد كانت فيه الشعوب العربية تموت جوعا ومن هم اعلى منهم سلطة يرفلون في النعيم إلى حد التخم ، يأكلون لحوم البشر باسم القانون ! . إنك حينما تذهب إلى مؤسسة ما او دائرة حكومية لا بد وأن تجد للفساد صور مختلفة تبدأ من عند أصغر مسؤول إلى أكبرهم .
إن ذلك الفساد على اختلاف صوره لا يواجه إلا بمؤسستين شديدتي القوة ، هما مؤسستا القضاء والإعلام، ان محصنا واقع مجتمعنا سنجد أن القضاء يؤدي دوره في ظروف صعبة وفي احيان مختلفة في ظل ظروف معتلة تسلب القضاء صلاحياته كسلطة مستقلة ، وعن الإعلام فوسائله مهترئة غير قادرة على تشكيل رأي عام حقيقي يحمي حقوق المجتمع وثقافته ، وذلك يعود في حقيقته لاعتبارات عدة أهمها المصالح الشخصية والانتماءات الحزبية والطائفية القائمة على الإعلام ، حيث تغلب هذه الاعتبارات على محاسبة الفساد والحد منه . إن أهتممنا بامر الفساد وعلاقته بالإعلام سنجد إن استفحال الفساد مرتبط ارتباطا وثيقا بقوة الإعلام وحريته ، فكلما كان الإعلام مقيدا مكبوتا تحت أطر مؤسسة وزارية تعمل على توجيه الفكر بما يتلائم ورؤى بعض رجال الساسة أو بما يجعل الشعب في غفلة عن حقوقهم ، يفقد حينها الإعلام مصداقيته بل ويتجرد من وظيفية الأساسية والتي تتمحور في مجابهة ومواجهة كل ما يمكن له ان يمس أمن ومصالح الشعب ، وهو ما يقود للفساد المدقع ومنه إلى جمود الدولة ثم انهيارها !
عهدنا الدولة الحضارية سلطات أربع : سلطة تشريعية، سلطة تنفيذية ، سلطة قضائية ، وسلطة أخرى مغيبة في واقع دول عالمية مختلفة لا سيما دولنا العربية الا وهي سلطة الصحافة أو الإعلام على وجه العموم . حدث أن اجتثت هذه السلطة من حريتها وحكرت مهامها تحت اطر مؤسسة وزارية سميت بوزارة الإعلام ، على الرغم من اختلاف مسميات هذه المؤسسة من دولة إلى اخرى في واقعنا العربي إلا انها اتفقت على محرك أساسي واحد اجمع فيه على مبدأ تأطير العملية الصحفية والإعلامية وفق أطر وضوابط توضع بما يتلائم ورؤى رجال الدولة او الأحزاب الحاكمة ، ونتيجة لذلك تحول الإعلام عن دوره الأساسي القائم على أساس الحفاظ على ممتلكات الدولة والأمة من أن تطالها أيدي العابثين والمفسدين إلى مؤسسة تعمل على تجهيل الشعوب ماهية حقوهم وكيف لهم ان ينادوا بها ، وهو ما أفضى إلى أن سلبت حقوقهم على يد رجال الحكومات اولا ثم على يد مختلف فئات الفساد المنتشرة ، سواء أكان ذلك الحق فكريا او اجتماعيا أو اقتصاديا .
إننا عندما نتحدث عن الإعلام نريد به أمرين أساسيين : الأول اعلاما يتناول فيه وعبره المجتمع على أنه منظومة متكاملة الأنساق ، يتم فيه بحث قضايا المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية على نحو يجعل من الشعب اداة فاعلة تدرك مالها من حقوق وما عليها وكيف لها ان تحافظ وتطالب بحقوقها ، والثاني اعلاما رقابيا يعمل على محاربة الفساد واستقصاء كل ما يمكن أن يمس مرتكزات الشعب والدولة من رجال الدولة أنفسهم قبل غيرهم ، كل ذلك لن يتحقق مادمت هناك مؤسسة وزارية يقال لها " وزارة الإعلام " . إن وجود وزارة الإعلام في اي دولة على أنها مؤسسة تعنى بحماية الإعلام وضبطه ما هو إلا بدعة سياسية لا أصل لها ، ووجودها ما هو إلا حماية للفساد وإعانة له ، ذلك يتأتى بقصد او بدون قصد ، ومنه وحتى يتحقق للإعلام واجبه الرقابي على الفساد ، وجب ان يخرج الإعلام عن سيطرة أي مؤسسه ، ليطلق بشكل حر على نحو يجعل منه سلطة رابعة في الدولة ، لها حقوقها المستقلة وإرادتها الحرة التي تخول لها العمل على ملاحقة الفساد ــــ من اعلاهم إلى أصغرهم ــــ بوسائلها المختلفة .
كتب وجرائد تحجر والسبب أنها لا تتفق وسياسة وزارة الإعلام ؟ برامج تلفزيونية ونشرات إخبارية تمنع وأخرى تبث والسبب وزارة الإعلام ؟ قناة حكومية واحدة وجرائد حكومية معينة لتوجيه الشعب وما سواها فيلقى من العراقيل والقيود ما يحول بينه وبين تحقيق مأربه ، كل ذلك لأنه لا يتلائم وسياسة وزارة الإعلام ؟ لماذا لا تلغى وزارة الإعلام ، ليكون الإعلام ـــ والصحافة على وجه الخصوص ـ سلطة رابعة في الدولة ، حالها كحال باقي السلطات ؟ هل يمكن ان يتحقق للإعلام إطلاقه وحريته مادام هناك مؤسسة حكومية يقال لها وزارة الإعلام ؟؟؟
لا لوجود وزارة للإعلام ؟ !
[/INDENT]